ترفيهمسلسل أبغض الحلال

مسلسل أبغض الحلال (ج2)الحلقة الحادية والثانية عشر

الحلقة 11

اخرجت الورقة المهترئة من كثرة قراءتها… جلست امام الكمبيوتر

بحثت عن هيثم على الفيس بوك ببريده الالكترونى

وجدت صفحته …اسمه وصورته… ابتسمت لانها وجدته بسهولة

فالآن تستطيع متابعته دون ان يدرى ودون ان تخطئ

ولكنها وجدت ما لم تتوقعه… ما جعل الدموع تنهمر من عينيها

 

وجدته كاتب فى حالته الاجتماعية…خاطب

ارادت ان تتأكد فظلت تبحث فى “البوستات والكومنتات” حتى تأكدت انه خاطب بالفعل

 

شعرت بالغليان…ان كان نسيها وبدأ حياة جديدة …لماذا نبش الحب القديم المدفون فى قلبها…لماذا جعلها الفترة الماضية فى صراع متصل… لماذا أكد عليها ان تتصل به ولديه حبيبة

 

وجدت نفسها تفرغ كل غضبها فى رسالة … كتبت ودموعها تنهمر

“كلمتنى ليه لما شفتنى وحسستنى بنظراتك انى غلطت فى حقك لما اتجوزت…ليه قلتلى اكلمك وانت خلاص ارتبطت وفيه واحدة فى حياتك… جرحتنى قبل كده وخلتنى اتصرف بغباء بندم عليه كل لحظة… بتجرحنى ليه تانى وانا مش ناقصة واللى فيا مكفينى… كنت نسيتك خلاص فكرتنى بيك ليه حرام عليك… انا ببعتلك الرسالة علشان اقولك انى ندمانة انى فكرت اكلمك والحمدلله ان ربنا بينلى حقيقتك”

 

ضغطت زر ارسال وهى تعلم ان الرسالة ستذهب فى الرسائل الاخرى وقد يراها وقد لا يراها

 

ظنت نوال ان رسالتها ستشفى غليلها ولكنها لم تهدأ… حاولت ان تشغل نفسها ولكنها لم تجد ما يشغلها…فظلت جالسة مكانها تقلب فى صور هيثم وتقرأ كلامه

فوجئت باشعار برسالة جديدة…خفق قلبها وهى تضغط على الرسالة لترى انها من هيثم…فتحتها بيد مرتعشة وفرحة خفية للحديث معه

“وحشتينى اوى”

كان الرد قصيرا جدا…ولكنه قلب كيانها كله

لم تعرف ماذا تكتب واثناء تفكيرها جاءتها رسالة اخرى

“ايوه خطبت بس محبتش غيرك انتى”

كتبت بسرعة”ولما انت كنت بتحبنى… سبتنى ليه؟”

“متقوليش كنت علشان انا مازلت بحبك”

“متفرقش…المهم انك سبتنى”

“انا مسبتكيش… انا كنت مشتت ومضغوط من رفض اهلى اللى متوقعتوش ومكنتش عارف اتصرف خصوصا انى مكنش معايا فلوس اتقدم لك بيها …يعنى مكنتش قادر اقولك استنينى او هتقدملك او هقنعهم…مكنتش عارف حاجة ولا كنت لاقى كلام اقوله وخصوصا لما ماما كلمتك بطريقة وحشة كنت مش قادر اواجهك…بعدت وبعدين ندمت ولما حاولت اكلمك كنتى اختفيتى خالص… قفلتى اكونتك القديم ولا عملتيلى بلوك مش عارف… تليفونك مقفول على طول وسألت فى الشغل قالوا سيبتيه… مبقتش عارف اوصلك خالص”

“ياريتك كنت قلتلى استنينى وكنت هستنى… لو كنت استنيت كل ده كان اهون عليا من اللى شفته”

“انتى مش مبسوطة مع جوزك؟”

“صمتت ولم ترد… ولكنه كرر سؤاله

“احكى لى عن حياتك يا نوال… انا نفسى احكيلك عن كل لحظة من ساعة ما سبنا بعض فيها”

“بتحب خطيبتك؟”

“انا خطبتها بعد الحاح من امى …هى جارتنا وكويسة وبتحبنى من زمان واهلى واهلها اصحاب…لقيتها مناسبة ليا فى كل حاجة… وكنت افتكرت انى بحبها ونسيتك لحد ما شفتك… بقيت بفكر فيكى انتى ومستنى تكلمينى بكل لهفة… اتأخرتى عليا اوى لحد ما فقدت الامل انك هتتكلمى…قلت خلاص يبقى نستنى … طبعا لازم هتسنينى وانا بعيد عنك ومش هتفتكرى غير جوزك اللى قدامك ومالى حياتك… مش بعيد الاقيكى فجأة قفلتى علشانه”

“انا اتجوزت عِند يا هيثم… كنت عايزة اثبت لنفسى انى ممكن اتجوز بعد كلام مامتك… اتجوزت بسرعة فوق ماتتخيل واتنازلت عن حاجات كتير… انا عشت بعدك اسوأ ايام حياتى”

 

طال الحديث بين نوال وهيثم حتى الصباح

“هيثم الساعة بقت 7 الصبح…انت مش عندك شغل؟”

“عندى… المفروض اصحى 9”

“طيب كفاية كده وقوم نام”

“حاضر… هتكونى موجودة امتى؟”

“مش عارفة”

“طيب انا لما اكون فى البيت هبعتلك…بقولك ايه انا هعمل اكونت جديد وانتى اعملى اكونت جديد نضيف بعض علشان نبقى نتكلم براحتنا”

“طيب”

“يالا …قومى نامى وخلى بالك من نفسك…انتى نازلة النهاردة؟”

“كنت هروح لبابا بس شكلى مش هقدر..يدوب على ما انام وواقوم واخلص شغل البيت هنبقى بالليل ومش عارفة صبرى النهاردة هيقعد معايا ولا هياخده معاه لمامته”

“طيب لما تكونى نازلة ابقى قوليلى علشان مقلقش عليكى”

“حاضر…تصبح على خير”

اغلقت نوال الكمبيوتر وذهبت لتنام…كانت تشعر بسعادة طوال فترة كلامها مع هيثم… ظلت تعيد كلماته فى ذاكرتها حتى سمعت طرقات على الباب…فنهضت متباطئة ونظرت من العين السحرية

وجدت رامى يحمل صبرى النائم

“صباح الخير يا نوال… انيمه فين”

“هاته فى الاوضة عندى… مش حرام عليك كده تصحيه من عز نومه وتجيبه”

“كنت هعمل ايه ماما تعبانة ومش هتقدر تقعد بيه وانا لازم اروح الشغل”

“هتيجى على الغدا؟”

تردد رامى قليلا فبادرته نوال

“لو عايز تطلع على مامتك روح… انا منمتش طول الليل وشكلى هنام براحتى ومش هلحق اعمل غدا بدرى”

تهللت اسارير رامى

“هبقى اكلمك قبل ما اجى اشوف لو عايزين حاجة”

“هو انت مش هتبات معاها النهاردة؟”

“لو اتحسنت شوية هبقى اجى بالليل”

لم ترد…فقط اوصلته حتى الباب وأغلقت الباب خلفه وهى تتمنى ان يبيت الليلة ايضا عند والدته

 

                   **********************

 

تناول سمير كوب الشاى من مديحة وهو يجلس معها فى شرفة بيتها

جلست قبالته… فبدأ حديثه

“نسمة رايحة النهاردة تقابل عريس”

ارتسمت علامات السعادة المختلطة بالدهشة…كلمة عريس مع كلمة ذهابها لمقابلته…فسألت

“قصدك جالها عريس؟”

“زميل يحيي فى المكتب شافها يوم عيد ميلاد فريدة وكلم يحيي … نادية قالت انهم قالوله على ظروفها بس عايز يقعد معاها يتكلموا مع بعض بره الاول …هو كبير فى سن يحيي بس بينى وبينك انا نفسى ربنا يكرمها واطمن عليها زى اخواتها قبل ما اموت”

“بعد الشر عليك ربنا يخليك وتشوف ولادها”

اكمل دون ان يعلق على جملتها

“اتفقوا يتقابلوا بره… هتاخد اذن من الشغل وتروح هى وسعاد يقابلوه”

“ربنا يكرمها ويسعدها يارب… والله يا سمير انا نفسى نسمة ربنا يكرمها وتتجوز حتى قبل ما بلال يتجوز… انت عارف ان ولادك ولادى ونسمة حاسة انها اتظلمت من ابنى وحاسة انى كنت السبب انى وافقت وحاولت اقنعك بجوازتهم…بس هقول ايه كان ليهم نصيب مع بعض”

“ادعيلها بس ان العريس ده يطلع ابن حلال ويسعدها”

“يارب يا سمير”

قاطعهما رنين هاتف مديحة…فنظرت للتليفون بسعادة وهى ترد

“ازيك يا حبيبى… عامل ايه؟ …بجد؟ امتى؟ تيجى بالسلامة يا حبيبى… انا كويسة والله وقاعدة مع خالك اهو… الله يسلمك…خلى بالك من نفسك… محمد رسول الله”

اغلقت الهاتف وقالت والدموع تملأ عينيها

“بيسلم عليك وبيقول نازل اجازة الاسبوع الجاى… ربنا يجيبه بالسلامة يارب”

“ربنا يرجعه بالسلامة…قال معاد الطيارة؟”

“قال هيقولى قبلها بيومين على المعاد”

“ابقى قوليلى نبقى نروح نجيبه من المطار”

رغم ما حدث… ورغم ما شعر به سمير تجاه بلال بعد طلاقه المفاجئ لنسمة…إلا انه لم يكرهه يوما… فبلال ابنه الذى لم يولد من صلبه …ابنه الذى تربى على يديه وسط بناته.

 

                         *******************

 

استقبل مصطفى نسمة وسعاد فى المكان المتفق عليه… جلس ثلاثتهم معا… بدت السعادة على وجه مصطفى بالمقابلة… تحدث عن قليلا عن عمله وعن اسرته …ثم سأل نسمة

“عملتى ايه فى الامتحانات”

“الحمدلله”

فقاطعتهما سعاد

“طيب انا هقعد على ترابيزة تانية وانتوا اتكلموا براحتكم”

غادرت سعاد الطاولة … فقال مصطفى

“مامتك ذوق اوى”

“شكرا”

“مالك…مكسوفة؟”

ابتمست محاولة التخفيف من توترها

“مش حكاية مكسوفة… بس اول مرة اتحط فى الموقف ده”

“ليه؟ هى اول مرة كانت عن حب؟”

انزعجت نسمة من سؤاله.. مما زاد توترها الذى لاحظه مصطفى

“انا مقصدش اى حاجة تضايقك… احنا بنتكلم عادى”

استجمعت نسمة قوتها للتحكم فى انفعالاتها كى تبدو طبيعية

“هو يحيي مش قالك؟”

“قالى انك اتجوزتى واتطلقتى…مقالش اى تفاصيل”

“ابن عمتى”

“غصب عنك؟”

“لأ”

وفكرت نسمة سريعا فى تغيير مجرى الحديث فسألته

“انت خطبت قبل كده؟”

“لأ”

“ليه”

ضحك …سعيدا بذكائها

“ماشى يا ستى…ولو اننا مش فى ماتش كورة بنلعب هجوم ودفاع… انا مخطبتش لانى مكنش عندى امكانيات للخطوبة والجواز …يعنى كان شغلى ماشى الحمدلله بس مصاريفى كتير وبالتالى كنت بحوش قليل…انما الحمدلله المكتب الجديد شغله احسن كتير فالخطوة كان لازم تتاخد ومتتأجلش اكتر من كده …خصوصا بعد ماشفتك وشدتينى من اول نظرة”

“مش بقتنع ابدا بموضوع اول نظرة ده… مش يمكن الشخصية تختلف عن الشكل”

“وارد طبعا… والشخصية مش بتبان غير بالتعامل… علشان كده حاولت اكلمك يوم عيد الميلاد بس انتى كسفتينى”

“اكيد مقصدش اكسفك ولا حاجة… بس انا مليش فى جو الاعجاب والتعارف ده”

“انا مكنتش عايز اتعرف علشان نتصاحب… انا كل الموضوع انى كنت عايز اتعرف عليكى عن قرب قبل ما اتقدملك…عموما اللى حصل حصل والمهم اننا قاعدين مع بعض دلوقتى…بس مجاوبتيش على سؤالى”

“سؤال ايه؟”

“اتجوزتوا عن حب”

ردت بأسى

“كنت فاكرة كده”

“ودلوقتى بتكرهيه؟”

“لأ… وعلى فكرة علاقتنا ببعض كويسة ومتقطعتش”

“ايه الحكاية الغريبة دى”

“ايه الغريب فيها”

“مش فاهمها…ياريت تحكيلى بتفاصيل شوية انت بتجاوبى بالعافية”

“كل اللى اقدر اقولهولك علشان ده موضوع اتقفل … احنا اتجوزنا تقدر تقول اتسرعنا وفهمنا مشاعرنا غلط… بس بعد 3 اسابيع اتطلقنا”

“ليه… اتطلقتوا ليه بالسرعة دى”

“مقدرناش نكمل”

“انتوا ملحقتوش تبدأوا اصلا”

“اللى حصل”

“هسألك سؤال بس ارجوكى متتحرجيش… طلع مبيعرفش وانتى لسه بنت؟”

تلون وجه نسمة حرجا… لم تتوقع ان تصل جرأته لهذا السؤال

لاحظ حرجها…فحاول التخفيف مبتسما

“عادى يا نسمة …متفرجتيش على محامى خلع”

ولكنها لم تستطع ان تتغلب على حرجها ..فأجابت باقتضاب

“لأ.. احنا اتجوزنا بالفعل… وهو حاليا خاطب وهيتجوز … وطلاقنا تم فى لحظة وحسينا انه احسن لنا… لسه فيه اسئلة تانية فى الموضوع ده”

“عايز اعرف السبب الحقيقى للطلاق… متهيألى من حقى”

قالت وهى تنهض

“حقيقى معنديش اسباب غير اللى قلتها”

“طيب قمتى ليه؟ احنا ملحقناش نقعد”

“معلش يا استاذ مصطفى… متهيألى القعدة دى علشان نشوف هنقدر نقتنع ببعض او لأ… والحقيقة انى شايفة ان الفرق فى السن بيننا كبير بالاضافة انى مأجلة اصلا موضوع الارتباط ده بس جيت علشان نادية ويحيي شكروا فيك جدا وهما معاهم حق …حضرتك انسان كويس ربنا يوفقك مع واحدة تناسبك”

جاءت سعاد بعدما رأت انهاء نسمة للمقابلة… شعرت بتوتر الحديث قبل ان تسمع جملة نسمة الاخيرة

اما مصطفى فقد فوجئ تماما بموقف نسمة الذى لم يتوقعه

فرد بهدوء”شكرا …ربنا يوفقك انتى كمان …اتفضلوا اوصلكم”

لكزت نسمة ذراع سعاد – التى صمتت تماما – وقالت

“شكرا…احنا لسه رايحين مشوار …اتفضل حضرتك”

 

                         ******************

 

دخلت السكرتيرة مكتب يحيي مع دخول احد الموكلين

“استاذة عبير فى مكتبها”

“جت امتى؟”

“من شوية وسألت على الاساتذة بس محدش فيهم هنا…بتقول لحضرتك لما تخلص هى عايزاك”

 

انهى يحيي مقابلة موكله سريعا … وذهب لمكتب عبير

وجدها جالسة…. يبدو عليها الحزن الذى فشلت مساحيق الزينة فى اخفاؤه

جلس قبالتها وسألها مازحا

“ايه يا ستى الغياب ده كله… الحماس اللى بدأتى بيه راح فين”

اجابت بنبرة حزينة

“كنت مسافرة يا يحيي… الشغل اخباره ايه ومين ماسك القضايا اللى معايا”

“سيبك من القضايا… مالك؟”

اجابت وهى تبكى مما لطخ وجهها بالكحل الاسود

“انا فى كابوس يا يحيي”

قلق يحيي وسألها بلهفة صادقة

“بتعيطى ليه… اى مشكلة وليها حل”

“للاسف… دى مش مشكلة دى مصيبة”

“خير قلقتينى… مالك؟”

“جوزى بيموت”

رد يحيي معتقدا انها تهول ما يمر بزوجها

“يا عبير متقوليش كده…ربنا يخليهولكم”

“تعب فجأة… فى المستشفى قالوا انه فى المراحل الاخيرة من المرض… مصدقتهمش اخدته وسافرنا بره…نفس الكلام… اكتشفنا مرضه متأخر والدكاترة بتقول لاهينفع علاج ولا جراحة… وكلها مسألة وقت”

زاد بكائها بشدة… فهم يحيي المرض الذى تقصده عبير رغم انها لم تنطق باسمه… تذكر انها اخبرته من قبل ان لديها ابنة وحيدة رغم انه لم يلقاها من قبل الا ان قلبه انفطر على الطفلة …والزوجة …والزوج الذى بين يدى الله فى انتظار رحمته.

الحلقة 12

تلكأت سعاد ونسمة حتى غادر مصطفى بسيارته …رغم الحاحه توصيلهما فقد اصرت نسمة على الرفض…سألت سعاد بقلق

“ايه اللى حصل؟”

“معندوش دم ولا ذوق”

“ليه قالك ايه؟”

“عمال يلف ويدور عايز يعرف سبب الطلاق… اقوله متفقناش يقولى طيب ليه… لحد ما سألنى سؤال خلانى حسيت ان الدنيا لفت بيا”

“سؤال ايه ده يابنتى؟”

“قالى انتى لسه بنت والطلاق كان بسبب كده؟”

“ايه الغلط فى كده طيب… اى حد هيعرف انك اتطلقتى قبل ما تكملى شهر دى اول حاجة هتيجى على باله”

“برضه ميسألنيش كده…احرجنى جدا وحسيت انه عايز يعرف كل التفاصيل وخلاص…انا اساسا مكنتش عايزة ارتبط دلوقتى … ونوال معاها حق فرق السن يقلق… ده فى ساعة حسسنى انى تلميذة خايبة قدامه”

“يعنى نهيتى معاه”

“اه…كده احسن”

صمتت سعاد وهى تشاور لتاكسى…لا تجد ما تقوله بعد رأى نسمة

 

                       *********************

 

بمجرد ان وصل مصطفى المكتب… دخل ليحيي على الفور… سأله الاخير بلهفة

“ايه …اقول مبروك”

“مبروك ايه انا اتكبست”

“مش فاهم… ايه اللى حصل”

“احرجتنى.. يعنى ممكن تقول هزأتنى بالادب”

رد يحيي غير مصدقا

“مش ممكن… نسمة مهذبة جدا واستحالة تحرج حد”

ثم صمت لحظات وسأل

“هو ايه اللى حصل بالظبط؟”

“كنا كويسين وعمالين نتكلم واحكى لها وتحكى لى وبسألها عن سبب الطلاق السريع ده وبقولها هو طلع مبيعرفش… بس لقيتها قامت وقالت لى فرق السن ومش عايزة ارتبط واتمنى لك التوفيق وشوية كلام من ده”

“بذمتك ده سؤال؟”

“ايه يا يحيي… هو انا بسأل طفلة صغيرة… مش بسأل عروسة هتقدم لها ومن حقى اعرف “

“ايوه طبعا…تعرف… بس اسألنى انا وانا اسأل اختها واجى اقولك… انما منك ليها فى اول مقابلة كده وانتوا اصلا مفيش حوار بينكم قبل كده… دى بنت متربية واكيد مش هتاخد الكلمة ببساطة وهتاخدها على انها وقاحة منك”

“طيب والحل…بصراحة عجبتنى اكتر”

ضحك يحيي

“مش لسه بتقول هزأتك”

“ايوه…علشان كده عجبتنى… يعنى لما سمعت كلمة معجبتهاش قامت وانهت المقابلة بطريقة تحسس اللى قدامها انه صغير ومكسوف وفى نفس الوقت مقالتش كلمة واحدة غلط… وذكائها عجبنى اكتر…كانت بتفهم اللى بقوله ولما ميعجبهاش بتقوم داخلة فى كلام تانى بمنتهى السهولة وبطريقة كأنها مش مقصودة”

“يا سيدى يا سيدى… وايه كمان”

قالها يحيي وهو يستند بخده على يده مبتسما

“بس… عايزك تكلمها تانى او تدينى رقمها اكلمها”

“هكلمها تانى علشان خاطرك… واستأذنها انى اديلك الرقم لو وافقت كان بها… آآه صحيح عبير جت من شوية ومشيت”

“مشيت ليه مش تشوف شغلها بعد الغياب ده كله”

وحكى يحيي لمصطفى ما تمر به عبير فتألم مصطفى لحالها وقدر غيابها.

 

                       *********************

 

انتظرت مديحة مع سمير فى بيته حتى جاءت نسمة… سألاها بكل لهفة عن المقابلة كيف صارت وعن انطباعاتها… حكت بالتفصيل كل ماحدث …حتى انتهت المقابلة

ولكنها استبدلت سؤال مصطفى المباشر بكلمات اخرى اخف وتحمل نفس المعنى

صمت سمير وان كان بدا واجما… اما مديحة فلم يختلف حالها عنه كثيرا… فقالت نسمة

“ايه مالكم… انا غلطت فى حاجة؟”

سمير”خلاص يا نسمة اللى يريحك اعمليه… اذا كنا احنا اهلكم لحد وقتنا هذا منعرفش ايه اللى حصل وخلاكم تتطلقوا بالسرعة دى ومتدوش نفسكم فرصة انكم تكملوا”

نسمة”معقول يا بابا بعد اكتر من سنتين هنعيد نفس الكلام… يا بابا قلنالكم اننا اتسرعنا فى الجواز وحضرتك كان معاك حق لما رفضت وقلت مشاعرنا مش مستقرة وسننا صغير…لقينا نفسنا بنحب بعض زى الاخوات ومعندناش استعداد نكمل”

رن هاتف نسمة…اخرجته من حقيبتها ونظرت للشاشة وقالت

“دى نادية …اكيد عايزة تعرف الاخبار”

ضغطت زر الرد

“الو… ازيك يا نادية وازى فريدة… انتى عرفتى؟!… متمسك بمين هو مفهمش انى رافضاه نهائى… لا يا ستى ولا مقابلة تانية ولا يكلمنى… خلاص انا قفلت منه اصلا… ايوه يا نادية قولوا له الموضوع منتهى… مع السلامة”

تبادل سمير ومديحة النظرات بعدما فهما الحوار… ثم قالت مديحة

“ربنا يعوضك خير يا حبيبتى”

“شكرا يا عمتو… انا مش مستعجلة على الارتباط يا جماعة … انا لسه 22 سنة يعنى لسه صغيرة”

ثم نظرت لسمير وهى تضحك وتقبله وتمثل الجلوس على قدمه

“مش انا لسه صغيرة؟”

سمير ضاحكا”قومى يا نسمة… انا ركبى بتوجعنى”

نسمة متصنعة الضيق بشكل طفولى

“كده برضه يا حاج…وانا اللى بقول محدش مدلعنى غيرك…انا مقموصة”

دخلت غرفتها لتبدل ملابسها

فقال سمير لمديحة

“عايزة تبين انها مش زعلانة علشان مزعلش على زعلها”

مديحة محرجة

“محدش عارف الخير فين…يمكن مكنش هيسعدها”

هز سمير رأسه

“الله اعلم”

 

                          ********************

 

طوال اليوم ومنذ استيقظت نوال وهى تنتظر بلهفة عودة هيثم من عمله… فهو لم يحدد موعد لعودته يهدئ من انتظارها

فتحت الكمبيوتر بعد استيقاظها مباشرة… زكلما ذهبت لعمل اى شئ من اعمال البيت…تعود لغرفة صبرى مرارا لترى هل عاد هيثم أم لا؟

 

انتهت سريعا من ترتيب البيت واعداد طعام سريع لها ولصبرى ثم دخلت جلست امام الكمبيوتر وفتحت لصبرى قناة اطفال واحضرت كل لعبه لتلهيه عنها

طال انتظارها … فكرت ان تتصل به ولكنها خافت من عودة اتصاله فى وقت لاحق بوجود رامى

 

فى العاشرة مساءا… سمعت صوت المفتاح والباب يُغلق… اغلقت الكمبيوتر سريعا وخرجت لملاقاة رامى قبل ان يدخل لها

وجدته يحمل اكياسا اخذتها منه ودخلت المطبخ… فدخل خلفها

“اتغديتوا ايه؟”

“انت متغدتش هناك؟”

“بطمن عليكوا”

“مطبختش النهاردة”

“طيب طلعى اى حاجة من عندك اعمليلنا عشا حلو”

ردت بضيق

“اعمل ايه دلوقتى يعنى”

“اعملى لنا اكل يا نوال… اى حاجة نتعشا بيها علشان متغديتوش كويس”

زفرت نوال وهى تتجه للفريزر

“افف …طيب”

لم تكن تضيق من قبل بوجودها فى المطبخ لاعداد غداء او عشاء او حتى اى صنف من قبيل قتل الفراغ

ولكنها الان لم تعد تطيق الغياب عن شاشة الكمبيوتر

 

اعدت عشاءا سريعا وحضرته

نادت على رامى وصبرى وجلسوا جميعا

سألها رامى عن يومها وعن صبرى وشقاوته كانت اجاباتها مقتضبة

بعد الانتهاء من العشاء… جلسوا جميعا فى غرفة صبرى لمشاهدة التليفزيون.. كانت تتعجل نومه

نام صبرى عند منتصف الليل…بعدها بقليل نهض رامى

“هقوم انام…مش هتنامى؟”

“لأ انا قاعدة شوية”

“طيب تعالى عايز اتكلم معاكى”

ردت بقلق “عايز ايه؟”

شعر بجفائها… فجلس مرة اخرى بجوارها

“انا عارف انك زعلتى منى علشان سبتك امبارح… بس مكنش ينفع اسيب امى تعبانة لوحدها”

قاطعته”انا مزعلتش… وقلت لك لو عايز تبات معاها النهاردة كمان كنت بات”

“يا نوال انا غلبت معاكى…انا عملت اللى يرضيكى وبعدت بيكى عن امى وكان صعب عليا انى ابعد عنها فى ظروفها دى بعد ما بقت لوحدها… بس قلت علشان نعيش كويسين…انتى رافضة خالص انك تزوريها بس حتى زوريها فى مرضها واعتبريه ثواب زيارة مريض… انا مش عايز يبقى بيننا مشاكل زى ما كانت… انا بحبك ومش عايز ازعلك ولا ازعل امى”

ترددت الكلمة فى اذنها فرددتها

“بتحبنى!!”

“طبعا… مش مراتى ام ابنى… ولو مش بحبك كنت هعمل اللى يرضيكى ليه…انما انتى مش عايزة تعملى الحاجة الوحيدة اللى ترضينى…تزورى امى”

ردت نوال بعصبية

“انت بتقولى كده علشان اروح لها… متحاولش يا رامى… مش رايحة”

نهض رامى

“خلاص …انتى حرة… تصبحى على خير”

بعد خروجه من الغرفة… انتظرت نوال قليلا ثم اغلقت الباب بالمفتاح وفتحت الكمبيوتر بلهفة …شعرت بالسعادة عندما رأت رسالة من هيثم وبها لينك الاكونت الجديد ويخبرها انه فى انتظارها.

 

                       *********************

 

ذهب سمير مع مديحة لاستقبال بلال… كانت مديحة تتلهف شوقا لملاقاة وحيدها…ومرت دقائق الانتظار طويلة

حتى وصل بلال… ارتمى بين ذراعيها بكل شوق … وبنفس اللهفة احتضن خاله وهو يسأل ويطمن على اخبار نادية ونوال ونسمة

 

فى طريق العودة… تذكر بلال انه لم يفتح هاتفه بعد

وضع الخط… وفتح الهاتف …وبمجرد تشغيله رن الهاتف فى يده.. فرد بلهفة

“الو… ازيك يا ليلى”

“بلال انت وصلت؟”

“اه الحمدلله”

“حرام عليك انا قلقت اوى وكل شوية بتصل بيك”

“معلش المطار كان زحمة والاجراءات خدت وقت”

“وحشتنى اوى”

رد هامسا

“وانتى… عاملة ايه؟”

“انا كويسة الحمدلله.. كان نفسى اجيلك المطار بس اخواتى محدش منهم فاضى يجيبنى”

“ولا يهمك… هجيلك ان شاءالله”

“امتى؟”

صمت قليلا”بكرة”

“طيب ما كنت تيجى عليا وبعدين تروح… اصل انت وحشتنى اوى”

“معلش… بكرة ان شاءالله هجيلك ونقضى اليوم مع بعض”

“ماشى يا حبيبى …هستناك”

“هكلمك تانى لما اروح”

“هستناك… مع السلامة”

أغلق بلال الهاتف وقلبه يخفق من شدة الحب والاشتياق للقاء ليلى… تمنى ان يبثها كل اشواقه فى الهاتف حتى يلقاها ولكنه لم يستطع الحديث بحرية فى وجود سمير ومديحة وسائق السيارة

 

                     ********************

 

جلست نسمة تتابع عملها المعتاد… سمعت صوت اصوات كثيرة فى الخارج… نهضت من مكانها لتستطلع عما يحدث

وجدت ان زملائها يرحبون بالدكتور حسين ويهنئونه بعودته سالما

كانت السعادة ترتسم على وجوههم جميعا…فكل من يعمل معه يحبه

 

ذهبت نسمة هى الاخرى تستقبله فقابلها بترحاب

“نسمة…عاملة ايه؟”

“الحمدلله يا دكتور…حمدالله على سلامتك”

“الله يسلمك… ايه اخبار النتيجة”

“لسه يا دكتور”

“ان شاءالله زى السنين اللى فاتت”

“يارب”

تبادل الدعابات مع اغلب الموجودين… من اقدمهم حتى احدثهم نسمة… ثم قال

“يالا…كله يرجع يشوف شغله… مدام مارى كانت مبسوطة منكم اوى الفترة اللى فاتت…شكرا يا ولاد”

ردوا جميعا على كلماته المشجعة بسعادة …وذهب لمكتبه وذهب كل منهم لمتابعة عمله

 

بعد حوالى ساعة… استدعى دكتور حشاد نسمة فى مكتبه

دخلت وقفت امامه

“حضرتك عايزنى”

“اه… اتفضلى اقعدى يا نسمة”

جلست… منتظرة معرفة سبب استدعائها وحدها

“قوليلى ايه اخبارك عاملة ايه فى حياتك؟”

تعجبت من سؤاله ولكنها اجابت باختصار

“الحمدلله… مبسوطة فى الشغل وبشكر حضرتك جدا على الفرصة اللى اديتهالى”

“وناوية تكملى معانا ولا ايه خططك الجاية”

شعرت بشئ ما… شئ لا تتمناه فأجابت

“شرف ليا انى افضل مع حضرتك”

ابتسم بعد اجابتها وسألها

“اخبار بابا ايه؟”

“الحمدلله بخير”

“طيب ممكن تقوليله يبقى يشرفنى … عايز اتكلم معاه فى موضوع يخصك”

———–———-———————-————

ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة

 الى اللقاء في الحلقات القادمة

بقلم الكاتبة: دينا عماد

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى