ترفيهمسلسل غريبه في عالمك

مسلسل غريبه في عالمك الحلقة السابعة والثامنة

الحلقة السابعة

*وما زالت القلوب تنزف*
: بقا كدة يا مريم؟ وهو احنا مش اخواتك ولا ايه؟ ولا كنا مش هنفرحلك يعني؟!
كان هذا الصوت اللائم هو صوت هالة الذي بدا عليها الضيق الشديد فقالت لها مريم معتذرة وهما تجلسان حول طاولة مع باقي صديقاتهما: معلش والله كان غصب عني, وكمان احنا عملنا الموضوع دة ع الضيق. ويا ستي حقك عليا المرادي بس ان شاء الله في الفرح اكيد لازم تكونوا موجودين وهوة انا يعني ليا مين غيركم في مصر بعد جدو! ولا انتم بقا مش هترضوا تيجوا؟
هالة : يا خبر! دة احنا نجيلك على رموش عنينا . ربنا يهنيكي يا مريومة يا رب ويسعدك .
مريم: تسلميلي يا حبيبتي
وهنا قالت سلمى مازحة: بس تعرفي يابت يا مريم انتي وقعتي واقفة بصحيح. الواد فعلا مز أوي وشيك وابن ناس ومن ذوات الملايين . اوعدنا يارب بواحد من النوعية دي ان شالله يارب يكون من ذوات الاربع.
فردت نورا على مزاحها بفكاهة: اهو ذوات الاربع دي بقا هو الوحيد اللي هيليق معاكي يا سلمى
ضحكت الفتيات جميعا على ذلك ثم قالت هالة: خلاص بقا اهو بقينا اتنين في الشلة مخاطيب . تعرفوا بقا انا نفسي في ايه يا بنات؟ نفسي ان كلنا كدة يكون فرحنا في ليلة واحدة ونعمله كمان فرح جماعي ,بجد هيبقا تحفة, بس اعمل ايه بقا الست مريم واضح انها مستعجلة وهتسبقنا .وعلى العكس الست حياة اللي مقفلاها اوي وناوية تبلط في الخط
فغمزت لها مريم وهي تشير ناحية حياة بعينيها: لا ماهو واضح كدة ان عقدتها هتتفك قريب ,ونبقا نسايب
فهتفت سلمى: اوباااا, ايه الكلام الجديد دة بقا ؟ ما تفهمينا يا ست حياة.
بدا ان حياة كانت في عالمها الخاص بعيدا عن مزاح صديقاتها ولكنها افاقت على صوت هالة القلق وهي تنادي باسمها: حياة! حياة! فيه ايه مالك؟
حياة: هه! مالي ؟!
سلمى بنظرات خبيثة: احنا اللي عاوزين نفهم يا ست حياة. يا ترى الكلام اللي بتقوله مريم دة حقيقي؟
حياة باستغراب: كلام ايه؟
سلمى: قال ايه ياختي؟ شكلكم كدة انتي وهية هتبقوا نسايب قريب.
حياة بعدم فهم: نسايب! يعني ايه؟
مريم بنظرة خاصة: ما تحاوليش تخبي علينا يا مريم, كان باين اوي على البشمهندس وليد انه مهتم بيكي طول الحفلة وخصوصا اصراره انه يوصلك بنفسه.
حياة باستنكار: انتي بتقولي ايه يا مريم؟ بلاش كلام فارغ. بقا عشان الراجل قام بحركة جدعنة معايا يبقا خلاص بقا واقع في دباديبي؟
مريم: لا يا حبيبتي . بس الواد كان باين عليه هيمان اوي.
فصاحت حياة في صديقتها بغضب: مريم ! لو سمحتي.
فتدخلت سلمى بروحها المرحة لتهدئة الاجواء: جرى ايه يا حياة؟ اكيد مريم مش تقصد اي حاجة غلط. ويا ستي ما تزعليش لو الواد مز فعلا زي أخوه كدة سيبيه لاختك الغلبانة وانا أدعيلك ربنا يسعدك دنيا واخرة. بس انتي ما تقفلهاش اوي كدة يعني و ترفضي العرسان واحد ورا التاني عمال على بطال . قربتي تعنسي يا هبلة.
ترقرقت الدموع في عيني حياة ولم تستطع الرد على صديقتها وعندما شعرت بأن الدموع كادت تحرق مقلتيها تركت الجميع مبتعدة في خطى سريعة.
فنظرت حياة لسلمى وقالت لها لائمة: ليه كدة بس يا سلمى انت عارفاها حساسة زيادة عن اللزوم
فقالت سلمى وبدا انها تشعر بداخلها بنوع من تأنيب الضمير: والله ما اقصد حاجة . انا كنت بهزر. ومش شايفة اني قلت حاجة غلط.
مريم وهي تهم بالنهوض: طب عن اذنكم يا جماعة انا هروح اشوفها.
وبالفعل ذهبت مريم الى حيث كانت تقف حياة بعيدا وهي تحاول ان تكفكف دموعها فملست على رأسها بحنان وسألتها: فيه ايه يا حياة؟ مالك؟ معقول الكلام اللي قالته سلمى هوة اللي زعلك اوي كدة؟
حياة في محاولة يائسة منها لرسم ابتسامة على وجهها: لا ابدا. انا بس اللي افتكرت حاجة كدة ضايقتني.
مريم بشك حيث بدت انها لم تقتنع بكلامها: طب خلاص انا مش هضغط عليكي عشان تقوليلي اللي جواكي بس في اي لحظة تحسي فيها انك محتاجة لحد تتكلمي معاه هتلاقيني موجودة. صحيح انا اصغر منك, بس اكيد هفيدك.
حياة بابتسماة مصطنعة: اكيد طبعا يا مريومة لو فيه حاجة هقولهالك على طول
مريم: ياريت يا حياة ياريت.
*********************
في فيلا يوسف جلال الذي كان يقف مع أخيه وعمته التي ترتدي جلباب أسود كباقي نساء الصعيد وبجوارها ابنتها ذات السبعة عشر عاما و بعينيها العسلية وشعرها الاسود الغجري المموج وهي ترتدي على النقيض بلوزة ضيقة حمراء فاقع لونها تعلو تنورة قصيرة ذات الوان زاهية عديدة, وجه وليد سؤاله ليوسف متجاهلا كل محاولات هدى ابنة عمته للفت انتباهه اليها: وياترى يا يوسف, هتقعد كتير في البلد؟
يوسف: لا مش كتير ان شاء الله. هية كلها يومين هقضي فيهم المصلحة اللي قلتلك عليها وارجع على طول.
فقالت هادية عمتهما بلهجتها الصعيدية منتهزة الفرصة: طب ما تيجي انت كمان ياولدي تجعدلك يومين وترجع مع اخوك.
فقالت هدى بلهفة بلهجة قاهرية قد تعلمتها فقط لارضاء وليد الذي بالطبع لم يبال بالامر: اه والنبي يا وليد, تعالى معانا, انت اديلك زمان مش بتيجي البلد وفيه حاجات كتير عاوزة اوريهالك.
وليد معتذرا بتهذيب: معلش بقا . خليها المرة الجاية, اصل مش هينفع انا ويوسف نسيب الشركة في نفس الوقت.
هدى: طب هتيجي امتى؟
وليد: قريب ان شاء الله. بمجرد ان يوسف يخلص المصلحة بتاعته اكيد هنيجي احنا الاتنين.
هادية وقد انتابها بعض الشك: مصلحة ايه يا ولدي اللي عم تتحدتوا عنيها؟
فتبادل كل من يوسف و وليد النظرات في صمت وريبة ثم قال يوسف لعمته: خير يا عمتي . اكيد هتعرفيها ان شاء الله بس لما اجتمع مع اعمامي الاول.
*********************
: انت بتجول ايه يا يوسف؟
كان هذا الصوت الغاضب هو صوت احد عمي يوسف واسمه حسين وكان أكبرهم وهو كما يسمونه”كبير العيلة” وقد هب واقفا فور سماعه للخبر الذي أعلنه يوسف ,اما عن هادية وأخيها الاصغر فقد صدمهما الخبر لدرجة منعتهما من التعليق.
ويوسف وقد كان يجلس بكل هدوء حيث توقع ردة الفعل هذه: بقول اللي سمعته يا عمي . انا كتبت كتابي على حفيدة عبدالرءوف الكامل.
حسين: وكمان بتكررها جدامي وانت مش مكسوف؟
يوسف: واتكسف ليه يا عمي ؟ انا لا عملت حاجة عيب ولا حرام.
حسين: بس اتجوزت بنت الراجل اللي رفض انه يتجوز عمتك, ناسبت الناس اللي رفضوا انهم يناسبونا.
يوسف: الراجل دة مات خلاص يا عمي . وانا مش هاخد بنته بذنبه, وكمان المسألة دي انتهت من زمان, وما تنساش ان عبدالرءوف الكامل دلوقت بقا شريكي ومن قبل كان شريك ابويا الله يرحمه والعداوة اللي بيننا انتهت من زمان .
فنظر حسين الى هادية وسألها: وانتي ايه رأيك يا هادية في الكلام اللي بيجوله ولد اخوكي؟ يا ترى موافجة ع الجوازة دي؟
فسبقها يوسف قبل ان تنطق بكلمة واحدة: انا اسف يا عمي. بس انا ما كنتش جيت هنا عشان اخد موافقة حد. انا خلاص زي ما قلتلكم كتبت الكتاب. انا بس جيت عشان كنت عشمان ان الفرح يتم هنا في البلد وسط عيلتي واهلي مع ان كان قدامي اني اعمله في اكبر فندق في القاهرة بس انا فضلت انكم لازم تشاركوني فرحتي لكن لو مش موافقين يبقا خلاص .
ونهض يوسف مستعدا للرحيل وقبل ان يتوجه ناحية الباب نادته هادية: يوسف! استنا يا ولدي. ودي معجولة برديك ان يكون اهلك موجودين وانت تعمل فرحك بعيد عنيهم؟
يوسف: يا عمتي انتو اللي مصرين تعيشوا في الماضي ومش راضيين تنسوا العداء القديم اللي بينكم وبين عيلة الكامل .
هادية: فرحك يا ولدي لازم يتعمل هنا ويكون اكبر فرح اتعمل في البلد كلاتها.
حسين: انتي بتجولي ايه يا هادية؟!
هادية بنبرة خاصة لم يفهمها غيرها: بجول اللي لازم يحصل يا خوي. دة فرح ولدنا زينة الشباب اللي كلنا كنا بنتمناه , وعروسته الي هوة اختارها هتبجا زينة البنتة ولازم نشيلها في العين وع الراس كمان.
ثم وجهت حديثها ليوسف: بس انا سمعت يا ولدي انها اتربت في اروبا يعني لا تعرف عاداتنا ولا تجاليدنا ومش بعيد كمان تكون بترطم باللنجليزي يبجا ازاي هتجدر تعيش معاها؟
يوسف بثقة: لا من الناحية دي اطمني يا عمتي. مريم بتتكلم عربي زينا ويمكن احسن كمان, دة غير انها محجبة ومتدينة. اما موضوع عادتنا وتقاليدنا دة فأكيد شوية بشوية هتتعود عليه.
حسين: وانت تدرى منين بجا انها مش هتحن لأصلها وتعمل زي ما ابوها عمل في السابج وتسيبك وتهرب؟ مش بيجولو العرج دساس؟
يوسف: لا يا عمي .هية مش ممكن تعمل كدة. وانا اصلا مش هسمحلها انها تفكر في حاجة زي دي .والا اقسم بالله اخرها عندي حفرة اتاويها فيها
حسين: طب ليه؟ ما من الاول يا ولدي تسيبك منيه الموضوع الواعر دة.
يوسف: للأسف مش هينفع يا عمي, انا خلاص مشيت خطوة فيه ومستحيل ارجعها تاني . وكمان انا اديت كلمة لجدها ويستحيل اطلع صغير ادامه, بس انتو ادعولي بس
حسين مستسلما: هييه هنجول ايه بجا بعد كدة؟ ربنا يتمملك على خير يا ولدي؟ ويا ترى نويت تعمل الفرح ميتى؟
يوسف: ان شاء الله بعد شهر
حسين: طيب على خيرة الله. والف مبروك يا ولدي
ثم مد يده للتهنئة فصافحه يوسف وكذلك فعل عمه الاصغر سليمان وهادية التي كانت تقول في نفسها وابتسامة صفراء ترتسم على شفتيها: اخيرا يا حمدي جه الوجت اللي راح اخد بتاري منيك. صبرك عليا يابنت حمدي الكامل.

الحلقة الثامنة
*ما سر اهتمامه؟*
عادت مريم الى الفيلا في وقت الغروب لتجد جدها يجلس أمام طاولة في الحديقة يتناول فنجانا من القهوة يتأمل في منظر الشمس وهي راحلة وكأنه يشبهها بعمره الذي على وشك الانتهاء. وقفت مريم للحظات تنظر الى جدها من بعيد في حزن فهي حقا تخشى أن تفقده ولا تتصور العالم من دونه خاصة بعد وفاة أبيها.كانت مريم تنوي الذهاب الى غرفتها مباشرة دون ان تقطع على جدها تأملاته ولكنها عدلت عن ذلك وقررت الذهاب اليه: السلام عليكم
قالتها مريم بصوت مرح وهي تحيط رقبة جدها بيديها وتضع قبلة حنونة على خده ,فابتسم عبدالرءوف وهو يرد: وعليكم السلام. حمدالله على سلامتك يا مريم. عملتي ايه في الامتحان؟
أجابت مريم وهي تجلس على كرسي أمامه في نشاط: الحمد لله يا جدو. زي اللي قبله. أنا ناوية ان شاء الله مش هجيب اقل من امتياز, اصلي ناوية بقا يا سيدي اني يا اما اشتغل معيدة يا اما افتح سنتر ملابس. وطبعا توفيرا لفلوس جدو حبيبي أنا بقول ان معيدة أفضل.
فتبسم جدها ضاحكا. فهي الوحيدة التي كانت قادرة على اسعاده بشتى الطرق: يا بنت يا بكاشة انتي عارفة ان كل اللي انتي عاوزاه هعمله سواء كدة او كدة وما تنسيش كمان انك هتبقي مراة يوسف جلال يعني حتة سنتر صغير زي اللي بتتكلمي عليه أكيد مش هيكون كتير عليكي.
هربت الابتسامة من ملامح مريم عندما تذكرت هذا الامر الواقع الذي لم تستطع تغييره. انتشلها صوت جدها من هذا الحزن الذي سيطر عليها فجأة والذي قد لاحظه عبدالرءوف ولكنه قد تعمد تجاهله: على فكرة يا مريم اعملي حسابك اننا هنسافر البلد الاسبوع الجاي.
مريم مندهشة: البلد! مش فاهمة يا جدو, ليه يعني؟ هو حصل حاجة؟
عبدالرءوف: لا. مفيش حاجة حصلت, الحقيقة انا و يوسف اتفقنا اننا نأجل الكلام في الموضوع دة معاكي لحد ما تخلصي امتحانات.
جذب ذكر اسم يوسف انتباه مريم, فاسمه دائما كما تعتقد مرتبط بوقوع مصيبة لها, استطرد عبدالرءوف حديثه بعد ان حصل منها على الاهتمام الذي كان يريده: يوسف اقترح عليا اننا نعمل الفرح في البلد وانا وافقت لأن حاجة زي كدة هترد اعتبارنا في البلد بعد اللي عمله حمدي الله يرحمه وخصوصا انه هيبان لأهل البلد كلهم ان هما اللي طلبوا النسب.
مريم بضيق: بس ياجدوا ازاي يعني؟ انا لسة اصلا مش اخترت الفستان وكمان كنت ناوية اتفق مع بيوتي سنتر معروف هنا اصحابي قالوا عليه كويس دة غير القاعة اللي كنت ناوية أختارها.
عبدالرءوف: كل دة سهل ترتيبه ,الفستان وقدامك اسبوع كامل تقدري تختاريه فيه, اما بالنسبة للبيوتي سنتر قوليلنا على اسمه واحنا هنتفق مع صاحبه عشان يبعتلنا على البلد فريق عمل من عنده يوم الفرح. وبخصوص القاعة فأعتقد ان ملهاش لزوم وهيعجبك اوي شكل الفرح على الطريقة الصعيدي. قلتي ايه بقا؟
مريم بابتسامة مريرة: وهو انت يا جدو خليتلي حاجة اقدر اقولها؟ ولا انت هتقبل مني اي اعتراض؟
نظر اليها عبدالرءوف بحنان: يا مريم يا بنتي انا عاوزك تثقي تماما اني عمري ما هعمل حاجة الا وفيها مصلحتك, واني لو كنت شاكك ان يوسف مش هيقدر يسعدك انا عمري ما كنت هفكر ابدا اني اجوزك ليه. وانتي هتتأكدي من دة بنفسك بعد جوازكم.
فقالت مريم دون اقتناع بداخلها: ياريت ياجدو؟
***********************
في احدى المحلات الشهيرة لبيع فساتين الزفاف كانت تتجول مريم مع صديقتها حياة لاختيار فستان مناسب لترتديه ليلة الفرح ,فقالت حياة بتأفف: وبعدين معاكي يا مريم؟ انتي كدة مش هتتجوزي لا الأسبوع الجاي ولا حتى السنة الجاية,دة خامس محل ندخله وانتي ما يعجبكيش اي حاجة.
مريم: ربنا يسمع منك يا حياة والجوازة دي مش تتم اصلا.
حياة وهي تتألم لحزن أعز صديقاتها: انا حاسة بيكي يا مريم. بس مين عارف مش ممكن يوسف دة يطلع فعلا انسان كويس ويقدر يسعدك اكتر من اي حد تاني؟
مريم: انتي بتقولي ايه بس يا حياة؟ انتي مش شايفة من أولها بيعمل معايا ايه؟ على طول كلمته هية اللي ماشية ومش بيقبل بأي نقاش او اعتراض على قراراته. اذا كان بيعمل كدة وانا لسة قاعدة مع جدو فما بالك بقا لما ابقا عايشة معاه تحت سقف واحد؟
ثم عادت اليها روح التحدي وهي تكمل: لكن لو كان هو فاكر انه هيتجوز واحدة علنياتها مش هتقوله غير طيب وحاضر يبقا غلطان.لأن انا بقا مش ناوية ابقا أمينة لسي يوسف زي امينة لسي السيد.
حياة: ربنا يستر . انتي ناوية على ايه يا بنت حمدي الكامل؟
مريم بغموض: ولا حاجة .المهم بقا طبعا انتي هتسافري معانا.
حياة: لا طبعا مش هينفع. بابا وماما مش هيوافقوا.
مريم بامتعاض: ليه بس . هو انتي مش ليكي اهل عايشين هناك؟
حياة: اه طبعا, انا كل اهل بابا هناك ,بس مش هينفع اقعد عند حد منهم لأن كل عيلة فيها شباب , وطبعا بابا مش هيقبل بكدة.
مريم: طب مانتي ممكن تقعدي معايا انا وجدو في الفيلا وانتي عارفة ان انا وجدو هنبقا لوحدنا. وأكيد طبعا باباكي مش هيخاف عليكي من جدو يعني
حياة: مش عارفة بقا يا مريم.
مريم بتوسل: ارجوكي يا حياة, انا معرفش اي حد هناك , وكفاية عليا ان ماما مش هتحضر الفرح, وانتي عارفة ان مش ليا اصحاب غيرك. بليز حاولي تقنعي عمو وانا كمان هاجي معاكي واحاول اقنعهم بنفسي.
فاحتضنتها حياة وهي تحاول ان تهدأ من احساس الخوف الذي شعرت به قد انتاب مريم: حاضر يا مريم , انا هحاول معاهم . وان شاء الله هيوافقوا ,وما تخافيش كدة بقا. ان شاء الله هيتعملك اجمل فرح في الدنيا .وربنا يسعدك يا قمر.
****************************
جلس يوسف على طاولة في حجرة بجوار مكتبه تتصل به عن طريق باب داخلي بينهما .كان يراجع بعض الاوراق مع اخيه وليد حتى انتهيا فقال يوسف بارهاق: ايه يا بني؟ مش كفاية كدة ؟
وليد مازحا:الله! مالك يا عريس؟ انت تعبت ؟ تحب نلغي الجوازة دي ولا ايه؟
يوسف بضيق: ما تلم نفسك يابني. انا فعلا بالي مشغول شوية.
وليد باهتمام: خير يا صاحبي؟! ما ترمي حمولك عليا.
ربت يوسف على كتف أخيه: مش عارف يا أخي موافقة عمتك على الجوازة دي بسهولة كدة حسستني انها بتدبر حاجة وكل ما ميعاد الفرح بيقرب كل ما قلقي بيزيد. وخصوصا انها صممت ان ليلة الدخلة تتم في البيت الكبير بعد ما جهزت فيلتي اللي هناك, وطبعا ما قدرتش اعترض احسن تحصل مشكلة تاني.
وليد مطمئنا: ياعم يعني هتعمل ايه يعني؟ سيبك سيبك ولا هتقدر على اي حاجة. ما تخافش وراك رجالة يا صاحبي.
يوسف: ربنا يعدي الفرح دة على خير
وليد: ان شاء الله ربنا هيتمم بخير وتكون ليلة من أجمل الليالي , وبكرة تقول وليد قالها, بس يبقا ادعيلي أحصلك في جمعتها
يوسف بشك: الله الله. أول مرة يعني أشوفك مستعجل كدة. انت نويت ولا ايه؟
وليد: يعني تقدر تقول كدة اني بدأت أفكر.
يوسف مازحا: طب نقول بركاتك يا ست هدى؟
تغيرت ملامح وليد فجأة ونهض من كرسيه: يوسف انا قلتلك قبل كدة ان عمري ما هفكر في هدى غير انها اختي وبس ,لكن اكتر من كدة لا.
وقف يوسف وتوجه ناحية وليد ووضع ذراعه الأيمن حول كتفه: طب يا سيدي ما تزعلش اوي كدة. انت عارف ان سعادتك عندي بالدنيا كلها حتى لو هعادي عشانك كل أهلي, بس قولي بقا هي مين سعيدة الحظ دي؟
وليد: اكيد هييجي الوقت المناسب وتعرفها
يوسف: طيب ما تقولي دلوقت وانا اروح اخطبهالك حالا. ومين عارف مش يمكن نتجوز في ليلة واحدة. واهو يبقا توفير بردو.
ابتسم وليد لدعابة أخيه ثم قال: لا يا سيدي انا مش مستعجل, خصوصا في موضوع زي دة, وغير اني اصلا مش عارف رأيها هي ممكن يكون ايه؟
يوسف بثقة زائدة: يا عم المهم انت تكون متأكد انك عاوزها, أما رأيها هي فمش مهم .لان مفتكرش اصلا ان فيه واحدة عاقلة تقدر ترفض شاب زيك.
وليد: ليه يعني؟
يرسف: انت مش عارف انت مين وابن مين ولا ايه؟
وليد: شوف يا عم يوسف . انا صحيح بعمل كل اللي انا عاوزة ومش بسمح ان حد يقولي لا. لكن الموضوع دة بالذات لازم يتم بالرضا من الطرفين يا صاحبي.ولا ايه؟
فرد يوسف بنبرة حزينة نجح في اخفائها عن وليد: معاك حق يا صاحبي.
وليد: طب ياللا بينا
يوسف:على فين؟
وليد: هنروح يا عم, مش ناوي تتعشى ولا ايه. واوعى تقولي انك ناوي تسهر برة؟
يوسف: لا سيدي. انا معزوم النهاردة على العشا عند عبدالرءوف الكامل.
وليد مازحا: ايوة يا سيدي بقا.مين قدك؟ هتتعشا مع العروسة.
ففتح يوسف كفه فاردا اصابعه الخمس في وجه وليد: الله اكبر. خمسة وخميسة. اهو نقكم دة هو اللي مضيعنا.
وليد ضاحكا: خلاص خلاص ياعم. الله يسهلك, ياللا مع السلامة.
يوسف: طب ما تيجي معايا.
وليد: وابقا عزول؟ لا يا كبير مش موافق. وكمان الدعوة موجهة ليك انت. أما انا بقا فخلاص أخدت على أكل أم ابراهيم
يوسف: ماشي , ياللا سلام بقا عشان مش عاوز أتأحر.
وليد: أوك. سلام يا صاحبي.
**********************
بالفعل اجتمع يوسف مع مريم وجدها على طاولة الطعام الذي كانوا يتناولونه في صمت, وكان عبدالرءوف ينقل نظره بين الاثنين حيث كان يوسف يجلس على يمينه ومريم على يساره. قرر عبدالرءوف أن يفتح مجالا للحديث بينهما فقال ليوسف دون أن يرفع نظره عن الطبق الذي أمامه: على فكرة يا يوسف.مريم نزلت النهاردة واختارت فستان الفرح .
فتصنع يوسف الفرحة وهو ينظر الى مريم: بجد! طب جميل جدا.وان شاء الله نويتوا تسافروا امتى؟
عبدالرءوف: على حسب ما مريم تجهز. ايه رأيك يا مريم؟
فأجابت مريم وهي مغتاظة من نظرات يوسف المراقبة لكل حركاتها وانفعالاتها: أنا جاهزة في أي وقت يا جدو بس لسة لما أشوف رد حياة.
يوسف: حياة! مش دي صاحبتك اللي كانت في حفلة كتب الكتاب؟
مريم: أيوة
يوسف: طب وهية ايه علاقتها بالموضوع؟ ولا انتي مستنية تاخدي الاذن منها؟
اشتعلت وجنتا مريم غضبا والتمعت عيناها وكأنها تريد أن ترسل من خلالها شرارات تحرقه: لا. حضرتك انا مستنية ردها عشان احتمال تسافر معانا.
ظهر على وجه يوسف الفضول الذي لم ترد مريم أن ترضيه ,ولكن قد تولى عبدالرءوف الامر فقال موضحا ليوسف مما أزعج مريم كثيرا: أصل يا سيدي .حياة دي تبقا أعز صاحبة عند مريم. وبما انها ما تعرفش حد في البلد ,فعرضت على حياة انها تسافر معاها عشان ما تحسش انها لوحدها وخصوصا ان اهل حياة اصلا من البلد عندنا. ماهي بنت محمود البدري,مانت عارفه.
يوسف مستفهما: دة مدير الحسابات عندي في الشركة؟
فرد عبدالرءوف مؤكدا: أيوة هو دة.
فسأل يوسف مريم: هوة انتي مش قلتي لمامتك على ميعاد الفرح؟
صدمها السؤال لدرجة أنها لم تستطع الرد.وكالعادة قد أجاب عبدالرءوف بالنيابة عنها: للأسف.اعتذرت.
شعرت مريم بالدموع تحرق عينيها ولكنها خشيت أن يراها يوسف فقالت وهي تضع الملعقة التي في يدها على الطاولة بصوت جعلته يبدو ثابتا بقدر استطاعتها: الحمد لله. عن اذنكم, انا هستناكم في الصالون.
ونهضت من كرسيها محاولة الهروب ولكنه قد ضن عليها بذلك .حيث نهض هو الاخر وهو يقول: الحمد لله. خديني معاكي .أنا كمان شبعت.
كادت مريم ان تقتله في تلك اللحظة بلهيب عينيها ,ولكنه لم يلحظ ذلك بل انشغل مع عبد الرءوف الذي قال: وانا كمان شبعت ,روحي يا مريم قولي لام شهد تجيبلنا القهوة في الصالون عقبال ما نلعب أنا ويوسف دور شطرنج. جاهز يا بطل؟
أمسك يوسف بيد عبدالرءوف يساعده على النهوض والابتسامة تعلو وجهه وهو يقول: أنا دايما جاهز.
وبالفعل جلس ثلاثتهم في حجرة الصالون ,يوسف وعبدالرءوف يلعبان الشطرنج ومريم تجلس بجوار جدها تتابع بصمت و تركيز ولم تستطع اخفاء اعجابها بذكاء يوسف في اللعب. ظلوا هكذا فترة من الزمن عندما علا صوت الهاتف في القاعة الخارجية فقامت مريم لتجيب عليه, وغابت بعض الوقت ,وعندما عادت بدا التغيير واضحا على ملامحها,فقد كان الحزن يبدو جليا في نظرات عينيها, وكان يوسف أول من لاحظ ذلك. فسألها باهتمام: فيه ايه؟ مين الي كان على التليفون؟
فردت مريم وهي تمنع دموعها من السقوط: حياة قالت ان باباها مصمم ان مش هينفع تسافر معانا لوحدها وكمان مش هينفع تبات بعيد عنهم.
فقال عبدالرءوف مهدئا حفيدته: طب ما تزعليش يا حبيبتي .انتي عارفة ان يصعب عليا اشوفك زعلانة كدة
مريم وقد اختنق صوتها بالبكاء: يا جدو اشمعنى انا اللي مكتوب عليا اني اعمل فرحي ومش يكون جنبي اي حد من الناس اللي بحبهم
ففتح عبد الرءوف لها ذراعيه وقد اسرعت على الفور لتلبي دعوته حيث ارتمت في حضنه وهي تجهش بالبكاء ,فأخذ عبدالرءوف يمسح على رأسها وهو يقول: وهو انا مش كفاية يا مريم؟
مريم: ربنا يخليك ليا يا جدو. بس بابا وربنا اختاره ودي مقدرش اعترض عليها. اما بقا ماما ليه ترفض تحضر فرحي؟ كل دة يعني عشان انا رفضت اعيش في نفس العالم اللي هية عايشة فيه؟ حتى صاحبتي الوحيدة .أهلها مش موافقين انها تبقا معايا؟
وقد غلبتها الدموع مرة أخرى فألجمت لسانها, أما يوسف فلأول مرة بدا أنه يتعاطف معها , وقد اجتاحته رغبة شديدة لأن يأخذها في حضنه ليشعرها بالأمان , ولكنه قد قاوم تلك الرغبة لأنه يعلم ردة الفعل التي تنتظره, وقد فكر قليلا في الامر الى أن توصل للحل أخيرا فقال بهدوء وهو ينهض مستعدا للذهاب: خلاص يا مريم , سيبيلي الموضوع دة وانا هحله.
وجهت عينيها التي أغرقتها الدموع بوجهها الشاحب اليه وهي لا تدري أتصدقه أم لا؟ وهل هذا الاهتمام الذي يبدو على وجهه هو اهتمام حقيقي أم انه من وحي خيالها؟
قال يوسف متوجها الى الخارج: عن اذنكم .
فرد عليه عبد الرءوف بصوت ضعيف وقلب يعتصر لحزن حفيدته: مع السلامة يابني.
**********************
جلست حياة بجوار مريم في الكرسي الخلفي بالسيارة التي تتوجه بهما الى سوهاج وقد أخبر عبدالرءوف حفيدته أنه سيلحقهما في المساء بعد أن ينهي بعض الأعمال وقد أبلغها انه قد أعلم الخدم في فيلته بسوهاج بموعد وصولهما وسيكون الجميع بانتظارهما, قالت مريم لحياة وهي تشعر بسعادة بالغة ممسكة بيد صديقتها بقوة: ما تعرفيش يا حياة اد ايه فرحت اوي لما اتصلتي بيا وقولتي ان عمو وافق انك تسافري معانا, بصراحة تغيير جذري ما كنتش متوقعاه.
فسألتها حياة وقد علت الدهشة وجهها: ما كنتيش متوقعاه؟! ليه ؟ هو يوسف ما كنش قالك؟
لم تقل دهشة مريم عن حياة فسألتها: يوسف؟! طب ويوسف ايه علاقته بالموضوع؟
حياة: ازاي بقا؟ ما هو اللي اقنع بابا انه يسمحلي باني أحضر الفرح, دة كمان عطى لبابا أجازة أسبوع عشان يكون هو وماما وأخوية كريم معايا في البلد, و مش هيكون فيه داعي اني ابات لوحدي بعيدة عنهم. وطبعا بابا ما صدق لانه بقاله اكتر من خمس سنين تقريبا مش نزل البلد, فقال اهي فرصة بالمرة, وانا كمان انتهزت الفرصة واتحايلت على بابا لحد ما سمحلي اني اسافر معاكي في عربيتك
مريم: معقولة؟! غريبة يعني!
حياة وهي تحاول التظاهر بالضيق: اخص عليكي يا مريم, بقا غريبة يعني اني اسافر معاكي في عربيتك؟!
مريم: لا يا حبيبتي طبعا, أنا اقصد ان موقف يوسف هو اللي غريب, ايه اللي يخليه يعمل كدة , وهو مش بيفوت أي فرصة عشان يضايقني فيها.
حياة مداعبة صديفتها: اوباااا. يبقا شكله كدة وقع يا معلم.
مريم: يااااه. دانتي علنياتك اوي, مش يوسف جلال يا ماما, هو عمره ما هيعمل كدة الا لو كان ليه مصلحة من وراه.
حياة: يا شيخة حرام عليكي. والله شكلك ظالماه.
مريم: ظالماه! مش بقول انك علنياتك؟ وبكرة تقولي ان مريم قالت.

———–———-———————-————

ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة

 الى اللقاء في الحلقات القادمة

بقلم الكاتبة: رحاب حلمي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى