ترفيهمسلسل غريبه في عالمك

مسلسل غريبه في عالمك الحلقة الحادية والثانية والعشرون

الحلقة الحادية والعشرون

*عودة الماضي*
دخل وليد مكتب أخية الذي كان يجلس على كرسيه يطالع بعض الاوراق, فلفت وليد انتباهه مازحا: مش محتاج أي مساعدة ولا قررت انك خلاص هتستغنى عن خدماتي؟
فهب يوسف واقفا مظهرا مدى سعادته برؤية أخيه الصغير وتقدم نحوه يدفعه الشوق والحنين فاتحا ذراعيه: وليد بيه, مش معقول؟! وحشتني يا غالي.
فبادله وليد العناق وقد كان بالفعل يشتاق الى حضن أخيه كثيرا ولكنه فضل العتاب بلهجة مرحة وهو يدفعه بعيدا عنه بلطف: يا عم اوعى كدة. دة انت حتى ما كلفتش خاطرك واتصلت تسأل عليا ولو مرة واحدة.
ظهرت الجدية على وجه يوسف ولكنها كانت مبطنة بروح الفكاهة: معلش بقا يا صاحبي أصلي خفت ع الرصيد وانت عارف بقا اخوك كارت مش خط.
وليد محذرا: يوسف! انت هتعملهم عليا ولا ايه؟ انا بتكلم بجد.
يوسف: اتصل بيك فين يابني؟ انت نسيت؟ انت عريس واكيد ما كنتش فاضي للكلام دة. دة غير مراتك اللي ممكن ساعتها تخليك تتبرى مني, الا قولي صحيح , هي عاملة ايه؟
ثم غمز له بنظرة خاصة وهو يدفعه بكتفه قليلا: وانت عامل ايه معاها؟
ورغم انه كان قد أعد بعض الردود الخاصة لتلك الاسئلة الا انه شعر ببعض التوتر في صوته وهو يجيب: الحمد لله, احنا بخير.
وبالطبع فهو يستطيع أن يخدع الجميع بابتسامته الكاذبة وسعادته الزائفة إلا شخصا واحدا وهو يوسف جلال الذي لم تنطلي عليه تلك الحيلة, ولكنه قرر ألا يتدخل في الأمر الا اذا طُلب منه ذلك. فألقى نظرة سريعة الى ساعة يده, واكتسى وجهه بالجدية وهو يقول بصوت أراده أن يكون صارما: طيب قولي بقا انت ايه اللي اخرك؟ ولا الجواز علمك الكسل؟
وليد وهو يمسك بيد أخيه ليجلسه بجواره: طب تعالى بس اقعد عشان انا عاوزة اكلمك في موضوع مهم.
يوسف وهو يجلس بجوار أخيه: دة انت مش جاي عشان الشغل بقا.
وليد: ما هو الموضوع اللي انا هكلمك فيه دة هو موضوع شغل بردو.
يوسف مازحا: شكلك كدة عاوز زيادة في المرتب طبعا بقا يا سيدي مانت بقيت رب اسرة. ع العموم اطمن انا عملت حساب الموضوع دة.
وليد جادا: لا يا يوسف, انا كنت عاوز أستقيل من الشغل.
يوسف مندهشا: تستقيل! ازاي يعني؟ طب ليه؟
وليد: مانا يا عم يوسف مش هفضل حابس نفسي في وظيفة ومرتب طول العمر.
يوسف: مانت اللي كنت عاوز كدة. مانا ياما عرضت عليك تمسك معايا الادارة وانت كنت دايما بترفض. ع العموم احنا لسة فيها, والشركة شركتك زي ما هي شركتي ودة حقك يابني.
وليد: يا يوسف انت فهمتني غلط. انا بفكر في حاجة تانية, بصراحة كدة انا عاوز افتح شركة لوحدي, وكنت جاي أخد رأيك في الموضوع.
يوسف بعد لحظات من التفكير: تشتغل لوحدك؟!اممممممم, انت فكرت كويس في الموضوع دة؟
وليد: مانت عارف يا يوسف اني بفكر فيه من زمان.
يوسف: اه بس ما كنتش عارف انه هيحصل بسرعة كدة.
وليد ببعض الاحباط: لو انت عاوزني اجله مفيش مشكلة.
فربت يوسف على كتفه بتشجيع: لا يا صاحبي, اعمل انت بس دراسة جدوى وشوف هتبدأ امتى؟
وليد بحماس زائد: انا اليومين اللي فاتوا دول كنت بعمل دراسة الجدوى وخلصتها تقريبا وناوي ان شاء الله أبدأ في أقرب وقت.
يوسف مداعبا: عملت دراسة الجدوى في اليوم اللي فاتوا؟
ثم أكمل ساخرا: وهي العروسة فتحت نفسك ع الشغل بالشكل دة؟!
أدرك وليد الخطأ الذي أوقع نفسه فيه, وقد لام نفسه كثيرا على ذلك فهو يعلم جيدا أن أخيه لا يفوته شاردة أو واردة, لذا حاول تدارك الأمر سريعا فاغتصب ابتسامة وهو يقول: وبعدين معاك يا يوسف. انت مفيش كلمة بتعدي عليك أبدا من غير ما تعلق عليها؟
يوسف بجدية ونظرات معاتبة:: دة لانها اول مرة تكدب عليا فيها يا صاحبي.
بدا ان وليد لم يدرك ما يقصده أخوه فسأله مستوضحا: وانا كنت كدبت عليك في ايه يا يوسف؟
يوسف بنظرة خاصة: يعني انت مش عارف؟
وليد بصدق: لا مش عارف, طب قولي انت يمكن أكون مش واخد بالي.
فأمال يوسف ناحيته قليلا و وقرر أن يكون سؤاله مباشرا بدلا من تلك المراوغة العقيمة التي لم يعتادها مع اخيه: انت ليه لما سألتك قبل جوازك اذا كان فيه حاجة حصلت بينك وبين حياة أنكرت؟
وليد: لان دي هي الحقيقة, ما كنش فيه حاجة حصلت بيني وبينها قبل الجواز.
ثم أكمل يقول لنفسه بألم: ولا بعد الجوز.
بدا ان يوسف لم يكتفِ بهذا الرد, بل انه لم يقتنع به على الاطلاق لذا أكمل استجوابه: أمال ليه كان كل اللي حصل دة في ليلة الدخلة؟ انت عارف لو كان أهلها صمموا ع اللي هما عاوزينه ما كنش حد هيقدر يمنعهم ولا انا شخصيا.
وامتلأ صوته بنبرات العتاب واللوم وهو يستطرد: ليه يا وليد؟ مادام كنت ناوي تتجوزها من البداية يبقا ليه تستعجل وتحط نفسك في موضع شبهة؟
شعر وليد بأن كل كلمة يقولها يوسف وكأنها سكين بارد يمزقه إربا, أو كأنها الملح الذي وُضع على جراحه ليزيد من آلامه, ولانه لم يستطع أن يتحمل نظرات الاتهام في عينيه فاندمع مدافعا عن نفسه بصوت أجش: هتصدقني يا يوسف لو قولتلك اني بريء م التهمة دي؟ واني والله ما لمست حياة قبل الجواز؟
يوسف: امال مين؟
صدمه السؤال ولم يستطع ان يرد عليه, فقال يوسف ليستحثه على الكلام: شوف يا وليد, انا مش بس أخوك الكبير دة انا كمان اللي مربيك, يعني انا ادرى واحد بيك, وانت من ساعة ما قررت انك تتجوز حياة وانا شاكك ان فيك حاجة غلط, يمكن صحيح تكون بتحبها بس انا ما شفتش في عنيك فرحة العاشق الولهان اللي صبر ونال. وليد! انت أخوية, وحياة بقت خلاص مراتك, يعني سمعتها عندي بقت من سمعتك وانا هقدر أحافظ ع الاتنين.
لم يجد وليد مفر من الرد على أخيه الذي لن يهدأ الا اذا علم الحقيقة كاملة كما انه كان في حاجة اللى دعم أخيه في هذا الشأن.
فاستجمع كل شجاعته وهو يقول: انا هقولك على كل حاجة يا يوسف لاني بجد بقيت محتاجلك اوي وما بقتش عارف اعمل ايه ولا اتصرف ازاي؟
يوسف: قول وانا سامعك.
وأخذ وليد يسرد على أخيه كل قصته مع حياة بالاضافة الى ما علمه من مريم الى ان انتهى وهو يقول بتنهيدة كبيرة تدل على ما يعانيه من الم و حيرة: هو دة كل اللي حصل.
تعاطف يوسف مع أخيه وهو يتخيل ما يحمله على عاتقه من هم صعب على أي انسان ان يتحمله, فسأله بثبات وقد قرر التزام الموضوعية في تعامله مع هذا الأمر: وناوي على ايه؟
وليد: مش عارف.
يوسف: أهم حاجة انك تكون واثق ان مراتك ضحية ومالهاش أي ذنب في اللي حصل, ولازم تتصرف معاها ع الاساس دة. وتعيش حياتك بقا. دي بقت مراتك خلاص
فأومأ وليد برأسه قليلا وهو يقول بغموض: ان شاء الله.
يوسف بتشكك: مش عارف ليه حاسس ان في دماغك حاجة تانية ومش عاوز تقولها.
وليد بتأكيد: بصراحة كدة اه, انا كنت محتاج مساعدتك في حاجة كدة هتوفر عليا كتير.
يوسف: حاجة ايه؟
هقولك بس مش دلوقت, انا كل اللي يهمني دلوقت اني افتح الشركة الاول وبعد دراسة الجدوى فاتضح اني هحتاج ع الاقل خمسة مليون جنيه كبداية, عشان كدة فانا كنت عاوزك تشتري نصيبي في الشركة و لو مش فيه سيولة كافية تغطي نصيبي فممكن تديني الخمسة مليون دلوقت وبعدين تديلي باقي المبلغ على دفعات. او زي ما تحب.
فسأله يوسف بعيون غاضبة: انت عاوز تنفصل عني للأبد بقا.
فسارع وليد الى النفي: لا طبعا انا ما كنش قصدي كدة, انا بس كنت………..
فقاطعه يوسف بحسم: خلاص يا وليد, بس انا عاوز اقولك حاجة مهمة لازم تحطها حلقة في ودنك, احنا ما ينفعش ننفصل عن بعض لاننا ملناش غير بعض, وطول ماحنا سوى هنبقا أقوياء ومحدش هيقدر يتغلب علينا, لكن لو كل واحد فينا مشي في سكة لوحده فهيبقا سهل أوي لاي راجل اعمال تاني انه يكسر شوكتنا, فاهمني يا صاحبي؟
وليد باذعان: فاهمك يا يوسف.
يوسف:اوك, يبقا من بكرة ان شاء الله هتلاقي المبلغ موجود في حسابك بالبنك, واي مبلغ تاني هتحتاجه قولي عليه من غير ما تتردد, فيه حاجة كمان كنت عاوز أطلبها منك.
وليد: ايه؟
يوسف: انا عاوز الشركة بتاعتك تكون قريبة من هنا, عشان خبر زي دة ممكن يهز السوق ويعرفوا ان حجم تعاملتنا كبر.
وليد: مفيش اي مشكلة بس فين المكان اللي ممكن ينفع؟
يوسف: فيه فيللا قريبة من هنا صاحبها عارضها للبيع بحوالي مليون ونص تقدر تشتريها وبشوية ديكور بسيط ممكن تتحول لشركة.
وليد: تمام أوي كدة ودة ممكن يوفرلي في التكاليف كمان. دة غير ان الموقع هنا ممتاز.
يوسف: اوك, يبقا من بكرة ان شاء الله هتصل بصاحب الفيللا .
وليد بحماس: وليه من بكرة يا عم يوسف, ما خير البر عاجله ونروح النهاردة.
يوسف موافقا: أوك, انا هخلي مي تجيبلي رقمه وهتصل بيه وأحدد معاه ميعاد.
وليد: اوك يا صاحبي, ويبقا اتصل بيا وبلغني بالجديد.
يوسف: ان شاء الله. وفيه طلب كمان ياريت تنفذه.
وليد: طلب ايه؟ عينيا يا كبير.
يوسف: انت هتفضل في مركزك بالشركة هنا لحد ما تخلص اجراءات شركتك او ع الاقل لحد ما نلاقي حد تاني ممكن يقوم بشغلك.
وليد: طبعا يا يوسف من غير ما تقول.
يوسف بابتسامة عريضة وهو يمد يده الى وليد: يبقا اتفقنا يا صاحبي.
فصافحه وليد بحرارة كعلامة للاتفاق: احنا عمرنا ما اختلفنا يا كبير, ويارب دايما ما نختلف.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
بعد ان استقبلها الجميع بالحفاوة والترحاب سألتها هالة بمشاكسة: بس ايه دة؟ دة انتي طلعتي جبارة على كدة, ازاي قدرتي تقنعي جوزك انك تنزلي تالت يوم جواز.
حياة بابتسامة مزيفة وهي تخفي مدى الالم الذي يعتصر به قلبها: لا, ماهو انا ووليد كنا متفقين على كدة من الاول. وهو كمان نزل الشغل من النهاردة.
سلمى بصرامة: طب ياللا بقا يا حياة وبلاش تضييع وقت اكتر من كدة, كفاية الايام اللي فاتت.
حياة بانصياع لاوامر صديقتها المخرجة: اوك وأنا جاهزة.
ثم تلفتت حولها وسألت: امال فين البنت مريم؟ وكمان استاذ خالد مش ظاهر ليه؟
سلمى: استاذ خالد استأذن انه هيتأخر النهاردة يعني شوية كدة وهييجي ان شاء الله, اما مريم فاتصلت بيا وقالتلي انها مش هتقدر تيجي دة غير انها طلبت مني اني اسمحلها تنفذ الشغل المطلوب منها في البيت. وابقا اروحلها عشان اشوفه.
حياة مندهشة: غريبة اوي! وما قالتش ايه السبب؟
سلمى: حاولت اني افهم منها لكن واضح انها ما كنتش حابة تقول اي حاجة, عشان كدة مش رضيت اضغط عليها ووافقت على اقتراحها.
حياة: واضح ان الامر ما يطمنش. ع العموم بعد ما نخلص هبقا اعدي عليها ان شاء الله وافهم منها ايه اللي بيحصل.
سلمى: اوك, ويبقا طمنينا بردو اصلها تعبت شوية امبارح ويمكن دة السبب اللي خلاها ما عرفتش تيجي, وقوليلها ان شاء الله اني هعدي عليها بكرة.
وهنا دخل خالد ملقيا التحية بلهجة مرحة ومشددا على كل كلمة بها: السلام عليكن ورحمة الله وبركاته.
فرد الجميع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ثم وجه كلامه الى سلمى: اولا انا اسف ع التأخير.
سلمى: مفيش داعي للاعتذار, حصل خير
وأكمل ناظرا تجاه حياة: وثانيا, حمدالله ع السلامة يا مدام حياة, والف مبروك ولو انها جات متأخرة شوية.
حياة بابتسامة هادئة: الله يبارك فيك.
سلمى موجهة اوامرها للجميع: اوك. بما اننا اكتملنا دلوقت فنقدر بقا نبدأ شغلنا, احنا هنبدأ الاول بالمشاهد اللي فيها حياة عشان نعوض اللي فات.
فسأل خالد بعد ان أجال بنظره في القاعة: امال فين مريم؟
سلمى: اتصلت وقالت انها مش هتيجي, اظاهر كدة انها لسة تعبانة.
فقال خالد في نفسه مخفيا دهشته امام الجميع: معقول يكون غيابها بسبب الموقف بتاع امبارح؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وبالفعل زارت حياة صديقتها في الفيللا للاطمئنان عليها ولتستفسر منها عن سبب غيابها وبعد الحاح كبير اضطرت ان تقص مريم عليها كل ما حصل ابتداء من لقائهما هي وزوجها بخالد صلاح في المطعم منتهية بقرارا زوجها الحاسم بعدم زهابها الى المسرح مجددا.
وبعد ان انتهت وعلى غير ما توقعت تماما وبدلا من الاندهاش أو المواساة رأت صديقتها تضحك بشكل اغاظها كثيرا فسألتها: ممكن اعرف بقا حضرتك بتضحكي على ايه دلوقت؟
حياة: مانتي لو كنتي بتفهمي كويس يا عبيطة كان زمانك بتضحكي معايا.
مريم بحيرة: اضحك على ايه؟ هو فيه حاجة من اللي انا قولتها تضحك؟
حياة: طبعا, دي تضحك وتضحك, وتخليكي أسعد واحدة في الدنيا كمان.
مريم: يعني ايه بقا؟ ما بقتش فاهماكي يا حياة.
حياة موضحة: أفهمك انا, تفتكري يوسف جوزك, عمل كدة ليه؟ وأكيد يعني قراره دة ما كنش من فراغ.
مريم بغيظ: استبداد بعيد عنك, اهو عاوز يفرض سيطرته وخلاص زي ما هو كمان عارف اني مش هقدر اعارضه ع الاقل اليومين دول بسبب وجود جدو هنا.
حياة: مش بقولك عبيطة
فرفعت مريم يدها مهددة: بت انتي, اتلمي احسن اضربك, وفهميني كدة بالراحة انتي تقصدي ايه؟ وشايفة يعني ليه يوسف بيعمل معايا كدة؟
حياة بصوت حالم: عشان بيغير يا جميل.
تفاجأت مريم من الكلمة ورددتها بدون وعي: بيغير!
ثم اسبعدت الفكرة سريعا وهي تقول: انتي بتقولي ايه؟ لا طبعا مش صح, وهو ايه يعني اللي يخليه يغير؟ يا بنتي اللي بيغير على حد دة يبقا اكيد بيحبه ويوسف جلال ما يعرفش الكلمة دي, يعني مش موجودة في قاموس تعاملاته.

حياة باستنكار: ليه بقا؟ هو مش راجل زي كل الرجالة ولا ايه؟!
مريم: راجل اه, بس مش زي كل الرجالة.
حياة: يعني ايه بقا؟ فهميني يا أم العريف.
مريم ساخرة: افهمك ايه اذا كنت انا اصلا مش فاهمة, المهم سيبك مني انا بقا وقوليلي وليد عامل معاكي ايه؟
أجابت حياة بألم وقد اختفت الابتسامة من وجهها: وليد! اهو دة بقا اللي انا فعلا ما بقتش فاهماه.
مريم: يعني ايه؟ بيعاملك وحش؟
حياة: لا وحش ولا حلو, هو تقريبا اصلا بيتجنب اي تعامل معايا.
مريم: ازاي بقا؟ مش المفروض انكم متجوزين وعايشين مع بعض في شقة واحدة؟
حياة: اهو زي مانتي بتقولي كدة المفروض.
مريم بعدم فهم: يعني ايه؟
حياة: يعني زي ما قولتلك, من ساعة ما اتجوزنا وهو بينام في اوضة وان في اوضة تانية وكل اللي بينا السلام عليكم و صباح الخير ومساء الخير, وهو معظم الوقت حابس نفسه في اوضة المكتب بيشتغل, وتقريبا كلامه معايا بالقطارة او تقدري تقولي انه منعدم يعني مجرد بيرد على كلامي باختصار, واكتر من كدة مفيش.
مريم بحيرة: بس تصرفه دة مناقض تماما للي قالهولك قبل الجواز لما سألتيه عن سبب اصراره للجواز منك.
حياة: ماهو دة اللي محيرني فعلا يا مريم. انا بجد ما بقتش فاهمة حاجة.
فوضعت مريم يدها على ذراع حياة تواسيها: معلش يا حياة, هو اكيد لسة مجروح. بس ان شاء الله مع الوقت هيتعود على وجودك معاه وينسى كل اللي حصل, وتبدأوا مع بعض صفحة جديدة.
حياة: وانتي بقا امتى هتبدأي مع يوسف صفحة جديدة؟
مريم: لا انا ويوسف متفقين من الاول, ان حياتنا مع بعض هتنتهي بمجرد ان جدو يخف تماما ويرجع زي الاول عشان الصدمة ما يكونش ليها تأثير كبير على صحته.
حياة بخضة: يعني هتطلقوا؟
مريم بألم محاولة اخفاءه وراء ابتسامة لم تستطع ان تخدع بها صديقتها: ايوة دة كان اتفاقنا.
فقالت لها حياة بغيظ وهي تميل نحوها: طب عيني في عينك كدة.
مريم وهي تبتعد عنها بضيق: اوعي يا رخمة و كمان انا عيني بتوجعني.
حياة مغيظة اياها وقد تأكدت من صحة ظنونها: على ماما يا ماما؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي منزل العائلة بسوهاج وتحديدا في حجرة النوم الخاصة بهدى, نجد هادية تجلس على سرير ابنتها وهي تقول رافضة بشكل قاطع: انا جولت لا يعني لا.
فجلست هدى بجوارها وهي تتوسل في محاولة لاقناعها: ليه بس يا اماي؟ انتي يرضيكي يعني اني مستجبلي يضيع اكدة؟
هادية: لا ما يرضنيش. وكمان ما يرضنيش اني اسيبك تعيشي لحالك في مصر. حتى اخوالك مش هيوافجوا على اكدة.
فأوشكت هدى على البكاء وهي تقول: يعني اعمل ايه بس ياربي؟ وهو كان بيدي بردك اللي حصل دة؟ ما هو مكتب التنسيج هو اللي حولني على جامعة القاهرة. وانا لازم اروح عشان اكمل تعليمي, ومش هينفع واصل اني اروح واعاود في نفس اليوم وعشان اكدة لازم افضل هناك لحد ما الدراسة ما تخلص, وكمان انا مش هكون لحالي , انا هيكون معايا زملاتي المغتربات.
هادية وهي تصر على اعتراضها: بردك هيبجا اسمكم بنات وعايشين لحالهم. ومفيش حد هياخد باله منيكم.
وبدأت دموعها تتساقط وهي تجهش بالبكاء: يعني اعمل ايه عاد؟ انا مجدرش اهمل دراستي واصل. وانتي ما يرضكيش ان حد يجول على بنتك انها جاهلة وما كملتش تعليمها.
هادية: جطع لسان اللي يجول اكدة.
ثم استطردت وقد بدأت تلين قليلا: بس انا بردك يا بنيتي مش هجدر اجنع اخوالك بكدة. انتي عارفاهم زين. عمرهم ما هيجبلوا بكدة واصل.
فكرت هدى سريعا الى ان لمعت عيناها فجأة وهي تقول: انا عندي الحل اللي هيخلي اخوالي يجبلوا اني اروح مصر ويكونوا مطمنين عليا كمان.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي مكان اخر, بفيللا واسعة ذات أثاث فخم نجد رجل الأعمال شاكر عزالدين يقف عاقدا ذراعيه حول صدره وهو يتابع المشهد بين زوجته وابنه في صمت, فلقد كانت الام تعانق ولدها بحرارة وشوق وهي تردد كلمات مثل: عماد! ابني, وحشتني اوي اوي يا حبيبي, وانت عامل ايه؟ وخاسس اوي كدة ليه يا حبيبي؟ انت ما كنتش بتاكل ولا ايه؟
فتبسم عماد وهو يهم بالرد ولكن كان والده اسرع منه: خاسس ايه يا مديحة؟ ما ترحمي الواد بقا, اكيد راجع من السفر تعبان. خليه يطلع يستريح شوية.
مديحة وهي ما زالت تتشبث بذراع ابنها وكأنها تخشى ان يهرب من بين يديها: اسيبه ازاي؟ انا لسة ما شبعتش منه, دة كأنه كان غايب عني من عشر سنين.
عماد متبسما من مبالغة والدته: يااااه عشر سنين ايه بس يا ماما؟ دول كلهم سنتين وانا جيت هنا من حوالي سنة تقريبا قضيت معاكم العيد وانتي كمان زورتيني في لبنان مرتين, آخر مرة كانت من حوالي خمس شهور
مديحة: اديك قولت بلسانك, يعني بقالي اكتر من خمس شهور ما شفتكش فيهم, يبقا ليا حق بقا انك توحشني ولا لا؟
فأومأ عماد برأسه موافقا: طبعا ليكي حق يا ست الكل, بس مش ليكي حق خالص في انك تسيبي نهال واقفة لوحدها كدة من غير حتى ما تسلمي عليها.
وأخيرا تذكرت مديحة زوجة ابنها التي انشغلت عنها في ذروة ترحيبها بقرة عينها _ولدها الوحيد_فاتجهت عيناها ناحية تلك الفتاة الطويلة التي ترتدي ثيابا ضيقة وتسرح شعرها بطريقة عصرية علاوة على كمية المساحيق الكبيرة التي استخدمتها لتزين بها وجهها وابتسامة صفراء تعلو ثغرها, فمدت لها مديحة يدا لمصافحتها: اهلا وسهلا بيكي يا بنتي, معلش بقا, انشغلت عنك, اصلك ما تعرفيش الواد دة كان واحشني اد ايه؟
وشعرت مديحة بأصابع باردة تصافحها وهي تستمع لذلك الصوت الرنان الذي يقول لها بجمود: ولا يهمك يا طنط, مانا صاحبة بيت بردو.
صدمها الرد, ولكنها تداركت ذلك سريعا وهي تقول بابتسامة مرتبكة: طبعا طبعا يا بنتي البيت بيتك, مانتي خلاص بقيتي واحدة مننا.
فاقتربت نهال من زوجها وهي تسأله بدلال: طب يا حبيبي مش هنطلع اوضتنا بقا, انا بجد تعبت اوي من السفر وعاوزة استريح.
مديحة: طيب مش هتتعشوا الاول؟
نهال: لا يا طنط انا عاملة رجيم.
مديحة بتهكم لم يلاحظه احد: وانت يا عماد هتتعشا ولا عامل رجيم بردو؟
عماد: لا يا ماما معلش انا هطلع مع نهال, انا اصلا اكلت في الطيارة. تصبحو على خير.
مديحة: اللي يريحك يا بني, وانت من أهله.
ووضع وليد ذراعه حول خصر زوجته واتجه بها الى الدور الثاني, وعندما تأكدت مديحة من صعودهما وعدم سماعهما لها اقتربت من زوجها وهي تقول بضيق: مش عارفة ليه يا شاكر انا قلبي مش مستريح للبنت مراة ابنك دي؟
شاكر مبتسما بمشاكسة: اه, هو احنا ابتدينا الغيرة بقا ولا ايه؟
مديحة: غيرة ايه؟ انتي فاكرني بهزر؟
شاكر: يا حبيبتي, ابنك لو كان اتجوز اي واحدة غيرها كنتي بردو مش هتستريحيلها, لانها في نظرك هتكون واحدة ست جات خطفت منك ابنك الوحيد.
مديحة نافية: لا يا شاكر, انت عارفني انا كنت بحلم باليوم اللي الاقي فيه عماد متجوز وعايش حياة مستقرة, بس البنت دي مش مظبوطة.
شاكر: يبقا ملناش دعوة, ابنك هو اللي اختارها وهو اللي يتحمل نتيجة اختياره, ومين عارف, ما جايز كل شكوكك دي تطلع مش صحيحة ويبقا هي دي فعلا البنت اللي هتقدر تسعده.
فقالت مديحة بتمني: يارب يكون كلامك دة صح, وانا هكون عاوزة ايه يعني من الدنيا غير اني اشوف ابني مبسوط ومتهني مع مراته, واشوف ولاده بيجروا ويتنططوا ادام عينيا.
ثم قالت وهي تهم بالذهاب: لما اروح بقا اقول لسعدية تجهز العشا لينا احنا الاتنين.
فقال شاكر مازحا وهو يحاول ان يقلد صوت نهال: لا خليه لواحد بس اصل انا عامل رجيم.
فتبسمت زوجته ردا على مزاحه, وهي تتجه ناحية المطبخ بسعادة تغمرها وهي تحمد ربها على عودة ولدها من جديد بعد غياب طويل حتى وان كانت في صحبته زوجة كنهال.

الحلقة الثانية والعشرون
*حليف جديد وعدو آخر*
كان يوسف يجلس على الأريكة في قاعة الاستقبال بفيلته وبجواره زوجته مريم وبصحبتهما عمته هادية وابنتها, فقال يوسف بلهجة ودودة: ودي محتاجة سؤال بردو يا عمتي؟ أكيد يعني هدى تقدر تشرفنا في أي وقت ولحد ماهي ما تحب.
هادية : والله يا ولدي أنا ما كنت هوافج أبدا على اكدة لولا الظروف.
يوسف معاتبا برقة: ليه بس يا عمتي؟ وهي هتقعد عند حد غريب؟ مانا بردو في الاول وفي الاخر ابن خالها وهدى طول عمرها زي أختي الصغيرة, ولا ايه؟
ثم نظر الى هدى وسألها بابتسامة ودودة: قوليلي بقا يا هدى انتي قبلتي في كلية ايه؟
هدى باندفاع وهي تقول بشيء من الغرور: قبلت في الكلية اللي انا اخترتها. كلية إعلام.
مريم باندهاش قليل: واشمعنى يعني اعلام؟
هدى بنظرة تحدي: وليه يعني مش اعلام؟ ولا اللي دخلوا اعلام يعني يبقوا احسن مننا؟
فهمت مريم الام تشير تلك الفتاة فتداركت الأمر سريعا وهي تقول بابتسامة دافئة محاولة امتصاص غضبها: لا طبعا يا حبيبتي, دة انا حتى متوقعالك من دلوقت انك هتبقي اعلامية شاطرة وزي القمر.
فردت هدى على ابتسامتها بابتسامة باردة وتقول بلهجة مقتطبة: متشكرة.
وهنا قال يوسف محاولا تلطيف الجو قليلا محدثا زوجته: طب لو سمحتي يا مريم, قولي لام ابراهيم تجهزلنا العشا.
احتجت هادية برفق وهي تتثاءب: يجعل بيتك عمران بكل خير يا ولدي, بس انا مليش نفس واصل وكمان مجدراش أجعد اكتر من اكدة, عن اذنكم بجا انا رايحة انعس في اوضتي عشان اجدر اجوم الصبح بكير وأعاود على البلد.
وبالفعل نهضت هادية لتتوجه الى حجرتها وكذلك فعلت ابنتها, فقال يوسف وهو يقترب منها: بس معقول هتمشي بسرعة كدة؟ طب ما تخليكي قاعدة معانا يومين او تلاتة كمان.
هادية: مانت خابر يا ولدي اني ما برتاحش غير في بيتي.
يوسف موافقا: خلاص اللي تشوفيه.
هادية وهي تضع يدها على كتفه في حنان: مش هوصيك عاد على بت عمتك. دي امانة في رجبتك يا ولدي.
يوسف مطمئنا:ما تخافيش يا عمتي, هدى في عينيا الاتنين.
هادية: تسلم عيونك يا ولدي. ياللا تصبحوا على خير بجا.
مريم ويوسف: وانتي من اهل الخير.
وصعدت هادية الدرج وبرفقتها ابنتها هدى, ثم نظر يوسف الى زوجته التي جلست مكانها مرة أخرى, فقال لها باقتطاب: طيب انا هدخل المكتب عشان عندي شغل لازم اخلصه.
مريم: اوك, طيب تحب أعملك حاجة تشربها؟
يوسف: ياريت فنجان قهوة.
مريم: ماشي, خمس دقايق ويكون عندك.
وتوجهت مريم ناحية المطبخ لتعد القهوة, اما يوسف فتوجه الى مكتبه لانجاز أعماله.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كانت حياة تقف في المطبخ تغسل بعض الأطباق بعد تناول العشاء بصحبة وليد, وبعد أن انهت عملها ولأنها لم تكن تشعر برغبة في النوم وخصوصا في هذا الوقت المبكر لذا قررت أن تشغل نفسها قليلا في ترتيب وتنظيف مطبخها وقد استغرق منها ذلك بالفعل بعض الوقت, ولكن مازال الوقت مبكرا. فكرت حياة في أنه لم يعد لديها سوى خيارين فإما ان تخرج لتجلس برفقة وليد الذي كان يشاهد التلفاز كعادته دائما كل مساء وفي تلك الحالة يجب أن تكون مستعدة تماما لسماع تعليقاته المريرة أو أن تكون قادرة على تحمل تجاهله الذي لا يطاق, وإما أن تتوجه إلى غرفتها لتجلس بمفردها وتصبح عرضة لتلك الذكريات الأليمة التي كانت تراودها منذ ذلك الحادث, ولكنها حسمت أمرها أخيرا لتختار أهون الأمرين فأعدت كوبين من النسكافيه وتوجهت إلى حيث جلس وليد, ولكنها وجدت أن التلفاز كان مغلقا و وليد كان مشغولا في قراءة شيء ما, وعندما دققت النظر وجدت أنه لم يكن سوى سيناريو المسرحية التي تقوم بتمثيل دور البطلة بها, وضعت حياة الصينية التي كانت تحملها على المنضدة الصغيرة التي أمام وليد و هي تقول ببعض الحذر وخوفا من أن يصدها كعادته: انا عملتلك كوباية نسكافيه معايا.
ولكنه لم يرفع نظره عن السيناريو الذي في يده واكتفي بقول كلمة واحدة: شكرا.
فأخذت حياة الكوب الخاص بها ثم جلست على كرسي بجوار الاريكة التي كان يجلس عليها وليد وهي تنظر اليه بتوجس, فبدا أنه قد أعطى كل تركيزه لهذا السيناريو, فهل حاز على اعجابه بالفعل؟ وقررت أن يكون ذلك هو محور نقاشهما فربما يكون هذا الموضوع هو نقطة التقائهما, لذا سألته ببعض الشجاعة التي قد تحلت بها ولكن بصوت ضعيف: عجبتك؟
يبدو انه لم يسمعها , فكررت السؤال بنبرة أعلى: بقولك المسرحية عجبتك؟
رفع وليد نظره عن الورق الذي في يده لينظر الى حياة وكأنه لم ينتبه لوجودها الا في هذه اللحظة, ثم أغلق السيناريو و وضعه على المنضدة بجوار الصينية التي أخذ منها كوب النسكافيه وارتشف بعضا منه, وعندما بدأت حياة تيأس في احتمالية رده على سؤالها ,قال أخيرا: هو مين اللي بيقوم بدور البطل؟
حياة: معيد عندنا في الكلية اسمه خالد صلاح.
وليد: بس انتي ما قولتليش قبل كدة ان هيكون معاكم راجل في المسرحية.
حياة وقد أربكها كلامه: احنا اصلا ما جتش اي فرصة قبل كدة عشان نتكلم فيها عن المسرحية. لكن زي مانت شايف هو راجل واحد والمفروض انه البطل بس بالاسم بس لان مفيش رجالة غيره في المسرحية لكنه بيظهر تلات مشاهد كل واحد فيهم ما بيزيدش عن خمس دقايق دة غير ان التلات مشاهد دول دايما بيكون معانا فيهم البنات سواء وهما صغيرين او وهما كبار.
فأومأ وليد برأسه متفهما: ع العموم السيناريو مش بطال مع ان القصة خيالية و صعب انها تحصل في الواقع.
حياة: ليه يعني؟
وليد: أصل صعب أوي أصدق ان ممكن تكون فيه ست زي وسام البطلة, يعني مش قادر اتصور ان النوع دة لسة موجود, الست المكافحة اللي بتعيش على ذكرى جوزها المتوفي لحد ما بتربي بناتها التلاتة وتطلعهم زي ما كانوا بيتمنوا هما الاتنين. على حسب علمي ان النوع دة انقرض خلاص.
حياة: اسمحلي اقولك انك غلطان, لان لو الواحدة فعلا كانت بتحب جوزها فبتفضل مخلصة لذكراه حتى بعد وفاته.
وليد مكررا كلماتها بسخرية ظاهرة: لو بتحب جوزها, ودة بقا معناه اني مستثنى من القاعدة دي؟
فوجئت حياة بسؤاله ولم تدرِ بم يمكنها ان تجيب فلزمت الصمت, ثم احتست كمية كبيرة من النسكافية مرة واحدة لتتجنب نظراته المهاجمة, وقررت أن تغير دفة الحديث فسألته: هو انت ليه ما بقتش بتروح شغلك بدري زي ما قولتلي قبل كدة؟
شعرت حياة بالندم من القائها لهذا السؤال ومما ذاد من شعورها ذلك تلك الفترة المليئة بالصمت عقب سؤالها مما جعلها تقول باعتذار وخجل شديد: انا اسفة؟
وليد مندهشا: اسفة! على ايه؟
حياة: عشان واضح اني اتعديت حدودي للمرة التانية وسألت عن حاجة ما تخصنيش.
وليد بنظرات باردة: يمكن يكون عندك حق, لكن مفيش حاجة تستدعي السرية, لان دلوقت او بعدين مسيرك تعرفي, انا حاليا بفتح شركة خاصة بيا, واحنا دلوقت في مرحلة اعداد المقر ودة مش مستدعي اني اكون هناك طول الوقت مجرد متابعة من وقت للتاني وطبعا ساعات بروح الشركة الرئيسية أتابع مع يوسف لحد ما يشوف حد يحل محلي.
حياة بابتسامة هادئة: الف مبروك وربنا يجعلها فتحة خير عليك ان شاء الله.
وليد وهو يصحح لها مشددا على كلمته: علينا.
لم تفهم حياة مقصده في البداية الا أن قال لها موضحا: المفروض انك مراتي واننا اسرة واحدة, وأنا مش هفضل على طول أفكرك بدة؟ المفروض انك خلاص اتعودتي على كدة.
فأومأت حياة برأسها موافقة, ثم نهضت وهي تقول: طب عن اذنك انا هدخل انام عشان اقدر اقوم الصبح بدري لأن سلمى دقيقة اوي في موضوع الحضور بدري دة, تصبح على خير.
وليد: وانتي من أهله.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
غفت مريم على الأريكة التي كانت تجلس عليها, في حين كان يوسف لا يزال في مكتبه يعمل الى أن رن جرس الباب فأفاقت من غفوتها على صوته, ونظرت الى الساعة المعلقة بالحائط لتجدها قد قاربت على الواحدة صباحا, وبالطبع كان جميع الخدم يغرقون في سبات عميق, لذا كان عليها هي ان تنهض لتفتح الباب وهي تتساءل عمن عساه يأتي في تلك الساعة المتأخرة, وما ان فتحت الباب حتى تفاجأت بعمتها تقف أمامها بعينين دامعتين فخرجت من فمها الكلمات دون ان تدري: عمتو! مش معقول.
فقالت وردة بصوت باكي: جرى ايه يا مريم, مش هتقوليلي ادخلي؟
فأسرعت مريم تقول وقد تنحت جانبا لتفسح لها مجالا للدخول: لا طبعا ازاي يا عمتو؟ اتفضلي.
فتقدمت وردة الى الداخل بخطى متثاقلة, وبعد ان اغلقت مريم الباب أشارت الى وردة بيدها: اتفضلي يا عمتو.
وفي تلك اللحظة خرج يوسف من المكتب ليتفاجأ بدوره هو الأخر لوجود وردة في ذلك الوقت ولكن ردة فعله كانت مختلفة فقد رحب بضيفته بكل ود: عمتي! اهلا و سهلا بيكي.
فقالت وردة موجهة حديثها لابنة أخيها وزوجها وهي تشعر بالحرج الشديد: انا اسفة اني جيت في وقت متأخر زي دة, بس انا عارفة ان بابا قاعد هنا وان الفيللا بتاعته أديلها فترة مقفولة.
وكان يوسف أسرع من مريم في الرد: حضرتك البيت بيتك, وممكن تيجي في أي وقت. بس هو حضرتك جاية لوحدك؟
وردة بصوت متحشرج وقد تلألأت الدموع في عينيها: كمال لما رجع من السفر وعرف اني قابلت بابا وكمان جيت معاه هنا زعقلي ولما حاولت ارد عليه طردني من البيت, وماهر لسة ما رجعش من برة, دة انا حتى جيت في تاكسي.
فقال يوسف بعيون متحجرة وغضب مكتوم: تاكسي لوحدك و في ساعة زي دي؟ دة كدة بقا كمال وهدان زودها اوي.
ثم نظر الى مريم ليقول لها وقد هدأت حدة صوته قليلا: مريم! خدي عمتك وطلعيها فوق عشان تستريح شوية, جدك زمانه في سابع نومة وما ينفعش نصحيه دلوقت.
مريم: حاضر.
ثم اقتربت مريم من عمتها وهي تحيط كتفيها بذراعه في محاولة بسيطة منها لمواساتها: تعالي معايا يا عمتو.
ثم صعدتا الى الدور الاعلى, و عاد يوسف الى مكتبه مرة أخرى.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في فيللا كمال وهدان كان وجه ماهر يحمر غضبا وهو يمسك بهاتفه الخلوي ويحاول أن يتصل بأحدهم ولكن يبدو ان هذا الشخص لا يجيب مما جعله يهتف في وجه كمال الذي كان يجلس على كرسيه خلف المكتب بكل هدوء: ازاي بس يا بابا تسيبها تمشي لوحدها في ساعة زي دي؟
كمال: معرفش بقا أهو اللي حصل, خرجت عن شعوري وهي كمان استفذتني
ماهر: الله أعلم بقا هي راحت فين دلوقت او حصلها ايه؟ تليفونها مقفول وكمان عند جدي محدش بيرد واكيد يعني هي مش ممكن تكون راحت البلد دلوقت.
كمال: تلاقيها راحت عند يوسف جلال, هي عارفة ان جدك قاعد عنده.
ماهر: انا مش معايا رقم يوسف, بس اكيد هلاقيه في الدليل هروح اشوفه.
ثم خرج سريعا دون ان ينتظر اي تعليق من والده.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كان يوسف لا يزال جالسا في مكتبه يطالع بعض الاوراق حين رن جرس الهاتف, فرفع السماعة ورد قائلا: الو…….ايوة انا يوسف جلال.
ثم تبدلت ملامح وجهه فجأة ليحل محل الهدوء الغضب وهو يقول: ايوة يا ماهر….تفتكر ان من الشهامة اللي والدك عمله دة؟………..ايوة هي لسة واصلة من شوية………لا تلاقيها نايمة دلوقت تقدر تتصل بيها بكرة……..أكيد طبعا تقدر تشرف في أي وقت……..اوك مستنيك بكرة………مع السلامة.
وانهى يوسف المكالمة ليعيد السماعة مكانها مرة أخرى, وقد أخذ يفكر قليلا وقد ظهرت الحيرة على وجهه وهو يقول محدثا نفسه: يا ترى ناوي على ايه يا كمال انت وابنك؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
ارتمت وردة في حضن والدها وهي تجهش بالبكاء فأخذ عبد الرءوف يطيب خاطرها بكلماته الحنونة حيث كان قلبه يتمزق لبكاء ابنته, ووقفت مريم بجوارهما وهي تربت على كتف عمتها علها تخفف من حزنها: خلاص بقا يا عمتو, ان شاء الله كل حاجة هتتصلح.
وسمعوا طرقا على الباب فقالت مريم للطارق: ادخل.
دخل يوسف بابتسامته المشرقة الكفيلة باذابة أي حزن: صباح الخير.
فرد الجميع: صباح النور.
وقال عبدالرءوف بلهجة مرحة: معلش بقا يا يوسف ع الازعاج دة, وواضح كدة ان احنا هنزحملك الفيللا.
يوسف بنظرة لائمة: انا هعمل حساب انك لسة مريض ومش هينفع أحاسبك على كلامك دة دلوقت بس انت عارف كويس انه عيبة في حقي.
عبدالرءوف معتذرا: في دي بقا عندك حق, معلش بقا يا سيدي انا مريض و شكلي بخرف.
وردة: بعد الشر عليك يا بابا, بس انا بعد اذنك شايفة اننا لازم نمشي بقا ونرجع الفيللا وانا هكلم الشغالين عشان يروحوا ينضفوها الاول.
فقال يوسف بلهجته الحاسمة التي لا تقبل أي نقاش بعدها: عمي لسة ادامه ع الاقل يومين لحد ما يقدر يقوم من السرير, يعني مش هينفع يسيب هنا دلوقت.
وردة: خلاص هروح انا الفيللا وابقا اجي كل يوم اطمن عليه.
يوسف: ومين قال لحضرتك ان انا او عمي عبدالرءوف هنسمحلك بانك تروحي تقعدي هناك لوحدك؟ حضرتك هتقعدي هنا معززة مكرمة لحد ما الدكتور يسمح لعمي بالحركة , وبعد كدة لو هو قرر انه يرجع فيلته يبقا تروحي معاه.
فقالت وردة بتردد وهي تشعر بالخجل الشديد: بس يابني……….
فقاطعها يوسف: مفيش بس.
وأكدت مريم على كلامه محاولة اقناع عمتها ولكن ببعض اللين: ارجوكي يا عمتي وافقي دة انا من ساعة ما جيت مصر وانا مش عارفة اقعد معاكي فيبقا دي فرصة بقا.
فامتثلت وردة لرأي الاغلبية: خلاص اللي تشوفوه, بس انا مش جايبة معايا اي هدوم, فهروح اجيب الهدوم اللي كنت سايباها عند بابا.
يوسف: اوك, و مريم تروح مع حضرتك عشان تساعدك وفيه عربية هنا هتكون تحت أمرك في اي وقت.
فنظرت اليه وردة بامتنان: متشكرة اوي يا يوسف.
يوسف: على ايه بس؟ دة أقل واجب.
ثم قال وكأنه تذكر امر ما: أه على فكرة, ماهر اتصل بيا امبارح عشان يسأل على حضرتك لانه لقى موبايك مقفول وكمان اتصل بفيللا عمي فمحدش رد عليه طبعا, وانا طمنته ان حضرتك موجودة هنا فقالي انه هييجي النهاردة عشان يطمن عليكي بنفسه.
ثم نظر يوسف الى زوجته, وقال: ما تنسيش تعملي حسابه النهاردة ع الغدا معانا يا مريم, وانا كمان هعزم وليد وانتي يبقا كلمي حياة عشان نتلم كلنا.
مريم مندهشة: بس انت عمرك ما جيت ع الغدا.
فابتسم يوسف وهو يلمس خدها بحنان ويقول لها قبل ان يغادر: تقدري تقولي ان وحشني اكل البيت وخصوصا بقا لما يكون من ايد مراتي.
وكما اقترب فجأة ابتعد عنها فجأة: عن اذنكم بقا. سلام.
فردو عليه: مع السلامة.
فقال عبدالرءوف وقد اكتست نبرته بروح الدعابة وهو يغمز لابنته مشيرا الى مريم التي كانت لا تزال تقف مشدوهة وعينيها معلقة على الباب بعد خروجه: قال وحشه أكل البيت قال؟
فبادلته ابنته الابتسام بينما كانت مريم في عالم أخر وتشعر وكأنها في حلم جميل لا تريد أن تصحو منه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كانت الشمس تميل الى الغروب, وأشعتها التي قد اكتسبت اللون الأحمر تملأ المكان لتضفي عليه مزيدا من السحر والجمال والرومانسية. وكانت هدى تجلس في حديقة الفيللا تحت المظلة وهي تلاعب قطة صغيرة حين سمعت صوتا مازحا يأتي من خلفها يقول: خلي بالك عشان ممكن تخربشك.
نظرت هدى الى صاحب الصوت ليظهر ماهر ببشرته الداكنه وابتسامته الصادقة لأول مرة والمشاكسة في نفس الوقت و التي منحته الكثير من الجاذبية, كانت هدى سترد عليه بلهجة قاسية ان كان ظهر في وقت آخر لكن يبدو ان عامل الجو والمكان قد أكسبتها هي أيضا بعض الهدنة مع نفسها ومع الغير جعلها تتخلى قليلا عن طبعها الحاد, لتجيب بابتسامة هادئة وهي تتلمس شعر القطة في رقة: لا ما تخافش دي صاحبتي من أكتر من ساعتين, دة انا حتى لسة مأكلاها من شوية.
ماهر: مش بيقولوا بردو ان القطط بتاكل وتنكر؟
فضحكت هدى بصوت ساحر وهي تقول: لا, اكيد ساعتها ما شافوش بوسي.
ماهر: انتي سمتيها بوسي؟
فقالت هدى وقد نهضت من مكانها حاملة القطة وهي ترفعها أمامه : ايه رأيك مش اسم حلو؟ وكمان لايق عليها مش كدة؟
فداعب ماهر رأس القطة: حقيقي لا يق جدا, بس ممكن أعرف بقا اسمة صاحبة بوسي؟
وفجأة تذكرت هدى بأن هذا الشخص لا يزال غريبا عنها ولا تعلم لماذا تبسطت معه في الحديث الى هذا الحد؟ فقطبت جبينها سريعا و هي تسأله: حضرتك اللي مين؟ وازاي تدخل كدة من غير استئذان؟
تفاجىء ماهر قليلا بسرعة تغير مزاجها ولكنه قد أرجع ذلك الى حداثة سنها فقد بدت له كطالبة مدرسة مشاغبة ويبدو ان هذا هو ما جذبه لها فور رؤيتها عندما دخل الفيللا ووجدها تلعب مع قطتها تحت المظلة فظل واقفا بعيدا يراقبها في صمت , الى ان قادته قدميه رغما عنه ليقاطع ذلك المشهد البرىء, وجدها تنتظر ردا على سؤالها, فقال لها وكان لم يتخل بعد عن ابتسامته: انا ماهر كمال ابن عمة مريم مراة يوسف جلال صاحب الفيللا, ممكن بقا أعرف الانسة تطلع مين؟
هدى بلهجة جادة لا تليق بسنها كما تصور ماهر مما جعله يبتسم: انا الانسة هدى عبدالعظيم, بنت عمة يوسف جلال نفسه صاحب الفيللا.
فهتف ماهر: معقول؟! دة احنا طلعنا قرايب بقا.
فصححت هدى له بتكشيرة صغيرة: نسايب مش قرايب.
فوافق ماهر على الفور فقط لامتصاص غضبها الذي كان على وشك الانفجار: ماشي يا ستي, نسايب ولا تزعلي. قوليلي بقا هو يوسف وماما جوة؟
هدى: مامتك جوة, بس يوسف لسة ما جاش.
ماهر: طيب باعتبارك قريبة صاحب الفيللا تسمحيلي ادخل؟ وعلى فكرة انا استأذنت من يوسف قبل ما اجي.
هدى وهي تحاول ان تقوم بدور سيدة المنزل والمضيفة: طبعا يا فندم, اتفضل.
وتوجهت هدى الى داخل الفيللا ويتبعها ماهر.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وقفت مريم في مطبخ الفيللا تساعد ام ابراهيم في اعداد الطعام وبرفقتهما حياة التي حضرت فور مكالمة صديقتها لها, فقالت مريم وهي تشعر بالضجر حيث لم تكن من هواة فن الطبخ بل لقد أجزمت حياة منذ دخولهما المطبخ بأنها فاشلة تماما في ذلك الأمر: انا مش عارفة ليه يعني ما جبناش أكل من برة بدل كل التعب دة؟
فافتر ثغر ام ابراهيم بابتسامة رزينة وهي تقول: وهو أكل برة يابنتي هيبقا أحسن من أكل البيت؟
ثم غمزت الى حياة وهي تكمل: وكمان مادام الباشمهندس وليد هيتغدى هنا يبقا مش هيعجبه أكل برة لانه دايما بيحب أكل البيت.
مريم بغيظ:بقا كدة , يبقا الله يكون في عونك فعلا يا حياة, أكيد مقضية كل حياتك في المطبخ.
فتبست حياة وهي تقول بنبرة صادقة: وايه يعني؟ يا بنتي المطبخ دة مملكة الست, وكمان بيقولوا ان اقرب طريق لقلب جوزك معدته يا هبلة.
مريم مازحة: كدة يبقا ام ابراهيم قاعدة ومتربعة في قلب جوزها.
فضحكت ام ابراهيم وحياة التي قالت لصديقتها وهي تدفعها بعيدا بكتفها: عقبالك يا فالحة.
مريم محتجة: لا يا ستي, انا معدة جوزي واخدة على أكل برة.
حياة: يختي وهو كان لقى أكل جوة وقال لا. ماهو شايف الست هانم بتاعته زي خيبتها, طيب حاولي انتي بس كدة تعمليها وتفاجئيه انك انتي اللي طابخة, وهتلاقيه بعد كدة هو اللي بيصر انه ياكل في البيت على طول.
مريم وهي تزم شفتيها بتبرم: بس انا مش بعرف أطبخ.
حياة: يبقا لازم تتعلمي يا ماما.
مريم: واتعلم ليه؟ ماهو الخير والبركة في ام ابراهيم بقا.
فقالت ام ابراهيم مؤيدة لكلام حياة: ست حياة عندها حق, انتي لازم تتعلمي, افرضي يعني ان انا ما كنتش موجودة, وانك مش لاقية حد يعملك الاكل, ساعتها بقا هتتصرفي ازاي؟
فردت مريم سريعا دون تفكير: هطلب دليفري من برة.
فنظرت اليها كل من ام ابراهيم و حياة بيأس, وقالت حياة لام ابراهيم: سيبك منها يا ام ابراهيم, دي مفيش فايدة فيها. على راي الدكاترة حالة ميئوس منها.
مريم بتأفف: طب وهو احنا مش المفروض اننا خلصنا بقا؟
فقالت حياة وهي تهم بغسل يديها: اه خلاص, كل حاجة كدة ناقصة ع الفرن.
مريم بسعادة غامرة كالطفل الذي قد انهى واجبه: اخيرا, طب ياللا بقا عشان نغير هدومنا.
حياة موبخة: بابنتي اصبري شوية بقا لما الاكل يطيب.
فقالت لهما ام ابراهيم وهي ترى تكشيرة مريم التي عادت الى وجهها من جديد: لا , كفاية عليكم كدة يا ست حياة, روحوا انتو اجهزوا وانا هخلي بالي من الصواني.
فشكرتها حياة وهي تدفع صديقتها الى الخارج: قدامي يا مغلباني.
فتبسمت ام ابراهيم وهي تقر في نفسها بأن تلك السيدة الشابة هي بالفعل أنسب زوجة للمهندس يوسف جلال, فبصغر سنها و خفتها تستطيع أن تخرجه من القوقعة التي قد حبس نفسه فيها, وان تفتح له نافذة جديدة للحياة يستطيع أن يطل منها على عالم من المشاعر كان قد أنكر وجوده منذ زمن بعيد.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ وفي الجانب الاخر قال ماهر لهدى التي كانت تجلس بجواره بصوت خافت: وانتي بقا عملتي ايه يا انسة هدى؟ ولا انتي لسة صغيرة على دخول المطبخ؟
فشعرت هدى بالغضب يشعل وجنتيها, ولكنها حاولت السيطرة على انفعالها حتى لا يلاحظ أحد ذلك, فردت عليه وهي تصر على اسنانها من شدة غضبها الذي تحاول كتمانه: انا مش صغيرة, انا داخلة اولى اعلام السنادي.
ماهر: طب خلاص خلاص, وزعلانة كدة ليه؟ انا اسف يا ستي. انتي كبيرة وكبيرة اوي كمان.
ثم نظر الي امه التي كانت تجلس على الجانب الاخر له وقال بصوت سمعه الجميع: ماما! ان شاء الله بقا بعد ما نتغدى, هتروحي معايا.
وردة: لا يا ماهر, انا مش هرجع معاك بعد اللي عمله باباك, انا مليش عيشة معاه بعد كدة. انا هقعد مع بابا هنا لحد ما يقدر يتحرك و بعدها نرجع سوا على فيلتنا.
حاول ماهر الاعتراض: بس يا ماما…………
فقاطعه يوسف قائلا: لو سمحت يا ماهر سيب مامتك على راحتها, وسواء هنا او في فيللا عمي عبدالرءوف فهي مش هتبقا قاعدة مع حد غريب ع الاقل لحد الامور ما تهدى.
وكالعادة لم يستطع ان يعترض أحد على كلامه, فامتثل ماهر لامره المبطن في صيغة طلب.
وتناول الجميع وجبة الغداء ثم القهوة الى ان حان الوقت لمغادرة ماهر, فودع ماهر الحاضرين ثم خرج وفي اثره يوسف الذي قام بتوصيله حتى باب الفيلا فصافحه ماهر وقال له بامتنان حقيقي: انا متشكر اوي يا يوسف ع اللي عملته مع ماما وبتعمله دلوقت مع جدي.
يوسف: انا ما عملتش اي حاجة تستاهل الشكر.
ماهر: ازاي بقا؟ الموقف بتاع امبارح دة لوحده يخليني مدينلك بحياتي كلها, واحد غيرك كان بعد اللي عمله بابا معاك وانا كمان كان ممكن يطرد ماما من بيته والله اعلم كان هيبقا مصيرها ايه دلوقت؟
يوسف: اديك قولت بنفسك, واحد غيري يعني مش انا. يا ماهر انا لو باباك نفسه رغم عداوتي معاه واللي انت عارفها كويس, فلو جه يوم ودخل بيتي يتحامى فيه انا مش هقدر اتخلى عنه.
ماهر بخجل شديد: عشان كدة انا بجد اسف للفكرة اللي كنت واخدها عنك, وياريت تسامحني على كل خطأ ارتكبته في حقك.
يوسف وهو يربت على كتفه بابتسامة صادقة: عيب تقول كدة, دة احنا في الاول وفي الاخر اهل.
ماهر: وانا لاول مرة هقولك اني بجد سعيد جدا بالنسب دة, عن اذنك.
يوسف: مع السلامة.
ماهر: الله يسلمك.
ورحل ماهر ونظرات يوسف الباسمة تشيعه وقد كان يشعر بالرضا التام لانه اليوم فقط قد كسب في صفه حليفا جديد , ولكنه كان يجهل انه في نفس اليوم قد تحالف ضده عدوا آخر.

———–———-———————-————

ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة

 الى اللقاء في الحلقات القادمة

بقلم الكاتبة: رحاب حلمي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى