الحلقة السادسة من مسلسل مطلقة تحت التهديد بقلم حبيبه
الحلقة السادسة من مسلسل مطلقة تحت التهديد بقلم حبيبه
الحلقة السادسة
تشجعت رهف وقالت من بين خجلها :إيه بقا الموضوع اللي كنت عايزني فيه؟
رد مروان في إرتباك قائلاً: بصراحة كنت عايز أعرف حصلك ايه امبارح…
عقدت رهف حاجبيها وقالت بإرتباك:ما أنا قلتلكوا كلكوا حصلي إيه…
قال مروان بنظرات كاشفة:بس ده اللي قلتيه انما اللي حصلك حاجة تانية…
تبلمت رهف ولم تفهم هل هو يعرف بالفعل ماذا حدث أم أنه مجرد تخمين،فقالت بثقة مصطنعة:أنا مش فاهمة تقصد إيه؟
تنهد مروان طويلاً وقال:أولاً أنا آسف اني اتدخلت في حياتك وبسألك بالشكل ده بس أنا بعمل كدة عشان،،وصمت قليلاً ثم قال:عشان حاسس إني في حاجة بتشدني ليكي من أول يوم شفتك فيه عالبحر…
صبغت وجنتي رهف باللون الأحمر ثم أطرق مروان في حديثه وقال:وثانياً بقا اللي خلاني أتكلم اني كنت عارف انتي راحة فين وقابلتي مين…
انصدمت رهف ولم تنطق بكلمة فقال مروان:أنا آسف،غصب عني كنت واقف في البلكونة وسمعتك وانتي بتتكلمي في التليفون وعرفت انك راحة تقابلي بابا ملك…
ابتلعت رهف ريقها وقال مروان:بس مش فاهم حصلك ايه وبجد عايز أطمن عليكي…
زاغت نظراتها وهي تقول:مروان،ماتشغلش بالك بالموضوع ده…
قال مروان بنبرة ناعمة:بس أنا خلاص انشغلت،وعايز أطمن…
صمتت رهف وكلما حاولت النطق و الإعتراف له بما حدث،تيبس لسانها وتعثرت في الكلام فتضطر إلي الصمت مرة أخري حتي قال مروان بهدوء:رهف أنا أجازتي خلصت و راجع طنطا بكرة،لو حكتيلي هعرف اني ممكن أسأل عليكي تاني،لكن لو مش عايزاني أضايقك ولا تشوفي وشي مرة تانية تقدري تحتفظي باللي جواكي لنفسك مقدرش أغصبك علي حاجة…
اغرورقت عينيها بالدموع وقالت:بس انت كدة بتصعبها عليا…
قال مروان بلهفة:ازاي؟
قالت رهف وقد سقطت عبراتها:يعني أنا عايزة أحكيلك بس مش هقدر…
قال مروان مستفهماً:طيب ليه؟
مسكت رهف بحقيبتها فجأة وقالت وهي تعتدل في عجالة:أنا آسفة يا مروان أنا اتأخرت ولازم أمشي…
أوقفها بكلمته وقال:يعني أفهم من كدة انك مش عايزة تشوفيني تاني…
خفق قلبها بشدة وقالت وهي مصبوغة الوجنتين:مقصدش بس معلش أنا مش هقدر أتكلم وكمان لازم أمشي،بعد اذنك…
استدارت و رحلت دون انتظاره أو حتي انتظار كلمة منها…
تبقي مروان شارداً لم ينجح في معرفة شئ ولا يعلم هل فتحت له باباً جديداً أم ظل الباب مفارقاً بينهما أو أغلقته تماماً في وجهه!!!
توجهت لتستقل سيارة أجرة حتي جاء من أوقفها و أربكها،مسك ذراعها بعنوة يكاد يمزق عظامها فالتفتت إليه لتجده إبراهيم،ارتبكت و ظهر عليها التوتر وقالت :إيه في إيه؟
قال إبراهيم بسخرية:شكلكوا اتخانقتوا… ثم قال وهو يستديرها بذراعه ويتجهوا ناحية طاولة مروان:تعالي تعالي إما أصالحكوا علي بعض…
سحبت ذراعها بقوة وهي تقول:انت بتعمل ايه؟
رد إبراهيم بتهكم:شايفك زعلانة منه يا أم موكا ومشيتي أهو وسبتيه لوحده لالا مايصحش كدة،تعالي تعالي!
تعصبت رهف وقالت:إبراهيم الناس بتتفرج علينا وبعدين إيه اللي بتقوله ده مفيش حاجة بيننا أصلا…
ابتسم إبراهيم بمكر قائلا بلهجة تهديد:انتي فاكراني هتضايق لو ارتبطي بحد ،تؤ تؤ أبسلوتلي،ده هيكون كارت لصالحي عشان أخد ملك وانتي بقا تعيشي حياتك…
خافت رهف وزادها الإرتباك وقالت :لا يا إبراهيم انت فاهم غلط والله مافي حاجة…
كل ذلك ولم يلاحظ مروان فكان شارداً في الإتجاه الآخر…
تركها إبراهيم ترحل بعدما نفذ مخططه في إذلالها و ترهيبها فكانت تلك فرصته و سنحت له في وقت سريع…
عادت رهف إلي منزلها ودلفت إلي عبير في محلها فوجدت معها سارة…
رهف بوجه متخشب:السلام عليكم…
ردت البنات:وعليكم السلام
ورحمة الله وبركاته…
قالت سارة وهي تمزح:يا ساتر إيه يا رهف مالك مصدرة الوش الخشب ليه؟
لم تجب رهف عليها فقالت عبير:إيه يا حاجة،الوون…
ردت رهف:إيه عايزين إيه؟
قالت سارة:عايزين سلامتك،مالك؟
قالت رهف في حزن:مفيش مخنوقة شوية…
قالت سارة:احنا النهاردة هنضيعلك خنقتك دي،اعملي حسابك هنروح نشوف فساتين عشان فرح عمر معدش فيه وقت…
قالت رهف بوجوم:النهاردة؟
ردت سارة بحيوية:أيوة وفوفي كدة ركزي معانا،احنا عايزين نلبس كلنا فساتين نفس اللون،ايه رأيكوا في الأحمر؟
ردت عبير بجدية:أحمر إيه اللون المايع ده؟
قالت سارة بطفولية:مايع إيه ده تحفة،صح يا روفا؟
كانت رهف شاردة فيما حدث ولم تستمع إليهم فقاطعت سارة شرودها وقالت:ايه يا رهف بقا انتي مش معانا ليه الموضوع مهم جداً…
انتبهت رهف وقالت:معلش يا سارة والله مركزتش بتقولي إيه؟
قالت سارة:ايه رأيك نلبس كلنا فساتين حمرا؟
رفعت رهف حاجبها وقالت: حمرا؟لأ مش هلبس أحمر أنا…
قالت سارة:طيب هنلبس إيه غير الأحمر؟
ردت رهف:أسود…
قالت عبير:هههههه يا ساتر…
قالت سارة :والله بتستهبلي،اسود ايه؟
قالت رهف وهي تمشي في إتجاه الباب:خلاص اي حاجة أنا هطلع انام شوية ونبقي نشوف بالليل…
ردت البنات:اوك…سلاموز
*********
في منزله المتواضع،كان يجلس علي أريكة مقابلة للتليفزيون ينظر لشاشته شاردا لايري ما بها ،حتي دخلت عليه فتاة في مقتبل عمرها ،رأته فتسحبت من خلفه و غممت عيناه بيدها وقالت بطفولية:أنا مين؟
رد مراد بثقة:هيكون مين غيرك بيسأل عني…
التفت حول الأريكة وجلست بجانبه وقالت:وحشتني يا مراد،ازيك؟
قال بتنهيدة:الحمدلله أديني عايش يا فرحة…
قالت فرحة بنبرة حزينة:مش ناوي تفرحنا بيك بقا…
رد عليها بلمعة في عينيه وبصوت مكسور وقال:أفرحكوا،مين انتوا هو عاد فيه حد في العيلة بعد اللي حصل…
قالت فرحة وقد سقطت دموعها:علي رأيك ماهو بعد الحادثة مابقاش لينا حد وأتبعت قائلة:بس ماجاوبتنيش بردو؟
قال مع إبتسامة:هي موجودة بس مش عارف أفاتحها ،محرج جداً…
ابتسمت فرحة ابتسامة واسعة وقالت :هي مين احكيلي بس وسيب الموضوع ده عليا أنا…
**********
بعد ساعات استيقظت رهف من سباتها القصير وتركت ملك مع ياسمين ،خرجت لسارة وعبير ليذهبوا مشوارهم،وفي الأسفل وجدوا مروان و عمر في انتظارهم للإنطلاق بسيارة مروان الذي بعث نظراته الخاصة والمتخطفة لرهف فأربكها ،استقلوا جميعاً السيارة، كان الشباب ينتظروا في الخارج لإنتهاء البنات من حوارهم حتي انتهوا أخيراً واستقروا علي الفساتين و خرجوا لإستقبال الشباب فقرر عمر يستضيفهم ليحتسوا بعض العصير في أي مكان فجلسوا جميعاً في إحدي الكافيهات ولا تخلو جلستهم من النظرات اللائمة من مروان والهاربة من رهف حتي انتهي يومهم و عادوا أدراجهم إلي المنزل،اعتزلت رهف في ركنها الخاص بالشرفة تتذكر ما حدث لها في يومها وبالأخص مع مروان،كانت بالأمس وقبل الأمس تبتسم تلقائياً بمجرد تذكره أما الليلة حدث العكس فقد بكت لتذكره رغم ما قاله من كلمات تبدو جميلة و تبدو كبداية أمل وحب جديد و طريق سعادة لم تمر به من قبل و إحساس بخفق القلب لم تشعر به طيلة حياتها إلا أن توقيته خاطئ و ظروفه خاطئة… “فقد نرسم في خيالنا أحلام ولكن حين يلونها الواقع تتضح لنا الصورة باهتة…”وهكذا كانت أحلام رهف “باهتة”!!
*******
في اليوم التالي في مكتبها،كانت تقوم بتحضير ملف جديد لقضية جديدة بمجرد وصولها المكتب ،إتجهوا جميعاً نحو المحكمة وبعد ساعات قليلة خرجوا فقال مراد وهو يتنحنح و يظهر عليه التوتر…
_انتي هتروحي؟
قالت رهف:بعد اذنك؟
فقال مراد وهو ينظر لأوراق بيده متظاهراً بالجدية:معلش فيه قضية مهمة جداً الأسبوع الجاي كنت عايزك تيجي المكتب تاخديها معاكي البيت تراجعيها مرة واتنين عشان فيها ثغرات كتير ولازم مراجعة…
شعرت رهف بالإحراج من طلبه بأن ترفضه علي الرغم أنها ممكن أن تؤجل إلي اليوم التالي ولكن قالت:اوك…
قال مراد وهو يتجه نحو سيارته:طيب اتفضلي…
وقفت مكانها ولم تتحرك،التفت مراد فعقد حاجبيه وقال وهو يفتح باب سيارته:اتفضلي…
قالت رهف وهي في قمة خجلها:لا اتفضل حضرتك وأنا هاخد تاكسي…
قال مراد بحدة:وتفتكري ده ينفع؟انتي بتحرجيني كدة؟
شعرت رهف بمأزق وقعت فيه فخطت نحو السيارة بخطوات واهنة واستقلتها ببطء،ظلت معلقة نظرها بحقيبتها وهي تعبث بها تارة وتطبق أصابعها تارة وهو يلاحظ هذا الإرتباك والخجل في صمت،حتي وصلوا وترجلوا من السيارة،صعدوا الدرج حتي المكتب ،قال طارق :في واحدة مستنية حضرتك جوة…
قال مراد:طيب اتفضل روح انت…
دلف مراد إلي مكتبه وأمرها تتبعه حتي وجد فرحة تجلس علي الكرسي في إنتظاره وبمجرد رؤيتهم ابتسمت بوجه جميل وقامت فقبلت مراد مما جعل رهف تنظر إلي الأسفل فهذه أول مرة تتقابلا الفتاتان ،قال مراد:أعرفكوا ببعض…وأشار إلي فرحة وقال :فرحة أختي…
ابتسمت رهف وقالت:أهلاً بيكي…
وأشار إلي رهف ،قاطعته فرحة وقالت بتلقائية:وانتي أكيد رهف؟
أومأت رهف رأسها بإبتسامة فقبلتها فرحة وهي سعيدة وابتسامتها واسعة لا تدري رهف ما سر هذه السعادة التي تبدو علي ملامح فرحة…
قالت رهف:طيب استأذن أنا…
قالت فرحة:لا استني أنا جاية معاكي عشان معطلش مراد، خرجت معها و جلست رهف علي مكتبها منتظرة الملف و منتظرة الرحيل أيضاً حتي قالت فرحة:مراد أخويا كلمني عنك كتير أوي…
احمرت وجنتي رهف ولم تستطع الرد فابتسمت فقط…
قالت فرحة:بصراحة انتي أحلي كتير من وصفه وليه حق بصراحة!
عقدت رهف حاجبيها وقالت في خجل:حق في ايه؟
قالت فرحة:بصراحة يا رهف بس بيني وبينك بالله عليكي اوعي تقولي لمراد اني قلتلك حاجة…
أومأت رهف بالرفض وقالت:ماتخافيش…
قالت فرحة:مراد عايز يرتبط بيكي!
بلعت رهف ريقها و وجهها يشع بالإحمرار و تلعثمت بنظرات زائغة يمنة ويسرة ولا تدري ماذا تقول…
قالت فرحة:والله مراد طيب أوي وأنا وهو مالناش غير بعض بعد اللي حصل لبابا و ماما و أخويا التاني و مرات مراد…
عقدت رهف حاجبيها مستفهمة…
فقالت فرحة بحزن دميم:كانوا رايحين كلهم يخطبوا لأخويا في القاهرة وعملوا حادثة وللأسف اتوفوا كلهم ،مراد كان مشغول اليوم ده في قضية مهمة و أنا كنت تعبانة و مقدرتش أروح يعني أنا ومراد انكتبلنا عمر جديد…
دمعت عيني رهف وقالت بحزن:لا حول ولا قوة إلا بالله،البقاء لله،أنا أول مرة أعرف الموضوع ده…
قالت فرحة:الكلام ده من حوالي سبع سنين تقريباً ماكنتيش اشتغلتي في المكتب و مراد مابيحبش يجيب سيرة الموضوع ده،أنا وقتها كنت مخطوبة وأجلت جوازي كتير لحد ما اتجوزت من سنتين ونفسي أوي أفرح بمراد وأطمن عليه بدل الوحدة اللي هو فيها ،وطول الفترة دي عمري مافتحت معاه الموضوع ويوافق إلا المرة دي فأنا بطلب منك تفكري والموضوع يبقي بيني بينك…
صمتت رهف قليلاً ثم قالت :الحقيقة أنا…
قاطعها خروج مراد من مكتبه بالملف وقام بإعطاؤه لرهف ثم قال موجهاً كلامه لفرحة:سيبيها تمشي بقا اتأخرت كده…
فقالت فرحة: آسفة يا رهف اني اخرتك…
قالت رهف:لا أبداً أنا كنت مستنية الملف… قالت فرحة مبتسمة:ماشي هنتقابل تاني ان شاء الله،صح؟
بادلتها الإبتسامة وقالت:اه ان شاء الله…
واستئذنت بالرحيل،فقالت فرحة علي الفور في غيظ :ده انت طلعت في وقت غريب جداً ،كانت لسة هتتكلم وتقول رأيها…
زم مراد شفتيه في ضيق وقال :يعني معرفتيش حاجة؟
*********
كانت سلوي في طريقها من الجامعة وأثناء عودتها وجدت إبراهيم يصف سيارته أسفل المنزل فسألته:هتشوف موكا إمتي بقا يا أبيه إبراهيم…
رد مازحاً:طب قولي ازيك يا أبيه،عامل ايه يا أبيه…
ردت بطفولية:معلش بقا بس بجد وحشتني وانت منفضلي خالص…
قال بتهكم:منفضلك ايه المرتبة ولا السجاد؟
ضحكت وقالت:لا بجد بقا؟
قال بجدية:خلاص هتصل برهف أشوفها فاضية ولا وراها حاجة النهاردة…
قالت سلوي بفرحة:يارب،يارب…
***********
عادت رهف لتجد مروان ووالدته في الشارع أسفل المنزل ومعهم بقية العائلة يودعوهم ،انتبه مروان إليها قادمة فخفق قلبه وابتسم متجهاً إليها تاركاً الجميع و لا يبالي بأحد…
قال بلهفة :اتأخرتي أوي،كنت خايف أمشي من غير ما أشوفك ،قصدي أسلم عليكي…
اضطربت رهف و احمرت وجنتيها وهي تقول:توصلوا بالسلامة…
_الله يسلمك،ان شاء الله نتقابل في فرح عمر…
قالت في خجل:ان شاء الله، وعادوا كليهما للجميع فسلمت رهف علي والدته و ودع الجميع بعضهم البعض حتي استقلوا سيارتهم و ظلت النظرات بينهم مسروقة مودعة حتي استدار بسيارته وبدأت تختفي السيارة عن أنظارهم رويداً رويداً…
شعرت رهف بغصة في قلبها فلم تطل الوقوف واستئذنتهم سريعاً ،صعدت إلي الأعلي ،سلمت علي والدها ودخلت غرفتها وارتمت علي الفراش تبكي بشدة لا تعلم لماذا ولكنها تشعر بحزن يدمي قلبها حتي دخلت عليها صغيرتها فاعتدلت واحتضنتها بقوة وكأنها تحتضن أمها أو أختها أو ربما صديقتها فأحياناً نحتضن أطفالنا لأننا نحن من نحتاج حقاً لهذا الحضن وليس هم لنفرغ فيه همومنا ……