مسلسل غريبه في عالمك الحلقة التاسعة والعشرون والثلاثون والأخيرة
الحلقة التاسعة عشر
*رصاصة في الصدر*
في حفل الافتتاح الذي اقيم بفيللا عبدالرءوف الكامل والذي أشرف على إعداده كل من ماهر ومريم, وكما أخبر ماهر علياء وعماد فهو بالفعل الذي تولى بدعوة الضيوف لأن علاقاته الاجتماعية كثيرة ومتشعبه بحكم عمله مع عبدالرءوف الكامل من جهة ومع والده من جهة أخرى, وقد كان الحفل شبه مكتمل وقام ماهر بتقديم مريم إلى العديد من سيدات الأعمال وكذلك زوجات رجال الأعمال الكثيرين, كانت مريم تبدو سعيدة بذلك التغيير الذي طرأ على حياتها والذي بدأ ينسيها إلى حد كبير بعض همومها.
أما خارج الفيللا فنجد علياء تجلس في سيارتها التي قد ركنتها أمام الفيللا منذ ما يقرب من ربع الساعة ولكنها لم تبد أي استعدادا لمغادرتها حتى أنها لم تطفىء محركها وكأنها تنتظر شيئا ما, إلى أن جاءت اللحظة التي تنتظرها حيث تراءت لها في مرآة السيارة الخلفية سيارة يوسف القادمة نحوها وقد اختارت ذلك الوقت بالذات لتطفىء المحرك وتخرج من السيارة بكل ثقة وهدوء وكان يوسف قد أوقف سيارته بالقرب منها, ثم ترجل منها وحياها بابتسامته الساحرة, فأبدت علياء بعض الدهشة لرؤيته وسألته: معقول يا يوسف انت لسة جاي؟ دة انا افتكرت انك جوة مع مراتك من بداية الحفلة.
يوسف: لا يا ستي, انتي النهاردة ممكن تعتبريني ضيف عادي زيي زيك بالظبط.
علياء وقد رسمت على وجهها علامات الحيرة وعدم استيعاب ما يقول: ازاي دة؟
يوسف وهو يتجنب الدخول في تفاصيل: يعني, اصل حصل بين وبين مريم تاتش كدة فخلاها تسيب البيت وتيجي تقعد عند جدها.
علياء: بقا عشان كدة هي عملت الحفلة هنا؟ انا بردو استغربت لما الدعوة جاتلي ومكتوب عليها فيللا عبدالرءوف الكامل, طيب تحب اتدخل؟
يوسف شاكرا اياها بلطف: لا بلاش. المهم هو فين يوسف خطيبك؟
علياء متصنعة الحزن: ما رضيش ييجي يا سيدي وعمل فيها زعلان علشان يعني الدعوة كانت موجهالي انا مش ليه هو. وانا كمان ما كنتش هاجي بس قولت انك ممكن تزعل ما كنتش أعرف ان العلاقة بينك وبين مراتك وصلت للدرجادي.
ثم أكملت بدلال وهي تميل نحوه: تسمحلي بقا ندخل مع بعض وانا ايدي في دراعك. اصل بصراحة مش عاوزة ادخل لوحدي.
فقدم لها يوسف ذراعه وهو يقول مبتسما: يا سلام! وانا أطول؟ دة يبقا شرف ليا.
ثم وضعت علياء يدها في ذراعه ليبدو لكل من يراهما كالعاشقين وهذا بالضبط ما كانت تريده علياء عندما أعربت عن طلبها.
وبالفعل دخلا سويا الفيللا حيث كان الحفل في الداخل بالطابق الأرضي, وكانت مريم تجول بين ضيوفها لتلبية طلبات ضيوفها والرد على أسئلتهم حين وقع نظرها على باب الفيللا لتراها متأبطة ذراعه بتملك ونظرات الرضا بادية على وجهه, اذن لم يعد يخامرها الشك في حجم العلاقة التي تربطهما والتي لم تنقطع حتى بزواجه من مريم تلك الزوجة المغفلة التي كانت في يوم ما تمني النفس بحياة سعيدة ستعيشها معه وإلى الأبد وهي لم يخطر ببالها أن موافقته على الزواج منها لم يكن الا لتيقنه بأن مصلحته هي التي كانت وراء ذلك الزواج الذي لم يدم لأكثر من ثلاثة شهور وها هو الأن يعود لماضيه مرة أخرى, ومن يعلم ما ينويه الآن؟ فهل يرغب في أن يتزوجها؟ أم أنه قد تزوجها بالفعل؟ فدخوله معها في ذلك الوضع الحميمي في حفلة هي التي أقامتها لا يفسر الا بتلك الطريقة, حسنا فلقد اختار طريقه وعليها هي أيضا أن تختار طريقها بعيدا عنه.
لم تكن مريم تعلم أنها خلال تلك الأفكار التي تزاحمت في عقلها دفعة واحدة, كانت تحدق فيهما بشكل واضح, إلى أن أدركت ذلك مؤخرا فأعرضت بنظرها عنهما ولكن بعد فوات الأوان حيث قد لاحظاها ولكنها لم تأبه للأمر واتجهت ناحية ماهر الذي كان يقف مع رجل أعمال أخر لم تتذكر مريم اسمه في تلك اللحظه فحيتهما في فتور واستأذنت منهما لتنتحي بماهر جانبا وهي تلومه بصوت مرتفع قليلا ينم على ما تشعر به من غضب: ايه اللي جاب اللي اسمها علياء دي هنا؟
ماهر ببساطة: انا. ليه؟ فيه أي مشكلة يا مريم؟
مريم: المشكلة اني ما كنتش عاوزاها تحضر.
ماهر: ليه بس؟
وعندما لمح الغضب يتأجج في عينيها, قرر احتوائها سريعا حتى لا تقوم بأي عمل متهور يفسد الحفل, فقال وهو يعمل على تهدئتها: شوفي با بنت خالي, اهم حاجة لازم تعرفيها عن عالم المال انك عشان تبقي سيدة أعمال ناجحة لازم تبطلي تخلطي بين حياتك الشخصية وشغلك, وانا واثق ان علياء دي هتفيدنا كتير في شغلنا.
لم يدخل كلامه قلبها ولكنه قد امتلك مفاتيح عقلها الذي اقتنع تماما بما يقول ماهر ثم تساءلت في نفسها: أليس ذلك هو المبدأ الذي يستخدمه يوسف بالفعل؟ وها هو الأن استطاع أن يثبت نفسه في مجال عمله لتصبح شركته من أكبر شركات المقاولات في البلد, اذا فلتستعمله هي الأخرى, ولكن ظل هاجس بداخلها يرفض التعامل مع يوسف أو تلك السيدة التي تدعى علياء, فقالت لماهر: ماشي يا ماهر انا ممكن أقبل وجودها هنا بس يا ريت ما تطلبش مني اني اتعامل معاها بشكل طبيعي لاني مش هقدر, ومن الاحسن اني ما اتعاملش معاها خالص.
ماهر مبتسما: خلاص يا ستي ولا يهمك. سيبيلي انا الموضوع دة, وعن اذنك بقا هروح ارحب بيهم, اديلهم فترة طويلة محدش مننا راح يستقبلهم.
فنظرت مريم باتجاههما ووجدت يوسف يميل على جدها الذي كان يجلس في أحد الأركان على كرسي مريح, ويهمس في أذنه ببضعة كلمات جعلته يبتسم وعلياء تأكلهما بعينيها وهي تتابع الحوار الدائر بينهما, فحولت مريم نظرها عنهما وهي تقول لماهر ساخرة مما تراه و في نفس الوقت مستنكرة موقف جدها من ذلك الشخص الذي بعد كل ما جرى لم يتغير موقفه منه وكأن يوسف ساحر بارع استطاع بمواهبه أن يسيطر على عقله تلك المهمة التي لم يفلح فيها غيره: لا ما تخافش, واضح ان جدو قايم بالواجب وزيادة.
ماهر: بس الحفلة دي بتاعتنا واحنا المضيفين ودي مهمتنا احنا مش مهمة جدي.
فهزت مريم رأسها تأييدا على كلامه, ثم تركها ماهر وتوجه إلى ضيفيه ورأته يرحب بهما بحرارة, وللحظة قصيرة التقت عيناها بعيني يوسف التي لمحت فيهما نظرات لائمة جعلتها في حيرة من أمرها وتتساءل من فيهما يحق له أن ينظر إلى الآخر بتلك النظرات؟
وبينما هي سارحة في أفكارها جاءها صوت تحبه من الخلف وكانت في أمس الحاجة لسماعه, فقالت لها حياة بصوت مرح وهي تحيط بكتفيها وتحمل في يدها علبة صغيرة قد تم تغليفها بعناية وبشكل أنيق: هو الجميل سايب ضيوفه وسرحان في ايه.
فأدارت مريم وجهها وهي تبتسم وتقول لصديقتها بعتاب: بس يا بت انتي, انا مخصماكي.
وعندما وقع نظرها على وليد الذي كان يقف بجوار زوجته رحبت به مريم وهي تقول: ازيك يا وليد, عامل ايه؟
وليد وقد افتر ثغره عن ابتسامة رقيقة: ازيك انتي يامريم, وألف مبروك, وبالتوفيق دايما يارب.
مريم: متشكرة.
فتدخلت حياة وقد تعمدت أن تبدو علامات الغيظ على ملامحها وهي تقول لمريم: طب بتكلمي جوزي ليه بقا؟ هو مش المفروض انك مخصماني وبما ان وليد جوزي يبقا لازم تخاصميه هو كمان.
ثم نظرت بطرف عينيها ناحية وليد لترى وقع كلاماتها على وليد, وردة فعله على استعمال كلمة زوجي بسهولة مع صديقتها ولكنها لم لم ترى في عينيه سوى الرضا والابتسامة التي أحبتها, فشعرت بالارتياح وهي تسمع مريم تقول لها مغيظة: انا قولت اني زعلانة منك انتي, اما وليد دة بقا فأخوية وما ينفعش ازعل منه.
حياة: يعني هينفع انك تزعلي مني انا؟ وهو انا مش أختك انا كمان ولا ايه؟
فردت مريم نافية: لا طبعا ما ينفعش, ماهو يا انتي ياهو, لكن لو انتو الاتنين اخواتي فيبقا جوازكم دة لا يجوز يا هبلة, وانا بقا اخترت وليد, عشان هو اخ جدع, اما انتي بقا فندلة عشان تسيبيني النهاردة طول اليوم لوحدي واديكي اهو تقريبا جاية في نص الحفلة.
حياة معتذرة: لا, في دي بقا انتي معاكي حق, بس والله غصب عني يا مريومة. سماح المرادي بقا.
لم ترد مريم على الفور ولكن وقع نظرها على العلبة التي كانت في يد صديقتها فاختطفتها كالطفلة سريعا من بين يديها قبل أن تستطيع حياة منعها من ذلك, وقالت مريم وهي تهم بفك الشريط من عليها: الهدية دي عشاني مش كدة؟
حياة وهي تضرب كفا فوق كف متعجبة من طريقتها الطفولية: يا بنتي بطلي هبل بقا. المفروض انك بقيتي خلاص سيدة اعمال محترمة. الا صحيح فين هدى؟
مريم بعد أن قامت بفتح الهدية وهي تبدي إعجابها بالأسورة الجميلة التي أخرجتها من العلبة: مش رضيت تنزل, وقالت انها ما تعرفش حد وهتحس انها غريبة في وسط الضيوف وانا مش رضيت اضغط عليها وقولت اسيبها براحتها.
حياة: طيب انا هروح اطلعلها.
مريم: تحبي أجي معاكي؟
حياة: لا خليكي انتي شوفي ضيوفك.
وقبل أن تتحرك خطوة واحدة نظرت تلقائيا إلى وليد وكأنها تطلب منه الإذن, فقال لها مبديا موافقته: يبقا سلميلي عليها.
فهزت حياة رأسها في صمت ثم تركتهما وابتعدت متوجهة ناحية الدرج,وسأل وليد, وهو يجول بعينيه في أنحاء المكان: امال هو يوسف لسة ما جاش ولا ايه؟
فقالت مريم ساخرة وهي تنظر ناحية يوسف والذي كان لا يزال يقف بجوار جدها برفقة كل من ماهر وعلياء: هناك اهو, وواضح جدا انه مستمتع بصحبته.
التفت وليد حيث أشارت بعينيها وفهم ما ترمي إليه ولكنه لم يعلق عليه وقد ران الصمت لبعض الوقت وهما يراقبان المشهد من بعيد حيث كان يمسك ماهر بدفة الحديث وبدا انه يشرح لهم محتويات المحل الذي كانت مريم قد اشترطت أن يضم جزءا خاص بالمحجبات وقد وافق ماهر على الفور, و لاحظت مريم أن يوسف لا ينتبه لحديث ماهر بل كان يتطلع إليها هي بنظرات مبهمة ولكنها بعد لحظات تحولت إلى استهجان لم تفهم مريم سببه إلى أن سمعت ذلك الصوت الذي أصبح مألوفا لديها وهو يلقي بالتحية إليها وإلى وليد, فردت مريم على خالد الذي فوجئت برؤيته أمامها وبرفقته أخته التي تعرفت عيها سريعا حيث قد رأتها معه من قبل في المطعم الذي ذهبت إليه بصحبة يوسف وكان سببا للشجار بينهما, وحيتها مريم بود. فقدمت تلك الشابة لها هدية صغيرة وهي تقول بابتسامة واسعة: الف مبروك يا مدام مريم, وان شاء الله تبقا فتحة خير عليكي.
فقبلت منها مريم الهدية شاكرة وبدأت بتقديمهما إلى وليد والعكس فصافحه وليد بود وهو يقول: اهلا استاذ خالد. وبالرغم من انها جات متأخرة شوية الا اني احب أحييك على تمثيلك في مسرحية الجامعة.
خالد بدبلوماسية: متشكر لحضرتك. الحقيقة كل واحد في المسرحية قام بدوره على أكمل وجه وعشان كدة المسرحية خرجت بالشكل اللي حضرتك شوفته.
ثم أكمل وعيناه تنظران إلى مريم وتحملان الكثير من المعاني وهو يقول: ولو كان في حد فينا يستاهل الشكر فعلا فيبقا مدام مريم اللي برغم من ظروفها وظروف جدها في الوقت دة الا انها ما فكرتش تعتذر وكملت شغلها زي ما كان مطلوب ويمكن أحسن كمان والديكور طلع روعة.
وعندما أرادت مريم أن ترد على ثنائه ببعض الكلمات المهذبة وجدت غيرها قد سبقها إلى ذلك وقد أحاط خصرها بذراعه وهو يجذبها برفق إليه وكأنه يثبت بالبرهان لكل من حوله أنها ملكه هو, ومع ذلك خرج صوته طبيعيا وهو يرد على خالد: مراتي طول عمرها عنيدة وطالما أصرت انها هتعمل حاجة فبتعملها مهما كانت الظروف, مش كدة يا حبيبتي؟
لا تعلم إن كانت كلامته تمتدحها أم تذمها؟ ولكنها قررت أن اعتراضها سيثير الكثير من المشاكل التي هي في غنى عنها, فأومأت برأسها بصمت وهي ترى علامات الاستياء على وجه خالد صلاح وتساءلت لم اختار يوسف تلك اللحظة بالذات ليقترب منهم؟ وكيف لم تره قادما نحوهم وهو لم يغب عن نظرها سوى بعض الللحظات؟ كما انها لا تعلم الدافع لتصرفه على هذا النحو. فهل هي لعبة جديدة يهدف بها الى مكسب آخر سيجنيه من وراءها؟ حقا لا تعلم, ولكن ما تعلمه جيدا أنها لن تسمح لآي شخص مهما كان أن يتلاعب بها مجددا حتى وان كان يوسف جلال نفسه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
عاد وليد وحياة إلى شقتهما تقريبا عند منتصف الليل , فقالت حياة والابتسامة لا تزال على وجهها: الحفلة كانت روعة بصراحة, ومريم قدرت تكسب كم زبونة كويسة كدة منها, حقيقي هي تستاهل كل خير وربنا يباركلها.
فخرج صوت وليد ليعلن عما يشغل باله في تلك اللحظة ويفصح عن القلق الذي يشعر به: بس الجو اتكهرب في الآخر.
فقالت حياة وكانت تجهل ما حدث غيابها: ليه بقا؟ دة انا حتى لما نزلت ولقيت يوسف واقف معاكم حمدت ربنا وقولت ان الامور خلاص بدأت تتصلح بينه وبين مريم.
وليد وهو ينزع عنه سترته: طول ما الحرباية اللي اسمها علياء دي لسة في حياة يوسف يبقا مفيش حاجة هتتصلح واللي عقد الموضوع اكتر ظهور اللي اسمه خالد صلاح دة, انا مش عارف هو ايه بس اللي كان جابه الحفلة؟
حياة مندفعة: اصله لما سأل مريم عن سبب تغيبها من الجامعة وقالتله انها بتستعد لافتتاح مشروعها, فأحرجت وعزمته.
وليد بعصبية: وانتي عرفتي الكلام دة منين؟
حياة: ماهو انا كنت واقفة مع مريم لما شافنا وكلمنا.
بدأت عيناه تلتمعان من الغضب وهو يسألها وفي صوته رنة معينة لم تفهمها في البداية: وياترى بقا هو متعود ان كل ما يشوف واحدة فيكم في الكلية يقف معاها ويكلمها؟
حياة بحذر وقد ملأ الخوف قلبها وهي تحاول أن تخفي الارتعاش في صوتها: قصدك ايه يعني؟
وليد وقد بدأ يفقد أعصابه: قصدي كان واضح يا هانم. وان كنتي مش قادرة تفهميه فاسمحيلي أفهمك كويس.
حياة: تفهمني ايه؟
وليد بتهديد لم تجد حياة صعوبة من اكتشافه بنبرة صوته: افهمك انك بقيتي مراتي وشايلة اسمي وسمعتي واللي مش هسمحلك انك تهينيهم طول مانا عايش.
حياة وقد أوشكت على البكاء: وانا كنت عملت ايه يعني عشان تقولي الكلام دة؟ مش هو اللي جه ووقف معانا؟ كنت هعمل ايه يعني, اسيبهم وامشي؟
وليد: ايوة يا حياة, كنتي تاخدي صاحبتك وتستأذنوا وتمشوا هو دة الصح واللي كان المفروض انه يحصل, لكن انتي بقا تلقاكي ما صدقتي وقعدتي تتكلمي وتهزري وانتي ولا على بالك انك واقفة مع واحد غريب مشكوك اصلا في سلامة نواياه ودة اللي كان واضح اوي وهو بيبص لمريم النهاردة والله اعلم كان بيبصلك انتي ساعتها ازاي؟
لم تجب حياة بلسانها بل تولت الدموع تلك المهمة التي قد أدتها وبإخلاص شديد وهو ما لم يكن بالجديد عليها, فلطالما ذرفت الدموع بسبب اهاناته وجرحه لها في أغلب المناسبات ولكنها لم تعد تحتمل, لذلك كفكفت دموعها بكفيها سريع وقالت له بوجه جامد وصوت قوي مناقضا لذلك الوهن الذي أصابها: طلقني يا وليد.
لم يبد على وليد بأنه قد تأثر ولو قليلا بطلبها وكأنه لم يسمعها فحاولت أن تعيده وبنبرة أعلى ولكنه سبقه وهو يشير إليها بالرحيل ولم يبد على وجهه أي تعبير: ادخلي اوضتك ونامي يا حياة.
أبتلك البساطة يتعامل مع طلبها؟ ألهذه الدرجة يستخف برأيها ورغباتها؟ ولكنها لن تستسلم هذه المرة, فلقد اتخذت قرارا وتنوي تنفيذه مهما كلفها الأمر لذلك قالت بتحدي: انا لو دخلت اوضتي دلوقت, فهدخل بس عشان ألم هدومي.
وليد ساخرا: دة انتي مصممة بقا!
فردت حياة وقد أصاب الوهن عزيمتها ولكنها حاولت أن تبقي صوتها قويا كما هو عندما قالت: ايوة مصممة, ومفيش أي حاجة ممكن تخليني أتراجع.
وليد بتحدي مماثل: بس انا مش هطلقك يا حياة لا دلوقت ولا بعدين.
فقالت حياة وقد أثارها تحديه كثيرا فلم تفلح في ضبط انفعالها: طب ليه؟ ايه اللي مخليك متمسك بيا للدرجة دي؟
وليد: افتكر اننا فتحنا الموضوع دة اكتر من مرة, والكلام فيه خلاص انتهى.
حياة باصرار: لا يا وليد, ما انتهاش, لاني مش مصدقة ولا كلمة من اللي انت قولتها.
وليد بهدوء ونبرة عادية وكأنها تحدثه في أمر لا يعنيهما: وهو ايه بقا اللي انتي مش قادرة تصدقيه؟
حياة: عاوزة اعرف السبب الحقيقي اللي خلاك تتجوزني واللي هو بردو اكيد نفس السبب اللي مخليك متمسك بيا لحد دلوقت وبلاش تقولي زي كل مرة انك عملت كدة عشان انت عاوزني لانك لحد دلوقت ما عملتش اي حاجة تثبت ان كلامك دة حقيقي.
لم تكن تعي بأنها قد تمادت كثيرا في غضبها الذي جعلها تتفوه بكلام كانت تعلم بأنها ستندم عليها فيما بعد, وقد أدركت ذلك فقط عندما جذبها نحوه بشدة لتلتصق به ثم ركز نظراته اللاهية على عينيها المذعوة وهو يسألها: أفهم من كلامك دة ان دي دعوة صريحة ليا عشان أطالب بحقوقي؟ بس يا ترى بقا انتي مستعدة لدة فعلا؟
فتلعثمت حياة وهي تقول وقد سلبت منها المفاجأة كل قواها ووسائلها في الدفاع أو المقاومة: انا ما كنتش أقصد, انا بس كنت…………
وقبل ان تتم جملتها وجدت نفسها طليقة مرة أخرى بعد أن أفلتها وليد وقد أشاح بوجهه عنها وهو يقول لها بلهجة تحذيرية: ادخلي نامي يا حياة وياريت ما تقوليش أي كلمة تاني غير لما تكوني مستعدة كويس اوي انك تتحملي نتايجها.
لم تعارضه حياة كما فعلت منذ قليل, بل انها كانت تنتظر طلبه هذا لتبتعد عنه بسرعة قبل أن تخونها قدماها كي تنفرد بنفسها قليلا وتفكر في ذلك التغير الطفيف الذي قد طرأ على علاقتها بوليد, فلأول مرة منذ زواجها يبدي رغبته في اتمام زواجهما.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
مر أسبوع على حفل الافتتاح وقد بدأ الجميع في محل الملابس يعملون بجد, و كانت مريم تبدي حماسا شديدا في إدارة المكان بمساعدة ماهر, حيث كان عملها بالمحل هو سلواها الوحيدة تمكن من شغل عقلها وإبعاد تفكيرها عن يوسف وما فعله بها, ولكنها كانت صريحة مع نفسها ولم تتمكن من الادعاء بأنها قد نسيته تماما وكان شاهدا على ذلك تلك الليالي التي لم تستطع فيها النوم بسببه وهي تفكر في مدى العلاقة التي أصبحت تربطه بعلياء.
اقترحت عليها هدى أن تعمل معها بالمحل في فترة ما بعد الظهر بعد أن تعود من الجامعة وقد وافقت مريم على الفور لاكتشافها حقيقة أن العمل هو العلاج الوحيد لبعض المشاكل والضغوط النفسية كالتي تعاني منها هدى, وبالفعل لقد أثبتت هدى قدرات متميزة في التعامل مع العملاء وكذلك كانت بارعة في المسائل المالية مما جعلها تعيد التفكير في نوعية دراستها إلى أن توصلت لقرار نهائي وهو أن تتجه لدراسة التجارة بدلا من الاعلام, وعندما اقترحت ذلك الأمر على يوسف و وليد قد وافقاها وشجعاها على ذلك , وبالفعل سحبت ورقها وقدمته لكلية التجارة, وفي أحد الأيام حيث كانت تقف في قسم المحجبات وقد جذبتها طرحة جميلة ولامعة من الشيفون كانت تتناسب مع كثيرا مع التنورة التي ترتديها, فأخذتها هدى ووقفت أمام المرآة تنظر إلى وجهها به بتردد ثم عقدت العزم وقامت بلف الطرحة حول وجهها, وقد حاولت تعديلها بكافة الطرق ولكن بدا لها الأمر في غاية الصعوبة حيث كانت المرة الأولى التي تحاول فيها ارتداء الحجاب وقد اختارت مريم تلك اللحظة بالذات لتدخل المكان , فابتسمت وهي تراقب تعثر هدى في محاولة تثبيت الطرحة بلا جدوى فاقتربت منها قليلا وهي تقول: مش هتثبت بالشكل دة.
أجفلت هدى لدى سماعها صوت مريم حيث قد فاجأها ظهورها وقالت متلعثمة وهي تحاول الاعتذار وتنتزع الطرحة من فوق رأسها وتهم بوضعها مكانها: انا اسفة, انا بس كنت عاوزة……….
وتاهت بقية الكلمات من عقلها فلم تعد تعلم ما السبب الذي يمكنها اختلاقه في ذلك الموقف, ولكن أخذت مريم الطرحة من يدها وجذبت هدى ناحية المرآة برفق وهي تقول لها: تعالي بس كدة, شوفي يا قمر الطرح الشيفون صعب انها تثبت لوحدها على الشعر عشان كدة هي محتاجة الأول بطانة قطن تحتها عشان تقدر تثبتها
ولم تنتظر مريم تعليق هدى حيث أسرعت وأحضرت البطانة التي تحدثت عنها والتي تتناسب مع الطرحة وبالفعل بدأت تساعدها في ارتداء الطرحة بعد أن عقدت شعرها الطويل إلى الخلف وعقصته على شكل كعكة كبيرة وعندما حاولت هدى أن تعترض وهي تقول: بس انا مش عاوزة البسها.
مريم مبتسمة: جربيها الأول وبعدين يبقا قرري.
وانتهت مريم من ذلك سريعا وأدارت وجه هدى ناحية المرآة وهي تقول لها بكلمات إطراء قد أكسبت هدى المزيد من الثقة بنفسها: شوفي لايقة عليكي ازاي؟ بجد بقا بقيتي زي القمر فيها.
فدققت هدى النظر إلى شكلها الجديد في المرآة وقد اعترفت بصحة كلام مريم ولكنها مازالت مترددة قليلا وهنا ظهر ماهر وهو يطرق الباب المفتوح للقسم, فانتهزت مريم الفرصة للقضاء على آخر اعتراضات هدى و قالت وهي تأذن لماهر بالدخول: تعالى يا ماهر وقولي بقا ايه رأيك في المفاجأة دي؟
فدخل ماهر وهو يفحص وجه هدى الذي قد ازداد براءة بالحجاب وزادته جاذبية حمرة الخجل التي علت وجهها وهو ينظر إليها ونظرات مريم تنتقل بينهما في صمت الذي وجدته قد طال أكثر من اللازم فقالت مداعبة ماهر: جرى ايه يا عم روميو؟ ما تتكلم ولا انت شغال silent النهاردة؟
فانتبه ماهر إلى كلام ابنة خاله وسألها: هه! كنتي بتقولي ايه يا مريم؟
مريم: كنت بقول ايه رأيك في الحجاب بتاع هدى.
ماهر دون أن يحول نظره عن هدى وهو يقول بصوت حالم: حلو, حلو أوي.
وعلمت مريم أن قصة جديدة بين عائلة الكامل وعائلة سليم على وشك أن تبدأ ولكن السؤال هنا هل يا ترى سيكون مصير تلك العلاقة هو الفشل كسابقتيها؟
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي إحدى الأمسيات التي غاب عنها القمر لتبدو الليلة حالكة الظلام في تلك الصحراء الشاسعة والتي لا يضيئها سوى مصابيح تلك السيارات التي كانت تقف على جانب الطريق بشكل يدعو للريبة ووقف بجانب السيارات كل من عماد وعلياء و كمال و رجل أخر طويل وذات جسم ممتلىء يبدو وكأنه أحد التجار بما يرتديه من عباءة واسعة يظهر من تحتها جلبابا فضفاضا, ويحيط بهم بعض الرجال المسلحين . بدأ كمال الحديث وهو يقول لذلك الرجل الغريب: أهلا يا معلم حمدان. ياترى فلوسك جاهزة؟
حمدان: جاهزة يا كمال بيه بس انت مش شايف ان عشرة مليون كتيرة اوي.
وهنا تدخل عماد وقال: احنا هنعيده تاني يا معلم حمدان؟ مانت شوفت البضاعة بنفسك وعارف انها تستاهل.
حمدان: هي من جهة تستاهل فتستاهل, بس بردو احنا كنا عشمانين فيكم حبتين, وخصوصا ان دة مش اول تعامل بيننا.
عماد: ماهو عشان دة مش اول تعامل بينا فانت طبعا عارف ان كلمتنا واحدة, دة غير ان الصنف دة جامد ومدام علياء ممكن تقولك بنفسها هو أد ايه مطلوب يعني ممكن تغلي زي مانت عاوز
حمدان: طب لما نشوف.
عماد: ياللا بقا ورينا فلوسك يا معلم.
فأشار حمدان بيده لبعض الرجال الذين يقفون خلفه, وقد أسرع اثنان منهم إليه وفي يد كل واحد منهما حقيبة صغيرة وضعاهما على مقدمة سيارة عماد كما أمرهما حمدان ثم تنحا جانبا مفسحين المجال له لتقدم من الحقيبتين وفتحهما وهو يقول لعماد: وادي الفلوس يا عماد بيه عشرة مليون بالتمام والكمال ولو تحب تعدهم مفيش مانع.
عماد مبتسما: عيب يا معلم, وهو احنا من امتى بنخون بعض؟
حمدان بامتنان: عشت يا عماد بيه, فين البضاعة بقا؟
فنظر عماد إلى كمان نظرة ذات معنى جعلت كمان يتجه إلى سيارته ليعود ومعه حقيبة متوسطة وضعها على فتحها أمام حمدان وقد كانت مليئة بأكياس من السم الأبيض المسمى هروين, فتقدم حمدان من كمال ليدقق النظر إلى البضاعة ثم قال باستحسان بعد أن حمل أحد الأكياس بيده وقربه إلى أنفه: كله ألسطة.
وقبل أن يتمكن حمدان من إعادة الكيس إلى الحقيبة أضيء المكان حولهم بمصابيح كبيرة وقد أحاط بهم العديد من رجال الشرطة شاهرين أسلحتهم, واقترب أحد الضباط من كمال و حمدان الذين قد سمرتهما المفاجأة كما كان الحال مع الجميع, فقال الضابط ساخرا: أهلا أهلا بالمعلم حمدان. كنت فين يا راجل من زمان؟ دوختنا وراك يا انت وكمال وعماد بيه, وكمان مدام علياء؟ يا محاسن الصدف, متجمعين في أراميدان إن شاء الله.
فقال حمدان وهو ينظر إلى الحقيبة التي كانت لاتزال في يد كمال: الحاجة دي مش بتاعتي يا سعادة البيه.
الضابط: الكلام دة بقا يبقا قوله في التحقيق, ياللا قدامي ع البوكس.
وقبل أن يتحرك أحدهم سمع الجميع صوت طلقات نارية تأتي من مكان مجهول جعلتهم جميعا ينبطحون على الأرض وبدأ تبادل إطلاق النار بين رجال الأمن ورجال العصابة الذين استغلوا الفرصة وحاولو الهرب وبعد فترة ليست بقليلة استطاع رجال الشرطة السيطرة على الوضع وقاموا بالقبض على كل رجال العصابة بما فيهم المعلم حمدان وكمال, ولكن لسوء الحظ قد تمكن عماد وعلياء من الهرب.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وفي إحدى السيارات نجد عماد وعلياء يجلسان في المقعد الخلفي بها, بينما يتولى القيادة شخصا آخر ضخم الجسمان وبجانبه رجل بنفس حجمه تقريبا إلى أن توقفا أمام في مكان ناء أمام إحدى الفيللات التي بدا من هيكلها الخارجي وكأنها مهجورة ولكنها لم تكن كذلك بالفعل حيث فتح أحدهم الباب الرئيسي فور سماع صوت منبه السيارة, فقادها السائق إلى الداخل, وعلى الفور أغلق خلفهما الباب لنرى الحديقة بها بعض الرجال المسلحين الذين قد تم توزيعهم بحذر في جميع أنحاء الفيللا, وقبل أن يترجل عماد من السيارة قال لقائدها: كدة بقا يا ابو السباع انت عملت اللي عليك النهاردة.
فقال له الرجل بصوته الخشن: احنا دايما في الخدمة يا عماد بيه.
عماد: طب ماتنساش بقا معادنا بكرة
الرجل: عيب يا عماد بيه, انت عمرك طلبت مني حاجة وانا خذلتك؟
عماد: بصراحة لا, بس المرادي بقا لو نفذت المهمة دي صحة حلاوتك عندي هتبقا كبيرة اوي, اكبر مما تتصور.
الرجل: يا عماد بيه انت على طول خيرك مغرقنا, طب ايه رأيك بقا ان المرادي هتبقا مجاملة مني ليك.
فربت عماد على كتفه من الخلف وهو يقول: ادها وأدود يا ابو السباع, وانا مستني منك خبر بكرة.
الرجل: بكرة قبل الشمس ما تغيب هيجيلك خبره.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كان وليد يجلس مع أخيه يوسف في مكتبه بشركة المعمار ووليد يقول بضيق: فلت منها ابن اللذين.
يوسف: ما تقلقش, الجايات أكتر.
وليد: طب البوليس لحد دلوقت لسة ما عرفش مكانه لا هو ولا علياء؟
يوسف: لسة بيحققوا.
وليد ونبرة صوته محملة بالكره الشديد: امتى بقا نخلص منهم كلهم ونرتاح.
يوسف بهدوء: قريب جدا ان شاء الله.
ثم نهض يوسف استعدادا للانصراف وهو يقول لأخيه: ياللا بقا انت مش مروح ولا ايه؟
فنهض وليد بدوره وأمسك بيد أخيه وقد تردد قليلا قبل أن يقول له: طيب انت مش ناوي بقا تقول لمريم الحقيقة؟ بتهيئلي كفاية زعل لحد كدة.
يوسف بنبرة ألم: حتى لو عرفت دة مش هيغير أي حاجة.
وليد: طب ما تجرب.
يوسف: مش دلوقت يا وليد, ياللا بقا عشان انا ما نمتش من امبارح وتقريبا جعان نوم.
وليد: تنام ايه يا عم؟ والغدا اللي مستنيك في البيت, دي حياة غابت من الكلية مخصوص عشان تحضر للعزومة دي.
يوسف معتذرا: معلش اعفيني انا بقا ياوليد, وبالهنا والشفا ليكم.
وليد مصرا: لا يمكن. انت النهاردة هتتغدى معانا يعني هتتغدى معانا, دة خلاص قرار غير قابل للنقاش.
يوسف مستسلما: أمري لله ياللا بينا.
وخرج الأخوان جنبا إلى جنب يجذبان كل الأنظار برجولتيهما ووسامتهما التي يحسدهما عليها الكثيرون. ثم خرجا من الباب الرئيسي للشركة ليتوجها إلى سيارتيهما, وفي خلال ذلك نجد سبعاوي أو الملقب بأبو السباع يجلس في الكرسي الأمامي لسيارته وفي يده سلاحا وبجانبه نفس الشخص الذي كان برفقته أمس والذي يتولى هو قيادة السيارة اليوم, وعندما رأى سبعاوي وليد ويوسف يغادران الشركة قال لرفيقه: هو دة يا نمر ياللا اتحرك.
وبالفعل انطلق المدعو نمر بالسيارة باتجاه وليد ويوسف, وقد أعد سبعاوي سلاحه لإطلاق النار وأخرجه من نافذة السيارة, وعندما أصبحا على مسافة قريبة منهما ضغط سبعاوي على الزناد لتخرج منه رصاصة ذات صوت مدوي, ثم هرب الاثنان في لمح البصر دون أن يتسنى لأحد التحقق من السيارة أو صاحبيها. أو أن يصيبها أحد الأعيرة النارية التي انطلقت من أسلحة رجال الأمن بالشركة الذين كانوا يقفون خارج البوابة.
بالطبع لقد كان سبعاوي أحد القتلة المرتزقين المعروفين بدقة التصويب لذلك قد أصابت الرصاصة هدفها لتستقر في صدر يوسف من الناحية اليسرى, ورغم ذهول وليد إلا أنه قد استطاع أن يمسك بأخيه وهو يصرخ بصوت عال: يوسف.
ولكن لصدمته لم يستطع أن يحمله بل جلس به في الأرض ووضع رأسه على فخذه وهو يقول وقد أبت دموعه أن تبقى في محجرها فتساقطت من عينيه كالشلال: يوسف! رد عليا, رد عليا أرجوك.
واستطاع يوسف أن يفتح عينيه قليلا وهو يقول بصوت واهن وشبح ابتسامة يظهر على وجهه متحملا في سبيل ذلك الألم الفظيع الذي يشعر به: فاكر لما قولتلك وانت صغير لما أبونا مات اني مش عاوز أشوف دموعك دي تاني؟ ولا حتى عشاني يا وليد.
وبدل من أن تكون كلماته سببا لإيقاف دموعه فقد كانت السبب لزيادتها وهو يقول بصوت يخنقه الحزن: أنا ما عشتش مع أبويا أد ما عشت معاك يا يوسف, انت بالنسبالي الأب والأخ والصديق, انا مقدرش أعيش من غيرك.
يوسف وهو يجاهد ليخرج الكلمات: الحياة ما بتقفش على حد يا صاحبي, بس انت ما تتصورش سعادتي أد ايه عشان انت كنت آخر حد أشوفه قبل ما أموت.
فأسرع وليد يقول: لا يا يوسف, مش ممكن تموت دلوقت, انت فيه حاجات كتيرة لازم تعملها قبل ما تموت. نسيت مريم يا يوسف؟ انت لازم تعيش عشانها لو ما كنش عشاني أنا.
يوسف: مريم! يبقا ما تنساش تقولها تسامحني.
وليد: انت اللي هتقولها بنفسك يا يوسف, انت اللي لازم تعيش حياتك معاها. حياتك اللي انت مقدرتش تعيشها من غيرها.
ولم يستطع يوسف أن يرد على أخيه وقد ازداد ألمه ولم يتمكن من أن يمنع تلك الآهة التي خرجت من بين شفتيه والتي شعر وليد بأن روحه تخرج معها, فلقد كان يشعر بأن تلك الرصاصة قد اخترقت صدره هو وليس صدر أخيه ,فصرخ في كل المحيطين به وكان أغلبهم من العاملين بالشركة حيث انتقل إليهم الخبر بسرعة البرق: اسعاف, اتصلوا بالاسعاف حالا.
الحلقة الأخيرة
*معك وللأبد*
إذا فارقك حبيب باختياره, عندها تشعر بالمعنى الحقيقي لمفارقة الروح للجسد وعندها تفعل كل ما بوسعك حتى تلغي هذا القرار أو على الأقل تعمل على تأجيل لحظة الفراق, ولكن ماذا إن كان هذا الفراق ليس إختيارا؟ ماذا إن فرض عليكم هذا الفراق ماهو أقوى منك ومنه؟
الموت هو عدو كل المحبين ومحب كل الأعداء, فماذا إن كان الموت هو الذي فرض عليكم الفراق؟ هل يمكنك أن تتحداه كما تتحدى أقصى الظروف قسوة وصعوبة؟ حتى وإن كنت تمتلك القوة الكافية لخوض هذا التحدي فما الفائدة وأنت على يقين بأنك ستكون الخاسر لا محالة؟!
إذن أيها الحبيب فهذه رسالتي إليك أدعوك فيها إلى الاستسلام لقلبك ولو لمرة واحدة دعه يحركك, فلم يعد لدينا المزيد من الوقت لذلك الجفاء الذي أصبح يقتلني, و أنا أمامك الأن أتنازل عن كبريائي وأعترف لك بحبي وبأنه لا يمكنني أن أعيش بدونك لحظات إضافية, حقا لا يمكنني ذلك. وسأكررها دائما وأمام العالم أجمع الذي لم يعد يهمني فيه أحد سواك. وها أنا أقف في انتظار اعترافك.
____________________________________________
كانت مريم تقف في المحل تعلق بعض الثياب على الحاملة عندما جاءها صوت من الخلف يقول: مساء الخير.
فالتفتت مريم لترى خالد صلاح يقف أمامها وبجانبه أخته ليلى تلك الفتاة الهادئة والابتسامة التي لا تغادر وجهها فقالت مريم مرحبة: اهلا أستاذ خالد.
ثم صافحت ليلى بحرارة وهي تقول وقد اتفقتا على رفع الألقاب بينهما: عاملة ايه يا ليلى؟ وحشتيني.
ليلى بصدق: انتي أكتر والله يا مريم, المحل جميل جدا, ربنا يباركلك فيه. حقيقي خالد كان عنده حق لما وصاني أشتري فستان خطوبتي من هنا.
مريم: تسلمي يارب كلك ذوق, بس ايه دة؟ انتي اتخطبتي ولا ايه؟
ليلى: اه يا حبيبتي, قرينا الفاتحة, وان شاء الله الخطوبة الاسبوع الجاي.
مريم: ايه دة بجد؟
ثم حضنتها بسعادة وهي تقول: ألف مبروك يا حبيبتي , وربنا يتمملك بخير.
ليلى: الله يبارك فيكي يا قمر.
ثم أكملت بمزاح وهي تغمز لأخيها: مانا قولت بقا كفاية كدة. خالد هيعنس بسببي, اصله ما كنش راضي يتجوز الا لما يطمن على مستقبلي الأول, فأنا قولت بقا أكسب فيه ثواب وأوافق.
فردت مريم على مزاحها بالمثل: والله فيكي الخير, هو فعلا ابن حلال ويستاهل التضحية الكبيرة دي.
وبدا أن ليلى كانت تنتظر تلك الفرصة فاستغلت ما قالته مريم لتؤكد على كلامها وتقول بنبرة خاصة: اه والله يا مريم. هو ابن حلال أوي, ويا بخت اللي تكون من نصيبه.
شعرت مريم بالانزعاج بسبب الاتجاه الخطر الذي قد أل إليه الحديث وقررت أنه قد حان الوقت لاستبداله بموضوع أخر فقالت وهي تجذب ليلى من يدها: طب تعالي بقا انا افرجك على أحسن تشكيلة عندي.
فسحبت ليلى يدها برفق وهي تعتذر بتردد بعد أن تبادلت نظرة سريعة مع أخيها: لا يا حبيبتي خليكي انتي, انا عاوزة أخد جولة كدة لوحدي في المحل, اصلي ليا مواصفات خاصة في الفستان اللي هختاره ويمكن لوشفت حاجة أحسن اغير رأيي, وكمان مش عاوزة خالد يقعد لوحده اصل مش ليه في الحاجات الحريمي دي بس هو جه معايا عشان ما يسيبنيش لوحدي.
مريم مصرة حيث كانت تخشى أن تبقى مع خالد بمفردها لسبب تجهله رغم وجود العاملات في كل مكان بالمحل: ماهو يا حبيبتي عقبال ما استاذ خالد يشرب قهوته اللي هطلبهاله هنكون احنا خلصنا.
ولكن كانت ليلى أعند منها ولكن بطريقة خاصة لم تستطع مريم الاعتراض عليها: ايه دة يا مريم؟ انتي كدة هتقلقيني وتخليني أفتكر انك مش عاوزة تقعدي مع خالد. طب دة حتى أبيه خالد طيب أوي وما بيأذيش.
فقالت مريم وهي تحتوي الموقف سريعا: يا خبر, مين قال كدة؟ انا بس كنت بعرض مساعدتي, دة واجبي كصاحبة المحل.
ليلى وهي تهم بتركهما: مانا عارفة والله يا قمر, بس انا زبونة متعبة شوية عشان كدة بفضل اني اروح لوحدي, ياللا بقا اسيبكم وأبدأ مهمتي الصعبة وما تخافوش مش هأخر عليكم.
ثم رحلت ولكن لم يخف على مريم تلك الغمزة التي أرسلتها لأخيها قبل أن تتركهما, ولكنها تجاهلت ذلك واتجهت إلى مكتبها ودعت خالد إلى الجلوس أمامها, ثم قالت له بابتسمة متوترة: يا ترى قهوتك ايه بقا يا أستاذ خالد؟
خالد: لا, مفيش داعي.
مريم: مفيش داعي ازاي بقا؟ انت عاوز ليلى ترجع ما تلاقيش القهوة تتهمني بالبخل.
خالد ضاحكا: لا وعلى ايه؟ لو ضروري يعني يبقا خليها مظبوط.
فقالت مريم لتلك الفتاة العاملة التي كانت بالقرب منهما: لو سمحتي يا حنان اطلبي واحد قهوة مظبوط.
حنان: أمرك يا مدام مريم.
وذهبت حنان لإحضار القهوة, وبدا الجو متوترا من الصمت الذي طال, مما دعا مريم إلى أن تقول لمجرد فتح مجالا للحديث ليخفف من حدة التوتر: واضح ان العلاقة بين حضرتك وليلى قوية أوي لدرجة انك وافقت تيجي معاها مشوار زي دة مع ان كل الرجالة تقريبا ما بيكرهوش أد ان هما يلفوا مع بنت في المحلات.
خالد: ليلى دي هي الوحيدة الي ليا في الدنيا بعد وفاة ماما وبابا, وانا اللي شلت مسئوليتها بعدهم وبقت هي بتعتمد عليا في كل حاجة تقريبا.
مريم: ربنا يخليكم لبعض.
خالد: يارب.
ثم أكمل بنبرة خاصة جعلت مريم تشعر بمدى خطورتها: بس هي خلاص هتتجوز ويبقا ليها بيت وزوج وتبدأ بقا تستغنى عني, الحقيقة أنا لحد دلوقت مش عارف أقلم نفسي على اني أعيش لوحدي.
مريم: ما حضرتك كمان مسيرك تلاقي الانسانة المناسبة اللي تشاركك حياتك وما تبقاش مضطر انك تعيش لوحدك.
ودون أن تقصد مريم فقد أعطته الفرصة لأن يحدثها بتلقائية ويخبرها بما حاول أن يخفيه طوال تلك المدة منذ رآها لأول مرة, فبدأ يقول وقد شعر أخيرا بأن عقدة لسانه قد انحلت فانساب الكلام من فمه دون تفكير أو تردد: بصراحة بقا يا مريم, هو دة الموضوع اللي أنا كنت عاوز أكلمك فيه. انا من أول يوم شفتك فيه في الجامعة و أنا حسيت ان انتي فعلا الانسانة اللي عاوز اقضي معاها بقية حياتي, بس لما فكرت اعترفلك بدة كان فات الاوان وعرفت انك اتخطبتي ليوسف جلال, وكنت خلاص فقدت الأمل بس بعد ما عرضتوا عليا اني أكون معاكم في المسرحية اللي هتقدموها ومن خلال قربي منك أكتر حسيت أد ايه ان انتي مش سعيدة في جوازك وخصوصا إني كنت بسمع كتيرعن ماضي يوسف وان اللي زيه مش بتاع جواز واستقرار, وفي الفترة الأخيرة اتأكدت ان شكوكي كانت في محلها واللي أكدلي دة فعلا يوم الحفلة لما شفت هو أد ايه كان بيحاول يتجاهلك في الوقت اللي كانت فيه واحدة تانية مستحوذة على كل اهتمامه واللي سمعت بعد كدة انه ناوي يخطبها.
كانت مريم على علم بهذا الأمر فلقد وصلها هذا الخبر في اليوم التالي من الحفلة حيث كتبت الجرائد عن مدى العلاقة التي تربط يوسف بعلياء واستنتجت بأنهما على وشك الزواج, كما تذكرت أيضا ذلك الشجار الذي حدث بعد ذلك بينها وبين جدها وإصرارها على التعجيل بالطلاق, ولكن كالعادة كان لدى جدها الأسباب التي جعلتها تعدل عن رأيها وترضخ للرغبته وإن لم تكن مقتنعة.
أفاقت مجددا على كلام خالد الذي استمر يقول: انتي لازم كمان يا مريم تشوفي حياتك زي ماهو شاف حياته, لان مش من العدل ابدا انك توقفي حياتك على كدة في حين ان هو ولا على باله.
لم تحتمل مريم مزيدا من الألم الذي سببه كلام خالد والذي كانت تقر بصحته في داخلها ولكنها اعترضت وقد ارتفعت نبرة صوتها: أرجوك كفاية.
فأدرك خالد بأنه قد تمادى كثيرا لذا قال معتذرا: انا اسف يا مريم, بس انا مش قادر أشوفك بتتعذبي كدة أدامي وانا مش قادر أخفف عنك.
مريم راجية: أستاذ خالد أرجوك ما تنساش اني ست متجوزة وان الشخص اللي انت بتتكلم عليه دة لسة لحد دلوقت جوزي.
خالد: لحد امتى يا مريم؟
فاجأها سؤاله الغير متوقع ولكنها تعمدت وكأنها لم تفهم ما يعنيه: قصدك ايه؟
خالد بالحاح: قصدي لحد امتى هيستمر جوازكم ؟ لحد امتى هتقدري تستحملي الحياة بالشكل دة؟
ثم تغيرت نبرته إلى الرقة: مريم! انا مستعد اني استناكي وتأكدي ان سعادتك هتكون معايا بس اديني أي أمل يخليني أستنى.
وبالرغم من أن مريم كانت بحاجة ماسة إلى أن تسمع مثل هذا الكلام إلا أن خالد لم يكن الشخص الذي تتمنى أن يسمعها إياه, ولكنها لم تشأ أن تجرحه, فما الحل إذن؟ وكيف يمكنها أن تخبره بأنه رغم أنه على حق فيما يقول إلا أنها ليس باستطاعتها أن تتخيل نفسها إمرأة رجل أخر سوى يوسف ذلك الشخص الذي لم تذق معه حتى الآن سوى العذاب.
ولكن جاءتها النجدة من السماء حيث ظهر ماهر في تلك اللحظة فوفر عليها عناء الرد, وبسبب ارتباكها لم ترى آثار الحزن البادية على وجهه, بل نهضت مسرعة وهي تقول له: ماهر! كنت فين كل دة؟ انت ناسي ان عندنا شغل كتير النهاردة؟
وعندما لم تجد منه ردا بدأت تدقق النظر إليه, فقالت له وقد اجتاحها قلق عارم: فيه ايه يا ماهر؟ جدو حصله حاجة؟
فقال ماهر بكلمات متقطعة: جدي بخير.
لما تطمئنها كلماته بل قفزت سريعا إلى استنتاج آخر: يبقا عمتو, طمني هي مالها؟ انا سايبها الصبح كانت كويسة.
ماهر: ماما بخير يا مريم.
مريم بنفاذ صبر: أمال ايه اللي حصل؟
ماهر: يوسف يا مريم.
مريم بلهفة: ماله يوسف؟
ماهر: في المستشفى بتتعمله عملية وهو دلوقت بين الحياة والموت.
لم يكن في استطاعتها أن تتحمل مثل هذا الخبر, بل إنها لم تتمالك نفسها كي يمكنها أولا التحقق من الأمر, وفي لحظة واحدة سقطت على الأرض مغشيا عليها.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
ننتقل إلى المستشفى أمام حجرة العمليات لنجد الجميع يتشاركون مشاعر واحدة وهي القلق على حياة يوسف فمنهم وليد الذي يبكي بحرقة خوفا من فقدان أعز الناس على قلبه وبجواره زوجته التي تحاول أن تواسيه وهي التي كانت بحاجة إلى من يواسيها فهي تتعذب لعذابه, ومنهم عبدالرءوف الذي كان يجلس بالقرب منهما على أحد المقاعد بالمستشفى وهو يدعو الله أن يجنبهم تلك المصيبه فهو لن يتحمل فراق ولده الثاني وهو لايزال على قيد الحياة وبجواره ابنته التي كانت تقرأ في مصحف صغير بيدها بصوت منخفض عل السكينة تنزل على قلوبهم جميعا و يأتيهم خبر نجاته بعد قليل, وفي المقابل نرى هدى والتي كانت تبكي بصمت حتى احمرت عيناها من شدة البكاء.
وهنا ظهرت مريم التي كانت تقريبا تركض نحوهم والدموع تسبقها, وكان ماهر خلفها ويحث الخطى كي يمكنه اللحاق بها, وعندما اقتربت منهم أسرعت إلى جدها وهي تسأله بلهفة وصوت باك: فين يوسف يا جدو؟ ايه اللي حصله؟
فربت عبدالرءوف على كتفها وقال محاولا التماسك: ادعيله ربنا ينجيه يا بنتي.
فقالت مريم بقلب يكاد أن ينفطر: يارب يا جدو. يوسف مش ممكن يموت.
وهنا تحامل وليد على نفسه واقترب من مريم وهو يقول محاولا أن يبدو صوته ثابتا: لو سمحتي يا مريم عاوزك في كلمتين.
فنظرت إليه مريم بعينين تائهتين ثم سارت في إثره كالمغيبة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
: معقول اللي بتقوله دة يا وليد؟
لم يستطع عقلها أن يستوعب كل تلك المفاجآت دفعة واحدة فأرادت أن تتأكد أكثر لذلك سألت وليد الذي قد اختار غرفة الاستراحة ليخبرها بكل الأسرار التي كانت تخفى عليها: يعني انت عاوز تفهمني ان ما كنش فيه أي علاقة بتربط بين يوسف وعلياء؟
بالفعل كان هذا هو كل ما يهمها من كل ما سمعته منه, فقال وليد مؤكدا كلامه السابق: يا مريم يوسف بعد ما اتجوزك وهو معرفش ست غيرك, فبالرغم من كل عيوبه الا ان عمره ما كان خاين.
مريم: طب ليه ما حاولش يقولي؟
وليد: ما كنش ينفع, المهمة دي كانت سرية لأقصى حد ولولا انهم احتاجوني فيها انا كمان ما كنتش هعرف.
مريم: وياترى دة حصل امتى بالظبط يعني قبل جوازنا ولا بعده؟
وليد: يوسف قالي ان جدك كان شاكك من زمان في سلوك جوز عمتك, وكانت فيه شبهات كتير بتدور حوالين شغله وحس انه لفه ودوارانه عشان يمسك ادارة شركة الكامل كان مجرد انه عايزها تبقا ستارة لشغله المشبوه دة عشان كدة جدك اوكل بادارة شركته ليوسف وهو اللي قدر يكشف اللعبة وخصوصا بعد ما جند اللي اسمه محمد جمال دة اللي جوز عمتك كان مخليه جاسوس في شركة الكامل وهو بردو كان الشخص اللي حط أجهزة التسجيل في مكتب كمال وهدان واللي من خلاله احنا قدرنا نتوصل لكل الدلايل اللي ممكن تدينه وكان ما فاضلش غير انه يتمسك متلبس.
مريم: وعماد و علياء كانوا بيشتغلوا معاه؟
وليد: عماد هو اللي كان بيوردله المخدرات من برة وعلياء هي اللي كانت بتجيبلهم الزباين.
ثم أكمل ساخرا: وطبعا البركة كانت في شغلها اللي خلاها على علاقة بصفوة المجتمع من زوجات رجال الأعمال الفاضيين ومش لاقيين حاجة يعملوها فبيضيعوا وقتهم في تناول المخدرات.
مريم: وهما دلوقت اتقبض عليهم؟
عماد: للأسف يوسف قالي انهم قدروا يهربوا, وأكيد اللي حصله دة هما اللي وراه, بس اللي مجنني وهموت وأعرفه هما ازاي قدروا يكتشفوا ان يوسف هو السبب في القبض عليهم؟
لم تكن مريم بحاجة إلى سماع المزيد, فكل ما كان يشغل بالها الآن هو أنها قد ظلمت يوسف باتهامه بالخيانة من جهه و الجشع من جهة أخرى, يوسف الذي قد خاطر بحياته لإنقاذ جدها من خطر زوج عمتها, يوسف الذي أصبح الآن بين الحياة والموت, وقد تضاعف ألمها, فإن كانت قد سامحته فور علمها بخبر إصابته وهي على يقين بسوء نواياه, فكيف هو شعورها الأن بعد أن اكتشفت براءته من كل التهم المنسوبة إليه؟
علم وليد بأنها بحاجة لبعض الوقت كي تخلو بنفسها حتى يمكنها استيعاب كل تلك الصدمات التي انهالت عليها واحدة تلو الأخرى, فقرر الانسحاب من الغرفة بهدوء وقبل أن يصل إلى الباب وجد حياة وكانت تلهث من الجري وهي تقول بلهفة: وليد! مريم ! يوسف خرج من العمليات.
وعلى الفور ركض وليد خارج الحجر ومريم وحياة تحاولان اللحاق به.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
في فيللا شاكر عزالدين وقد كان يسود الحزن أيضا ولكن من نوع آخر, وقالت الأم التي قد جفت عينيها من كثرة الدموع: انا مش قادرة أصدق, بقا عماد ابني اللي متربي على ايديا يتاجر في المخدرات؟
شاكر بنبرة عتاب كانت لنفسه أولا قبل أن تكون لزوجته: للأسف يا مديحة احنا اهتمينا بارضاء رغباته وبس أكتر من اننا نعلمه الحلال والحرام والصح والغلط, ولأنه كان ابننا الوحيد فكنا مش عاوزين نرفضله أي طلب ونتجاهل كل أخطائه ونعمل اننا مش شايفينها, ودة اللي خلاه يتمادى اكتر وأكتر لحد ما وصل للي وصله دة. يعني قبل ما نلومه هو احنا لازم نلوم نفسنا في الأول.
مديحة: طب وهو فين دلوقت؟
شاكر: معرفش, محدش عارف طريقه لحد دلوقت, والبوليس عمال يدور عليه ومش لاقيه.
مديحة: طب واحنا هنفضل ساكتين كدة؟ ماهو بردو ابننا يا شاكر واحنا لازم ندور عليه ونقومله أحسن محامي.
ثم نظرت إلى نهال والتي كانت تجلس في كرسيها ملتزمة الصمت: طب انتي يا بنتي ما تعرفيش هو ممكن يكون فين دلوقت؟ انتي مراته وأكيد عندك أي فكرة عن المكان اللي ممكن يكون مستخبي فيه.
وقبل أن تجيب نهال بلهجتها الجافة التي قد اعتادت عليها مديحة, فقد سمعوا صوت جرس الباب الذي تصاعد رنينه بشكل يكاد يصم الآذان, مما جعل شاكر ينفعل كثيرا وهو يصرخ في أحد الخدم الذي كان يتجه إلى الباب ليفتحه: ما بسرعة شوية يا عبدالجليل, وتشوف البني آدم اللي مش جايله صبر دة.
فأسرع عبد الجليل في سيره, وفتح الباب ليجد أحد الضباط أمامه وعلى مقربة منه وقف مجموعة من العساكر, ولم ينتظر الضابط الاذن بالدخول بل اقتحم المكان على الفور وأخذ يوزع العساكر الذين كانوا تحت رئاسته في جميع أنحاء الدور الأرضي بالفيللا, فاقترب منه شاكر يسأله وهو يستعد لتلقي صدمة جديدة: هو فيه ايه يا حضرة الظابط؟ انا شاكر عزالدين صاحب الفيللا.
الضابط: انا معايا أمر بتفتيش الفيللا.
شاكر بألم: الفيللا تحت أمركم, بس لو كنت بتدور على عماد ابني, فللأسف مش هتلاقيه.
الضابط: احنا بندور على حاجة تانية يا استاذ شاكر, اما موضوع ابنك فدي مهمة ناس غيرنا.
وبعد فترة من التفتيش عاد العساكر يقولون: مفيش حاجة يا فندم.
فقال الضابط لشاكر وهو يشير إلى الدور العلوي: بتهيئلي ان أوض النوم هي اللي فوق؟
شاكر: ايوة يا فندم.
ودون كلمة أخرى اتجه الضابط إلى الدرج وصعد السلم مشيرا إلى العساكر بتتبعه, وصعد خلفهم كل من شاكر ونهال ومديحة اللتان قد استوعبتا الصدمة أخيرا, وبعد أن سألهم الضابط عن غرفة نوم ابنهم, توجه إليها على الفور ويتبعه الأخرون, ثم أعطى أوامره بتفتيش الغرفة, أما هو فأخذ يجول بعينيه في مختلف محتوياتها حتى وقعت عيناه على حقيبة سفر صغيرة بجوار السرير سأل عنها نهال بعد أن علم بأنها زوجة عماد: بتاع مين الشنطة دي يا مدام؟
نهال: بتاعتي و فيها شوية تحف كنت اشتريتهم عشان أخدهم معايا لبنان كتذكار يعني.
الضابط: طب لو سمحتي افتحيها.
فحملت نهال الحقيبة ووضعتها على السرير, ثم فتحتها لتظهر بداخلها بعض التماثيل الصغيرة, فاقترب منها الضابط وأخذ يتفحص التماثيل بعناية واحدا تلو الآخر حتى توقف عند أحدهم وقد كان أحد التماثيل التي قد أهداها لها عماد ذات يوم لعلمه بعشقها لذلك النوع من الفنون وفوجئت نهال بأنه ينزع رأسه ليبدو التمثال مجوفا من الداخل وفوجئت أكثر عندما وجدته يفرغ ما بداخله في يده لتظهر العديد من حبات الألماس اللامعة, فقال الضابط لنهال: تقدري تقوليلي ايه دة بقا يا مدام؟
نهال متلعثمة وقد أصابها الذعر: معرفش.
فأومأ الضابط برأسه وهو يقول لها: طب تسمحي بقا تيجي معانا؟
نهال: على فين:
الضابط: على مكان اللي انا وانتي هنقدر نعرف فيه يبقا ايه دة.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
ومر ما يقرب من الأسبوعين ويوسف لايزال في المستشفي بعد أن تمكن الأطباء من إخراج الرصاصة من صدره بصعوبة وقد ظل في العناية المركزة لعدة أيام, ثم بعد أن اطمئن الأطباء على استقرار حالته أمروا بنقله إلى احدى الغرف العادية والتي كان قد اجتمع فيها الآن وليد وحياة وماهر وهدى الذين كانوا يتناوبون على زيارته ومريم التي أبت أن تغادر المستشفى إلا وهي برفقة يوسف, وقد عملت هي على خدمته طوال هذه المدة, إلى أن أصبح الأن في حالة تسمح له بالجلوس وكذلك الحديث, فقال لوليد: طمني يا وليد مفيش أخبار عن عماد وعلياء؟
وليد: لا لسة بس وديني مانا سايبهم.
يوسف مبتسما: يعني انت بايدك ايه تعمله؟
وليد: بايدي كتير يا يوسف. وهتشوف.
يوسف مازحا وهو يشير إلى الضمادة التي تحيط بكتفه: لا ورحمة أبوك, كفاية اللي أنا شفته لحد دلوقت. احنا مش ناقصين مصيبة تانية.
وليد: ما تقلقش يا يوسف, ان شاء الله خير.
فنظرت إليه حياة بقلق, فقد كانت بالفعل قلقة عليه من شر عماد ذلك الشخص الذي يمكنه أن يفعل أي شيء بغرض الوصول لهدفه, ولكنها لا تستطيع أن تبوح له بذلك, مازالت لا تستطيع.
ثم سمعوا طرقا على الباب, وبعدها دخل الطبيب وبصحبته احدى الممرضات وقال ليوسف: عامل ايه دلوقت يا باشمهندس؟
يوسف: الحمد لله يا دكتور.
ثم وجه الطبيب حديثه للآخرين وهو يقول: طب لو سمحتوا يا جماعة تطلعوا برة عشان نغير للمريض.
فقال وليد لأخيه مستئذنا: طب عن اذنك بقا يا يوسف وان شاء الله هجيلك بكرة ومعايا أخبار كويسة.
يوسف بقلق لم يرد أن يبديه: خلي بالك من نفسك يا صاحبي.
ثم غادر الجميع الحجرة ولم يبق سوى مريم, وبعد أن أنهى الطبيب مهمته وقد استعد أن يغادر الغرفة سأله يوسف: أنا امتى هسيب المستشفى يا دكتور؟
الطبيب ممازحا: ايه دة؟ خلاص زهقت مننا أوام كدة يا باشمهندس؟ وع العموم يا سيدي اطمن كلها أسبوع تاني بالكتير وهكتبلك على خروج.
يوسف: متشكر أوي.
وخرج الطبيب وخلفه الممرضة, فحاول يوسف أن يستلقي مجددا على السرير وأسرعت مريم لتعدل من وضع الوسادة تحت رأسه وساعدته في أن يعدل وضعه فقال لها يوسف بامتنان: متشكر أوي يامريم.
مريم مبتسمة: انا اللي المفروض اني أشكرك يا يوسف.
يوسف: بس………
فوضعت مريم كفها على فمه وهي تقاطعه قائلة: ما تقولش أي حاجة, المهم دلوقت انك تقوم بالسلامة وساعتها يبقا نتكلم.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
كان عماد في قمة غضبه وهو يقف في بهو الفيلا التي كان يختبىء بها والتي تضم أيضا علياء وهي تجلس على كرسيها بكل هدوء تقلم أظافرها, وسبعاوي يقف مطرقا رأسه لتحمل كل إهانات عماد الذي كان يقول: واضح انك خلاص كبرت وايدك تقلت وما بقتش قادر تشيل السلاح.
سبعاوي وهو يحاول أن يدافع عن نفسه: ما تقولش كدة يا وليد بيه, هو بس اللي كان حظه نار وقدروا يلحقوه, أعمل ايه؟ لسة ليه عمر بقا؟
لم يخفف هذا الكلام من ثورته: ماهو لو كانت رصاصتك دي جات في مقتل او كانت اكتر من رصاصة ما كانوش هيلحقوه يا فالح.
سبعاوي: ع العموم حقك عليا يا عماد بيه. وان كانت خيبت المرادي فانا أضمنلك بحياتي انها مش هتخيب المرة الجاية.
عماد باستهزاء: المرة الجاية! وانت فاكر ان هيبقا فيها مرة جاية؟ ما خلاص يا فالح, زمانهم دلوقت خدوا احتياطاتهم وأمنوا نفسهم.
سبعاوي بثقة وتحدي: بردو هجيبه, ولو كان في فيللته ووسط أهله والمديرية كلها بتحرسه فأنا مش هسيبه, دة بقا خلاص تار شخصي يا عماد بيه.
عماد: لا دي بقا محتاجالها ترتيب تاني خالص, مانا مش هسيب البلد غير لما اخلص منهم كلهم دفعة واحدة.
وهنا رن هاتفه الجوال فأمسكه وليد ثم وضعه على أذنه وقال: ايوة يا أسامة, فيه ايه؟……….. مين؟….. ماهر؟
فانتفضت علياء فور سماعها الاسم ولكنها انتظرت إلى أن ينهي المكالمة حيث سمعته يقول: ودة ايه اللي جابه؟………. طب هو لوحده ولا معاه حد؟……… لا طبعا دة جاه لقضاه………. فتشه الأول وبعدين دخله بس لوحده وخلوا بالكم من اللي معاه, وخليكم مستعدين في اي لحظة.
ثم أنهى المكالمة فأسرعت علياء نحوه وهي تكاد تحترق من القلق والشك: تفتكر ايه اللي جاب البني آدم دة هنا؟ وايه اللي عرفه مكانا أصلا؟
عماد: كلها ثواني ونعرف
وبالفعل ماهي إلا ثواني قليلة حتى حضر ماهر وبصحبته حارسا مدججا بالسلاح, وفور أن رأى عماد فتح ذراعيه وأسرع إلى عماد يحتضنه وهو يقول: حبيب قلبي يا عمدة, فينكم يا راجل؟ قلقتوني عليكم.
لم يبد عماد أي استجابة لتلك الحرارة التي أظهرها ماهر نحوه بل ظلت ملامحه جامدة, ولكن ماهر لم يبال بالأمر كثيرا بل استمر يقول بعتاب: بقا ياراجل تعمل معايا انا كدة؟ تخلي رجالتك يفتشوني على باب الفيللا؟ بس ياللا هسامحك المرادي لأني مقدر ظروفك.
ثم ضغط على ذقن علياء وهز وجهها بيده بلطف: ازيك يا لولا, عاملة ايه يا قمر؟
وقد حذت علياء حذو عماد فلم تجب, أما عماد فقد تخلى عن صمته وهو يسأله: انت ايه اللي جابك يا ماهر؟ وعرفت مكانا هنا ازاي؟
ماهر متصنعا الحزن: بقا هي دي أهلا وسهلا بردو اللي بتقولها لضيوفك؟
فكرر عماد سؤاله ولكن بنبرة أعلى: جاوب على سؤالي يا ماهر, وقولي عرفت مكاني منين؟
فقال ماهر وهو يجلس على الأريكة بارتياح دون أن يأخذ الإذن من أحد: لا يا صاحبي, انت سألتني سؤالين. انا عرفت مكانك ازاي؟ وجيت هنا ليه؟ وانا بقا مش هكون بخيل زيكم وهجاوبك ع الاتنين.
ووقف عماد وعلياء يرمقانه بنظرات شك في انتظار أن ينهي حديثه, فاستمر ماهر يقول: اولا كان سهل عليا اوي اني أوصل لمكانكم وخصوصا اني أعرف كل أسراركم واللي كان منها الفيللا دي واللي انت اشتريتها من سنة وكتبتها باسم مراتك وهي ما تعرفش, ولا نسيت ان انا اللي عرفتك على السمسار؟
لم يستطع عماد أن ينكر ذلك لأنه كان حقيقة ولكنه لم يطمئن تماما لماهر فسأله: طب وانت عاوز ايه دلوقت؟
ماهر: جينا بقا للسؤال التاني أنا جيت هنا ليه؟ انا جيت عشان نشوفلنا حل للمصيبة اللي حصلت دي.
علياء: وانت يهمك ايه في اللي حصل؟ اهو كله وقع على دماغنا.
فنهض ماهر مرة أخرى وهو يقول بغضب: يهمني ايه ازاي؟ انتو نسيتوا ان بابا محبوس دلوقت على ذمة القضية؟ يعني المصيبة دي ضرتني زي ماهي ضرتكم, والله أعلم بقا القضية دي هترسي على ايه؟ ومش جايز كمان الحكومة تحط ايدها على كل الأملاك باعتبار انها جاية من طريق غير مشروع , وساعتها بقا هبقا يا مولاي كما خلقتني.
عماد: طب واحنا ممكن نعملك ايه دلوقت؟
ماهر: خدمة قصاد خدمة.
عماد: ازاي يعني؟
ماهر: انا مش طالب كتير, هو اتنين مليون دولار يا صاحبي أخدهم وأسافر أعيش بيهم حياتي برة.
فشهقت علياء وقالت: ايه؟ اتنين مليون ايه؟
ولكن لم يبد على عماد أي تأثر بل سأله بهدوء: وانت بقا هتقدملنا ايه في المقابل؟
ماهر: انا عرفت انك عاوز راس يوسف وأخوه لأنهم كانوا السبب في اللي انتوا بقيتوا فيه دلوقت مع اني بصراحة هتجنن وأعرف انتوا اكتشفتوا دة ازاي؟
فاندفعت علياء تقول: واحنا بنهرب أنا وعماد لمحت عربية يوسف واقفة قريب من عربيات البوليس فاتأكدت ان هو اللي بلغ عننا وان كل اللي كان بيعمله دة كان مجرد لعبة علينا.
عماد: بس انت يا ماهر لسة ما قولتلناش انت هتقدملنا ايه مقابل المبلغ دة ؟
ماهر: هدية يا صاحبي هتفرحك أوي وتخليك تضرب عصفورين بحجر واحد.
عماد: هدية ايه؟
ماهر بغموض: هتعرفها حالا بس خلي الرجالة بتوعك يدخلوا الناس اللي برة.
وعلى الرغم من أن عماد لم يرتح للأمر تماما إلا أنه أمسك بهاتفه واتصل بحارس البوابة الخارجية, وقال له: دخل الناس اللي عندك, أيوة اللي كانوا مع ماهر. وانت كمان تعالى معاهم وهات معاك حسام ومجدي ومعتز.
ثم انتظروا قليلا حتى جاء اربعة من الحراس مما يعملون مع عماد وبرفقتهم ثلاثة رجال أخرين, من ضمنهم رجلا مقيدا بالحبال وتغطي وجهه طاقية سوداء فنظر عماد وعلياء إلى ماهر بتساؤال مما جعل ماهر يقترب من الرجل المقيد وهو يدور حوله بعينين عابثتين و يقول, اسمحولي أرفع الستار عن هديتي المدهشة.
ثم نزع الغطاء عن وجه ذلك الرجل ليكتشفا أنه وليد جلال وقد كان ينظر إليهما بغضب, لذلك علت الدهشة وجهيهما معا, فقال لهما ماهر: ايه رأيكم بقا في المفاجأة دي, أدي وليد أدامكم بشحمه ولحمه, تقدروا تعملوا فيه اللي انتوا عاوزينه, وطبعا مش محتاج أقولكم موت وليد ممكن يعمل ايه في أخوه؟ ماهو حاجة من الاتنين يا اما يحطمه تماما لدرجة تخليه ما يقدرش بعدها انه يأذي حد فينا, يا إما يخليه يغضب ويثور و يحاول ينتقم ليه بسرعة وساعتها بقا يخرج من جحره وتقدروا تصطادوه براحتكم.
ولأول مرة تظهر الابتسامة على وجه عماد وإن كانت ابتسامة شيطانية, أما وليد فقد وجه غضبه إلى ماهر وهو يقول: كنت شاكك فيك من البداية بس كنت بحاول أكدب نفسي, صحيح البني أدم اللي زيك عمره ما هيتعدل أبدا.
ماهر: معلش بقا يا عم وليد, المصلحة تحكم بردو.
وليد: ماشي يا ماهر ليك يوم.
وهنا رد عماد ساخرا وهو يقترب من وليد بعد أن أخرج سلاحه ليشهره في وجهه: جرى ايه يا باشمهندس؟ انت مش شايف نفسك ولا ايه؟ مش حاسس انك في موقف ما يسمحش لواحد في حالتك انه يهدد بأي حاجة.
وليد: لو كنت فاكر ان عشان اللي انا فيه دة هركع تحت رجلك وأترجاك انك تطلق سراحي تبقا غلطان, مش وليد جلال هو اللي يعمل حاجة زي دي. انا أهون عليا أموت ولا اني أتذلل لواحد زيك.
ماهر: لا راجل بصحيح.
ثم قرب فمه أكثر من أذنه وهو يقول بصوت أشبه إلى الهمس: وياترى بقا كنت راجل أوي كدة مع المدام اللي قدرت تضحك عليك وتفهمك انك أول راجل في حياتها؟
وعندما لاحظ عماد احمرار وجهه من الغضب ولكن لم يكن بيده القيام بما هو أكثر من ذلك فأطلق عماد ضحكة عالية تردد صداها في أرجاء المكان, ولكن قاطعه ماهر وهو يقول له وقد بدأ نفاذ الصبر يبدو على ملامحه: بقول ايه يا عماد؟ انا كدة عملت اللي عليا, اديني بقا نصيبي, وخلي رجالتك يرجعولنا السلاح.
فنظر عماد لأحد رجاله وقال له وقد اطمئن تماما من ناحية ماهر: رجعلهم سلاحهم يا أسامة.
وبالفعل أعاد أسامة السلاح لماهر والرجلين الذين كانا يرافقان وليد, وسأل ماهر عماد: طب ونصيبي؟
عماد: ومستعجل على ايه يا سيدي؟ انت مش عاوز تحضر حفل التأبين اللي هنعمله للباشمهندس ولا ايه؟ ولا انت قلبك خفيف وما بتحبش تشوف الحاجات دي؟
ماهر بسخرية: لا ازاي؟ دة وليد دة حبيبي, وواجب عليا أحضر جنازته. بس ياريت تخلصنا بسرعة.
عماد: حبيبك ازاي وانت عاوز تخلص منه بسرعة؟ ياعم خلينا نتسلى شوية.
ثم فتح مسدسه وقال وهو يخرج منه الرصاصات واحدة تلو الأخرى: كان فيه لعبة زمان بيحب يلعبها الأغنياء لما بيعدموا واحد من أعدائهم وكان اسمها رصاصة الرحمة, واللعبة دي أساسها انهم يخلو رصاصة واحدة بس في المسدس ويبدأوا ينشنوا على الهدف وهو وحظه بقا ممكن تكون الرصاصة دي رقم واحد او اتنين أو تلاتة, لكن في كل ضغطة على الزناد بيموت فيها الهدف مليون مرة, انا بقا يا ماهر نفسي ألعب اللعبة دي دلوقت.
ثم لف بكرة المسدس بيده بعد أن تأكد بأن ليس بها سوى رصاصة واحدة فقط, ثم قال لماهر: تعالى يا ماهر عشان تلعب معايا وانتي كمان يا علياء وهنعمل رهان اللي الرصاصة تطلع من نصيبه ياخد من كل واحد فينا جنيه صحيح المبلغ تافه, بس اللعبة مسلية, وكمان الهدف ما يستاهلش أكتر من كدة.
وبالفعل اصطف الاثنان بجانبه, ماهر على يمينه و علياء على يساره بعيدا عن وليد بما يقرب من ثلاثة أمتار,بينما تنحى باقي الرجال جانبا تاركين وليد واقفا وحده في المنتصف, فتبادل عماد النظرات مع كل من ماهر وعلياء وسألهم: تحبوا مين يبدأ الأول؟
وعندما لم يلق جوابا قال مقررا: خلاص يبقا أبد أنا باعتباري صاحب الفكرة وبعدين ماهر لان هو صاحب الهدف وعلياء في الأخر.
ولم ينتظر موافقة أي منهما أو اعتراضه بل انه أشهر مسدسه ناحية وليد, في حين ألقى ماهر بنظرة سريعة ناحية رجليه حملت نوعا من التفاهم بينهم لم يلاحظه أحد, وعندما استعد عماد ليضغط على الزناد, وجد ماهر مصوبا سلاحه إلى رأسه وهو يقول مهددا: انت أعقل من انك تعملها يا عمدة.
صعقت المفاجأة كل من علياء وعماد الذي قال: ايه دة يا ماهر؟ انت اتجننت؟
ماهر: قصدك عقلت ومن زمان أوي يا عماد.
عماد: يعني انت كنت كل دة…………..
ثم توقف عندما وجد أن الرجلين التابعين لماهر قد نزعا السلاح عن رجاله ثم توجه أحدهما وفك قيود وليد الذي أخرج سلاحا كان تحت سترته , وسمع ماهر يفسر له الأمر وهو يأخذ من يده السلاح: أحب أقدملك الرائد خالد والنقيب عمر.
وبعد لحظات اقتحم العديد من رجال الشرطة المكان وكانت علياء وعماد لا يزالان مبهوتين بسبب ما يحدث, وقد ألقي القبض عليهما وكذلك جميع الحرس الذين يعملون بالفيللا حيث بدا أنهم جميعا مطاردون من قبل رجال الشرطة.
وفي الخارج وقف وليد و ماهر مستندين على سيارة ماهر, فقال وليد: متشكر أوي يا ماهر بجد انا مش عارف أقولك ايه؟
ماهر: ما تقولش يا باشمهندس, دة كان واجبي ولازم أعمله.
وليد بتردد: طب بخصوص والدك……..
فقاطعه ماهر بحزن: بابا اعترف على نفسه بكل حاجة وخرجني انا من القضية كلها بالرغم من ان انا كنت مستعد اعترف بكل الجرايم اللي اشتركت فيها معاه. بس هو ما رضيش يحملني أي مسئولية وعزائي الوحيد اني حاولت أحذره قبل كدة أكتر من مرة بس هو كان بيرفض يسمعلي ويمكن يكون دة السبب اللي مخليه حاسس بالندم دلوقت.ومستعد انه يتحمل أي عقوبة.
فربت يوسف على كتفه مواسيا: احنا بردو مش هنسيبه, هنقومله أكبر محاميين وان شاء الله ياخد حكم مخفف.
فابتسم ماهر بامتنان واكتفى بإيماءة صغيرة من رأسه, في حين قد ظهر رجال الشرطة محيطين بكل من علياء وعماد الذي لمح من وليد وماهر من بعيد فنادى على ماهر: استاذ ماهر! كلمة واحدة لو سمحت.
فانتصب ماهر واقفا واتجه ناحية عماد بخطوات بطيئة بينما ظل وليد مكانه, وعندما أصبح ماهر على بعد خطوتين فقط من عماد الذي كان يمسكه اثنان من رجال الشرطة وقال له هذا الأخير: انت النهاردة كنت الشخص الوحيد اللي قدر يثبتلي أنا أد ايه كنت غبي, عشان كدة بحب أقدملك تحياتي..
وعندما أراد أن ينحني قليلا وجد أن رجال الشرطة من حوله يتأهبون فقال لهم وهو يشير بعينيه إلى حذائه ذات الرباط المفكوك: ايه؟ انا بس كنت عاوز أربط الجزمة.
فأرخى العسكران قبضتيهما من على ذراعه, ثم أفلتاه, وأكمل قائلا لماهر وهو ينحني نحو حذائه: دلوقت بقا صعب أوي ان انا وانت نعيش على أرض واحدة.
وقد شدد على الكلمة الأخيرة وهو ينزع خنجرا صغيرا من تحت شرابه واندفع به ناحية ماهر ناويا قتله, وماهر لا يزال واقفا قد صدمته المفاجأة في انتظار الطعنه تأتيه في مقتله, ورجال الشرطة كل يقف في مكانه لم يتمكن أي منهم منعه حيث قد حدث كل شيء سريعا, ولم يتمكنا إلا من انتظار النتيجة, ولكن لدهشة الجميع وقبل أن ينغرز الخنجر في قلب ماهر خر عماد على الأرض صريعا نتيجة لطلقة نارية أصابت جبهته فاتجهت الأنظار ناحية المصدر ليجدوا وليدا ممسكا بمسدسه وقد كان في وضع إطلاق النار, وعندما نظر ماهر إليه رأى شبح ابتسامة تتراقص في عينيه.
_ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _ _
وبعد عدة أيام عاد يوسف إلى فيللته وقد أصرت مريم على البقاء بجانبه حتى يتم شفاؤه نهائيا, أما وليد فقد ظل فترة طويلة متغيبا عن المنزل ما بين عمله في الثلاث شركات, شركته وشركة أخيه وكذلك شركة عبدالرءوف الكامل والتي كان يساعده في إدارتهم ماهر وعبدالرءوف نفسه بعد أن استرد صحته كاملة, وبين سرايا النيابة يدلي بشهادته, وكانت حياة التي تجهل كل ما حدث حيث لم يخبرها وليد بأي شيء فكانت لا تراه إلا لماما وربما أوقات النوم فقط, وفي أحد الأيام ذات مساء, كانت حياة تتصفح أحد الجرائد, بعد أن شعرت بالملل يتسرب إليها, فلقد افتقدت وليد , افتقدت حتى سخريته فمهما كانت لاذعة فهي أهون من ذلك الفراغ الذي أصبح رفيقها في الأيام السابقة, وبينما وهي تقلب صفحات الجريدة وقع نظرها على صورة عماد وهو يرقد على الأرض صريعا, فكتمت شهقتها وهي لا تصدق ما تراه أمامها, ثم بدأت تقرأ ما تحت الصورة بصمت والتي قد أوضحت بأنه تم قتله وهو في طريقه إلى سيارة الشرطة على يد رجل أعمال آخر أغفلت ذكر اسمه, وقد أوضحت سبب مقتله بأنه حاول التعدي على هذا الشخص المجهول فكان الآخر أسرع منه وقد أدى ذلك إلى مصرع عماد والذي كان هاربا من العدالة ومتهما بالاتجار في المخدرات وقد ذكرت الصحيفة أيضا بأنه تم القبض على زوجته نهال من قبله وجاري التحقيق معها لاتهامها بسرقة وتهريب فصوصا من الألماس يصل قيمتها إلى خمسة ملايين من الدولار الأمريكي.
ظلت حياة مصدومة لبعض الوقت حيث لم تسمع صوت وليد وهو الذي قد دخل لتوه, ولم تشعر به إلا عندما رأته أمامها, فشهقت بخفوت لدى رؤيته, ولكنه تجاهل ذلك وقال لها: مساء الخير.
حياة متلعثمة: مساء النور.
ثم نهضت متجهة إلى الداخل بعد أن وضعت الجريدة على المنضدة وهي لا تدري بأنها لاتزال مفتوحة على الصفحة التي بها ذلك الخبر وقالت وهي تحاول أن تخفي ارتباكها: ربع ساعة بالكتير ويكون العشا جاهز.
ولكن منعتها يد وليد الذي أمسكت بذراعها وأدارتها نحوه بلطف وهو يسألها بنبرة هادئة مشيرا إلى الجريدة: عرفتي أنا ليه بقا كنت متغيب عن البيت طوال الفترة اللي فاتت؟
الفترة اللي فاتت؟
ولم ينتظر ردها بل أجاب هوقائلا: لأنهم كانوا بيحقق
الحلقه الاخيره جزء تانى والاخيره
أكتر من اللازم واللي أكدلي دة انك كنت مستعد تطلقني وقتها بكل سهولة, ويمكن اللي منعك ساعتها هو جدو عبدالرءوف.
فقال يوسف وقد قطع الخطوة التي كانت تفصلهما وقد بدأت الحقيقة تتجلى أمام عينيه, وقال لها وهو يحتضن كفيها بحفيه ولا يبعد عينيع عن عينيها: أنا قولت اللي قولته ساعتها لما شفتك مستعدة انك تمشي.
مريم: مانت لو كنت ركزت وقتها, كنت شفت أنا أد ايه كنت سعيد ومبسوطة , وكنت جاهزة أخرج فعلا بس عماك عشان كنت عاملة حسابي اننا نتعشى برة.
يوسف: يعني انتي مستعدة يا مريم انك تعيشي بقية حياتك معايا.
فاستولى الغضب على مريم وهي تقول: يوووووووووووه, يوسف! والله همشي لو كررت السؤال دة تاني.
ثم أكملت مصححة وهي تشير إلى بطنها وهي تقول: اولا اسمها معانا, وثانيا انا مستعدة أعيش حياتي دي وحياة فوقيها كمان معاكم انتو الاتنين.
فابتسم يوسف لزوجته التي لاتزال طفلة بكل انفعالاتها, وقال لها: بحبك يا مريم بكل جنانك دة.
هي الكلمة التي كانت تتمنى سماعها منذ وقت طويل, فأخيرا اعترف يوسف بحبه لها, وأعرب عن رغبته في قضاء بقية حياته معها, أرادت أن تحتضنه بشدة لتعبر عن مدى سعادتها, وبدا أن عينيها قد فضحتاها فبادر يوسف بذلك ولكن ما إن أخذها بين ذراعيه حتى رن هاتفه ودون انقطاع, فتخلص يوسف من عناقها برفق وهو يقول مصرا على أسنانه: مين الرخم اللي بيتصل دلوقت دة؟
ونظر إلى شاشة الهاتف ليتحقق من هوية المتصل ثم فتح المكالمة وسمعته مريم يقول محاولا كتمان غيظه وهي تراقبه بنظرات مشاكسة: ايوة يا عم الرخم……..مش تبقا تختار الاوقات اللي تتصل فيها يا بايخ انت.
فظهر وليد على الطرف الآخر يضع هاتفه بجوار أذنيه وقد أجفلته طريقة أخيه في الحديث معه ولكنه استطاع تدارك الأمر سريعا وقال معتذرا: معلش بقا يا يوسف, انا بس كنت يتصل عشان أبلغك اني مسافر لمدة شهر وعاوزك تاخد بالك من الشركة في غيابي.
يوسف مندهشا: مسافر رايح فين يعني؟ وانت مش شايف ان شهر دة كتير؟
وليد وقد شعر بالخجل وهو يقول: اصلي انا وحياة اتفقنا اننا نقضي شهر العسل في شرم الشيخ.
يوسف: شهر عسل!
وقد بدأ يوسف يفكر للحظات, ظن فيها وليد بأن بأن أخيه لم يسمعه جيدا أو أن هناك خللا بالشبكة: يوسف! انت معايا؟ قولت ايه بقا؟
يوسف مشاكسا: وهو انا كنت النايب بتاع سعادتك, ولا انا كمان مش ليا حق في شهر عسل أنا التاني؟ بقولك يابني أنا ومريم مسافرين معاكم.
وليد: طيب والشركتين؟
يوسف ممازحا: جه الوقت بقا اللي ناخد فيه أجازة وعبدالرءوف بيه وماهر يثبتوا انهم أد المسئولية.
وبعد مرور عامان تقريبا, نجد الجميع بمنزل عبدالرءوف الكامل وهم يتناولون القهوة ويترأسهم عبدالرءوف و ابنته وردة بعد وجبة العشاء اللذيذة التي قد أعدتها حياة ومريم التي كانت قد أتقنت فن الطبخ وإدارة المنزل مؤخرا, وقال يوسف مثنيا عليها: تسلم اديكي يا حبيبتي, وربنا ما يحرمني من أكلك أبدا.
مريم مبتسمة وهي تشعر بنظرات الجميع مسلطة عليهما فقالت بخجل: ولا يحرمني منك يا حبيبي.
فضربت حياة وليد في كتفه بكوعها وهي تقول له بغضب: شايف الناس المتجوزة بصحيح, هو انت ليه يا وليد ما بتقوليش كلام حلو زي دة؟
وليد ضاحكا: لمي الدور يا أم يوسف وكلي عيش أحسنلك.
حياة مدعية الحزن: بقا كدة يا وليد, ماشي. انا بقا زعلانة منك.
فاحتضن وليد كفها بين كفيه ورفعا إلى شفتيها وهو يقول: وانا مقدرش يا حبيبة قلب وليد من جوة.
وهنا تنحنح ماهر وهو يقول بغيظ: يا جماعة ما تراعوا شعورنا بقا, واللا احنا عشان مش عارفين نتهبب ونتجوز هتقعدوا تغيظونا بالشكل دة.
وليد : وانت حد كلمك يا عم انت؟ ما تتجوز وهو مين اللي منعك؟
فأشار ماهر ناحية هدى التي كانت تجلس على كرسي آخر بجواره: الهانم, قال ايه مش مكفيها سنتين مخطوبين ومكتوب كتابنا, وقال ايه مش عاوزة تتجوز غير لما تخلص دراستها, يعني هقعد في العذاب دة سنتين كمان.
هدى بدلال: وان كان عاجبك.
فنهض ماهر من كرسيه وجلس على طرف كرسيها وأخذ كفها بيده وهو يقول مستعطفا: وفيها ايه يا روحي لو تكملي السنتين دول في بيتنا, ماهو مريم وحياة عملو كدة, انتي مش شايفة الجواز حلو ازاي؟
ثم قال موجها حديثه لكل من مريم وحياة مستنجدا بهما: ولا ايه يا مدامات, ما تفهموها بقا.
فقالت مريم بجدية: انا الحقية رأيي من رأي هدى, أصل صعب أوي انها توفق بين بيتها ودراستها.
ماهر محتجا وقد ارتفع صوته كثيرا: نعم يا ختي؟
مريم مستمرة في شرح مبرراتها: دي الحقيقة, فعادة الست بتكون مضطرة انها تهمل دراستها عشان تهتم ببيتها وجوزها ودة طبعا بيضايقها جدا.
وشعرت بأصابع يوسف تمتد إلى خدها وهو يسألها برقة: دة بيحصل فعلا؟
فقالت مريم وهي تبتسم في خجل وقد ذابت من لمسته: لا طبعا, مش في كل الحالات.
فعلا صوت ماهر وهو يقول معترضا: والله حرام بقا اللي بيحص دة.
وهنا تعالت ضحكات الجميع يسودهم الألفة والحب وكانت مريم تشارك في الضحك ولكن عينيها لم تفارقا زوجها وهي تتامله بصمت, وتتعجب من موقفها الرافض له في بداية تعارفهما حين لم تكن تعلم بأنه سيأتي عليها اليوم الذي ستعشقه فيه إلى هذا الحد وهو ايضا يبادلها نفس الشعور حيث لم تعد غريبة عن عالمه.
**************************تمت بحمد الله*************************
———–———-———————-————
ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة
الى اللقاء في الحلقات القادمة
بقلم الكاتبة: رحاب حلمي