ترفيهمسلسل أبغض الحلال

مسلسل أبغض الحلال (ج2)الحلقة الثالثة والرابعة عشر

الحلقة 13

بعد حوالى ساعة… استدعى دكتور حشاد نسمة فى مكتبه

دخلت وقفت امامه

“حضرتك عايزنى”

“اه… اتفضلى اقعدى يا نسمة”

جلست… منتظرة معرفة سبب استدعائها وحدها

“قوليلى ايه اخبارك عاملة ايه فى حياتك؟”

تعجبت من سؤاله ولكنها اجابت باختصار

“الحمدلله… مبسوطة فى الشغل وبشكر حضرتك جدا على الفرصة اللى اديتهالى”

“وناوية تكملى معانا ولا ايه خططك الجاية”

شعرت بشئ ما… شئ لا تتمناه فأجابت

“شرف ليا انى افضل مع حضرتك”

ابتسم بعد اجابتها وسألها

“اخبار بابا ايه؟”

“الحمدلله بخير”

“طيب ممكن تقوليله يبقى يشرفنى … عايز اتكلم معاه فى موضوع يخصك”

ساروها القلق… هل اخطأت فى شئ ما يتطلب استدعاء والدها… لماذا سألها عن رغبتها فى الاستمرار فى العمل؟؟

سألته بقلق

“موضوع يخصنى؟! طيب ممكن اعرفه؟”

“ممكن طبعا… بس انا عارف انك مش بتاخدى اى قرار الا لما تستأذنى باباكى… ودى حاجة مهمة ولازم موافقته عليها… وعلشان اقول الكلام مرة واحدة وتفكروا فيه براحتكم”

نهضت نسمة”مش هعطل حضرتك… هقول لبابا ييجى فى اقرب وقت”

“انا موجود كل يوم ان شاءالله… فى انتظاره فى اى وقت”

 

                         *******************

 

توقف سمير امام شقته

“ماتيجى يا بلال”

بلال”حد جوه؟”

سمير”لا…نسمة فى الشغل ونادية ونوال كل واحدة فى بيتها”

بلال”لا خلاص هبقى انزل اسلم على نسمة لما تيجى من الشغل وكمان نادية ونوال لما ييجوا هبقى اسلم عليهم علشان وحشونى”

سمير”هكلمهم ييجوا بكرة… ولا خليها بعده علشان انت مسافر”

بلال”ان شاءالله يا خالو…بعد بكرة علشان نقعد براحتنا”

 

صعدت مديحة وبلال شقتهم…وبمجرد دخولها

“على ما تغير هدومك اكون حضرتلك الاكل اللى بتحبه”

“وحشنى اكلك اوى يا ماما..ربنا يخليكى ليا”

“ويخليك يا حبيبى… ياااااه يا بلال البيت فى وجودك حاجة تانية خالص”

قبل بلال يدها… ثم دخل يغير ملابسه
بينما دخلت مديحة تغير ملابسها بسرعة ثم احضرت ما لذ وطاب من الاصناف التى يحبها بلال

 

اثناء تناوله الطعام…ظلت مديحة تحكى له ويحكى لها عن الفترة الماضية

انتهى بلال من طعامه ولم تنتهِ الاحاديث بينهما فظلا يتحدثان

حتى حكت له عن نسمة وعن زميل يحيي الذى تقدم لها وفضت لسؤالها عن اسباب الطلاق

“والله يا بلال بقيت قاعدة وهى بتحكى وانا بقول يا ارض اتشقى وابلعينى…حسيت انى السبب فى ان عريس كويس زى ده يضيع منها”

رد بلال بشعور بالذنب

“وليه انتى السبب… انا اللى طلقتها مش انتى”

“انا اللى سمعت كلامك وقعدت اقنع سمير انه يوافق… ياريتنى عملت زيه ورفضت”

“مش انتى يا ماما اللى اقنعتيه… ولا انتى السبب ولا اى حد غلطان فى كل اللى حصل ده غير انا ونسمة … احنا اللى اتسرعنا فى لحظة ضيعت حاجات كتير”

كان بلال يقصد خطأهما معا الذى أدى لكل تلك النتائج… وان كانت اقلها خسارة

اما مديحة فقد فهمت انه يقصد لحظة الطلاق …ولما شعرت به من ندم فى صوته …قالت

“لما انت عارف انكم غلطتوا… ما تصلحوا الغلط ده وترجعوا لبعض”

انتبه بلال لكلماتها وفهم ما تقصده…فوضح لها

“لأ …انا اقصد الغلط اننا فهمنا مشاعرنا غلط واتجوزنا بسرعة…هى نسمة بتخلص شغلها الساعة كام؟”

“ييجى 10 ولا 10 ونص كده”

نهضت مديحة تجمع الاطباق… وجلس بلال يفكر

 

                       *********************

 

لولا خوف نسمة على صحة سمير واجهاده…لكانت اتصلت به واستدعته على الفور للقاء دكتور حسين حتى تعرف ما الامر؟

ولكنها لم ترد ان ترهقه بعد عودته من المطار…ففضلت الا تخبره الا حين عودتها

اقترب موعد انتهاء العمل… رن هاتفها…نظرت فيه متعجبة

“حمدالله على السلامة يا بلال”

“الله يسلمك… عاملة ايه؟”

“انا الحمدلله كويسة…وانت عامل ايه؟”

“ماشى الحال الحمدلله…بقولك ايه؟ انتى قدامك قد ايه وتخلصى؟”

ردت وهى تنظر فى ساعتها متعجبة

“ليه؟”

“انا جاى لك”

وبنبرة اكثر دهشة

“ليييه؟!!”

“لما اجيلك… قوليلى استناكى فين بالظبط”

 

                           *******************

 

اصر بلال ان يجلس معها فى مكان يتحدثا فيه قليلا… رفضت خوفا من التأخير وقلق سمير عليها…فوجدته اتصل بسمير

“ازيك يا خالو… انا كنت فى وسط البلد وقابلت نسمة…متقلقش هى معايا هشترى كام حاجة بسرعة كده ونرجع على طول…مع السلامة”

نظر لها”هااا… خلاص اطمنتى؟”

“بصراحة مش عارفة ايه اليوم اللى كله فوازير ده… ما انا كنت هشوفك فى البيت ولا تكلمنى فى التليفون تقولى فى ايه وخلاص”

“ايه يا نسمة هو انا بعذبك…بقولك نقعد مع بعض بعيد عن البيت علشان مش عايز حد يسمع اللى هقوله…ولو انتى مش طايقة تقعدى معايا شوية خلاص يالا نروح”

“بعد الافلام دى كلها وايوه يا خالو وقابلت نسمة وبشترى حاجات تقولى نروح…اخلص يا بلال وشوف هنتنيل نقعد فين”

“لسانك بقى طويل”

“من بعض ما عندكم”

 

جلسا معا فى مكان قريب… انتظرت نسمة ان يبدأ بالحديث

“يا مسهل يارب… هتقول فى ايه؟”

ونبرة جدية “بصراحة مش عارف ابدأ منين؟”

نسمة”يا صلاة النبى… بلال قاعد قدامى مش عارف يبدأ منين”

ضحكت ساخرة وهى تتذكر الوضع المعكوس من سنوات مضت

“من غير تريقة… الموضوع يخصك”

ردت بعصبية

“تانى… نفس الكلام… هى الناس دلوقتى عارفة اللى يخصنى وانا معرفوش…بلال اخلص متزهقنيش”

قال بلال كلماته سريعا كمن يلقيها حتى يتخلص منها

“ماما قالت لى على العريس وقالت انك رفضتيه علشان كان مصمم يعرف السبب الحقيقى للطلاق”

تبدلت ملامح نسمة… وبعد ان كانت تحمل قليلا من الدعابة مع بعض القوة … شعرت بالضعف…وبجدية قالت

“الموضوع ده اتقفل خلاص”

“نسمة… ليه رفضتى العريس ده… انا كده حاسس انى ضيعت مستقبلك كله بجد… انتى متعرفيش انا ندمان ازاى”

“يا بلال احنا اتكلمنا كتير فى الموضوع ده…وقلتلك انى مش زعلانة منك بدل المرة كتير… ارجوك بلاش نتكلم فى الموضوع ده ونفكر بعض بيه لانه بيجرحنى وبيهيننى”

“يا نسمة والله العظيم انتى غالية عندى اوى.. وبتمنى لك الخير من كل قلبى…علشان كده فكرت فى فكرة”

“فكرة ايه؟”

“انا ممكن اتكلم مع العريس واقوله انى سبب الطلاق… ممكن اقوله انى ندل واتجوزتك غيظ فى خطيبتى وطلقتك علشانها…ممكن اقوله انى همجى وغبى وعنيف وكنت بضربك علشان كده اتطلقنا… ممكن اقوله انى خونتك وانتى طلبتى الطلاق…ممكن اقول اى حاجة بس محسش ان مستقبلك وقف بسببى وانا حياتى ماشية طبيعى”

لم تستطع نسمة كبح دموعها…فانسابت الدموع من عينيها

“بس مش دى الحقيقة… الحقيقة انى كنت غبية ومفهمتش مشاعرنا الحلوة دى صح… الحقيقة انى معرفتش احافظ على نفسى ودى غلطتى وانا عارفة… الحقيقة انك عملت اللى يخلينى رافعة راسى قدام ابويا وقدام اى حد”

“اتكلم معاه؟”

“اوعى؟”

“ليه يا نسمة…خلينى اساعدك”

“مش عايزة اكذب يا بلال… هو مصمم يعرف الحقيقة وانا مش هقدر اقولها…يبقى لا اقول الحقيقة ولا اكذب ط

ومسحت دموعها وابتسمت

“وبعدين انت بتتكلم كأنه آخر الدنيا يعنى… لسه النصيب مجاش مش عارفة انتوا مستعجلين على ايه”

“يعنى رافضاه باقتناع ولا مضطرة”

“باقتناع يا بلال اطمن… طمنى انت بقى عليك عامل ايه فى الشغل هناك وهتتجوز امتى”

“اهو الشغل هناك مقرف بس الواحد مضطر… الجواز المفروض الاجازة دى بس لسه محددناش حاجة”

“ربنا يوفقك ان شاءالله…ها نقوم بقى؟”

“يالا”

 

                   ***********************

 

وكعادة نوال فى الفترة الاخيرة… جالسة امام شاشة الكمبيوتر تتحدث مع هيثم

لم تعد تتضايق من غياب صبرى ورامى بل بالعكس كانت تشعر بأنها ستكون على راحتها أكثر فى الحديث ودون ان يشغلها صبرى

 

رن الهاتف الارضى فردت وهى جالسة كما هى

“الو… ازيك يا بابا”

“ازيك يا نوال… عاملة ايه؟”

” الحمدلله كويسة…ازيك يا بابا وازى نسمة”

“الحمدلله… ايه مبقتيش تيجى ليه؟”

” لا ابدا مفيش حاجة انا بس تعبت من النزول كل يوم فبقيت اقعد فى البيت احسن”

“براحتك يا بنتى… بقولك ايه هاتى صبرى ورامى وتعالوا اتغدوا معانا بعد بكرة …اصل بلال جه النهاردة وعايز يشوفك انتى واختك”

” بلال… طيب هبقى اجى ان شاءالله بس غالبا رامى مش جاى معايا”

“براحته…المهم هاتى صبرى وتعالى”

“حاضر ان شاءالله”

“مش عايزة حاجة؟”

“شكرا يا بابا…مع السلامة”

اغلقت بسرعة…لتجد ان هيثم يناديها لتأخرها فى الرد

فكتبت”ايوه ياهيثم…كنت برد على التليفون”

“مين دلوقتى؟”

“بابا”

“آآآه افتكرت”

“افتكرت ايه …هيكون مين يعنى”

“معرفش… انا بقيت اتضايق لما تكونى بتكلمينى وتختفى كده..بخاف تكونى قفلتى “

“مش انت عارف لو قفلت فجأة يبقى رامى جه”

“بغير عليكى يا نوال … ومش هتوافقى بقى وتخلينى اشوفك… انتى وحشانى اوى”

“لا يا هيثم…بلاش”

 

                     *********************

 

استيقظت نادية على صوت الهاتف الارضى…ردت

“الو”

“ازيك يا نادية …انتى نايمة”

“بابا ازيك… اه نمت بدرى اصل كنت فى المدرسة الصبح وصاحية من بدرى”

“ربنا يعينك يا حبيبتى… اخبار فريدة ايه؟”

“كويسة الحمدلله…انتوا عاملين ايه؟ وحشتنى يابابا والله”

“وانتى كمان… تعالى وهاتى يحيي اتغدوا معانا بعد بكرة ..بلال جه وعايز يشوفكم”

“حاضر ان شاءالله… بس مش عارفة يحيي هييجى ولا لأ”

“ليه ماله؟ ميجيش ليه؟”

“والله يابابا بقيت بشوفه بالصدفة… على طول فى الشغل ومالوش مواعيد خالص”

“معلش ربنا يعينه…قوليله يحاول ييجى “

“حاضر”

“هسيبك تكملى نوم…مع السلامة”

اغلقت نادية الهاتف… ونظرت فى الساعة وجدتها الحادية عشرة… اتصلت بيحيي تطمئن عليه…اخبرها انه سيتأخر …فأغلقت الهاتف واكملت نوم

 

                       **********************

 

طرق بلال الباب على بيت ليلى… فُتح الباب بسرعة

اشرقت ليلى بابتسامة واسعة ووجهها يشع سعادة

قالت بهمس”حبيبى حمدالله على السلامة”

مد يده يصافحها وهو يضغط عليها بحب

“انتى وحشتينى اكتر”

نظر نظرة خاطفة للداخل…لم يجد احد على مرمى البصر… فلثم يدها بسرعة وهو يدخل من الباب…سحبتها ليلى خوفا وهى توسع له الطريق للداخل

“اتفضل”

ونادت على والدتها

“ماماااا…بلال جه”

 

رحبت به حماتها… اعطى بلال لليلى حقيبة الهدايا ففتحتها بلهفة وبدت عليها السعادة وهى تخرج الهدايا من الحقيبة وتراها وتريها لوالدتها

بعدها جلسوا جميعا يتحدثوا… شعر بلال بالضيق من ملازمة والدة ليلى لهما… اراد ان ينفرد بها قليلا…يتحدثا معا وحدهما

بعد قليل تحجج” ممكن ادخل الحمام”

نهضت والدة ليلى “اتفضل”

فقال بسرعة”لا والله متتعبيش نفسك…ليلى فين الحمام”

كتمت ليلى ضحكتها وهى تسبقه

“اتفضل”

سبقته حتى الحمام وهو يمشى خلفها… اضاءت له النور

فقال هامسا

“هو احنا مش هينفع نقعد مع بعض ولا نخرج لوحدنا”

“ممنوع طبعا”

“يعنى الاول كنا بنعرف نشوف بعض عن دلوقتى”

“مكنوش يعرفوا بوجودك…دلوقتى ممنوع”

“بس انتى وحشتينى”

جذبها من ذراعها برفق ناحيته… مال فى اتجاه شفتيها

اتسعت عيناها وهى تدفعه وتبتعد … لتقف بجوار والدتها التى اقبلت فجأة.

 

                   **********************

 

عندما اخبرت نسمة سمير بما قاله لها دكتور حشاد… تساءل عن السبب ولكنها اخبرته انها لاتعلم اى شئ…فقرر الا ينتظر وذهب معها للمركز

 

انتظر قليلا حتى وصل دكتور حشاد… استقبله الاخير فى مكتبه بترحاب وطلب من نسمة ان تشاركهم الحديث

بدأ دكتور حشاد حديثه

“انا طلبت حضرتك تكون موجود علشان اعرض عليك الاقتراح اللى جه على بالى وانا مسافر ولانى بحب الخير لنسمة…من غير مقدمات طويلة …فيه كورسات دراسة حرة بتتعمل فى الجامعة اللى كنت فيها…الكورسات دى بتاخد منها شهادة معتمدة عالميا… الكورس مكثف 6 شهور …الشروط ان يكون الدارس حاصل على مؤهل عالى واللغة الفرنسية طبعا وفيه اختبارات بتتعمل لو الدارس نجح فيها بيقبلوه”

سمير مقاطعا”حضرتك بتقول الجامعة اللى كنت فيها؟”

حسين”ايوه… جامعة ليل …الكورس ده بيدرسوا فيه محاسبة او ادراة اعمال… مش شرط انها تكون دارسة تجارة… بس فوايد الكورس ده انها هتكون مؤهلة للشغل فى الشركات العالمية … وفى اى مكان فى العالم مش شرط مصر بس… هو الكورس ده مكلف شوية بس اذا اتقبلت فيه هتشتغل فى شركات اقل مرتب فيها فوق ال20 الف جنيه وهى لسه جديدة…قابلين للزيادة طبعا حسب الشركة نفسها ومرتباتها”

“6 شهور …تسافر بره لوحدها… صعب ومينفعش”

“والله يا استاذ سمير انا مقدر خوفك اكيد…بس اطمن انا العقد بتاعى لسه مخلصش وهكون هناك فى الدراسة ونسمة زى بنتى وهى ماشاءالله ميتخافش عليها”

صمت سمير برهة ثم سأل من باب الفضول

“ومصاريف الكورس ده كام”

“تقريبا 10 الاف يورو… يعنى حوالى 100 الف مصرى…اكيد غير مصاريفها هناك والسكن والحاجات دى”

كانت نسمة تتابع بصمت حتى اخر الحديث… اتسعت عينيها دهشة من سماعها للرقم… وقلب سمير شفتيه امتعاضا

“سفر لوحدها ومبلغ كبير… صعب”

“فكروا ومتستعجلوش… لسه باب التقديم مش بيتقفل دلوقتى ولسه كمان لما النتيجة تطلع… بس صدقنى دى فرصة مينفعش تفوت وكتير اوى يتمنوها”

نهض سمير وصافح حسين

“شكرا جدا لاهتمامك بنسمة… بس انا مقدرش اسيب بنتى تسافر وتقعد بره لوحدها حتى لو للدراسة…استأذن انا”

الحلقة 14

لم تُعلق والدة ليلى…لا مع ليلى ولا مع بلال

عاد بلال من الحمام وجلس متلون الوجه … اما ليلى فكانت تحاول ان تبدو طبيعية

ساد الصمت …ثم قالت الام

“قومى يا ليلى هاتى لى الملوخية اقطفها وانا قاعدة”

 

نهضت ليلى ملبية امر والدتها… جلست الام على الارض فى مكان بعيد نسبيا عن بلال ولكنها فى مقابلته

واحضرت ليلى الطبلية امامها ووضعت الملوخية

 

عادت الام وجلست بالقرب من بلال…فسألها

“شافت حاجة؟”

ردت بضيق”معرفش… انت جلبت لى بالحركة الغبية دى”

“كنتى وحشانى يا حبيبتى”

“ولما ماما تمنعنا نشوف بعض هيبقى حلو يعنى”

“تمنعنا ايه يا ليلى… احنا خلاص هنتجوز … مش كفاية انى لا بعرف اخرج معاكى ولا نقعد لوحدنا”

“احنا مش فى مصر… واخواتى طبعهم حامى وانت عارف”

“عارف وساكت… المهم اخوكى هييجى امتى”

“زمانه جاى… هتصلك بيه استعجله”.

 

جاءا شقيقا ليلى… رحبا ببلال وجلسوا جميعا

تبادلوا احاديث عامة…ثم بدأ بلال الحديث

“دلوقتى احنا ان شاءالله عايزين نحدد معاد الجواز قبل ما اسافر بفترة معقولة”

الشقيق الاكبر”والشقة؟”

بلال”ماهو ده اللى عايز نتكلم فيه”

الشقيق الاكبر”مش اتكلمنا السنة اللى فاتت”

بلال”اتكلمنا …بس انا لما فكرت لقيت اننا هنجهز ونفرش شقة ايجار علشان نقفلها ونسافر… مش الفلوس دى احنا اولى بيها تتحط فى فلوس الشقة بتاعتنا”

الشقيق الاصغر”خلاص…اشترى شقة وحتى لو اتقفلت اهى بتاعتك ومسيرك هترجع لها”

بلال”مش هقدر… حاليا مش هقدر اشترى شقة وافرشها”

ليلى”انا ليا رأى تانى كويس”

انتبهوا جميعا فوضحت

“احنا نأجل الجواز سنة كمان… منها بلال يكون قادر يشترى شقة ومنها ميسافرش ويسيبنى”

بلال”مين قال انى هسيبك… انتى هتسافرى معايا”

قالت ليلى بصوت متردد “مش عايزة اسافر”

فوجئ بلال… لماذا فاجأته ولم تُعلق من قبل على سفرها معه كلما اتى الحديث على ذكر سفرهما

الشقيق الاكبر”والله معاكى حق… انا كنت ساكت وقلت دى حاجة بينكم والست مع جوزها..انما الغربة كُربة”

بلال”ما انا متغرب علشانك… وقلت لك انى مش هطول ومش هنقعد كتير..يدوب اجيب الشقة وافرشها وابقى ارجع شغلى هنا نعيش منه ونستقر”

ليلى”طيب انت بتقول السنة الجاية تقدر تكون جاهز… يبقى سافر السنة دى وارجع نتجوز ونستقر هنا”

بلال”انا كل اللى مصبرنى من ساعة ما سافرت انى هاخدك معايا … السنة اللى فاتتجت ظروف وفاة الحاج… السنة دى ايه المانع نتجوز ونسافر”

ليلى”مش عايزة اسافر يا بلال… مش هقدر”

بلال”ليه…ايه اللى حصل فجأة”

ليلى”مش فجأة …انا كنت مستنية تيجى علشان اقولك… محبتش اقولك وانت لوحدك هناك”

الشقيق الاصغر”الحل ده كويس يا بلال… علشانك وعلشانها… انت متضغطش على نفسك فى الفلوس وهى متسافرش غصب عنها”

قالت الام”سافرى مع جوزك يا ليلى… مش هينفع تفضلى مخطوبة 3 سنين…كده الناس يقولوا علينا ايه؟”

قالتها الام وهى تنظر لبلال نظرات ذات مغزى

فقال بلال باحراج

“انا من ساعة ما خطبتها وبشوفها هنا بس وفى السنتين كلهم هما كام مرة اللى جيت فيهم”

ليلى”وانا مش عايزة اسافر يا ماما”

صمت بلال…وصمت الجميع… الكل يفكر فى حل وسط يرضى جميع الاطراف

قال الشقيق الاكبر بعد فترة قليلة من التفكير

“انا عندى فكرة تريح الكل”

انتبه الجميع فأكمل

“احنا نكتب اليومين دول… وتعمل حسابك الاجازة الجاية تجيب الشقة وتتجوز… تجيبها ملك تجيبها ايجار انت حر… تسافر ليلى معاك ..متسافرش… اللى تتفقوا عليه ويريحها”

صمت بلال قليلا ثم قال

“مش عارف ليه الكلام اتغير يا ليلى…ازاى هسافر لوحدى تانى… انا زهقت من الوحدة هناك”

ردت ليلى”ماهو انت يا بلال شغلك بيكون طول اليوم…عايز تاخدنى معاك وبعد ما كنت وسط اهلى ابقى لوحدى خالص حتى من غيرك”

بلال”سنة واحدة بس”

ليلى”مش هقدر… نستحمل احنا الاتنين ونستنى السنة دى”

ثم اكملت وهى تتكلم من مصدر قوة

“انا استحملتك… استحملنى انت كمان”

صمت بلال…فهم انها تذكره – كما تذكره دائما – بأنها تحملت مالا تتحمله اى فتاة… وهو زواج حبيبها من اخرى

كلما حدثت بينهما مشادة او خلاف ما … تذكره بما بدر منه… فيصمت

 

                       ********************

 

عادت نسمة فى المساء… تناولا العشاء ونهض سمير للنوم

فاستوقفته نسمة

“بابا… انا فكرت فى كلام دكتور حشاد وشايفة انها فرصة كويسة اوى ليا…دى مش كويسة وبس دى فرصة مبتجيش لاى حد”

“ازاى يا نسمة عايزانى اسيبك تسافرى بره لوحدك”

“ايه المشكلة انى اسافر بره لوحدى”

“مشاكل كتير…ازاى هتعيشى هناك… اخاف عليكى”

“هعيش زى ما الناس بتعيش… فى سكن الطالبات.. وتخاف عليا من ايه..ده بره امان عن هنا”

“لأ يا نسمة …اخاف”

“خوف ولا عدم ثقة؟”

رد نافيا”لأ طبعا… انتى ازاى تقولى كده… انا واثق فيكى بس مش واثق فى الناس اللى حواليكى”

“هيعملوا لى ايه؟ انا هروح علشان هدف محدد وهو الدراسة… فين القلق بقى؟”

“افرضى تعبتى وانتى لوحدك… افرضى حد ضايقك …افرضى حصل اى حاجة لاقدر الله ومحتاجة حد جنبك..يبقى ايه العمل؟”

“بابا… اى حد مُعرض انه يحصله اى حاجة فى اى مكان… اللى مكتوب له حاجة هيشوفها… لو مكتوب لى اموت هنا هموت هنا…لو مكتوب لى اموت هناك هموت…سفرى من عدمه مش هيغير اللى مكتوب لى”

“اعوذبالله…ليه بتقولى كده”

“علشان مفيش اكتر من كده…والله يابابا انا مبقتش العيلة الصغيرة بتاعة زمان… انا بقيت اقدر اتعامل فى اى موقف ومع اى حد”

“بيتهيألك…انتى لسه مشوفتيش حاجة فى الدنيا”

“سيبنى اشوف…واتعلم… سيبنى اغير حياتى وانجح”

صمت سمير… يفكر فى كلام نسمة المقنع

“حتى لو وافقت… اجيب منين المصاريف دى كلها”

“يعنى المشكلة فى الفلوس بس؟”

“وهى دى بسيطة؟”

صمتت تفكر…ثم قالت

“مفيش اى حل؟؟”

“والله كل قرش باخده انتى عارفة بيروح فين وعلى يدك اللى معايا ميجيش حاجة جنب المبلغ ده”

“يعنى لو الفلوس اتوفرت معندكش مانع؟”

“ساعتها ممكن افكر… بس تتحل ازاى ومنين… انتى معاكى؟”

ردت بانكسار

“منين…كل مرتبى بصرفه”

“استنى الكام سنة اللى فاضلة… لما اطلع معاش ابقى خدى فلوس المكافأة”

“وانا اضمن منين ساعتها ان يبقى الكورس ده لسه متاح”

“خلاص يا نسمة يبقى نصيبك كده”

ردت نسمة بحزن

“نصيبى… طيب”

 

                     ********************

 

فى اليوم التالى

نهضت نسمة مبكرا لاعداد الغداء… كان الحزن يملأ قلبها بسبب ضياع الفرصة من بين يديها

قبل موعد عودة سمير… جاءت نادية بفريدة… ثم جاءت نوال بصبرى… ثم جاء سمير

اتصل سمير بمديحة…فنزلت هى وبلال

تناولوا جميعا الغداء فى جو عائلى دافئ

حاولت نسمة قدر المستطاع ان تخفى لمحة الحزن التى تجتاحها

 

اخبرهم بلال بأنه سيعقد قرانه خلال الاسبوعين التاليين وانه يتمنى ان يحضروا جميعا

هنئوه…بعبارات مختصرة مع مراقبة ردود افعال نسمة – التى صارعت كى تخفى حزنها – خوفا ان يُفسر انه حزن على خبر عقد قران بلال

فقالت نسمة “ان شاءالله نحاول كلنا نيجى معاك”

 

جاء موعد عمل نسمة…فشعرت بالراحة لانها ستذهب لعملها

هناك…لن يراقب احد ردود افعالها …هناك قد تستطيع ان تبكى قلة حيلة والدها دون ان تفسر عكس الحقيقة

 

بعد مغادرة نسمة … غادرت مديحة وبلال …اما نوال كانت تتململ فى جلستها كمن يجلس على صفيح ساخن…فالامس أخبرها هيثم انه اجازة وسيتواجد اليوم كله فى المنزل ليتحدثا طويلا… لم تستطع إلغاء زيارتها لوالدها ولكنها الان بعد ان جاءت وجلست معهم قليلا… لمَ البقاء؟

 

نهضت بتباطؤ …

“انا هقوم يا بابا… مش عايزين حاجة؟”

سمير”لسه بدرى …هتروحى ليه دلوقتى؟”

نادية”خليكى يا نوال وابقى اوصلك وانا مروحة”

نوال”معلش اصل فيه معاد مضاد حيوى لصبرى ونسيت اجيبه”

سمير بقلق”ليه ؟؟هو تعبان؟”

نوال”لا ابدا… زوره بس كان بيوجعه شوية والحمدلله بقى كويس”

سمير”مش خلاص بقى كويس…مش مهم الدوا بقى”

نادية”لا يابابا لازم ياخد المضاد فى مواعيده علشان يخف…سلامته يانوال”

نوال متجهة للباب

“الله يسلمكم… يالا يا صبرى”

نزلت نوال… واوقفت تاكسى حتى تعود لبيتها سريعا

 

بكت فريدة بعد مغادرة صبرى… أخذها سمير بين ذراعيه يهدهدها

حتى هدأت وبدا النوم يداعب جفنيها

ظلت نادية تنظر لوالدها بحب وفريدة تنام بين يديه

“ربنا ميحرمناش من حنيتك يا بابا”

“ربنا يخليكى… هو يحيي مش جاى يتغدا؟”

“اتصل وقال هيكلمنى لما يخلص”

“عاملين ايه مع بعض؟؟لسه حاسة انه بيلغى شخصيتك؟”

“لا …فعلا يابابا زى ماقلتلى كان تقريبا توتر من الحمل…يحيي بطل يكلمنى خالص فى موضوع شغلى لما شافنى مظبطة امورى”

“الحمدلله”

ابتسم وهو يقبل فريدة التى نامت … شعرت به نادية…سألته

“مالك يا بابا؟”

“زعلان على نسمة”

“مالها نسمة؟؟ شكلها مبتفكرش فى بلال يا بابا…يعنى لما قال انه هيكتب كتابه هى مزعلتش ولا حاجة”

حكى لها سمير عن الكورس وعن عدم موافقته ومحاولات اقناع نسمة له…فأكمل

“بينى وبينك طول الليل بفكر…لقيت معاها حق… ازاى افوت عليها فرصة زى دى مبتجيش لاى حد… على الاقل تبقى معاها شهادة متميزة وشغلانة تقدر تعيش بيها ومنها من غير ما تحتاج لحد لو جرالى حاجة”

“بعد الشر…ربنا يخليك لينا”

“عارفة يا نادية… متهيألى نسمة ربنا مديها حظ فى دراستها وشغلها بس مالهاش حظ فى الجواز… علشان كده خايف اقف قدام نجاحها ابقى انا السبب فى فشلها زى ما كنت سبب فى فشل جوازها”

“سبب ازاى يابابا… هى اللى صممت تتجوز وهى اللى اتطلقت من غير اى تدخل ليك”

“كان المفروض ارفض غصب عنها”

“لا يابابا…مكنش ينفع ترفض…زى ما وافقت على اختيارى انا ونوال كان لازم توافق على اختيارها هى كمان”

“بس على الاقل نوال دلوقتى الحمدلله مستقرة فى بيتها…ايوه تعبت فى الاول شوية بس ده لانها سكتت على ظلمهم ليها…انما رامى مش وحش…كفاية انه اشتراها ووافق على شروطها ومن يومها عايشة معززة مكرمة… لا بيهينها ولا بيغصبها على حاجة مش عايزاها…الحمدلله انا مطمن عليكم انما نسمة هى اللى قلقانى”

“طيب سيبها تسافر”

“حتى لو وافقت …هجيب منين فلوس الكورس”

“يعنى مفيش اى حل خالص؟”

“اللى طول عمرى بحوشه صرفته فى جوازتك انتى واختك…انا عارف انك جبتى لنفسك حاجات كتير يعنى ساعدتينى فى جوازك بس اللى كان معايا اتصرف…ده اللى خلانى اوافق على جواز نسمة مع عمتك فوق انى مش هتكلف لانى مكنش معايا”

“والحل؟”

“اللى اقدر اتصرف فيه وبالعافية 20 الف…يعنى ولا حاجة”

صمتت نادية قليلا ثم قالت

“والله يابابا انا مصروفى كبير جدا ومرتبى بيروح …ولو يحيي كان معاه كنت جبت لك منه”

“انا مش بحكى لك علشان اخد منك…انا مش عارف اتكلم مع مين”

“طيب ما تشوف عمتو تستلف منها…يبقى ال20 اللى معاك وانا ممكن اعمل جمعية فى المدرسة واحاول اتصرف فى 20 زيهم”

“بعيد يا نادية… ده الكورس لوحده 100 الف غير مصاريف السكن والسفر ومصروفها اللى لازم يكون معاها… وعمتك ما انتى عارفة محيلتهاش غير المعاش ومش معقول بعد ما كنت بساعدها هاخد منها”

“طيب عندى فكرة تانية”

“دلينى”

“مش بلال هيأجل جوازه… نستلف منه نكمل”

“تفتكرى معاه؟واسددهم منين”

“نشوف يا بابا يقدر يدينا كام؟”

نهضت نادية اخذت فريدة النائمة وادخلتها سرير نسمة

اتصلت نادية ببلال واخبرته انها تريده فى امر هام… دقائق قليلة ووجدته يطرق الباب

حكت له نادية على الامر بأكمله

فقال لسمير”انا لسه دافع مقدم حجز لشقة النهاردة الصبح والمبلغ ده مش معايا ده اولا ولو معايا انا متأخرش عنكم فى اى حاجة الا موضوع انها تسافر لوحدها ده”

نادية مستاءة”ليه يعنى”

بلال”مينفعش…مينفعش خالص انها تعيش بره لوحدها… احنا طبعنا غير طبع بلاد بره…انا اللى راجل وقاعد فى بلد عربى تعبان من الغربة يبقى ازاى هى تسافر فرنسا لوحدها؟

صمت سمير…. لم ينطق..فأكد عليه بلال

“مينفعش يا خالى تسيبها تسافر…ميصحش”

رد سمير”خلاص يا بلال… مش هتسافر”

استأذن بلال وخرج…عادت نادية لسمير

“بتوافقه يا بابا؟؟ هو ماله اصلا؟”

“مش علشان هو قال… علشان مفيش فلوس يا نادية”

 

                       *******************

 

الساعة اقتربت من الحادية عشرة

اتصل يحيي من مكتبه بنادية

“الو.. انتى فين …روحتى؟”

“انا لسه عند بابا… كنت هروح اهو”

“لا متروحيش… هعدى عليكى اخدك نتعشا بره…هتجهزى امتى؟”

“طيب… هنزل بس اركن العربية ركنة كويسة وابقى اخدها بكرة واصحى فريدة واكون جاهزة”

“مسافة السكة واجيلك… مع السلامة”

اغلق يحيي الهاتف… نهض وهو يأخذ احتياجاته

دخل احمد زميله مسرعا

“يحيي…عرفت اللى حصل؟”

“فى ايه”

“جوز عبير مات”

———–———-———————-————

ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة

 الى اللقاء في الحلقات القادمة

بقلم الكاتبة: دينا عماد

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى