مسلسل مطلقة تحت التهديد

الحلقة الثالثة من مسلسل مطلقة تحت التهديد بقلم حبيبه

الحلقة الثالثة من مسلسل مطلقة تحت التهديد بقلم حبيبه

الحلقة الثالثة

انطلق شباب وبنات العائلة إلي المدينة التي لا تنام وبدأت الرحلة بأهرامات الجيزة وكان الشغف والفرحة يسيطران علي الشباب و بمجرد ما رأت سارة الجمال تمشي ببطء علي رمالها، أطلقت صرخة خفيفة وقالت موجهة حديثها لعمر…
_عمر عاوزة أركب جمل فوراً حالاً…
نظرلها عمر نظرة حادة ممتزجة بحنان و قال…
_ممكن توطي صوتك وبطلي هبل…
لوت شفتها بحركة طفولية وهي تقول…
_كدة ياعمرأنا هبلة،ماشي بس عايزة أسوق الجمل بردو…
قال عمر بحبور:طيب يلا يا جماعة اللي عايز يسوق الجمل يقف طابور ورا سارة كدة…ضحك الجميع و وقفت كل من عبير و إيمان و منال خلف سارة بمرح…
وجهت سارة حديثها لرهف قائلة:يلا يا رهف…
التفتت رهف يميناً ويساراً ثم أشارت علي نفسها وقالت بمزح:انتي بتكلميني أنا؟
قالت سارة بتهكم:أمال بكلم الجيران،يلا…
قالت رهف بضحكة ساخرة:هههه لا خالص معرفكيش،أنا بترعب منه…
قالت سارة بضحك:ماشي يا غلسة…
و اعتلت سارة وإيمان جمل واحد فقالت رهف:الله شكلكوا يجنن استنوا هصوركوا…
وأخرجت هاتفها محاولة فتحه و فجأة قالت بعصبية:بجد أنا زهقت من الموبايل ده بقا بيهنج بطريقة تنرفز،ثم نظرت لشريف و قالت بعفوية:ينفع يعني يبقي ابن خالي بيصلح موبايلات و موبايلي بايظ كدة…
ضحك شريف وقال:لا طبعاً ده حتي عيبه في حقي…
تعصبت منال وقالت بعجرفة:والله احنا مش حاطين بعبع علي باب المحل و مهوش بعيد عنك يعني،ده شريف أشطر واحد بيصلح في اسكندرية كلها…
ابتسمت رهف ابتسامة باهتة وهي تقول:اه طبعاً،خلاص لما نرجع ان شاء الله يبقي يصلحه…
وانطلق سائقي الجمال في جولة حول المكان وتعلقت ملك بذراع شريف فأخذها هي وصغيرته ياسمين علي ظهر جمل صغير وانطلقوا معاً،مما ثار غضب منال مرة أخري التي قالت لشريف أثناء جولتهم…
_هي الست هانم هتفضل رميالنا بنتها كدة و عايشة حياتها هي…
رمقها شريف قائلاً:ارحمي نفسك و خفي شوية بقا،البنت هي اللي شبطت فينا عشان ياسمين وبعدين ما انتي راكبة الجمل لوحدك اهو عايزة ايه تاني…
لوت شفتيها وهي تقول بتأفف:ولا حاجة…
وبعد رحيل الجميع اكتشفت رهف بأنها تبقت مع مروان بمفردهم فانتابها الخجل حتي أنقذها هاتفها ليعلن عن اتصال فأجابت مسرعة…
_السلام عليكم…
_وعليكم السلام،ازيك يا أستاذة…
_الحمدلله يا أستاذ مراد…
_بتصل أطمئن عليكي… و تنحنح: وصلتوا بالسلامة…
_اه الحمدلله،متشكرة جداً يافندم…
_لا علي ايه،يلا استمتعي…
_ان شاء الله…
وانتهي حديثها الهاتفي و عادت رهف إلي خجلها مرة أخري،عم الصمت بينهم لدقائق حتي قال مروان أخيراً:تحبي تتمشي…
قالت رهف من بين خجلها:اوك…
وقاما الإثنان للتجول وبدأ مروان يلملم أفكاره ليختلق حديث بينهم يكسربه هذا الصمت الذي بدأ يتحول إلي ملل فقال…
_بقالي كتير مجتش عند عمي،تقريباً من ساعة من بابا اتوفي من أربع سنين…
قالت رهف بأسف:الله يرحمه…
وأتبع مروان:بس للأسف الأجازة بتاعتي قربت تخلص،أصلي بشتغل محاسب في بنك وبالعافية خدت أجازة أسبوع،أصل المدير مقفلها علينا أوي…
قاطعته رهف وقالت:معلش ربنا يقويك…
حك مروان رأسه بطرف إصبعه وهي يقول:صدعتك صح؟
قالت رهف مبتسمة وهي تنظر للهرم الذي كان أمامهم بمسافة قصيرة:لا أبداً مفيش حاجة…
لاحظ مروان تركيزها في النظر للهرم فقال مستفهماً:تحبي تطلعي الهرم؟
التفتت اليه فجأه بجسمها دفعة واحدة و نظرة تعجب مما جعل مروان ينفزع قائلاً:في ايه؟
ارتسمت ابتسامة علي شفتيها رغماً عنها وقالت:لا مفيش حاجة بس انت عرفت منين اني نفسي أطلع الهرم…
تنهد مروان وقال بإبتسامة:يعني لقيتك مركزة أوي فتوقعت كدة، طيب يلا نتسلقه…
تلاشت الإبتسامة من علي شفتيها وقالت: لا هو أنا نفسي جداً طول عمري أطلعه بس بخاف بخاف أوي…
ابتسم مروان وهو يقول بثقة:أقولك علي حاجة واخدها مبدأ في حياتي…
أومأت رهف برأسها وهي متمعنة التركيز معه…
قال مروان:لو نفسك في حاجة وخايفة منها اتوكلي علي الله واعمليها،ممكن تندمي بعدها بس أحسن لك بكتير لو ندمتي علي انك معملتهاش…فاهمة حاجة؟
رهف وهي مركزة:تقريباً…وضحك الاثنان معاً…
_طيب قررتي ايه؟
قالت بتردد كبير:هحاول بس…وصمتت قليلاً…
قاطعها:بس ايه؟
_لو جرالي حاجة،خليهم ياخدوا بالهم من موكا…
ضحك مروان و هو يقول:لا هي مش صعبة للدرجة دي،يلا بينا…
وبدأوا بصعود أول درجات الهرم حتي سبقها مروان بعدة طبقات، واجهت رهف صعوبة في الصعود و لكنها ثابرت و تحدت خوفها بكلمات تشجيع منه حتي صعدت إلي نفس درجة مروان وكانت في قمة سعادتها و كأنها اجتازت اختبار صعب و نجحت فيه بإمتياز،جلست علي أحد درجاته وهي تشعر بلفحات الهواء تداعب وجهها و حجابها،تناست همومها ،شعرت بسعادة لم تشعر بها منذ زمن وكأنها تمتلك المكان بأسره وهي تنظر له من أعلي نقطة حتي قاطعها رنين هاتفها لتجد سارة تتصل بيها فأجابتها بسعادة بالغة…
_أيوة يا سرورة…
قالت سارة:ايه يا رهف انتي فين؟
قالت رهف بمرح:تخيلي!
لوحت رهف بيدها الأخري في الهواء بحركة مسرحية وقالت:انا فوق الهرم…
ضحكت سارة و قالت متعجبة:بتهزري؟طب اثبتي زي ما انتي احنا جايينلك فوراً…
وقدم إليهم سارة وعمر وإيمان وعبير وصعدوا جميعاً درجات الهرم حتي وصلوا إليهم وقاموا بالتقاط بعض الصور والفرحة تتخلل قلوبهم جميعاً وضحكاتهم تملأ المكان……
*********
وفي الإسكندرية علي آذان العصر…
في إحدي الشقق الفخمة ،سيدة في العقد الخامس من عمرها من يراها لأول وهلة يميزها بالدهاء،يبدو علي ملامحها الصرامة ،كانت تجلس علي أريكة كبيرة تقلب في التلفاز بطريقة عشوائية ثم هتفت بنبرة عالية…
_وردة..يا وردة…
أسرعت من المطبخ وهي تهرول:أيوة يا هانم…
قالت”فدوي”بحدة:الغدا جهز؟
ردت وردة بإرتجاف :أيوة بس برصه عالسفرة…
_طيب اخلصي واطلعي صحي إبراهيم بيه…
ردت وردة بأدب:حاضر ياهانم…
استيقظ إبراهيم من سباته علي هتاف وردة…
_ابراهيم بيه يا ابراهيم بيه…
صاح فيها وهو يقول: ايه يا ست انتي قلت مليون مرة ماتصحنيش وماتدخليش عليا وانا نايم…
قالت وردة بذعر:أنا آسفة والله يا ابرهيم بيه بس الست هانم قالتلي أصحيك علشان الغدا…
قال بعجرفة:خلاص خلاص انتي هترغي،أنا نازل…
والتفت الأسرة الصغيرة حول المائدة يترأسها إبراهيم وعلي يمينه والدته وعلي يساره سلوي أخته وشرعوا بتناول الطعام…
قالت فدوي:إيه يا ابراهيم مفيش أخبار؟
قال إبراهيم وهو منهمك في قراءة بعض الرسائل الإلكترونية علي اللاب توب الخاص به:عن إيه يا ماما؟
قالت بحدة:عن رهف و ملك ولا انت خلاص ضعفت و مابقتش قادر تفرض رأيك عليها…
نظرت سلوي إلي والدتها وهي ممتعضة دون حديث بينما أشع وجه إبراهيم ناراً وهو يضغط علي أضراسه قائلاً:اصبري يا ماما ،أنا كل يوم بزن علي ودانها…
ضحكت ضحكة ساخرة وهي تقول:هههه تزن علي ودانها،انت لو عايز تعمل حاجة كنت عملت من بدري…
قال إبراهيم بغضب:عاوزاني أعمل ايه يعني أخطفهم مثلاً…
قالت ببرود:والله مصلحة بنتك تخليك تعمل أي حاجة عشان خاطرها…
قالت سلوي بنفاذ صبر:حرام عليكوا بقا انتوا بتعملوا كدة ليه؟
رمقتها فدوي بنظرة محذرة وقالت:انتي يا بت ماتدخليش في الكلام ده فاهمة ولا لأ…
_ليه يعني يا ماما أنا مابقتش صغيرة…
خبط إبراهيم بقبضته علي المنضدة بقوة محذراً سلوي:سلوي اتكلمي مع ماما بأدب أكتر من كدة…
زفرت سلوي وهي تعتدل لتنسحب من بينهم قائلة:حاضر يا أبيه،عن اذنكم…
*************
توالت الإتصالات علي الشباب والبنات من أمهاتهم للإطمئنان عليهم و لم يعلن هاتف رهف عن اتصال واحد منذ صباح اليوم من والدها مما يبث في نفسيتها بعض الألم والحزن علي فراق والدتها، كانت قد تطورت الرحلة إلي مدينة الملاهي الكبري حيث اللعب والمرح حتي انتهت رحلتهم و استقلوا جميعاً الأتوبيس في رحلة العودة إلي أن وصلوا بسلام إلي منزلهم بعد أن قاموا بتوصيل إيمان إلي منزلها ودلف كل منهم إلي شقته لإستقبال السرير بصدر رحب وجسد منهك…
*************
استلقت رهف علي فراشها و شردت قليلاً حينها زحفت ابتسامة علي إحدي ثغريها بمجرد تذكرها لموقف ما في مدينة الملاهي…
(_رهف،رهف فوقي…
شعرت بتشويش في رؤيتها و ألم برأسها حتي بدأت بفتح عينيها رويداً لتجد وجهه أمام وجهها يحاول إفاقتها وسألها…
_انتي كويسة؟
أومأت رهف برأسها وهي لا تعلم ما حدث حتي تهافتت عليها البنات، وقالت سارة بخفة ظل:لما انتي مش أد الصاروخ بتركبيه ليه؟
ابتسمت رهف وهي تنظر لمروان وقالت :انت السبب مشيت عالمبدأ بتاعك وركبته وأنا أصلاً بخاف من الألعاب كلها…
ضحك مروان وقال:بس بزمتك ماستمتعتيش؟
ابتسمت رهف وقالت بسخرية:انت شايف ايه؟)
حتي أفاقتها ملك من شاردتها وهي تقول: ماما ماما؟
انتبهت رهف إلي ابنتها وهي مبتسمة…
_ها،نعم يا موكا…
قالت ببراءة:ليه أونكل سريف مس يبقي بابايا؟
تلاشت ابتسامة رهف وحل مكانها دمعة في مقلتيها وقالت:ياحبيبتي بابا إبراهيم بيحبك أوي أكتر من أونكل شريف…
لوت الصغيرة شفتيها و هزت رأسها نفياً:لا بابا وحس…
اقترب حاجبي رهف من بعضهم البعض وقالت:لا يا موكا بابا كدة يزعل ده بيحبك زي ماأنا بحبك بالظبط…
قالت ملك:لا ده بيضربك جامد…
احتضنتها رهف بعمق حتي بللت كتف الصغيرة بدموعها الغزيرة ثم بعدتها عن حضنها ومسحت دموعها وقالت:يلا بقا عشان تنامي ،انتي ماتعبتيش من اللعب وحملتها وسطحتها علي الفراش بجانبها…
قالت ملك:هنام عسان ألعب مع ياسمين إمبالح…
ضحكت رهف وقالت:انتي التوقيت عندك بايظ خالص ،قصدك بكرة يلا تصبحي علي خير…
وقرأت لها الفاتحة حتي انغمست في سبات عميق كالملائكة…
ظلت رهف علي فراشها تترواض أفكارها و تؤرقها بما مضي من ذكريات عمرها التي آلمتها كثيراً وهي مازات زهرة في ربيع عمرها حتي راحت في سباتها هي الأخري…
وفي الصباح استيقظت سارة و بعد أن تناولت فطورها مع الأسرة ،قالت لها والدتها…
_سارة انزلي لرهف قوليلها يعملوا حسابهم هيتغدوا معانا النهاردة،هي تعبانة من الرحلة زيكوا ومش هتقدر تعمل حاجة…
قبلت سارة رأس والدتها وقالت: والله انتي أحلي ماما في الدنيا…
نظرت لها والدة مروان بإعجاب وقالت:ربنا يخليهالك يا نادية وتفرحي بيها…
ردت نادية برجاء:آمين يارب…
**********
_مش مهم ياسارة أنا هقوم أعمل أكل دلوقتي…
_يا بنتي انتي غاوية تتعبيني معاكي وبعدين عشان بابا يكلم أونكل عبد المنعم في الموضوع بتاعه النهاردة ،فرصة يبقوا مع بعض…
فكرت رهف قليلاً وقالت:خلاص ماشي…
جاء وقت الغذاء والتفت العائلة حول مائدة الطعام وبعد إنتهاءهم انفرد سعد مع عبد المنعم في غرفة الصالون لتناول الشاي وبدأوا يتبادلوا أطراف الحوار…
قال سعد بذكاء:مش عايز تقولي حاجة يا عبد المنعم؟
رد عبد المنعم مستفهماً:حاجة إيه؟
قال سعد وهو مبتسماً:عايز تتجوز يا عبد المنعم بعد العمر ده كله؟
رد عبد المنعم مقتضباً جبينه:لحقت الأخبار وصلتك ثم أردف:أنا مابعملش حاجة عيب ولا حرام…
قال سعد نافياً:حاشا لله، ده شرع ربنا بس الأصول ان ده بيت عيلة و اخوات ناهد الله يرحمها هما اللي معاك في البيت يعني المفروض تتحرج مننا حتي يا أخي…
رد عبد المنعم مستنكراً:ده انت قلت حاشا لله يا سعد يعني أنا مبعملش حاجة حرام عشان اتحرج منكو وناهد الله يرحمها عمري ماهنساها ولا حد ممكن ياخد مكانها بس دي مجرد واحدة ونس معايا و تشيلني وقت مرضي…
ابتسم سعد قائلاً:يعني مصمم؟ طيب دي حاجة مقدرش أمنعك فيها دي حرية شخصية انما انك تطلب من رهف انها تسيب البيت، دي حاجة مايتسكتش عليها أبداً…
_وانت شايف ان ينفع رهف وبنتها يكونوا معانا في البيت…
رد سعد بحنق: جرا ايه يا عبد المنعم ،انت فين مخك أمال البنت تمشي تروح فين يا رجل دي ملهاش غيرك دلوقتي خليك حنين عليها وبعدين هي في أوضتها و مالهاش دعوة بحاجة…
قال عبد المنعم بنفاذ صبر: خلاص يا سعد تعد براحتها أنا كان همي مصلحتها كنت عايزها ترجع لجوزها ولا تتجوز اي حد عشان متفضلش كدة يعني…
نظر سعد إليه نظرة دهاء و سخرية وهو مبتسماً:همك مصلحتها بردو؟!
**********
دلفت والدته إليه في غرفة مكتبه الخاص في الشقة لتجده منغمس في أوراق و ملفات لا حصر لها علي المكتب ،جلست علي الكرسي المقابل له وقالت بتطفل…
_هتفضل سايب بنتك كدة عايشة بعيد عنك؟
رد وهو مازال ينظر في أوراقه…
_لا طبعاً…
_ومستني إيه؟لما رهف تتجوز وبنتك تعيش مع رجل غريب عنها…
نظر إليها مقتضباً:خلاص يا ماما اطلعي ارتاحي انتي في أوضتك وانا مش ناسي الموضوع بس بخططله في دماغي…
قالت بمكر:يعني ناوي علي حاجة؟
ابتسم بمكر أكثر وقال:طبعاً…

زر الذهاب إلى الأعلى