ترفيهمسلسل أبغض الحلال

مسلسل أبغض الحلال (ج2)الحلقة الثالثة والرابعة والعشرون

الحلقة 23

اما نسمة…فقد ازدادت قربا من ابراهيم وقويت صداقتهما

تبقى شهر على انتهاء الكورس والعودة لمصر

وفى احد ايام الاجازات… كانا يجلسان متقابلين يستذكران كعادتهما

فجأة …نظر لها ابراهيم وعيناها فى الكتاب…وقال

“انا بحبك”

سمعت نسمة كلمته وتوقفت عن القراءة … قبل ان ترفع عينيها من الكتاب …اكمل

“بحبك اوى يا نسمة”

ارتفعت عينا نسمة لتقابل عينيه التى امتلأت حبا…فقالت

“متخلطش الصداقة بالحب يا ابراهيم… انت علشان متعرفش غيرى هنا بيتهيألك”

“انا مش مراهق علشان اخلط… انا بحبك وعايز اكمل حياتى معاكى”

شعرت بقلبها يخفق بشدة… تريد ان تخبره انها تريد ان تكمل حياتها معه… كان يقلقها من قبل انها لن تراه ثانية عندما تعود لمصر… كانت تبرر تعلقها به انها مجرد مشاعر صداقة لصديق وحيد تقضى معه اغلب ساعات يومها

اقنعت نفسها ان مشاعرها تجاهه تعود فقط… أما الان وهو يصارحها بحبه… شعرت انها تريد ان تعترف هى الاخرى بحبها له

سألها بقلق” ايه يا نسمة؟ مالك؟؟ انا عايز اتجوزك”

ردت بنبرة هادئة”فيه حاجة لازم تعرفها الاول”

“حاجة ايه؟”

“انا مطلقة”

ردد باندهاش”مطلقة!!”

اجابت بثبات وقلبها يتمزق

“ايوه… اتجوزت واتطلقت من 3 سنين”

سألها ابراهيم بتردد

“شرعى؟”

ردت بتحفز”ايوه طبعا… اتجوزت بلال ابن عمتى وبعد فترة قليلة اتطلقنا… وعلى فكرة علاقتنا حاليا كويسة وعادية”

“وليه مقلتليش قبل كده”

“لان علاقتنا مكنتش تفرض عليا انى اقول حاجة زى دى…انما دلوقتى الوضع مختلف”

رد مبتسما”افهم من كده ان علاقتنا بقى ليها شكل تانى”

أُحرجت… فابعدت عينيها عنه وهى تجيبه

“ده متوقف على رد فعلك بعد ما عرفت”

“وانتى معتقدة ان كونك اتجوزتى قبل كده ده يغير حبى ليكى؟”

“انا عارفة ان فيه شباب كتير مبيحبش يتجوز مطلقة”

“انا سألتك عن اللى يهمنى…اتجوزتى على سنة الله ورسوله ومحصلش نصيب دى حاجة متعبكيش ابدا…وانا مش هحرم اللى ربنا حلله”

“ومش عايز تعرف تفاصيل؟”

“لأ… معرفتى مش هتغير حاجة…انا عرفتك وحبيتك وخلاص”

فرحت نسمة بكلامه… وانعكست فرحتها على وجهها

“ايه…مش عايزة تقوليلى حاجة تانية؟”

ردت بتلقائية”اهم حاجة قلتهالك…لو عايز تعرف حاجة تانية قول؟”

“بتحبينى؟”

احمرت وجنتاها خجلا… واجابت

“تفتكر يعنى هقولك ادق خصوصياتى ليه”

“طيب انا كمان عايز اقولك حاجة”

“ايه؟”

“مش لازم اهلى يعرفوا بحكاية الطلاق دى… اهلى ليهم افكارهم وانا مش عايز اى سبب لرفضهم”

“يعنى نكدب عليهم؟”

“احنا هنخبى… دى حاجة تخصنى انا وانتى وبس وانا عارف وراضى يبقى مش من حق حد يعرف… معرفتهم مش هتفيدنا بحاجة بالعكس هتجر علينا مشاكل احنا ف غنى عنها”

صمتت قليلا تفكر… مترددة… خائفة

فكرر كلامه”ساكتة ليه؟ معرفتهم تهمك فى ايه؟”

“ولا حاجة”

“خلاص… اتفقنا… انا مش هستنى لما ننزل مصر وهتكلم مع ماما وبابا واحكي لهم عنك”

            

                     ******************

 

دخلت عبير مكتب يحيي… وضعت ملف امامه ثم جلست

“خد القضية دى يا يحيي”

نظر يحيي نظرة عابرة لعنوان القضية… ثم فتح الملف وفر وريقاته سريعا ثم سأل

“حاجة واقفة معاكى؟”

“لأ… بس مش عايزة اشتغل فيها وقلت لمصطفى قالى انت كسبت قضية زيها قبل كده”

“ماشى سيبيها… اتصلى بموكلك يعملى توكيل”

“هديلك تليفونه وكلمه انت…بس متقولش ان انا اللى قلتلك تاخد القضية وهقول انها تخصصك”

“ليه كل ده؟”

تلعثمت قليلا ثم اجابت

“ده صاحب جوزى الله يرحمه… ومش عايزة اشتغل له القضية علشان …”

وبدا انها تبحث عن سبب مقنع…فقاطعها يحيي

“من غير مبررات …خلاص هاخدها”

ردت وكأنما قررت فجأة ان تصارحه

“مش عايزة يبقى بينى وبينه شغل يتحجج بيه علشان يكلمنى كل شوية… ملاحقنى بمكالماته وتلميحاته وانا كل شوية اصدُه فقلت اقطع عليه كل ده واقفل الباب خالص”

“تلميحاته لإيه؟”

“تلميحات للجواز يا يحيي”

عاد يحيي للخلف وهو يهز رأسه بعدما اخبرته مالم يتوقعه

توقع ان تحكى اكثر ولكنها صمتت… فسألها

“وانتى؟ رأيك ايه؟”

“لو كنت بفكر مكنتش صديته خالص”

“وليه متفكريش يا عبير… انتى صغيرة ووحيدة واكيد محتاجة زوج جنبك”

“لو هنتكلم عليه خاصة هقولك انه متجوز وانا مش هاخد واحد من مراته مهما كانت الظروف… انما عامة انا لغيت فكرة الجواز دى خالص من حياتى… هعيش لبنتى ومش هجيبلها حد يشاركها فيا ولا فى ميراث ابوها … انا لسه بحبه وتفكيرى فى الجواز حاساه خيانة”

“كنتى بتحبيه للدرجة دى؟”

“ناس كتير كانت فاكرة انى مستمرة معاه علشان فلوسه… لو على الفلوس كنت ممكن من بعد اول كام شهر اكتفى بالمؤخر الكبير والشقة اللى كتبهالى وكنت اتطلقت…انما انا حبيته ومحستش ابدا بفرق السن الكبير بيننا”

“انا اسف يا عبير… انا كنت من الناس اللى شايفاكى اتجوزته علشان الفلوس”

“انا قلتلك قبل كده…يمكن فى الاول وافقت علشان مستواه العالى وفلوسه ..يعنى طمعت بمعنى اصح بس بعد كده كل حاجة اتغيرت”

“سبحان الله دايما الجواز على طمع وبفرق سن كبير بيفشل”

“لكل قاعدة شواذ… وفعلا مبتحصلش كتير بس اهى حصلت معايا”

دخلت السكرتيرة تخبر عبير بوجود موكلة تريد مقابلتها

“طيب ابعتيهالى ع المكتب… خلاص يا يحيي هتقوم انت بالقضية دى”

“خلاص… ابعتيلى بس رقم تليفونه وانا هتصرف”

 

                       *******************

 

خلال الاسبوع التالى..اتصل ابراهيم بوالديه واخبرهما عن نسمة

وبعد انتهاء اليوم الدراسى… واثناء تناولهما العشاء

“بعد ما نخلص…هتصل بمصر…ماما عايزة تكلمك”

شعرت نسمة بالحرج…فسألته

“ليه؟”

“عايزة تتعرف عليكى بعد ما حكيتلهم عنك”

“انت قلتلهم ايه احكيلى”

“قلتلهم ليا واحدة زميلتى عايز اخطبها…طبعا اتخضوا افتكروكى اجنبية وانا بقى مش هرجع وافضل هنا بس قلتلهم مصرية وشبهنا وطبعها من طبعنا وعايز اخطبها اول ما نرجع واهم حاجة انى حبيتها ..بابا قالى بدل متأكد من اخلاقها وزميلتك يبقى ع البركة وماما باركت طبعا وقالت عايزة تكلمك تتعرف عليكى”

ردت وهى تبتسم فرحة وخجلا

“هتتصل بيها دلوقتى ولا بكرة؟”

“بكرة ايه… دلوقتى على طول”

 

اتصل ابراهيم بوالدته بكل حماس

“الو… ازيك يا ماما…بقولك ايه…العروسة معايا اهى… معاكى”

تناولت نسمة الهاتف وانفاسها تتلاحق …لا تعرف ماذا ستقول او فيم تتحدث

“الو… ازى حضرتك… الحمدلله… كويسين وبنذاكر طبعا… هنخلص 30 مارس ونشوف اقرب حجز ان شاءالله…لأ لسه مقلتش… تنوروا طبعا ان شاءالله…حاضر… مع حضرتك”

اعطته الهاتف بسرعة وكأنها تريد التخلص من الموقف سريعا

شربت القليل من الماء… وعندما انتهى من مكالمته…نظر لها ضاحكا “ايه يا بنتى مالك… مكسوفة كده ليه”

“مش عارفة يا ابراهيم… اهو مكسوفة ومتلخبطة”

“بس الحاجة شكلها حبيتك زى ابنها”

“قالتلك ايه؟”

“قوليلى الاول قالتلك ايه؟”

“سلامات وتوصيات ع المذاكرة وهتيجوا امتى وبعدين قالت هنجيلكم البيت وقولتى لاهلك ولا لسه كده يعنى”

“اه صحيح..هتكلمى باباكى امتى؟”

“لما اروح”

“ليه مش دلوقتى؟”

“عايزة اتكلم معاه براحتى”

“ماشى… بس لما تكلميه عرفيه انى هكلمه اطلبك منه مبدئيا علشان يطمن وميبقاش قلقان عليكى”

ردت وهى تنظر له بحب واحترام”حاضر”

 

                       ********************

 

جلس سمير مع مديحة لتناول الغداء… كانت السعادة واضحة على وجهه وفى صوته

“مديحة… عايز اقولك خبر هيفرحك”

“خير يارب”

“نسمة كلمتنى امبارح بالليل وقالتلى ان فيه واحد زميلها عايز يتقدملها لما يرجعوا… قعدت تشكر فيه كتير ومن كلامها حسيت انها فرحانة وعايزاه”

“يا الف بركة… يارب يطلع ابن حلال ويهنيها”

“النهاردة كلمنى …الولد باين عليه ذوق وابن ناس وحكى لى عن اهله وعن ظروفه… ابوه عنده مصنع فى المحلة وليه 4 اخوات كلهم متجوزين ومفضلش غيره… قال اول ما يرجعوا هييجوا يخطبوها”

“ربنا يتمم بخير يارب… هى جاية امتى؟”

“اول كام يوم من شهر 4…بس لسه متعرفش يوم ايه؟”

“تيجى بالسلامة يارب”

 

                     *******************

 

قبل نزول نادية فى المساء احد الدروس… واثناء تواجد يحيي بالحمام… ذهبت على اطراف اصابعها لغرفة النوم

اخذت هاتف يحيي… وظلت تفتش فى الارقام الصادرة والواردة … وجدت ارقام كثيرة غير مسجلة بأسماء ووجدت اسم عبير متكرر على مرات متباعدة… فتحت الرسائل وجدت اغلبها دعاية واعلانات … فتحت الرسائل المرسلة لم تجد اى رسالة

 

كانت منهمكة فى البحث… ولم تسمع يحيي وهو يقترب من الغرفة

وجدها تمسك هاتفه…فسألها

“بتعملى ايه؟”

ارتبكت … تلعثمت… تركت الهاتف وهى تتجه للخارج

“مفيش… انا نازلة”

صرخ فيها …صرخة اوقفتها على الباب

“استنى هنا”

التفتت “نعم؟”

“كنتى بتعملى ايه فى تليفونى يا نادية”

“قلتلك مفيش… وبعدين خايف كده ليه انى امسك تليفونك”

“خايف!! يعنى بتفتشى فى تليفونى فعلا”

“والله اللى مبيعملش حاجة غلط مبيخافش”

“لالالا انتى اتجننتى… هى وصلت للدرجة دى؟”

صمتت ولم ترد…خرجت من الغرفة… اخذت فريدة التى كانت تجلس امام التليفزيون… ويحيي خلفها

“قلتلك قبل كده…غيرتك وعديتها انما شك مش هسمح لك بيه يا نادية”

لم ترد… اغلقت التليفزيون واخذت حقيبتها وفريدة وخرجت

 

                     ********************

 

قبل عودة نسمة بأسبوع… قامت مديحة بتنظيف وترتيب شقة سمير … وعند عودة سمير من العمل وكانت قاربت على الانتهاء

“ليه تعبتى نفسك كده يا مديحة بس… كنا جبنا حد ينضف”

“ونجيب ليه بس… البيت نضيف ومتعبنيش ولا حاجة… غير هدومك وهحضر الغدا”

 

بعد تناولها الغداء… واثناء وقوف مديحة بالمطبخ

تساقطت بعض قطرات الماء عليها من السقف…فنادت على سمير

“سمير تعالى شوف المطبخ”

جاء سمير… ونظر للسقف

“انتى عندك حاجة فوق بايظة؟”

“مش عارفة… لازم سباك ييجى يشوف قبل البيت ما يتبهدل”

وقف سمير يفكر قليلا…ثم قال

“اعرف سباك كويس جبته قبل كده…بس تليفونه ضاع منى ومعرفش غير مكان المحل”

“روح جيبه يا سمير”

“طيب…هصلى المغرب وانزل”

 

                         *******************

 

توقفت نوال بالتاكسى عندما رأت هيثم يمشى فى اتجاه مكان لقائهما

نادت عليه… صافحها ولم يترك يدها… ومشيا فى الشارع الهادئ الذى يقع الكافيه فى آخره

 

كانا يمشيان واياديهما متشابكة… ونظرات الحب والهمس بينهما

 

فى نفس الوقت الذى يمشى فيه سمير فى نفس الشارع من الجانب الاخر باحثا على الجانبين عن محل السباك

 

توقف سمير فجأة… كاد قلبه ان يتوقف مع توقف قدميه

“نواااااال!!!!”

انتفضت نوال مع سماعها صوت سمير وتركت يد هيثم بسرعة وعينيها جاحظة من المفاجئة والدهشة والرعب والفزع

وصوتها يختنق فى حلقها…فخرج محشرجا

“بابا!!!”            

الحلقة 24

توقفت نوال بالتاكسى عندما رأت هيثم يمشى فى اتجاه مكان لقائهما

نادت عليه… صافحها ولم يترك يدها… ومشيا فى الشارع الهادئ الذى يقع الكافيه فى آخره

 

كانا يمشيان واياديهما متشابكة… ونظرات الحب والهمس بينهما

 

فى نفس الوقت الذى يمشى فيه سمير فى نفس الشارع من الجانب الاخر باحثا على الجانبين عن محل السباك

 

توقف سمير فجأة… كاد قلبه ان يتوقف مع توقف قدميه

“نواااااال!!!!”

انتفضت نوال مع سماعها صوت سمير وتركت يد هيثم بسرعة وعينيها جاحظة من المفاجئة والدهشة والرعب والفزع

وصوتها يختنق فى حلقها…فخرج محشرجا

“بابا!!!”  

وقف هيثم غير قادر على النطق ولا التبرير ولا الهروب

 

حاول سمير ان يسأل نوال لعله يجد مبررا غير الحقيقة…لكنه لم يسأل فالموقف واضح ولا يحتاج لتفسير

اما نوال…فحاولت ان تبرر فلم تجد سوى كلمة

“بابا… انا… اصل… بابا… “

كلمات مكررة غير مفهومة….وصمت تام من هيثم

الموقف كله لم يتجاوز لحظات قليلة…حسمها سمير وهو ينظر لهيثم باحتقار ويأمر نوال

“تعالى معايا”

مشى سمير… وخلفه نوال تجر اذيال خيبتها…لم تلتفت لهيثم الذى سار عكس الاتجاه

 

وجد سمير محل السباك… تكلم معه وكأن شيئا لم يكن

 

اوقف تاكسى… ركب بجوار نوال فى الخلف والسباك بجوار السائق

 

وصل سمير منزله… تلكأ خطوات…همس فى اذن نوال قبل ان يرن جرس الباب

“مفيش كلمة تتقال قدام عمتك”

“بابا… انا”

“مسمعش صوتك خالص دلوقتى… هتقولى انك جاية زيارة عادى واتقابلنا صدفة”

                        ******************

 

بعد انصراف السباك …وبعده مديحة

كانت نوال جالسة مكانها لم تتحرك ولم تتكلم

وقف سمير قدامها

“رامى وصبرى فين؟”

ردت بفزع

“رامى؟؟؟ ليه؟؟”

“جاوبينى”

“عند مامته”

“اتصلى بيه قوليله انى تعبان وانتى هتباتى معايا النهاردة… خليه يبات هو وصبرى عند مامته…خلصى وهاتى تليفونك”

نفذت الأمر… واعطت الهاتف لسمير

أخذ الهاتف منها…أغلقه…واغلق باب الشقة بالمفتاح ودخل غرفته اغلقها عليه دون ان يتحدث معها

 

ظلت جالسة تفكر …كيف ستبرر فعلتها… كيف ستواجه رامى ان اخبره سمير بما حدث… هل سيتحمل سمير ماحدث… لماذا لم يواجهها…يشتمها…يضربها…لماذا لم يبدِ اى رد فعل؟

 

دخلت غرفة نومها السابقة… بدلت ملابسها وجلست تفكر

لم تنم طيلة الليل…تفكر لماذا يتعامل معها سمير بهذه الطريقة التى تحطم اعصابها…فوقوع البلاء افضل من انتظاره

وها هى تنتظر المجهول

 

اما سمير فظل يفكر طوال الليل ..كيف سيعالج الامر… كيف سيعالج ماحدث… غصة كبيرة شعر بها… قهر لا يتحمله.

 

نهضت نوال فى موعد استيقاظ سمير الذى لم يتغير لسنوات

أعدت الافطار لعلها تستدر عطفه..ولكن مازالت غرفته مغلقة

انتظرت وانتظرت… ولم يخرج

قلقت…وقفت على باب الغرفة… طرقته بهدوء

“بابا… هتتأخر على الشغل”

لم تتلق رد… فكررت بصوت أعلى

“بابا… يابابا”

لم يرد…قلقت… خافت… طرقت طرقات عنيفة وهى تصرخ وتحاول ان تفتح الباب المغلق من الداخل

 

“بابااااااا… بابااااا”

 

                           ******************

 

انتهت نادية من ارتداء ملابسها بعد ما انتهت من تلبيس فريدة

كان يحيي مازال نائما ولم يشعر بهما

مشت على اطراف اصابعها… اخذت الهاتف من جانبه وخرجت من الغرفة

بدأت تفتيش الهاتف…ولكنها وجدته مغلق بباسوورد

كادت ان تنفجر غيظا… ولكنها كظمت غيظها رغما عنها بسبب تأخرها عن المدرسة…فأعادت الهاتف مرة اخرى لمكانه دون ان يشعر يحيي… واخذت فريدة وخرجت.

 

                       ********************

 

انفتح باب غرفة سمير فجأة… فالتقطت نوال انفاسها

سألها”افتكرتينى مُت من عملتك”

“معملتش حاجة يا بابا… صدقنى معملتش حاجة”

خرج ليجلس فى الانتريه… جلست على الارض امامه وهو يشيح بوجهه عنها

“واللى شفته ده ايه؟؟ مش هتكدبى عنيا… انا اللى ضيعت عمرى فى تربيتكم تبقى دى اخرتها…بنتى تبقى خاينة”

“مخنتش… والله ما خنت رامى… رامى هو السبب”

كانت تبكى…. ولم يتأثر سمير…قال

“الخيانة مش سرير… الخيانة من مجرد تفكيرك فى راجل تانى غير جوزك… انتى ماشية ماسكة فى ايده ولا كأنك مراته “

قالها سمير بصوت مختنق… فسالت الدموع من عينه رغما عنه

قبلت نوال يديه

“انا وحشة… انا غلطانة…بس الوحدة وحشة اوى يابابا… انت مش متخيل الست لما يكون جوزها مش حاسس بيها بتتقهر ازاى”

“هاجرك يعنى؟؟؟ مبيقربلكيش… تقدرى تطلبى الطلاق ومحدش هيلومك”

“لأ…بيقرب وقت ما بيعوز… انما انا مش لاقياه جنبى…مش حاسة بيه معايا… اخد ابنى منى وسايبنى لوحدى”

“والبيه اللى كنتى معاه ده بقى عرفتيه ازاى”

“ده هيثم زميلى فى الكلية وده اللى كان جاى يتقدملى قبل رامى… بس اهله رفضونى وبعدها لما رامى اتقدملى وافقت على طول وسكتت ورضيت بكل اللى كانوا بيعملوه فيا علشان كنت مجروحة… عشت ورضيت وسكتت لحد ما اتقابلنا تانى من اقل من سنة …غصب عنى من اهمال رامى رجعت افكر فيه تانى”

وبكل هدوء… اجاب

“يعنى مش عايزة رامى”

صمتت…لم تعرف بم تجيب

فكرر بنبرة حادة”عايزة جوزك ولا التانى؟”

لم تجب… فنهض وهو يحدثها دون ان ينظر لها

“عارفة لو كان رامى اللى شافك كان حصل ايه؟؟ كان اقل حاجة عملها انه فضحك وطلقك واخد ابنك منك… يمكن ربنا خلانى انا اللى اشوفك علشان يسترنى انا مش انتى… انا معملتش حاجة وحشة فى حياتى علشان الاقى بنتى خاينة… انا هعملك اللى انتى عايزاه واختارتيه… هطلقك من رامى واجوزك اللى انتى عايزاه… لما اتكلم مع رامى ابقى خلى التانى يتكلم معايا نتفق هنعمل ايه؟”

“هتقول ايه لرامى؟”

“اكيد مش هفضحك… واخواتك مش هيعرفوا حاجة”

نهض سمير واتجه لباب البيت

“مش هتفطر قبل ما تنزل؟”

“لأ… ومفيش نزول من البيت وتليفونك هيفضل معايا…لو عايزة تطمنى على ابنك ابقى كلميه من الارضى”

 

                       *******************

 

اثناء تناول الغداء… تنظر نادية ليحيي نظرات مختلطة بين الغيظ والشك… تهدئ من نبرتها وتسأله

“اخبار شغلك ايه؟”

“الحمدلله”

“احكيلى شوية يعنى”

“هجكيلك ايه بس… كلها قضايا ووجع دماغ”

“هو انتو فى المكتب بتشتغلوا القضية الواحدة مع بعض ولا كل واحد ليه قضاياه”

“كل واحد له القضايا بتاعته”

“وعبير؟”

“مالها؟”

“اخبارها ايه؟”

“من ناحية ايه؟”

“اى حاجة …بسأل عادى”

“كويسة”

وجدت نادية ان ردود يحيي مختصرة… لم تتلق رد يخص عبير يريحها من شكها…فتصنعت الهدوء وقالت

“اه صحيح… الصبح كنت عايزة اعمل مكالمة من عندك بس لقيتك قافل التليفون بباسوورد…ليه؟”

“وتليفونك ماله؟”

وتبدلت لهجتها”انا اللى بسألك يا يحيي…عملت باسوورد ليه”

“علشان متفتشيش فيه من ورايا”

“يا سلااااام… وبتعترف كده عادى”

ضحك يحيي بسخرية

“اعترف !!… ليه عامل عَملة؟”  

“ايوه… لو مش خايف مكنتش خفت وعملت باسوورد للتليفون”

“انا عايز افهم…ايه التقليعة الجديدة دى … احنا مع بعض بقالنا اكتر من 4 سنين…ايه اللى جَد علشان تبقى كده؟”

“اسأل نفسك”

“لأ…انا بسألك انتى”

“شوف انت بتعمل ايه يخلينى مش مطمنة”

“مبعملش جديد… عبير وغيرها وغيرها بتعامل معاهم كل يوم من قبل ما اعرفك ولحد اخر يوم فى عمرى”

نهض يحيي بعد ان انتهى من طعامه… ومر بجوار نادية وهمس

“خليكى واثقة ف نفسك اكتر من كده”

تركها … نهضت خلفه وهى تصرخ

“انت بقيت مستفز اوى يا يحيي… مستفزززززز”

لم يلتفت لصراخها… دخل الحمام يغسل يديه…ثم خرج جلس امام التليفزيون متجاهلا غليان نادية

 

                         ******************

 

فى المساء.. اتى رامى لمقابلة سمير كما طلب الاخير

جلست معه نوال وهى لا تعلم كيف تتعامل معه… ولكن ما كان يهمها هو صبرى…فقد اخذته فى حضنها فور وصوله ولم تتركه

 

بعد اقل من خمس دقائق من وصول رامى

سمير”نوال…قومى انتى وانا عايز اتكلم مع رامى”

رامى”طيب ألبسى بالمرة”

دخلت نوال دون ان تتكلم…واخذت معها صبرى

بعد ان اطمأن سمير ان نوال لا تسمعه…بدأ كلامه مع رامى

“بص يا رامى.. انا مش عارف ابدأ كلامى معاك منين”

“خير؟”

“دلوقتى من ساعة ما رجعت انت ونوال وانت بتسيبها اكتر ما بتقعد معاها”

“مقدرش اسيب امى .. واللى انتوا قلتوا عليه انا عملته… جبتلها شقة ومشينا…مقاطعة امى كل ده ومغصبتهاش”

“ماشى يارامى انا معاك فى كل ده ومش مغلطك”

“اومال فى ايه؟”

“نوال اعصابها تعبانة شوية… خليها عندى …تفكروا انتوا الاتنين… يا تقرر ترجع يا تنفصلوا بالمعروف”

رد رامى بعصبية

“هى بتعمل كده علشان مروحش لامى”

“لأ يا رامى… هى تعبانة من قعدتها لوحدها…وبعدين انت بتقول مامتك متقدرش تسيبها وراضى لنوال انها تفضل لوحدها على طول”

“لوحدها فين… ما انا كل يوم ببات فى البيت…انتوا مكبرين الحكاية كده ليه”

“معلش يا رامى… تعالى على نفسك شوية واستحمل الفترة دى… وبعدين بدل ما تدخل فى حالة نفسية تأذى نفسها ولا تأذيك…خليها اعصابها تهدا”

قال سمير كلماته الاخيرة…قاصدا ان يضغط على رامى ان يترك نوال… بدا ان رامى بدأ الرضوخ…فأكمل سمير

“وطبعا صبرى معانا هنا ومعاك عند مامتك مفيش حاجة هتتغير…اى وقت عايزُه يكون جاهز…يقعد معاك يوم ولا اتنين مفيش مشكلة”

رد رامى باستسلام

“حاضر… بس انا برضه مش عارف ايه اللى حصل فجأة كده”

“مش فجأة يا رامى… دى تراكمات… وياريت بلاش تتكلم معاها فى حاجة…سيبها لحد ما تهدا”

“ماشى… اللى تشوفه… ربنا يهديها”

“يارب يا ابنى”

 

انتهت المقابلة… تعمد سمير الا يطلب من رامى الطلاق مباشرة على أمل ان تتراجع نوال عن قرارها الايام التالية

 

                       ********************

 

بعد انتهاء اخر يوم امتحانات لنسمة… ذهبت مع ابراهيم لحجز تذاكر العودة

بعد مراجعة المواعيد

“بصى بقى…فيه حجز بعد بكرة وحجز تانى بعد 4 ايام”

“نحجز بعد بكرة”

“لا… خليها بعد 4 ايام”

“ليه؟”

“نقضى الايام اللى فاضلة فى باريس نتفسح شوية”

“نتفسح ايه بس يا ابراهيم…اللى معايا يدوب اجيب هدايا لبابا وماما واخواتى وولادهم”

“يا ستى متشيليش هم المصاريف”

“لا معلش… ال4 ايام دول فى اى اوتيل هيبقى كتير عليا”

“خلاص… متكلفيش نفسك وننزل فى نفس الاوضة”

وبحدة”انت بتقول ايه؟… اتجننت”

ضحك ابراهيم”بهزر والله…متبرقيش كده طيب”

“نحجز بعد بكرة”

“لا بعد 4 ايام.. وانا اعرف اماكن معقولة ولو احتجتى اسلفك هبقى اسلفك ومتبقيش ترديهم…وبعدين تعالى هنا… مش لسه على ما ندور على فستان الفرح”

خفق قلبها على ذكر كلمة فستان الفرح

“بلاش مقاطعة يا ابراهيم الله يخليك”

“مقاطعة ايه… نبقى فى فرنسا ومنجيبش فستان الفرح …نبقى هبل رسمى”

شعرت نسمة بالسعادة تملأ قلبها… وقالت

“احجز كمان 4 ايام… من اولها كده هتمشى كلامك”

“طبعا… انا سى السيد اوى”

نظرت له نسمة بقلق…فاستدرك

“مش اوى يعنى… استنينى هنا لحد ما احجز”

حجز ابراهيم تذاكر الطيران… بينما انتظرته نسمة

“احنا نرجع نحضر شنطنا وننزل باريس النهاردة”

“لا يا ابراهيم…انت نسيت… دكتور حشاد عازمنا النهاردة على العشا”

“اه صحيح… طيب… نحضر الشنط والصبح بدرى نروح باريس”

 

                           *******************

 

فى الايام السابقة… تحسنت نفسية نوال كثيرا بعدما علمت انها ستطلق من رامى وتتزوج من هيثم

مازالت معاملة سمير لها جافة حينما يكونا وحدهما…أما امام عمتها ونادية وسعاد… فوجودها بسبب ضيقها من وحدتها وتفكيرها فى الطلاق كما اتفق معها سمير…حتى لا تطلب الطلاق فجأة

 

استطاعت اخيرا ان تحصل على هاتفها… واثناء وجود سمير فى عمله…اتصلت بهيثم…الذى رد بلهفة

“نوال…طمنينى عليكى …ايه اللى حصل”

“الحمدلله يا هيثم..اطمن… كويس ان بابا شافنا”

“ليه… حصل ايه؟”

“بابا اقتنع بكلامى وهيطلقنى من رامى علشان نتجوز”

“نتجوز!!”

“ايوه… مش انت بتحبنى وانا بحبك… انا هتطلق وانت سيب خطيبتك ونتجوز”

“بس…”

“بس ايه؟ انت مش بتحبنى؟”

“بحبك طبعا… بس مينفعش فجأة كده اسيب خطيبتى واحنا قربنا نتجوز”

“تتجوز؟؟!! مقلتليش يعنى قبل كده”

“مكنتش عايز اضايقك… انا بحبك انتى وحبنا مش هيتغير ولا يتأثر بحاجة… بس مقدرش فجأة اسيب خطيبتى ونتجوز…كده هبقى بخسر اهلى وانا مش هقدر اخسرهم يا نوال”

تساقطت الدموع من عينى نوال وهى تغلق الهاتف تماما

———–———-———————-————

ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة

 الى اللقاء في الحلقات القادمة

بقلم الكاتبة: دينا عماد

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى