ترفيهمسلسل غريبه في عالمك

مسلسل غريبه في عالمك الحلقة الخامسة والسادسة

الحلقة الخامسة


صاحب الكلمة الأخيرة
وقفت مريم مع صديقتها حياة على درجات السلم المؤدية الى كلية الاعلام فقالت حياة بانفعال وغيظ شديد: معقولة يا مريم؟! انتي اتجننتي؟! ازاي تعملي كدة؟
مريم بضيق: ماهو البني ادم اللي اسمه ماهر دة استفذني وكمان كدة كدة جدو ما كنش هيوافق على اي اعتراض.
حياة: يعني انتي بقيتي مقتنعة بجوازك من يوسف جلال؟
مريم: مقتنعة؟! دة انتي لو سألتيني مين هو اكتر انسان بكرهه في الدنيا كلها هقولك يوسف جلال
حياة: ومع ذلك هتتجوزيه الخميس الجاي. يا فرحتي! ازغرط!
مريم:بالله عليكي يا مريم انا مش ناقصة .يا تقولي كلمة عدلة يا تسكتي احسن
شعرت حياة بمحنة صديقتها فسألتها بجدية: طيب انتي جهزتي كل حاجة؟
مريم بسخرية مريرة: اجهز ايه؟ ماهو سي يوسف هيقوم بالواجب انا كل اللي مطلوب مني اني اختار الفستان اللي هحضر بيه
حياة: طيب المفروض اننا نحضر ولا لا؟
مريم: انا مش عاوزة حد يحضر غيرك يا حياة .انا بجد هبقا محتاجالك في اليوم دة. وفي نفس الوقت مش عاوزة ابقا فرجة لحد. انتي عارفة بقا جواز حفيدة عبدالرءوف الكامل من رجل الاعمال يوسف جلال اكيد مش هيعدي بالساهل .وانا مش عاوزة العيون تكون مسلطة عليا كفاية التوتر اللي هبقا فيه.
فامسكت حياة بيدها مطمئنة: ولا يهمك يا مريم. تفاءلي خير. وان شاء الله كله هيبقا تمام.
:السلام عليكم. بتتوشوشوا في ايه؟
كان ذلك الصوت الضاحك لثلاثة من صديقات مريم وحياة التي اسعفت صديقتها وتجاهلت السؤال وهي تقول مازحة: بسم الله الرحمن الرحيم.سلام قولا من رب رحيم. ودول بيطلعوا الساعة كام؟
فقالت واحدة من الثلاثة: مالك يا اوختي؟ دة ولا كانك شفتي عفريت قدامك
حياة: وانتي بتقولي فيها يا سلمى . دة لو عفريت مش هيخضنا بالشكل دة؟
سلمى: طب يا ختي ما تبقاش تنسي تبخري
حياة: وهو انت فيه بخور هيقدر يصرفكم؟ دة انتو محتاجين ونش يشيلكم انتو التلاتة ويوديكم بلاد تركب الافيال
فقالت فتاة اخرى واسمها هالة بهيام وهي تتلمس الدبلة التي في اصبعها باليد اليمنى: وابعد عن ميدو حبيبي؟ دة كان بعد الشر يموت فيها
فقالت الثالثة بمداعبة: ياختي دة ما هيصدق انه يخلص من الشبكة السودة دي
هالة: بقا كدة يا نورا .طب يارب يارب يارب تتخطبوا كلكم كدة في يوم واحد وافرح فيكم واطلع كل اللي بتعملوه فيا دة على عنيكم
سلمى: تعرفي يا بت ياهالة مش انتي صاحبتي من زمان؟ بس دي اول مرة اسمعك فيها بتدعيلي .يارب ياختي اتخطب بسرعة بقا ……محدش عارف المتنيل على عينه شريك حياتي المنتظر دة أخر كدة ليه؟
فغرقت الفتيات في الضحك ما عدا مريم التي بدت بعيدة كل البعد بتفكيرها عما يحدث في الواقع وقد لا حظت هالة ذلك فسألتها باهتمام وهي تضع يدها على كتفها لتنتشلها من عالمها الخاص: مريم .مريم .مالك؟ فيه ايه؟
مريم بتلعثم:هه. لا ابدا مفيش
هالة: وهوة احنا اتعودنا بردو اننا نخبي على بعض؟
مريم: اخبي ايه بس؟ كل الموضوع ان جدو صحته الايام دي في النازل فتلاقوني قلقانة عليه
هالة مواسية: معلش يا مريم ان شاء الله هيبقا بخير وتطمني عليه
مريم: يارب
:بت ياسلمى! انتي يا بت! الله مالك؟
كان ذلك الصوت لحياة التي لا حظت صمت صديقتها المفاجىء على غير العادة فقالت سلمى بشرود مشيرة وهي تبعد يد صديقتها عن عينيها: اوعي بقا . سيبيني اركز
فسألتها هالة موبخة: تركزي في ايه يا حولة؟ هو انتي بتشوفي اصلا؟
سلمى: اركز يختي في المتنيل على عينه .شكله كدة خلاص قرر انه ييجي. وانا بقا مستقتلة.
هالة بعدم فهم: هوة اية دة؟ ما تفهمينا يا بنت.
سلمى: مانتو لو بصيتوا وراكم هتفهموا منك ليها. هوة دة حقيقي فارس احلامي
نظرت نورا الى الناحية التي تشير اليها نورا بينما كانت كل من مريم وحياة وهالة يديرون ظهورهم لذلك الاتجاه, فهتفت سلمى بصوت منخفض: يا بنت اللعيبة! هوة فيه كدة؟! ياترى مين البرنس دة؟
فنهرتهم حياة بشدة: جرى ايه يا بنات؟ انتو نسيتم كلامنا عن غض البصر ولا ايه؟
سلمى مؤنبة نفسها: استغفر الله العظيم. عندك حق .بس ابن الايه دة فعلا ينسي الواحد اسمه……….الله! دة جاي ناحيتنا!
فوكزتها نورا في كتفها وهي تقول: وانتي ايه عرفك؟ وييجي ناحيتنا ليه اصلا يا شحاتة انتي؟! دة شكله كدة جاي يشوف العميد دة ان ما كنش هوة بقا العميد نفسه وشالوا ابو كرش اللي عندنا دة
لم تستطع الفتيات كتم ضحكاتهم الى ان سمعن ذلك الصوت العميق الذي قال من خلفهم: مساء الخير
توجهت انظار الفتيات الخمسة ناحية صاحب الصوت وقد علت الدهشة وجوههم جميعا بعضهم من الاعجاب وغيرهم من المفاجأة والاخر من الغضب
كانت سلمى اول من استطاع الرد بكل مالديها من رقة: مساء النور يا فندم
اما هالة فقد كانت نبرتها اكثر حدة وهي تقول له: خير حضرتك؟ نقدر نخدمك بايه؟
توجهت نظرات يوسف ناحية مريم التي كادت ان تنفجر من الغضب وقد أعطتها حياة العذر في ذلك: لو سمحتي يا مريم عاوزك دقيقة
سألتها سلمى بدهشة: مريم! انتي تعرفيه؟
تعمدت مريم تجاهل الرد على سؤال صديقتها فهي لم تستطع ايجاد اللفظ المناسب الذي تصف به علاقتها بيوسف جلال بل انها وجهت نبرة غضبها لجلال نفسه: انا مفيش بيني وبينك كلام. وبعد اذنك اتفضل بقا امشي عشان احنا عندنا محاضرات. ياللا بينا يا بنات
وبالفعل ادارت الفتيات ظهورهن ليوسف وهن على استعداد للرحيل فأمسك يوسف مريم من ذراعها وادارها اليه فهتفت به وقد صدمها ما حدث: انت مجنون؟! سيب ايدي.انت فاكر نفسك فين هنا؟
يوسف بحدة: مش هسيبها يا مريم.ولازم تتعودي اني لما اكلمك لازم تسمعيني للاخر انتي فاهمة؟
وهنا تدخلت حياة لتهدئة الموقف في حين وقفت الاخريات يشاهدن ما يحدث بصمت لجهلهن بحقيقة الامر: لو سمحت يا باشمهندس بلاش مشاكل .وانتي يا مريم ممكن تسمعيه بهدوء؟ واحنا هنبقا واقفين هنا في انتظارك.
بعد نظرة القتها ناحية حياة التي هزت رأسها طالبة منها الامتثال للامر قالت ليوسف مستسلمة: اتفضل
ترك يوسف ذراعها وتوجها ناحية سيارته التي لا تبعد عن صديقات مريم كثيرا وعندما توقفا بجوار السيارة سألته مريم وقد ارتفعت نبرة صوتها قليلا: تقدر تقولي بقا ايه هي الحاجة المهمة دي اللي تخليك تجيلي لحد الجامعة وتتصرف بالشكل دة قدام صاحباتي؟
يوسف: انا جيت هنا بعد ما استأذنت من جدك عشان اخدك معايا نروح نشتري الشبكة و الفستان بالمرة ,ولا نسيتي ان كتب كتابنا الخميس الجاي؟
مريم بحزن: ياريتني كنت اقدر انسى
يوسف: طب ياللا بينا
مريم: ياللا بينا على فين؟ انت مين قالك اصلا اني ممكن اركب معاك عربيتك واروح معاك اي مكان لوحدنا؟
يوسف بنفاذ صبر: مانتي اكيد مش هتخلي جدك التعبان ييجي يلف معانا ع المحلات
مريم: لا طبعا. بس انا اتفقت مع صاحبتي اننا نروح سوا . وياريت حضرتك ما تشغلش بالك بالموضوع دة. انا وحياة هننزل ونختار الفستان مع بعض اما بخصوص الشبكة فتقدر تجيب اي حاجة مش هتفرق معايا اصلا.
يوسف بنبرة تحذيرية: مريم! بلاش تخليني افقد اعصابي. وساعتها هتلاقيني بركبك العربية غصب عنك وانا ولا هيهمني جامعة ولا حرس. فياريت تسمعي الكلام من سكات
بدأت مريم بالفعل تشعر ببعض الخوف فقالت وقد تراجعت عن اصرارها قليلا: بس انا بردو مش هروح معاك اي مكان لوحدنا
قد استفذ كلامها يوسف وقد جعله يفقد السيطرة على نبرة صوته وهو يقول لها بانفعال: فيه ايه؟ هوة انا هخطفك؟ مريم انا اكبر من ان تصرفاتي تكون في محل شك اي حد
ثم بدأ يهدأ تدريجيا وقال لها بعد أن احكم سيطرته على نفسه: ع العموم خلاص .تقدري تطلبي من صاحبتك دي انها تيجي معانا لو كان دة اللي هيطمنك.
بالفعل وافقت حياة على الذهاب معهما بعد ان هاتفت والدها لتستأذن منه الذي لم يستطع المعارضة بالطبع لأن يوسف هو صاحب الشركة التي يعمل بها وهو يخشى غضبه , وافق يوسف على مضض بأن تجلس مريم بجانب صديقتها في المقاعد الخلفية بالسيارة فلولا مظهره وأناقته لكان يبدو كالسائق لهما . توقفت السيارة أمام واحد من أشهر محلات الصاغة لتختار منه مريم الشبكة التي تريدها . دخل الثلاثة المحل ,وقد استقبل صاحبه يوسف بالحفاوة والترحاب ففكرت مريم انه ربما كان زبون دائم للمحل. فبالطبع ان دونجوانا ثريا كيوسف جلال لن يهادي صديقاته بالورود أو بالدمى
يوسف لصاحب المحل وكان يبلغ الخمسين من عمره وهو قصير وممتلىء الجسم وقد اكتسى رأسه بالشعر الرمادي: ادوارد شوف احلى حاجة عندك ووريها للانسة خطيبتي .خلي بالك دي هتبقا شبكتها
بدا على وجه ادوارد الاندهاش الممزوج بالسرور: بجد؟ الف مبروك يا يوسف بيه. مبروك يا هانم. انا هوريكي اجمل واحدث حاجة عندي. حاجة عمرك ما هتشوفيها في اي مكان تاني. ويوسف بيه عارف طبعا ذوقي كويس
اغتصبت مريم ابتسامة ورسمتها على شفاهها ولكنها لم تصل لعينيها
وبعد ان اختارت مريم شبكتها بمساعدة صديقتها حياة توجه يوسف بسيارته الى اشهر محلات الازياء وفي المحل الثالث الذي توجهوا اليه بعد ان يئسوا من ايجاد مبتغاهم في سابقيه ,قالت حياة لمريم وقد بدا عليها الارهاق: حرام عليكي يا مريم. ابوس اديكي يكون دة اخر محل ندخله بقا.انا خلاص تعبت. معقولة مش عاجبك اي حاجة في كل اللي انتي شفتيه؟
اختطفت مريم نظرة ناحية يوسف بطرف عينيها فوجدت وجهه خاليا من اي تعبير فتملكها الاحباط لانها فعلت كل ذلك لترى ولو لمرة واحدة اي دليل على الندم لاصراره على اصطحابها بنفسه ولكن ها قد خاب املها فقالت لصديقتها مطمئنة: خلاص .هحاول الاقي حاجة هنا
وبعد بحث استمر الى ما يقرب النصف ساعة وقع نظرها على فستان طويل من الساتان باللون الاخضر يتخلله خيوط ذهبية لامعة يتسع عند الركبة الى القدم بشكل يشبه ذيل السمكة ذات اكمام طويلة تتسع ايضا عند المعصم بنفس الطريقة. وقفت مريم طويلا امام الفستان تتأمله بدقه فسألتها حياة بنفاذ صبر: هه يا مريم! عاجبك دة؟ تحبي تجربيه؟
وقبل ان تجيب مريم ,جاء صوت يوسف من خلفهما يقول بشكل قاطع: لا. احنا هناخده خلاص.
حاولت مريم ان تخفي اعجابها بالفستان وهي تقول بحدة: لا. مش عاجبني . انا هشوف واحد غيره
يوسف: شوفي اللي انتي عاوزاه يا مريم واشتري اللي تحبيه. لكن الفستان دة هو اللي هتلبسيه في كتب الكتاب.
مريم: لا طبعا: انت مش هتلبسني على مزاجك. انا مش هاخد الفستان دة. واقولك على حاجة كمان؟ انا اصلا مش عاجبني المحل دة ومش هشتري منه.
ابتسم يوسف لها بسخرية واشار بيده لصاحبة المحل والتي كانت تقف على مقربة منهم فأسرعت نحوهم بلهفة موجهه سؤالها ليوسف: هه يا يوسف بيه. خلاص قررتوا؟
فنظر يوسف بتحدي لمريم وهو يجيب على سؤال صاحبة المحل: خلاص يا مدام ناهد .احنا هناخد الفستان دة.

الحلقة السادسة
ملكي
في فيلا كمال وهدان كان ماهر يجلس على احد الكراسي وهو يشتعل غضبا ,وعندما سمع صوت أقدام والديه وهما ينزلان درجات السلم , هب واقفا و استدار تجاههما وهو يقول ثائرا: انتو لسة مصرين بردو انكم تروحو؟
فقالت وردة بحنان محاولة تهدئة ابنها: مانت عارف يابني, انا مش هقدر اكسر لجدك كلمة.
فنظر ماهر الى والده يسأله: وانت كمان يا بابا مش قادر تقول لا؟
كمال وهو يحاول ان يكتم غيظه: ولا انا يا ماهر طالما جدك مازال هو المتحكم في كل شيء
ماهر: يعني هتسيبوا مريم تتجوز يوسف دة وكل حاجة تضيع من ايدينا؟
وردة: يابني مين قالك كدة بس؟ مفيش حاجة هتضيع ان شاء الله. جدك عمره ما بيظلم حد. تفتكر يعني ممكن يظلم بنته؟
كمال بلهجة ساخرة: ومين قالك انه هيبقا حاسس انه بيظلمك, ماهو ممكن يكون فاكر انه بكدة بيعوض اللي اسمها مريم دي عن اللي عمله مع ابوها.
ماهر: وطبعا الزفت اللي اسمه يوسف دة ما هيصدق, اصلا الراجل دة انا عمري ما استريحتله. وقربه من جدي دة مش طبيعي خصوصا بعد اللي عمله خالي. مش معقول يكون قرر فجأة كدة انه يتجوز بنت الراجل اللي رفض انه يتجوز عمته زمان وينسى اللي فات. اكيد بيخطط لحاجة تانية.
فقال كمال موافقا على كلام ابنه: معاك حق يا ماهر. وكمان يوسف دة مش من النوع اللي ممكن يسيب تاره بسهولة. عشان كدة احنا لازم نخلي بالنا منه كويس اوي.
ماهر متوعدا: وانا وديني ما هفوتله جوازه من مريم دة على خير. وانا وهو والزمن طويل.
****************************
اقيم الحفل في فيلا عبدالرءوف الكامل وقد كان حفلا بسيطا كما ارادته مريم لا يضم الا اقرب الاقربين واهمهم بالطبع عبدالرءوف الذي كان وكيل العروس في عقد الزواج وكذلك الشاهدان وهما كمال زوج وردة و وليد اخو يوسف, الى جانب وردة وبعض الاصدقاء القلائل وعلى رأسهم كانت حياة التي لم تترك صديقتها منذ صباح هذا اليوم.
كانت مريم ترتدي الفستان الذي تم اختياره من قبل يوسف فهي لم تجد اي فائدة من الاعتراض وقد غطت شعرها بطرحة ذات لون ذهبي لامع أبرز لون عينيها الأخضر بوضوح. وقد أصرت مريم على الا تستخدم ايا من ادوات الزينة فهي في الحقيقة لم تكن بحاجة اليها, فبدونها وبهذا الفستان الرائع كانت تبدو كالملكة لحظة التتويج.
اما فيما يتعلق بيوسف فكعادته بدا في قمة الوسامة والفخامة ببدلته السوداء الانيقة التي ابرزت مدى طوله مقارنة بمريم التي وان كانت ترتدي حذائها ذات الكعب العالي فهي بالكاد تصل الى أعلى رقبته فقط مما جعلها تشعر بسيطرته وتفوقه عليها ولو قليلا
تم الانتهاء من كتابة العقد مع تقديم التهاني للعروسين والدعاء لهما بدوام السعادة, وجاءت اللحظة الحاسمة فجلس يوسف على الأريكة بجوار مريم مما جعلها تبتعد عنه قليلا في ضيق, وقد لاحظ يوسف ذلك ولكنه لم يبال بالامر. وجاء وقت الشبكة فأخرج يوسف من جيبه علبة قطيفة صغيرة الحجم أخد منها خاتم الخطوبة وكان من الألماس يتوسطه فص صغير من الزمرد الأخضر أختارته مريم ليتناسب مع لون عينيها مد يوسف يده ناحية مريم وهو يقول بصوت هادىء شعرت مريم من خلاله مدى السخرية التي يحملها : ايدك يا عروسة
فمدت مريم يدها له مرغمة وعندما لمستها يده شعرت برعشة خفيفة من خشونتها , وعندما اختلست النظر اليه لم تتلق الا ابتسامة ساخرة. وضع يوسف الخاتم في اصبعها, ثم قال لها بلهجة لم يشك أحد في صدقها: مبروك
فردت مريم بصوت خافت وهي تتجنب النظر اليه: الله يبارك فيك.
وعلا صوت الزغاريد بالمكان وتزاحم الجميع على العروسين لتقديم التهنئة ماعدا واحدة وقفت في مكان بعيد ترتكز على أحد الأعمدة تمتلأ عينيها بالدموع ولكنها لم تسمح لها بهجر مقلتيها ,ورغم محاولاتها المتكررة قد فشلت في رسم البسمة على شفتيها, ولكنها شعرت بوجود من يراقبها كما كانت تشعر منذ بداية الحفل ولكنها لم تهتم في باديء الامر , إلا أنه عندما رفعت نظرها في تلك اللحظة قد تلاقت عينيها بعينيه التي تحمل الكثير من الفضول والأسئلة , حاولت حياة التهرب من نظرات وليد الملاحقة لها ولكنها لم تستطع ورغم بعدها النسبي عنه قد شعرت بأنها تبدو شفافة بالنسبة له وكأنه يخترقها من الداخل بالرغم من انها لاتعرفه وكذلك لم يبد عليه أنه يعرف من تكون, لم ينتشلها من ذلك الموقف سوى صوت هاتفها الذي تعالت رناته فقامت بالرد: السلام عليكم…أيوة يا بابا…..معلش بقا محستش بالوقت….اوك هاخد تاكسي واجي حالا…أعمل ايه بقا مفيش حل قدامي غير كدة…..اوك يا بابا …اول ما اركب التاكسي هبعت لحضرتك رسالة برقمه…….مع السلامة.
كان على حياة ان تهنىء صديقتها اولا وتخبرها برحيلها ولتفعل ذلك يجب ان تمر بذلك الغريب الذي بدأت تخشى نظراته, ترددت قليلا ولكنها اخيرا استجمعت شجاعتها وذهبت لتهنئ مريم وعندما مرت به حاولت ان تتحاشى النظر اليه ولكن حدث مالم تتوقعه حيث سمعته يقول وهو يشير لها بيده: لو سمحتي يا أنسة
ترددت حياة قليلا أتتوقف أم تكمل طريقها؟ ولكنها قررت ان تنهي ذلك الامر , فتوقفت على مسافة مناسبة منه: وهي تسأله: نعم؟ حضرتك بتكلمني؟
اقترب منها وليد قليلا مما زاد من توترها: انا اسف لتطفلي,لكن ممكن اعرف اذا كان حضرتك قريبة العروسة ولا لا؟
حياة: ودة هيفرق معاك في ايه؟
وليد بابتسامة رقيقة: يعني تقدري تقولي فضول او تعتبريها مجرد دردشة.
فقالت حياة وقد ثار غضبها ولكنها حاولت خفض صوتها كي لا يسمعه غيرهما: اه. واضح بقا ان حضرتك فاضي وعايز تتسلى, اما انا بقا للأسف مش فاضية ,عن اذنك.
وتركته حياة واتجهت ناحية صديقتها فقال وليد لنفسه في تأنيب: ايه اللي انا هببته دة؟
اقتربت حياة من مريم و قالت لها وهي تحتضن كفها: مبروك يا مريم, وربنا يتمم بخير ويسعدك, معلش بقا بابا اتصل بيا ولازم امشي دلوقت.
فقالت لها مريم برجاء وهي ترفض ان تحرر يدها: طب ما تخليكي معايا النهاردة,دة بكرة الجمعة اجازة يعني
حياة: معلش بقا يا مريم ,بابا اكيد مش هيوافق
مريم: اوك ولا يهمك يا حبيبتي,طب هتروحي ازاي؟
حياة: عادي يعني هاخد تاكسي
مريم باستنكار: تاكسي؟ وفي الساعة دي؟ لا طبعا…استني هخلي جدو يرن ع السواق بتاعه عشان ييجي يوصلك.
حياة مطمئنة: لا يا حبيبتي مفيش داعي ,انا هتصرف.وان شاء الله خير
وهنا تدخل يوسف الذي بدا وكأنه يتابع الحديث منذ بدايته رغم تظاهره بعكس ذلك: تسمحولي اتدخل بحل وسط؟
فانتبهت اليه الفتاتان: انا ممكن اطلب من اخوية انه يوصلك وأكيد هيكون ءأمن من التاكسي وخصوصا في ساعة زي دي؟
وقبل ان تبدي حياة اي اعتراض أشار يوسف بيده لوليد الذي اسرع على الفور تجاههما فور ان لاحظ وجود حياة وهو لم يعرف سبب ذلك الشعور الذي قد اجتاحه ناحيتها
وليد: خير يا يوسف؟
لم تصدق انها سمعت صوته فهل يعقل ان يكون هو من بين المدعوين جميعا وليد أخو يوسف الذي قال والدها عنه انه شاب جاد لا يهمه سوى عمله فقط عكس أخيه تماما لا يجري وراء النساء ولا يستجيب لنداء أي امرأة؟!
سمعت صوت يوسف وهو يقول لأخيه: وليد .لو سمحت ممكن توصل الأنسة لبيتها؟ معلش بقا طبعا مش هينفع انها تركب تاكسي في الوقت دة لوحدها.
وكأنه كان يحتاج لكل تلك المبررات,فهو لم يكن يتخيل أبدا ان الفرصة ستواتيه بتلك السرعة ليتعرف عليها اكثر ,ولكنه حاول ان يخفي مدى سعادته فقال برزانة وهو ينظر ناحيتها: طبعا يا يوسف .واكيد يعني احنا عمرنا ما هنرضى بكدة.
اسرعت حياة بالاعتراض فهي لن توافق ابدا على ان تركب وحدها مع هذا الشخص مهما حدث فقد كان هناك ما تخشاه ولكنها لا تعلم ماهيته على الرغم من انه يبدو اهلا للثقة: لالالا. انا مش عاوزة اتعب حضرتك, ومفيش داعي للقلق . عادي يعني .وهبقا اتصل بمريم اول ما هوصل عشان تطمن اني وصلت.
وليد مداعبا: يا ستي هو انتي كدة كدة مش هتركبي تاكسي؟ خلاص اعتبريني سواق تاكسي وهبقا اخد منك الاجرة و اللي هيحكم بيني وبينك العداد.
لم تجد حياة مخرجا اخر فقالت أخيرا بنبرة يا ئسة: معلش حضرتك .أنا مش هينفع اركب معاك عربيتك
صُدم وليد من كلامها قليلا ولكنه استوعب الامر واقترح اخيرا: اوك ولا يهمك, ولو كنتي مصرة انك تركبي تاكسي ,مفيش مشكلة انا هركب معاكي واوصلك
حياة: بس انا كدة هتعب حضرتك معايا.
وليد بلهجة مرحة: لا يا ستي لا تعب ولا حاجة. انا كل اللي حارق دمي الاجرة اللي هياخدها سواق تاني, صحيح الفقري فقري من يومه.
مريم متصنعة البراءة: معلش بقا تتردلك في زبون تاني ان شاء الله. مش بيقولوا رزق الهبل ع المجانين؟
وليد:بقا كدة؟
وهنا تعالت ضحكاتهم جميعا, وكانت المرة الاولى التي يتشارك فيها يوسف ومريم الضحكة,و بالفعل ركب وليد التاكسي مع حياة ولكنه بعد طلبها اضطر الى الركوب بجانب السائق بينما هي قد احتلت المقعد الخلفي بمفردها , في الحقيقة كان لهذا الترتيب من جانب حياة سببان اولهما انها لن توافق ان تجلس بجوار رجل غريب وخصوصا في مكان مغلق والثاني لانها تحاول بقدر استطاعتها ان تتجنب الرد على اسئلة وليد التي كانت تتوقعها.
بالفعل شعر وليد ببعض الضيق لذلك ولكنه احترم رغبتها بل انها باصرارها ذلك قد جعلته يزداد اعجابا بها وبشخصيتها , هو بالطبع قد قابل من هن اجمل كثيرا من حياة التي لم تفتقر بدورها الى الجمال حيث قد نالت منه حظا وفيرا ,لكنها تمتاز عن مثيلاتها بأمر آخر لم يستطع تحديده ربما يكون حيائها الذي لم يصبح له وجودا هذه الايام الا عند القليلات ,أو لنظرة الحزن التي لا تفارق عينيها ولا يعلم أحد سرها.
وصلت سيارة التاكسي الى العمارة التي تسكن بها حياة وقد كانت في أحد الاحياء الراقية الى حد كبير وقد كان وليد اسرع من حياة في مغادرة السيارة وفتح لها الباب بطريقة مهذبة شكرته حياة عليها وعندما همت بفتح حقيبتها قال لها وليد باستنكار: اوعي تكوني ناوية تعملي اللي في بالي.
حياة: هدفع الحساب ,ما تنساش ان التاكسي دة عشاني
أخد وليد نفسا عميقا فقد كان اسرع من أخيه في الاستجابة لنوبات الغضب ولكنه حاول الا يفعل ذلك تلك اللحظة فخرج صوته هادئا: من فضلك, اطلعي شقتك بدون نقاش
حاولت حياة الاعتراض ولكن خرج صوته أمرا بطريقة أخافتها: حالا.
ودون نقاش وجدت حياة نفسها تمتثل لأمره خوفا من بطشه فهي لا تعلم عنه الكثير ولكن مما سمعته عنه انه لا يقبل اي اعتراض على أوامره
أما فيما يتعلق بالحفل فقد أنتهى أخيرا وقد غادر المدعوون ولم يبق في الفيلا الى جانب العروسين سوى عبدالرءوف الذي قام بتقبيل رأس حفيدته وقد غمرته السعادة: الف مبروك يا حبيبتي. وربنا يتمملك بألف خير ,انا كدة خلاص مش عاوز حاجة تاني من الدنيا
مريم وقد تجمعت الدموع بعينيها: ربنا يخليك ليا يا جدو. ولا يحرمني منك ابدا
توجه نظر عبد الرءوف ناحية يوسف الذي كان يتابع المشهد عن قرب دون ان يبدو عليه أي تأثر: مبروك يا يوسف. خلي بالك منها. دي أغلى حاجة عندي.
يوسف مراوغا: وانا من امتى بهمل في حاجة من ممتلاكتي.
استولى الغضب على مريم وقد لاحظ جدها ذلك فقال ينهر يوسف بلطف: بلاش الكلام دة يا يوسف, خد بالك حفيدتي غضبها سريع.
يوسف بمزاح ساخر: عارف. مانا اتعرضت لنوبات غضبها اكتر من مرة قبل كدة لحد ما لقيت الطريقة المناسبة للتعامل معاها.
عبدالرءوف وهو ينقل عينيه بين الاثنين بنظرة خاصة: كدة! طب اطلع منها انا بقا وأسيبكم مع بعض شوية. عن اذنكم
خرج عبدالرءوف من القاعة ,وعندما تأكدت مريم من مغادرة جدها وعدم تمكنه من سماعهما بدأت تصب غضبها على يوسف: ممتلكاتك؟ دة انت بتحلم, اوعى تكون فاكر ان بالعقد اللي بينا دة هتقدر تتحكم فيا. دة عمره ما هيحصل يا يوسف. انت سامعني؟ عمره ما هيحصل.
اقترب منها يوسف خطوة فتراجعت هي خطوتين للوراء, فقال لها باستهزاء: اوعى انتي اللي تكوني فاكرة ان الحياة هنا زي اوروبا. وان فيه مساواة بين الجنسين زي ما بتقولوا. اسمحيلي اني اصححلك الفكرة دي انتي هنا في مصر وبقيتي متجوزة من مصري . جوازك مني يا مريم دة معناه انك بقيتي ملكي .وهتنفذي اوامري مهما كانت من غير اي اعتراض والا لازم ساعتها تكوني مستعدة للعقاب, انا عمري ما قبلت ان حد يخالف أوامري فما بالك بقا بمراتي؟ اللي هية اصلا واسمحيلي للمرة التانية اني اكررها بقت من ممتلكاتي

———–———-———————-————

ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة

 الى اللقاء في الحلقات القادمة

بقلم الكاتبة: رحاب حلمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى