زوجي العزيز عفواً لست قاتلة

الحلقه السادسة عشر من مسلسل زوجي العزيز عفواً لست قاتلة بقلم منال جميعى

الحلقه السادسة عشر من مسلسل زوجي العزيز عفواً لست قاتلة بقلم منال جميعى

الفصل السادس عشر

على صوت صرخاتها استيقظ عمرو …أضاء نور الأباجورة بجانبه ثم التفت إليها قائلا بقلق:مالك يا حبيبتي?ايه اللي حصل?

تشبست به يمنى وهي تبكي بفزع قائلة:كابوس يا عمرو…كابوس فظيع

امتدت يده لتمسك بكوب الماء الموضوع إلى جواره ثم ناولها إياه قائلا:اشربي يا حبيبتي…اشربي واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم

تناولت يمنى منه بعض رشفات ثم أعادته إليه مجددا وقالت :اعوذ بالله من الشيطان الرجيم

احتضنها عمرو وربت على ظهرها بحنان فأردفت قائلة:شوفت حية كبيرة اوي يا عمرو بتلف نفسها حوالين جسمك وبعدين خدتك ومشيت بعيد ولما رحت وراها عشان الحقك فضلت تهجم عليا وانا ارجع لورا لحد ماوقعت ف بير …وقعدت اناديك عليك عشان تطلعني بصيت عليا وسيبتني ومشيت

اجابها قائلا بحنان:ماتخافيش يا حبيبتي…انا جنبك علطول ومش ممكن اسيبك ولا اتخلى عنك ابدا

بين ذراعيه وفي أحضانه شعرت بالأمان فاغمضت عينيها واستسلمت لسلطان النوم مجددا

*************************

في نفس الموعد وعلى نفس الطاولة جلست تنتظر مجيئه…شعرت بالقلق عندما تأخر عن موعده …هل تراه لن يحضر …هل فشلت خطتها ولم تجري الأمور كما حسبت لها…كلما ازداد تأخره نما القلق بداخلها…إلا أن وجدته اخيرا يقترب من طاولتها وعلى وجهه إبتسامة …وضعت عينها سريعا في الكتاب أمامها …القي عليها السلام فرفعت عينيها واجابته فاردف قائلا:تسمحيلي اخد من وقتك دقايق

خفضت بصرها ارضا وهي تجيبه قائلة بخفوت:مش أنا سبق وقلت لحضرتك انه ما ينفعش اننا…….

قطع جملتها الأخيرة قائلا:طيب وإيه رأيك لو خليناه ينفع?

تصنعت عدم الفهم وهي تجيبه قائلة:مش فاهمة حضرتك تقصد إيه?

اجابها قائلا بجدية:مدام مشيرة…اللي حسيته من كلامك قبل كده انك ماعندكيش مانع تكرري تجربة الجواز مرة تانية…يعني بإختصار لو قلتلك تتجوزيني توافقي?

استطاعت أن ترسم علامات الذهول على وجهها ببراعة قائلة:حضرتك بتقول إيه?

عمرو:بقولك تتجوزيني

نظرت إلى يده اليسرى وإلي دبلة الزواج التي تزين إصبعه وقالت بجدية:اعتقد أن حضرتك متجوز…مش كده برضه ولا أنا غلطانة?

اطرق عمرو برأسه وقال بأسى:ايوه أنا فعلا متجوز وبحب مراتي جدا على فكرة…لكن للأسف هيا مابتخلفش …وأنا نفسي أكون أب …عشان كده قررت إني اتجوز تاني

اجابته قائلة بهدوء:أنا اسفة يا دكتور عمرو …حضرتك غلطت ف العنوان …أنا لا يمكن أوافق إني اشترك ف جريمة زي دي.

أجابها قائلا بإندهاش:أنا مش فاهم حاجة…فين الجريمة ف اللي انا قلته?

امال حضرتك عايزني اخدع واحدة ست زيي واتجوز جوزها من وراها ده يبقى اسمه إيه?كمان إيه يضمنلي انها لو عرفت مش حتخليك تطلقني خصوصا انك لسه قايل انك بتحبها اوي

أجابها قائلا بإبتسامة:طيب لو قلتلك انها هيا اللي طلبت مني اعمل كده

اجابته قائلة بإصرار:تبقى ست عظيمة جدا وماتستاهلش ان حضرتك تتجوز عليها ابدا

اجابها قائلا بإنبهار:يااه للدرجةدي خايفة على مشاعرها مع انك ماتعرفيهاش…ماتتصوريش أنا احترمتك ازاي دلوقتي…لكن صدقيني دي ظروف أقوى مني ومنها وأنا لازم اتجوز…قلتي إيه?

مشيرة بتردد:مش عارفة أقول لحضرتك إيه…بصراحة انت فاجئتني

عمرو:يعني مبدئيا كده واضح ان مافيش إعتراض على شخصي.

مشيرة بخجل مصطنع:ف الحقيقة أنا مااعرفش عن حضرتك غير كل خير…لكن تجربة جوازي الأولى عقدتني من الرجالة…واعتقد أن حضرتك فاكر اللي عمله معايا محسن…مع الفارق طبعا بين محسن وبين حضرتك

عمرو:اعتقد انه مش من المقبول انك توقفي حياتك على تجربة فشلتي فيها

مشيرة:طيب ممكن تديني فرصة اصلي إستخارة وافكر وأرد عليك

عمرو:مافيش مانع…انا بكرة ان شاءالله عندي محكمة…يعني مش حأقدر آجي بكرة…حاستناكي هنا بعد بكرة ان شاءالله ومعاكي الرد…اتفقنا

مشيرة بإبتسامة:اتفقنا

***********************************

في اليوم الذي اتفق عليه عمرو مع مشيرة كان جالسا بإنتظارها عندما رأها مقبلة نحوه فقام لإستقبالها …ألقت السلام ثم جلست قائلة:اسفة لو كنت اتأخرت عليك

عمرو:حصل خير…ياترى فكرتي واخدتي قرار ولا لسه

مشيرة:أيوه فكرت واستخرت ربنا سبحانه وتعالى قبل كل شئ…ولقيت إني من حقي إني أخد فرصة تانية اجرب فيها حظي…ده بالرغم من خوفي من تكرار الفشل وساعتها للأسف حابقى مطلقة للمرة التانية ودي حاجة مش سهلة ف مجتمعنا زي ماحضرتك عارف

عمرو:اطلبي أي ضمانات انتي عايزاها وانا مستعد اقدمهالك

اجابته قائلة بتأثر:ياريتني كنت أعرف إيه الضمانات اللي بتتكلم عنها دي …لكن أنا سلمت أمري لربنا سبحانه وتعالى…ومتأكدة انه مش هيضيعني

عمرو:عموما عشان تطمني اكتر أنا قررت إني اكتب الشقة اللي حاشتريها عشان نتجوز فيها بإسمك

مشيرة:صدقني يا دكتور عمرو أنا أخر حاجة ممكن افكر فيها هيا الأمور المادية دي…ومش هيا دي الضمانات اللي اقصدها خالص

عمرو:معلش بس أنا شايف ان كده احسن …لكن مادام وافقتي فيه شوية نقط حابب اننا نتفق عليهم سوا الأول قبل أي حاجة

مشيرة بإهتمام:اتفضل أنا سامعاك

عمرو بجدية:اولا لازم تعرفي ان علاقتي بمراتي خط احمر…ماتحاوليش تقربي منه…وزي ما أنا بأكدلك اني مش ممكن اطلقك عشانها برضه لازم تفهمي اني مستحيل اطلقها عشانك حتى لو خلفتيلي دستة أطفال

مشيرة محدثة نفسها:بقى من اولها كده بتقولى الكلام ده…ماشي اثبت وجودي بس الأول وبعدين ان ماكنتش امسحها بأستيكة مابقاش أنا مشيرة

طال صمتها فاردف قائلا:ماسمعتش ردك على النقطة الأولي

اجابته وهي تحاول أن تخفي غضبها: مفهوم طبعا…وأنا ما وافقتش على الجواز عشان افرقكوا عن بعض لا سمح الله

عمرو بإرتياح:كويس أوي…النقطة التانية خاصة بشغلك واعتقد ان دي متفقين عليها

أومأت برأسها قائلة:انا فعلا كنت بفكر إني اسيبه

عمرو:نيجي للنقطة التالتة ودي أنا عارف ان ماليش حق فيها لكن أنا عشمان انك تقدر موقفي وتتفهمي ظروفي…يعني أنا مش حأقدر اجيلك كل يوم …يعني ممكن يمر كام يوم من غير ماتشوفيني بس اوعدك ان ده حيكون ف الأول بس لحد يمني ماتتعود على الوضع الجديد

اجابت وهي تضغط على أسنانها قائلة:متقلقش..أنا كده كده متعودة على الوحدة

عمرو بإمتنان:متشكر اوي…واوعدك انها تكون فترة مؤقته…النقطة الأخيرة ودي بالذات ياريت تخلي بالك منها اوي لأنها بتزعلني وبتخليني افقد أعصابي وهي خاصة بموضوع الغيرة…لازم تعرفي اني راجل غيور جدا …مابحبش مراتي تعمل أي حاجة تثير بيها غيرتي دي لإني ما اضمنش رد فعلي ساعتها

مشيرة لنفسها:بقى عمال تتشرط عليا من أولها كده يا ابن ال….

عمرو:سكتي ليه?

أجابته قائلة بإقتضاب:لا ابدا…بس انت لازم تفهم ان أنا كمان عارفة حدودي كويس ومش بحاول إني اتخطاها…يعني من الناحية دي ماتقلقش خالص

عمرو:يبقى كده تقريبا اتفقنا على كل حاجة…مش فاضل غير انك تديني عنوانك عشان اجيب والدتي وآجي عشان تتعرفي عليها وكمان عشان نتفق على كل حاجة

اطرقت برأسها قائلة في مرارة: تفتكر انها حتفرق كتير يعني نتفق هنا ولا فالبيت…سواء هنا أو هناك مافيش حد غيري حيقعد ويتفق معاكوا …للأسف أنا ماليش حد ابدا عشان استعين بيه ف موقف زي ده…يبقى الأفضل اننا نتكلم دلوقتي وخلاص

اجابها قائلا بتأثر:أيوه لكن والدتي حابة انها تتعرف عليكي وبعدين كتب الكتاب حنعمله هنا برضه

صمتت لحظات لتستطيع أن تحبك كذبتها القادمة بصورة لا تجعله يشك في صدقها حتى قالت أخيرا:بصراحة أنا كنت محرجة أقولك على الحقيقة…لكن مضطرة أقولك…أصل أنا من فترة كده كنت عرضت شقتي للبيع بسبب إني مش مرتاحة مع جيراني ف العمارة….وفعلا من مدة جالها مشتري والبيع تم بس أنا طلبت منه مهلة شهر على ما الاقي شقة تانية متشطبة انقل عفشي فيها …وهو وافق وقتها لكن من حوالي خمس ايام كده فؤجئت بيه جاي وبيقولي انه حصل عنده ظروف ومحتاج يستلم الشقة …فاضطريت طبعا إني أبيع العفش بأي سعر…ورحت قعدت عند واحدة صاحبتي أرمله وعندها ولدين …وأنا دلوقتي قاعدة عندها فمش معقول إني استقبل ضيوفي كمان هناك رغم إني عارفة انها عمرها ما حتمانع لكن أنا مابحبش أبقى تقيلة على حد…لكن لو ماعندكش مانع تستنى لحد ما الآقي شقة جديدة مافيش مشكلة

أجابها قائلا بتفهم:وإيه لزومها الشقة الجديدة مادمنا خلاص حنتجوز وأنا حاجيبلك شقة نتجوز فيها

مشيرة:خلاص أنا عندي إقتراح …إيه رأيك لو تكلم مامتك وتديها عنوان الكافيه وهيا تيجي دلوقتي نتعرف على بعض ونتكلم ف كل التفاصيل …وبالنسبة لكتب الكتاب نخليه يوم الفرح وقبل مانطلع على الشقة نروح نكتبه عند المأذون الأول…إيه رأيك?

شعر عمرو أنه أمام أمرأة شديدة الدهاء…لايستهان ابدا بذكائها…تختلف كثيرا عن زوجته التي تتصرف دائما بعفوية وتلقائية شديدة…شعر ببعض الضيق الذي لا يجد له سببا …لكن مافعله هو أن اتصل بوالدته التي رحبت على الفور وجاءت مسرعة لتتعرف إلى مشيرة التي يبدو أنها اعجبت بها كثيرا منذ الوهلة الأولى حتى شعرت أنه من الممكن أن يكونا معا ثنائيا متفاهما إلى اقصى حد…ربما اكثر تفاهما من الثنائي حسام وإبراهيم حسن…خاصة عندما علمت منها أن سبب إنفصالها عن زوجها هو عدم قبولها ان تعيش بأمواله الحرام التي اختلسها من الشركة التي يعمل بها مما أشعر فريدة انها أمام امرأة عفيفة النفس تأبى ان تعيش من مال حرام…وبعد أن تم الإتفاق على كل شئ…وكاد اللقاء أن ينتهي على ذلك إلا ان سألها عمرو سؤالا شعرت معه انه ربما ينهار كل شئ فوق رأسها

عمرو:ماقولتيليش اسم الشركة اللي بتشتغلي فيها إيه?

ازدردت لعابها وهي تقول بخفوت:ولزومه إيه اسم الشركة مادمت خلاص حاقدم إستقالتي منها

عمرو:يعني من باب العلم بالشئ مش اكتر

تدخلت فريدة قائلة:معاها حق يا ابني …لزومه إيه يعني تعرف غسم الشركة?

اجاب قائلا بإصرار:هو اسم الشركة سري ولا حاجة?

امام إصراره لم تجد مفرا من أن تقول:اسمها شركة( ) للدعاية والإعلان

انصرف الجميع على ان يتم تحديد موعد الزفاف بعد ان يجد عمرو الشقة المناسبة وينتهي من تجهيزها على ان ينتهي من ذلك خلال اسبوعين

******************************************
كانت مشيرة تذرع الغرفة ذهابا ومجيئا وهي تفرك كفيها في توتر بالغ في حين جلست مني وهي تراقبها قائلة:يا بنتي اقعدي بقى وارحمي نفسك أنا تعبتلك على فكرة…انا نفسي افهم انتي قلقانة من إيه بس

أجابتها مشيرة والقلق مازال يغلف نبرة صوتها قائلة:هو أنا حاقولك ميت مرة انه أخد عنوان الشركة مني وده معناه انه عايز يسأل عني ولسه مش مطمن.

منى بلامبالاة:وإيه المشكلة لما يسأل عنك ف الشركة …اولا مافيش حد من زمايلنا هنا يعرف حاجة عن موضوع هاني…وثانيا كلهم بيعاملوكي بإحترام زي ما انتي بتعامليهم…ومافيش حاجة وحشة ممكن حد يقولها عليكي

مشيرة:برضه يا منى مش مطمنة …خايفة كل حاجة تتهد على دماغي بعد ما خلاص بقى فاضل ع الحلم خطوة…ثم رفعت يدها للسماء وهي تدعو الله قائلة:يارب خليك معايا يا رب

آه لو نتذكر جميعنا دائما أن هناك لهذا الكون ربا يعلم السر واخفى …لرقبناه في كل أعمالنا ودعوناه في كل وقت لا وقت الشدائد وحسب

مني بجدية:بس ماقولتيليش يا مشيرة…انتي ناوية فعلا تقدمي إستقالتك زي ماطلب منك?

مشيرة بتهكم:انتي ساذجة اوي يا منى…مافيش راجل ف الدنيا دي يا حبيبتي يستاهل ان الواحدة تضحي بشغلها ومستقبلها عشانه حتى لو كان هو مين …خصوصا ان الجوازة لسه مش مضمونة يعني لو المستور اتكشف ممكن تنتهي بين لحظة والتانية…انا ناوية اقدم طلب اجازة بدون مرتب وكل ما تخلص اجددها …لحد ما اعرف بكرة مخبيلي إيه

*****************************************

كان جالسا بمكتبه ينتظر قدوم جمال ذلك المحامي الشاب الذي يعمل بمكتبه والذي ارسله عمرو في مهمة خاصة مفادها ان يعثر على عنوان تلك الشركة ويسأل عن موظفة تدعى مشيرة عبد الحميد سلطان…حتى دخلت سكرتيرة مكتبه تخبره بقدومه ليأذن له عمرو بالدخول…وما إن دخل حتى بادره عمرو قائلا:ها يا جمال عملت إيه?

جمال:عملت اللي حضرتك طلبته مني بالظبط…جبت عنوان الشركة ورحت وسألت عنها.

عمرو بلهفة:هايا ابني ماتنطق قالولك إيه

جمال:والله يا دكتور كل اللي سألتهم عنها قالوا انها إنسانة دقيقة ف شغلها…ومنضبطة وتعاملاتها مع زمايلها عادية وف حدود العمل…يعني بإختصار مافيش حاجة مريبة …الحاجة الوحيدة اللي كانوا بياخدوها عليها هيا لبسها الخارج شوية…لكن هما بيقولوا انها دلوقتي غيرت إستايل لبسها واتحجبت …يعني مافيش حاجة تانية

تنهد عمرو قائلا بإرتياح:ماشي ياجمال …اتفضل انت على مكتبك ومتشكر اوي

جمال:العفو يا دكتور…تحت أمر حضرتك…عن اذنك

**************************************

انتهى عمرو من تحضير الشقة وفرشها بعد ان كتب عقد شرائها بإسم مشيرة وبات كل شئ جاهزا للزواج الذي تم تحديد يومه بالفعل…ليودع عمرو يمنى في هذا اليوم وينصرف تاركا إياها تتخبط داخل متاهة احزانها التي لم تعد تعلم طريقا للخروج منها…لم تعد تبكي فقد جفت دموع العين ولم يعد هناك مايمكن أن تذرفه…ظلت تنظر حولها وتتأمل حالها وماآلت إليه أمورها…اطالت النظر فلم تجد سوى جدرانا خالية صارت اطلالا لمن رحلوا وتركوها وحدها تعاني مرارة الفقد…لم يبق من أحبابها سوى ذكريات جمعتها بهم يوما ما…فهاهو زوجها قد تركها ليبيت ليلته في أحضان أخرى …مات والدها وسافر شقيقها وابتعد الآخر بإرادته …حتى صديقتيها المقربتين فقد خسرت إحداهما بزواجها من عماد …فيما تزوجت الأخري ورحلت بعيدا…لم يعد بجانبها من يواسيها أو يخفف عنها…فأي جرم تراها ارتكبته لتعاقب بالحرمان من كل من أحبت…لم تعلم لنفسها جرما سوى حبه الذي خسرت بسببه طموحها وأحلامها وافقدها كبريائها وكرامتها .

************************************

أما مشيرة فقد حققت اليوم حلما لطالما ظنته صعب المنال…ولكنها بقليل من المثابرة وكثير من التخطيط استطاعت اخيرا الحصول عليه…كانت تظن أن ترك هاني لها هو نهاية العالم بالنسبة لها…لم تكن تدري انه بداية لحياة افضل جمعتها بمن تريده…كانت حكمتها التي تؤمن بها دائما هي ان الحياة فرص…وأنه فقط الأحمق هو منيترك فرصته تمر من بين يديه دون أن يقتنصها…لذلك فقد تمسكت بفرصتها بكل قوة حتى تحقق لها اخيرا ما أرادت

وها هو الشهر الثاني من عمر زواجهم يطرق الباب معلنا قدومه دون أن تجرؤ مشيرة على إخبار عمرو بسرها الذي تخفيه عنه…كانت سعادتها خلال هذا الشهر لا توصف …شعرت انها اخيرا قد حصلت على فارس أحلامها …لكن ماكان يؤرقها حقا هو غيرته الشديدة التي لا تستطيع تحملها…فهي لم تعتد أن يسلبها احد حريتها بهذا الشكل أو أن يكون رقيبا على تصرفاتها حتى في زواجها السابق…حتى انهما في أحد الأيام كانا متوجهين لزيارة والدته …وما إن ترجلا من السيارة امام البناية التي توجد بها شقتها حتى تصادف مرور أحد زملائها القدامى بالشركة…صافحته مشيرة ثم وقفت تتبادل معه أطراف الحديث قبل أن تقوم بتعريف كل منهما للآخر…كان يشعر بالحنق الشديد ويتساءل بينه وبين نفسه…كيف لأمرأة تزعم انها ملتزمة أن تصافح رجلا اجنبيا عنها ثم تقف لتتبادل معه الحديث والضحك وقد تناست تماما وجود زوجها…لم يكن يدري ان تلك هي حقيقتها التي تأبى إلا أن تطل من خلف القناع الذي ترتديه…صعدا معا إلي شقة والدته بوجه مكفهر وعيون غاضبة …وما أن رأتهما فريدة حتى لاحظت ذلك …فقالت موجهة حديثها لعمرو:مالك يا حبيبي?شكلك مضايق اوي كده ليه ?مالك يا مشيرة…انتو متخانقين ?انتوا باين عليكوا اتحسدتوا ولا إيه?ماتتكلموا يا ولاد قلقتوني

اجابها عمرو قائلا بإنفعال:اسألي الهانم هيا عملت إيه

فريدة:عملتي إيه يا مشيرة?

مشيرة بضيق:مش لما افهم انا ابقي افهمك

عمرو ساخرا:هو حضرتك لسه مافهمتيش …أنا عايز افهم ازاي واحدة المفروض انها ملتزمة زي ما بتقولي تقف ف الشارع تتكلم مع راجل غريب …لأ وكمان تسلم عليه وتضحك معاه عادي كده…إلتزام إيه ده بقى إن شاء الله…والمفروض إني نبهت عليكي قبل كده إني راجل غيور ومااقبلش بحاجة زي كده

اجابته قائلة بإقتضاب: ده مش راجل غريب…ده الأستاذ حمدي وكان زميلي ف الشركة اللي كنت بشتغل فيها والراجل كان بيباركلي على الجواز …ثم ان هو اللي مدلي إيده فانا اتكسفت وسلمت عليه…ممكن افهم فيها إيه دي?

عمرو بنفس الإنفعال:فيها ان منظري كان زبالة وانتوا واقفين تتضحكوا وتهزروا مع بعض ولا كأني موجود

قالت فريدة محاولة تلطيف الأجواء:معلش يا عمرو…معلش يا حبيبي…اصل مشيرة لسه ما اخدتش علي طبعك …انا حادخل اتكلم معاها كلمتين جوه ونرجعلك علطول…ثم امسكتها من يدها وقالت:تعالي معايا يا مشيرة عايزاكي

دخلت مشيرة مع فريدة إلى غرفتها فيما جلس عمرو يفكر وهو يعقد مقارنة صغيرة بين موقف مشيرة الحالي وموقف يمنى حين طلب منها ان تتجنب الحديث مع عماد بالرغم من انه ابن خالها وبالرغم انها كانت تحدثه بمنتهى الجدية والإحترام…وكيف استجابت له يمنى دون ادنى إعتراض …شعر انه لاوجه للمقارنة من البداية فآثر الصمت.

************************************

جلست مشيرة وهي تستمع بإهتمام إلى ماقالته فريدة عن عمرو وعن غيرته الشديدة إلى أن انتهت قائلة:انتي عارفة يا حبيبتي …دي يمنى مراته مقاطعة ابن خالها عشان خاطر عمرو

رفعت حاجبيها في دهشة وقالت بإمتعاض:يا سلام …ليه يعني?

فريدة:اصل عماد ابن خالها ده كان من سنها وهما الاتنين كانوا طلبة عند عمرو ف الكلية وكان بيحبها وعايز يتجوزها…بس هيا بقى اتجوزت عمرو …وعمرو كان عارف بحب عماد ليها …فطلب منها انها تقاطعه خالص …ومن يوم ما اتجوز مادخلتش بيته مع انه متجوز اعز صحباتها.

شعرت مشيرة بأن قلبها قد سقط في قدميها أو أن دماها قد هربت بالفعل وهي تستمع لكلمات فريدة الأخيرة…شردت قليلا فيما قالته فريدة لتحدث نفسها قائلة:ابن خالها اسمه عماد وف نفس سن مراته وكان طالب عند عمرو ف الكلية…معقول يكون هو?إيه يا مشيرة هو الوسواس حيشتغل ولا إيه?هو مافيش محامي واسمه عماد غير جارك يعني ?ثم إنه حتى لو كان هو فأمه بتقول انها مقطعاه ومادخلتش بيته قبل كده يعني عمرها ماحتكون شافتني…ايوه اطمني كده ومايبقاش قلبك خفيف

وضعت فريدة يدها على يد مشيرة التي انتفضت على إثر لمستها فقالت مندهشة:فيه إيه يا بنتي مالك?

مشيرة:لا ابدا اصلي كنت سرحانة شوية

فريدة:طيب يلا قومي بقى اخرجي لجوزك وصالحيه…قومي يا خايبة احسن يروح لمراته الأولانية

مشيرة بإستسلام: حاضر يا ماما يا حبيبتي…حاروح اصالحه حالا

**********************************

بعد عدة أيام كان عمرو يقود سيارته عائدا من عمله…كان قد اخبر مشيرة انه لن يمر عليها هذا اليوم إلا انها اتصلت به تطلبه في أمر هام…فاتجه إلى منزلها وهو يحاول تخمين هذا الأمر الهام…ولم يكن هذا الأمر سوى نبأ حملها الذي ما إن سمعه عمرو حتى صار يقفز في سعادة كالأطفال…انتابته حالة من الفرحة الشديدة التي لا يدري معها كيف يتصرف …فأحيانا يضحك بدموع واحيانا أخرى يبكي بضحك …كان أول ما فعله هو أن اتصل بوالدته لإخبارها بهذا النبأ السار …ثم توضأ وصلى ركعتي شكر لله تعالى وعزم على أن يتصدق بمبلغ من المال…اخبر مشيرة بأنه سوف يصطحبها ألى الطبيبة لمتابعة حملها …ولكنها أجابته قائلة:مافيش داعي تتعب نفسك خليك انت وأنا حاخد منى صحبتي وأروح

عمرو بدهشة:طيب وأنا ليه ما روحش معاكي…ده أنا مستني اليوم ده من زمان

اجابته قائلة بتلعثم:عشان يا حبيبي انا مش عايزة اعطلك عن شغلك…ولا عايزاك كمان تقصر مع يمنى بسببي…كمان أنا بضايق من الرجالة اللي بيبقوا موجودين ف عيادات النسا دول…بيبقى شكلهم وحش اوي بصراحة وهما قاعدين وسط الستات كده…ثم اقتربت منه ولفت ذراعيها حول رقبته وقالت في دلال:ثم انا ماعنديش استعداد اني اخدك معايا مكان كله ستات وانت زي القمر كده والستات يقعدوا يبصوا عليك وانا بقى أموت من الغيرة

أجابها قائلا بإبتسامة:خلاص اعملي اللي يريحك.

***********************************

عاد إلى منزله وهو ينوي إخبار يمنى بالأمر ولن يعمل بنصيحة والدته هذه المرة لتأكده من أن يمنى سوف تسعد من اجله …وبالفعل ما إن دخل من باب الشقة ورأها حتى حملها وأخذ يدور بها قائلا في سعادة غامرة:أنا حابقى أب يا يمنى…حابقى أب…مشيرة حامل يا يمنى وأنا حابقى أب .

شعرت يمنى بغصة فى حلقها سرعان ما ابتلعتها قائلة بخفوت :مبروك يا عمرو…ألف مبروك يا حبيبي

امسك عمرو يدها ورفعها إلي فمه مقبلا إياها وقال بإمتنان:الله يبارك فيكي يا حبيبتي…أنا كنت متأكد انك حتفرحيلي عشان كده قلتلك…أنا عارف انتي قلبك كبير ازاي

يمنى:حتتعشى?

اجابها قائلا والسعادة مازالت تطغى على كلماته:لا ما تتعبيش نفسك…انا من كتر الفرحة حاسس إني واكل خروف بحاله…عشان كده ماليش نفس وحادخل أنام علطول

يمنى:عمرو…ممكن تديني نمرة تليفون مشيرة عشان اتصل بيها وأباركلها

نظر عمرو إليها بإنبهار قائلا:يا حبيبتي يا يمنى…انا كل يوم باكتشف ان إختياري ليكي كان صح اكتر من اليوم اللي قبله…واوعي تفتكري ان حد ممكن ياخد مكانك ف قلبي مهما عمل…انا كنت متردد اني اطلب منك الطلب ده…بس باقولك إيه يا حبيبتي…مادام ماعندكيش مانع انك تباركيلها إيه رأيك تروحي تزوريها بدال ما تكلميها ف التليفون وآهي فرصة تتعرفوا على بعض…احنا بقالنا اكتر من شهر متجوزين ولحد دلوقتي ماشوفتوش بعض ولا مرة

يمنى بإقتضاب:ما عنديش مانع

عمرو:خلاص اعملي حسابك تروحي بكرة انا حاديكي العنوان وبعدين اجيلك على هناك…لإني مش هينفع اوصلك عشان عندي محكمة بكرة…هيا قضية واحدة وف أول الرول كمان…والشقة مش بعيد …يعني بالكتير نص ساعة وحاكون عندكوا…ونتغدى كلنا سوا…قلتي إيه?

لم تجد من الكلمات ماتصف به إحساسها أو تجيبه به…فآثرت الصمت واكتفت بإيماءة صغيرة من رأسها

****************************************

وفي الصباح كان عمرو في طريقه إلى المحكمة بينما كانت يمنى في طريقها إلى منزل مشيرة…وصلت إلى العنوان المنشود وصعدت إلى الشقة وطرقت الباب لتفتح لها مشيرة التي كانت على علم بوصولها …وما إن رأتها يمنى حتى تجمدت في مكانها على الباب من آثر الصدمة…اخيرا وبعد لحظات صمت من كلتيهما شقته يمنى قائلة:مش دي شقة دكتور عمرو الألفي?

اجابتها قائلة:ايوه هيا

يمنى:يعني انتي مشيرة?

مشيرة:انتي يمنى مش كده?بس أنا حاسة إني شوفتك قبل كده

دفعتها يمنى للداخل ثم دخلت واغلقت الباب خلفها قائلة:تعالي تنكلم جوه احسن ماحد يسمع الفضايح اللي حنقولها

مشيرة بإنفعال:انتي اتجننتي…ازاي تزقيني كده?

يمنى ببرود:لو على الجنان فانتي اتجننتي قبل مني بكتير…تحبي افكرك أنا شوفتك فين قبل كده…انا شوفتك وانا خارجة مع مروة من شقة عماد ابن خالي…فاكرة ساعتها كنتي واقفة انتي وصاحبتك علي باب العمارة بتقولوا إيه?ولا تحبي افكرك بيها دي كمان

تذكرتها مشيرة فاجابت قائلة بتأفف:ايوه افتكرت…وانتي بقى عايزة إيه دلوقتى?

اجابتها قائلة بإنفعال:اوعي تكوني فاكراني ممكن اسمحلك تستغلي ظروف عمرو وتخليه هو المغفل اللي يشيل بلوة غيره…تبقي بتحلمي…أنا حاقول لعمرو على حقيقتك القذرة واعرفه ان اللي ف بطنك ده مش ابنه

عقدت مشيرة ذراعيها أمام صدرها وقالت في تبجح:اوعي تكوني فاكراني حاقف اتفرج عليكي وانتي بتهدي المعبد على دماغي …لا يا شاطرة تبقي انتي اللي بتحلمي …وعليا وعلى اعدائي…وانتي اللي بدأتي والبادي اظلم

يمنى بتحدي:انا ماعنديش حاجة اخاف منها واللي تقدري تعمليه اعمليه

مشيرة بتهكم:الغريبة ان عمرو كان بيقول عليكي انك طيبة يعني…بس لازم تفهمي انك لو قلتي الحقيقة لعمرو انا كمان حأقوله انك كنتي بتروحي لعماد ابن خالك شقته وإني شوفتك كذا مرة داخلة عنده ف الأوقات اللي مراته فيها بره البيت…واظن ان عماد ده هو اللي عمرو فاكر انك مقطعاه ومابتدخليش بيته…تقدري تقوليلي كنتي عنده بتعملي إيه ?واكيد طبعا روحتي من ورا عمرو….شوفتي بقى ان اللي بيته من إزاز مايحدفش الناس بالطوب

صفعتها يمنى على وجهها قائلة بحدة:اخرسي…انتي عشان واحدة قذرة فاكرة الناس كلها قذرة زيك

صاحت فيها قائلة بإنفعال:انا بقى حاوريكي القذرة دي لما تمدي إيدك عليها حتعمل فيكي إيه

ثم امتدت يدها لتجذبها من شعرها لتسقط يمنى ارضا وتبدأ معركة بالأيدي بين كلتيهما…مشيرة تحاول ضربها ويمنى تحاول الدفاع عن نفسها من ضرباتها المتلاحقة التي سددتها لها وهي جاثمة فوقها فيما نشبت يمنى أظافرها في وجهها في محاولة لإبعادها عنها…امتدت يد مشيرة تتحسس تلك الجروح التي اصابتها في وجهها فاستطاعت يمنى في هذه اللحظة ان تدفعها بعيدا عنها وتسقطها على ظهرها ثم رفعت نفسها من على الأرض لينفتح الباب في نفس اللحظة ويدخل منه عمرو الذي يبدو انهما لو تستمعا إلى صوت مفتاحه وهو يدور في الباب أثناء إنشغالهما بمعركتهما المصيرية…ليفاجأ عمرو بهذا المشهد أمامه…مشيرة ملقاة على الأرض ويمنى جاثية على ركبتيها بجوارها .
ظل لثوان محدقا فيهما وهو يحاول إستيعاب هذا المشهد الماثل أمامه…إلا أن استطاع أن ينطق اخيرا قائلا:ممكن افهم إيه اللي بيحصل هنا بالظبط……………….

زر الذهاب إلى الأعلى