ترفيهمسلسل أبغض الحلال

مسلسل أبغض الحلال (ج2)الحلقة الخامسة والسادسة عشر

الحلقة 15

اغلق يحيي الهاتف… نهض وهو يأخذ احتياجاته

دخل احمد زميله مسرعا

“يحيي…عرفت اللى حصل؟”

“فى ايه”

“جوز عبير مات”

ردد يحيي حزينا

“لا اله الا الله… هى رجعت؟”

“لا… فى امريكا وهتيجى بكرة”

“هتوصل امتى؟؟ لازم نكون معاها”

“طبعا… بس محدش يعرف هتوصل امتى؟”

رد يحيي وهو يفكر

“تليفون مامتها مش مع حد… نتصل فى بيتها بكرة الصبح واكيد حد هيكون هناك يعرف التفاصيل”

“تمام.. نتقابل فى المحكمة الصبح …وبعدين نقرر هنعمل ايه”

 

                         *******************

 

قبل ان تغير نسمة ملابسها… طرق سمير الباب

“بتلبسى؟”

فتحت له

“لأ… لسه”

دخل وجلس على طرف سريرها… وبنظرة انكسار سألها

“انا فكرت فى موضوع سفرك … انا مش رافض السفر مع انى قلقان وخايف عليكى… بس صدقينى اى حاجة فيها مصلحتك او مصلحة حد من اخواتك عمرى ما هقف قصادكم فيها”

سألته بفرحة

“يعنى هسافر؟”

رد منكسرا

“مش انا امبارح قلتلك ان الفلوس مش متوفرة معايا…النهاردة سألت نادية قلت يمكن تقدر تساعدنا بس لقيتها مش معاها ولا يحيي كمان… حتى بلال كنت هاخد منه بس معهوش فلوس”

“بلال؟؟ “

“اه… قال ان فلوسه دفعها مقدم شقة وقعد يقنعنى انى موافقش على سفرك”

“واقتنعت؟”

“لا طبعا… هو ملوش حاجة عندك ولا من حقه يقف فى طريق مستقبلك وهو محدش وقف فى طريقه… انا كل اللى عايز اقولهولك متزعليش على قلة حيلتى …المبلغ كبير وانا معنديش حل… لو الكورس ده بيتعمل كل سنة اوعدك لما اطلع معاش اديلك الفلوس اللى انتى عايزاها وتقدمى وتسافرى”

“خلاص يا بابا ولا يهمك… محدش بياخد اكتر من نصيبه”

“شكلك زعلانة”

“زعلانة لانى حلمت والحلم ضاع فجأة… بس خلاص يمكن يكون لى نصيب بعدين لما الفلوس تكون موجودة”

نهض سمير وهو يربت على كتفها…فقبلت يده.

 

                       ********************

 

جلست نادية تنظر ليحيي الذى يأكل ببطء …يبدو عليه الحزن

“مبتاكلش ليه يا يحيي… انت حتى متغديتش”

“اتضايقت اوى من الخبر ده”

“الله يرحمه وربنا يصبرها…انت تعرفه؟”

“شفته يوم افتتاح المكتب… هى كانت عارفة انه هيموت…اللى صعبان عليا اوى بنتهم الصغيرة”

“نصيبه وقدره…وبعدين يا يحيي مش معقول كده انت زعلان كأنك تعرفه من سنين… مش معقول من ساعة ما اتقابلنا بتكلمنى عن عبير وجوزها وبنتها… انا قلبى وجعنى”

“سلامة قلبك …معلش يا نادية هما صعبانين عليا زى ماقلتلك… المهم هتيجى معايا تعزيها”

“طبعا ده واجب…بس قولى امتى”

“لو اتدفن بكرة نبقى نروح العزا بالليل… وهشوف احمد وهانى مراتاتهم هيعملوا ايه واقولك؟”

“طيب.. ممكن بقى تكمل اكلك ومتفكرش كتير فى اللى حصل”

 

فى اليوم التالى مساءا

ذهبت نادية مع زوجتى احمد وهانى لعزاء عبير فى فيلتها

رأتها نادية لاول مرة… حزينة… ترتدى السواد وشعرها معقوص للخلف لا تضع اى مساحيق للزينة… تبكى طول الوقت وابنتها بجوارها تبكى

أثار مظهرها الشجن لدى نادية… فتألمت لحالها

قدمت لها العزاء وهى تعرفها بنفسها…شكرتها عبير

جلست نادية بجوار رانيا وسلمى… صامتين جميعا يستمعون للقران الكريم… جلسن ما يقرب من نصف ساعة ثم نهضن للمغادرة

 

عرضت نادية توصيلهما كل الى بيتها…فردت رانيا

“احنا رايحين النادى ..الولاد هناك… ماتيجى تقعدى معانا شوية”

نادية”لا معلش مرة تانية… اصل فريدة عند ماما ومش عايزة اتأخر عليها”

سلمى”طيب ما تجيبيها وتيجى تقعدى معانا شوية…يا ستى غيرى جو شوية ولا مش عايزة تقعدى معانا”

نادية”لا ابدا…بس نخليها مرة تانية …قريب ان شاءالله”

رانيا”طيب هنستناكى تيجى يوم الجمعة تقعدى معانا… انتى ويحيي وفريدة”

“اتفقنا”

 

وصلت نادية لمنزل سعاد… جلست معها

تبادلا الكثير من الاحاديث حتى سألت سعاد

“اخبار نوال ايه؟”

“الحمدلله…كنا عند بابا امبارح بس مشيت بدرى…هى مش بتكلمك؟”

“بتكلمنى… بس معدتش بتيجى كتير زى الاول”

“ولا بتروح لبابا برضه زى الاول”

“يكون رامى مانعها تخرج؟”

صمتت نادية ثم قالت

“مش عارفة ياماما… هى لما بتكون زعلانة بيبان عليها…بس مين عارف يمكن رجعت تخبى زى زمان… يمكن علشان كده مشيت بدرى امبارح… بصراحة مش عارفة ومشتكتش من رامى خالص طول ما احنا قاعدين”

“مش عارفة قلقانة عليها ليه”

“هتقلقينى ليه؟”

“لا متقلقيش ولا حاجة…انا بكرة نازلة وهبقى اعدى عليها.. واخبار نسمة ايه ..من ساعة ما اشتغلت وانا بشوفها قليل”

“وقتها ضيق يا ماما معلش… مش بتتكلموا؟”

“بنتكلم طبعا”

“وحكت لك على السفر؟”

“سفر ايه؟”

وحكت نادية لسعاد عن فرصة الدراسة فى فرنسا..التى عرضها دكتور حشاد على نسمة

 

                       ********************

 

فى مساء اليوم التالى… ذهبت سعاد للسؤال عن نوال

كانت نوال جالسة تتحدث مع هيثم كعادتها يوميا…عندما سمعت طرقات الباب التى تغلقه بالمفتاح بالترباس

نظرت فى الساعة …وجدتها الثامنة… موعد لم يعتد رامى العودة فيه

اغلقت الكمبيوتر بسرعة… ثم ذهبت لتفتح

قالت متفاجئة”ماما… اهلا وسهلا…اتفضلى”

سلمت عليها سعاد وقبلتها وهى تسألها

“ايه يا بنتى كنتى نايمة ولا ايه؟؟ كل ده لحد ما تفتحى”

“معلش اصل مكنتش سامعة”

جلست سعاد فى الانتريه وهى تتلفت حولها

“هو صبرى مش هنا؟”

“لا مع رامى عند مامته”

“الواد وحشنى وانتى مبقتيش بتيجى”

“معلش انتى عارفة اليوم بيجرى بسرعة”

“ليه يا نوال…وراكى ايه؟ مش كنتى بتزهقى من القعدة لوحدك”

“فى الاول بس وبعد كده اتعودت…لما صبرى بيروح مع رامى بقعد اخلص اى حاجة ورايا فى البيت ولا اتفرج ع التليفزيون من غير دوشة”

نظرت لها سعاد وفاجأتها

“انتى مخبية حاجة”

ارتبكت نوال وقالت

“لا مفيش حاجة…هخبى ايه؟”

“رامى منعك تيجى لى او تروحى لباباكى”

تنفست نوال الصعداء بعدما عرفت ان سعاد قلقة فقط …فأكدت

“ابدا والله…رامى لا بيدقق معايا رايحة عندكم او قاعدة فى البيت…مبقاش يضغط عليا فى اى حاجة …غير بس موضوع انى اروح لمامته ده”

“وانتى برضه مش ناوية؟”

“لأأأأ… كفاية اللى شفته منها”

“المهم يعنى انتى وجوزك كويسين مع بعض؟”

“الحمدلله يا ماما …متقلقيش”

 

                   ***********************

 

ذهبت نادية للنادى يوم الجمعة كما اتفقت مع رانيا وسلمى

جلسوا جميعا على طاولة كبيرة… كل زوجة بجانب زوجها واطفالها …تبادلوا الاحاديث السريعة… ثم اختلطت الكراسى بعد ذهاب الاطفال للعب ومن بينهم فريدة التى تخطو خطواتها الاولى والاطفال الاكبر منها فرحين باللعب واللهو معها

تقاربت مقاعد النساء… وتقاربت مقاعد الرجال

فانقسمت الطاولة لثلاث نساء… وعلى مسافة ليست ببعيدة الثلاث رجال

فى البداية شعرت نادية بالغربة بينهما فهى تعلم ان رانيا وسلمى صديقتين بدأت صداقتهما مع افتتاح المكتب… وتطورت سريعا لظروفهما المتشابهه

كل منهما ربة منزل ولديها طفلين …الاطفال الاربعة اعمارهم متقاربة تتفاوت بين الثلاث والسبع سنوات

 

فى الفترة الماضية حاولتا ان يتعرفا على نادية عن قرب ولكن لانشغالها بفريدة وخوفها عليها لم تكن تفضل الخروج كثيرا وبالتالى استنتجتا انها لا تحب الاختلاط … فابتعدا

 

بدأت رانيا حديثها لسلمى

“عملتى ايه فى مشكلة امبارح”

سلمى”ولا حاجة… كالعادة قعد يقولى مشغول واعمل ايه وروحى انتى لو عايزة”

لم تطفل نادية وتسأل …بل صمتت ونظرت بعيدا حتى تستطيع الصديقتين تكملة الحكاية… ولكن اشركتها سلمى فى الحديث وهى تقول لرانيا

“طيب احنا نحكى لنادية ونشوف بتتصرف ازاى”

فانتبهت نادية وسألت

“خير؟”

رانيا”انا وسلمى فكرنا اننا عايزين نسافر نغير جو حتى خميس وجمعة وسبت …نروح اى حتة منها العيال يغيروا جو واحنا كمان نقعد مع اجوازنا شوية”

نادية”فكرة كويسة”

سلمى”فكرة حلوة اه… انما البهوات بقى مش راضيين يحددوا معاد…ومن ساعة الصيف ما بدأ وهما يقولوا حسب الشغل وحسب ما نفضى… ومش عارفين يحددوا حاجة”

نادية”يمكن مشغولين… ماهو من ساعة ما عبير ما غابت عن المكتب وهما شايلين شغلها فوق شغلهم”

رانيا”يعنى انتى عادى مش فارق معاكى ان يحيي مشغول عنك على طول كده”

نادية”هو هيعمل ايه…مش شغله… لما بنكون فاضيين بنقعد مع بعض او نخرج”

سلمى”يعنى عادى لما تفضلى طول اليوم قاعدة كده فى البيت مش بتشوفيه غير علشان يقولك آكل ولا انام ولا سكتى العيال علشان ورايا مذكرة عايز اكتبها”

نادية”ايام الدراسة مكنتش بحس بحاجة لان يومى كان مش بيكفى كل اللى ورايا فكان عادى… فى الاجازة اه شايفاه مشغول بس عادى يعنى انا شاغلة نفسى بحاجات تانية”

رانيا”ما شاءالله… احنا بقى اللى ايامنا كلها شبه بعض”

سلمى”انا بحسدك يا نادية على هدوء اعصابك”

ضحكت نادية وهى تردد

“انا اخر واحدة ممكن تقولوا عليا اعصابى هادية… كل الموضوع شوية تقدير… هو بيقدر شغلى وانا بقدر شغله..بس”

تبادلت سلمى ونادية النظرات… وكل منهما تود ان تتمتع بعد احساس نادية بالمشكلة التى يعانون منها

 

انتهت مقابلة النادى… واتفقوا جميعا على اللقاء قريبا

بعد ان اقتنع يحيي بأن يقدم طلب للالتحاق بعضوية النادى…حتى يتسنى للنساء اللقاء كثيرا فى العطلة الصيفية…اثناء انشغال ازواجهم … ويتسنى للاطفال اللعب معا …خاصة بعد اندماج فريدة وسعادتها وسط الاطفال

 

                       *********************

 

استدعى دكتور حشاد نسمة على الفور… اثناء عملها فى الفترة الصباحية

دخلت نسمة مكتبه وهى تتساءل عن سبب الاستدعاء

“مبروك يا نسمة …الف مبروك”

استنتجت نسمة ما سيقوله… أكمل

“مخيبتيش ظنى فيكى… تقديراتك كلها عالية”

ردت بفرحة

“الله يبارك فيك يا دكتور… هى النتيجة ظهرت امتى؟”

“هى لسه مظهرتش رسمى… بس انا كنت مكلم ناس فى الكنترول اول ما تظهر يجيبوهالى”

“الحمدلله..متشكرة جدا على كل اللى حضراك بتعمله معايا”

“العفو يا بنتى… كده بعد ما النتيجة ظهرت… نقدر نمشى فى خطوات التقديم للكورس والترتيب للسفر”

نكست نسمة رأسها… وقالت بانكسار

“للاسف…مش هينفع اسافر”

تساءل مندهشا”بابا رفض؟؟ دى فرصة صعب ان اى حد يفوتها”

“مش رفض… بس التكاليف مش متوفرة حاليا…يمكن كمان سنتين ان شاءالله تتوفر ولو الكورس كل سنة ابقى اقدم”

“ان شاءالله… انا لسه لى 3 سنين فى العقد… كل سنة قبل ما اجى اجازة هسألك واقولك”

“متشكرة اوى يا دكتور”

“العفو… اتفضلى انتى وابقى سلمى على بابا”

 

خرجت نسمة من مكتب دكتور حشاد…حاولت ان تسعد بنجاحها وتنسى الفرصة الضائعة…ف اتصلت بسمير ثم سعاد لتشاركهما سعادتها…وتكتفى لنفسها بالجانب الاخر.

 

                         ********************

 

عاد سمير من عمله… قبل نسمة

كان يفكر فى الهدية التى يستطيع ان يقدمها لابنته الصغرى… بعد حصولها على الليسانس… لم يقرر بعد وفضل ان يأخذ رأى نادية اولا

 

قبل ان يصل لغرفته…سمع طرقات على الباب… فعاد مرة اخرى ليفتح…وجد بلال امامه

“ازيك يا خالو”

“اهلا يا بلال… تعالى”

دخل بلال واغلق الباب خلفه

“شفتك وانت راجع قلت ألحقك واقولك”

“خير؟”

“كتب كتابى يوم الجمعة ان شاءالله… انا هتصل بنادية ونوال واعزمهم هما واجوازهم… عايز اتشرف بيكم “

صمت سمير قليلا…ثم أكمل

“مبروك يا بلال …ربنا يتمم بخير… نادية ونوال اخواتك طبعا وشوف لو ظروفهم تسمح اكيد هييجوا معاك…بس انا..”

“انت ايه يا خالو… انت بالذات اول واحد محتاج اتشرف بيك وانا داخل على عيلة عروستى”

“مش هكذب عليك يا بلال… انا هتكلم مع نسمة بس لو حسيت للحظة ان حضورنا هيجرحها…مش هقدر احضر… مش معقول نبقى كلنا بنيجى عليها وهى عمرها ما زعلت حد ولا جت على حد ابدا”

“ماشى يا خالو… انا كمان هتكلم معاها واقولها تانى…مع انها وعدتنى يوم ما كنا بنتغدى هنا انها هتحضر”

“اللى فيه الخير يقدمه ربنا يا بلال”

“ان شاءالله… انا نازل شوية مش عايز حاجة وانا جاى”

“شكرا… مديحة فين؟”

“اتغدت بدرى ونامت”

“طيب شوية وهبقى اكلمها”

“ماشى يا خالو…سلام”

 

غادر بلال… واتجه سمير مرة اخرى لغرفته…وقبل ان يصل للغرفة رن الهاتف الارضى..فعاد مرة اخرى للرد

“الو”

“سلامو عليكو”

“وعليكم السلام…مين؟”

“انا سعاد”

“اهلا وسهلا”

“اتصلت بيك من شوية محدش رد”

“لسه راجع من الشغل…خير؟؟”

“نسمة قالتلى انها نجحت”

“الحمدلله”

“ونادية حكت لى على حكاية الدراسة اللى جابها لها الدكتور بتاعها… وحكت لى ان المبلغ كبير ومش موجود”

“ان شاءالله لما اطلع معاش هتروح تدرس… انا عمرى ما اقصر مع بناتى”

“انا عارفة انك ربيتهم احسن تربية واحسن تعليم… انا عندى حل لمشكلة نسمة وكلمتك علشان كده… متهيألى ان مصلحة ولادنا هى اهم حاجة عندنا…ولا ايه؟”

“طبعا…بس ايه الحل؟”

“انا هكون واضحة وصريحة معاك… انا معايا فلوس ورث اسلام… الفلوس اللى هيكمل بيها تعليمه وتساعده فى جوازه”

“طيب فلوس ابنك… هتحل مشكلة بنتى ازاى”

“ممكن اسلفهم لك لحد ما ربنا يسهل وتطلع معاش وتبقى ترجعهم تانى.. والله لو دى فلوسى مكنتش طلبتها منك ولا قلت اخدها…بس دى فلوس يتيم وامانة فى رقبتى”

“لا…بلاش… الواحد مش ضامن الموت من الحياة…خلى فلوس ابنك بعيد”

“مش عايزة فرصة زى دى تضيع على نسمة… وبدل اقدر اساعدها يبقى لازم نفكر فى حل”

صمت سمير قليلا…ثم قال

“خلاص… هكتبلك وصل امانة بالمبلغ… دى فلوس يتيم زى ما قلتى… وهقول للبنات علشان لو حصل لى حاجة يبقوا يسدوا الدين من فلوس المكافأة”

صمتت سعاد قليلا

“ماشى… ممكن متقولش حاجة لنسمة لحد ما اجيب الفلوس وتبقى جاهزة… عايزة افاجئها”

“ماشى…متشكر”

“على ايه دى بنتى… بكرة هروح اسحب الفلوس وشوف تحب تقابلنى فى البنك واحولهم لك ولا نعمل ايه”

“هحضر الايصال… واقابلك انا ونسمة فى البنك ومن الافضل تفتحى باسمها حساب بالفلوس..ومش هقولها غير واحنا هناك”

“اتفقنا هتصل بيك الصبح اقولك المعاد والعنوان… مع السلامة”

الحلقة 16

عادت نسمة من عملها … وجدت سمير نائما

غيرت ملابسها… سخنت طعام الغداء واعدته على السفرة ثم ذهبت لايقاظ سمير

 

“بابا… الغدا جاهز”

استيقظ سمير …وجدها تغادر الغرفة بعدما سمعت هاتفها يرن …اكملت

“يالا بسرعة قبل الاكل ما يبرد…على ما اشوف مين بيتصل”

 

دخلت نسمة غرفتها ترد على الهاتف
“الو… ازيك يابلال”

“الحمدلله ازيك انتى”

“تمام الحمدلله”

“سألت عليكى خالى النهاردة”

“مقاليش..خير؟”

“انتى فاضية انزلك؟”

“اهلا وسهلا…انا لسه راجعة من شوية وهنتغدا تعالى اتغدا معانا”

“شكرا…خلاص نص ساعة وهنزلك”

“ماشى…سلام”

اغلقت نسمة الهاتف وذهبت للسفرة وجدت سمير عائدا من الحمام وجلس معها…بدآ تناول الطعام فقال نسمة

“ده بلال…بيقول سأل عليا النهاردة”

“اه كان هنا وسأل عليكى”

“بيقول نازل… هو فيه ايه؟”

“عايز يعزمك على كتب كتابه”

“هو حدد…امتى؟”

“يوم الجمعة”

“طيب كويس …هو نازل يعزمنى تانى ليه؟”

نظر لها سمير قليلا…ثم قال

“متجيش على نفسك علشان اى حد… لا هو ولا غيره”

ردت بثبات

“ليه يابابا… ليه محدش مصدق انى فعلا مش زعلانة… ليه بتحسسونى انكم بتتعاملوا بحساسية فى حكاية جواز بلال دى… وهل هتتعاملوا معاه بنفس الحساسية لو الوضع مقلوب”

“علشان كلنا حاسين انه غدر بيكى لما طلقك فجأة”

“لا يا بابا…مغدرش بيا بالعكس انا فرحانة جدا بطلاقى منه…طيب تعالى نقارن كده لو مكنتش اتطلقت كان زمانى دلوقتى متجوزة ومخلفة مثلا …ياعالم كنت هعرف اخد الليسانس ولا الجواز هيعطلنى…اكيد مكنتش هشتغل… اكيد مكنتش هعرف حاجة عن كورس فرنسا اللى عندى امل انه يستمر الكام سنة الجايين علشان اروح وادرس وانجح اكتر…يابابا انا مبسوطة بحياتى جدا ولما ينزل بلال هقوله اننا رايحين معاه نفرح له ونفرح معاه”

صمت سمير… اراد ان يخبرها انها ستسافر وتحقق حلمها وبالفعل حياتها احسن وستصبح احسن كما يدعو لها دائما

لكنه تذكر اتفاقه مع سعاد فصمت …وقال

“انتى بكرة الصبح فاضية؟”

“لا عندى شغل؟”

“مينفعش تبدلى وتنزلى بالليل بدل الصبح”

“ينفع…بس ليه؟”

“عايزك معايا الصبح فى مشوار”

“مشوار فين؟”

“من غير تفاصيل لانى مش هقول حاجة… هدية نجاحك”

“واااو هدية… ولازم اكون معاك يبقى هتشترى له حاجة لازم اختارها او اقيسها..بس ليه لازم الصبح”

“متلفيش وتدورى مش هقولك حاجة”

“ماشى يا حاج…كلها ساعات وكل شئ ينكشف ويبان”

 

                       ********************

 

فى نفس اليوم…لم يذهب رامى لوالدته … لا بعد الغداء مباشرة… ولا عاد من عمله عليها… ولا حتى فى المساء

طوال اليوم ونوال تنتظر ان يذهب لوالدته حتى تشعر بحريتها التى تعودت عليها … حتى يتسنى لها الحديث مع هيثم ككل يوم

 

انتظرت حتى جاءت الساعة التاسعة…فسألته

“انت مش رايح لمامتك النهاردة؟”

“لا… عديت عليها الصبح وانا بخلص شغل واختى رايحة تقعد عندها كام يوم”

“يعنى مش هتروح لها الايام دى؟”

“هبقى اعدى عليها ع السريع كده”

صمتت نوال…مستاءة من جلوسه… سألها

“ايه رأيك نخرج بكرة شوية… نفسح صبرى ونتفسح احنا كمان”

تعجبت”غريبة يعنى… من امتى الاهتمام ده؟؟ ولا وراه حاجة؟”

“هيكون وراه ايه يعنى؟”

“عايزنى اروح لمامتك اكيد”

“لا ابدا… انا بس بقول صبرى يا بيخرج معايا يا معاكى انما مبنخرجش كلنا مع بعض…وفرصة انى مطمن على ماما”

“طيب ما تاخد صبرى وتفسحه”

“وانتى”

“عادى هقعد فى البيت”

“ليه؟؟”

“ليه ايه؟”

“ليه مش عايزة تخرجى معايا وعايزة تفضلى لوحدك؟”

ارتبكت نوال من سؤاله…خافت ان يكون لاحظ تفضيلها الجلوس وحدها ..فقالت

“لا ابدا…خلاص نخرج بكرة بعد ما تخلص شغلك…على فكرة يوم الجمعة كتب كتاب بلال وعزمنا…هتيجى؟”

“مش عارف…هبقى اقولك”

“براحتك”

 

جلست الوقت المتبقى تحاول اخفاء لهفتها على الجلوس وحدها امام الكمبيوتر… حتى حان موعد نوم رامى…بعدها بساعة فتحت لترى ان كان هيثم ينتظرها ام ملّ… وجدته ينتظرها

عاتبها كثيرا… حاولت جاهدة مصالحته

وقبل ان ينهيا محادثتهما…كتب

“اسمعى يانوال… مش هينفع نفضل كده…انا لازم اقابلك واشوفك”

“مينفعش يا هيثم”

“لازم ينفع… ماهو انا بسيب خطيبتى ومبكلمهاش علشان اتكلم معاكى وانتى بتسيبينى وبتقعدى مع جوزك”

“هعمل ايه بس”

“تحددى موقفك…يا نعرف نتقابل واشوفك ونتكلم فى التليفون حتى لما تغيبى اعرف اتطمن عليكى… يا اما نقطع مع بعض ونرجع كل واحد يتأقلم على حياته”

فوجئت نوال بكلماته الحاسمة… لم تتوقعها من قبل ولم تستطع الرد

وجدته كتب لها

“تصبحى على خير… انا عندى شغل الصبح”

اغلق قبل ان ينتظر الرد… اغلقت الكمبيوتر وقامت حزينة … دخلت غرفتها…نامت بجوار رامى وهى تفكر فى هيثم

 

                       *******************

 

فى صباح اليوم التالى “الاربعاء”

اثناء تناول سمير ونسمة افطارهما

“خلصى الفطار وقومى البسى”

“اقوم …دلوقتى؟؟”

“ايوه”

“مش رايح الشغل”

“اخدت اجازة”

“وهننزل فين بدرى كده الساعة 8…مفيش محلات فاتحة دلوقتى”

“البسى براحتك وننزل على 9\ 9ونص”

“بدرى برضه…هو احنا رايحيين فين؟”

“مكان بيفتح بدرى… وكلها ساعتين وهتعرفى”.

 

توقف سمير بالتاكسى امام فى البنك …متأخرا خمس دقائق عن الموعد المتفق عليه مع سعاد

وجد سعاد منتظرة امام باب البنك

فوجئت نسمة بسعاد… اعتقدت انها صدفة فأقبلت عليها

“ماما…ازيك”

فتحت سعاد ذراعيها وهى تحضنها بشوق

“ازيك يا حبيبتى… مبروك نجاحك”

سمير”سلامو عليكو… واقفة من بدرى؟”

سعاد”وعليكم السلام… لا لسه من دقيقتين بس”

نظرت نسمة حولها… وسألت

“هو انتوا متفقين؟”

سمير “دلوقتى اقدر اقولك على هدية نجاحك… مامتك هتسلفنى الفلوس اللى تكفى سفرك …وجايين نفتح حساب باسمك بالمبلغ… يعنى بعد الفلوس ما تبقى فى حسابك تقدرى تشوفى الاجراءات اللى تتعمل ايه وتقدمى”

لم تتمالك نسمة نفسها من الفرحة… ظلت تقفز وتصرخ وتقبل سمير ثم سعاد ثم تعود وتقبله وتلف حولهما… لم تلتفت للناس التى تتلفت وتلمز وتتغامز على الفتاة التى تقفز كالاطفال

اما سعاد فقد وجدت دموعها تتساقط دون ان تدرى… لاول مرة تشارك احدى بناتها فرحتها…لاول مرة تشعر انها سبب فى سعادة احداهن… شعرت باحساس تمنته طوال عشرون عاما ولم تستطع تحقيقه سوى الان…حمدت الله انه تحقق اخيرا

اما سمير فقد كانت اسعد لحظات حياته هى اللحظة التى يرى فيها السعادة على وجه احدى بناته … بعد مرور لحظات المفاجئة… انتبه للمارة الذين يتلفتون…فقال

“ندخل نعمل اجراءاتنا بدل وقفتنا دى”.

 

                     ********************

 

وقف بلال امام مرآة غرفة نومه… ونادى على مديحة

جاءته…فسألها

“ايه رأيك …حلوة البدلة؟”

اقتربت منه وهى تنفض كتفه من لاشئ…وتنظر له

“ماشاءالله يا حبيبى… انت كل حاجة عليك حلوة”

“المقاس مظبوط… لو فيه اى حاجة قوليلى ألحق ابدلها النهاردة”

“لا يا حبيبى جميلة عليك…ربنا يهنيك ويسعدك”

رن هاتفه القريب من مديحة…فناولته وهى تقول

“اقلع البدلة الاول علشان متتبهدلش…انا عارفاك بتطول فى التليفون”

ضحك بلال وهو يأخذ منها الهاتف ويمازحها

“بتحبيها اوى انا حاسس”

خرجت وهى ترد

“المهم ان انت بتحبها”

رد بلهفة بعد خروج مديحة

“بنت حلال…لسه بقيس البدلة”

“اكيد حلوة عليك طبعا”

“ماما بتقول كده… بس اهم حاجة رأيك”

“اى حاجة عليك بتعجبنى”

“المهم …انتى خلصتى كل حاجتك؟”

“اه.. خلاص اشتريت الفستان اللى وريتهولك واتفقت مع كوافيرة هنا فى البلد هتيجى لى البيت”

“الفلوس اللى معاكى كفاية ولا ابعتلك تانى؟”

“كفاية يا بلال …شكرا… انت هتيجى الساعة كام؟”

“زى ما اتفقت مع اخوكى… على 8 ان شاءالله هنكون عندكم… نادية هتدينى عربيتها وهتيجى فى عربية جوزها”

قالت بلهجة متفاجئة

“هو مين بالظبط اللى جاى”

“كلنا”

“كلكم مين؟”

“انا وماما وخالى وبنات خالى”

“بنات خالك كلهم؟”

“ايوه”

فقالت بعصبية”يعنى هتجيبلى طليقتك يا بلال؟؟”

رد متعجبا”طليقتى ايه يا ليلى… نسمة دلوقتى بنت خالى وبس”

“متقولش اسمها وتغيظنى… انت عايز تجيبها علشان تدينى عين ولا ترميلى عمل وتفرق بيننا”

“ايه التخلف ده…عين ايه وعمل ايه؟”

“انا متخلفة؟؟ احترم نفسك يا بلال”

“لما تحترمى نفسك وتحترمينى…عايزانى بعد ما عزمتهم اقولهم خطيبتى مش عايزاكم…تبقى اتجننتى رسمى… دول عيلتى ومليش غيرهم…وزى ما انا بحترم اهلك غصب عنك تحترمى اهلى”

“كلهم ييجوا على عينى وراسى وهى لأ”

“هى زيها زيهم… وكلنا يا نيجى مع بعض يا منجيش”

“انت بتغيظنى…جاى ليلة كتب الكتاب وتقولى كده… مين اللى ماليك من ناحيتى”

“كلامك يا ليلى… من ساعة الخطوبة وانا بعمل كل اللى بتقولوا لى عليه ومش عايز ازعلك وانتى جاية عايزة تحرجينى قدام اهلى… مش هيحصل”

“كل ده علشانها؟”

“لا… علشان احراجى وسطهم… وعلشان مينفعش اجى انا وامى بطولنا وانتى عيلتك ماشاءالله تسد عين الشمس… انا ليا اهل برضه”

ردت بتحفز”ماشى يا بلال…خليها تيجى”

 

قاطعها بلال”انا هقفل معاكى دلوقتى معايا ويتنج”

“مين؟”

“خالى”

“طيب ابقى كلمنى…سلام”

اغلق معها سريعا ثم رد

“ايوه يا خالو… انا فى البيت… طيب حاضر…سلام”

اغلق بلال ثم نادى على مديحة

“ماما خالى اتصل وعايزنا تحت”

“ليه؟”

“معرفش…قال عايزنا احنا الاتنين”

“طيب غير هدومك وحصلنى… انا هسبقك”

 

                         ******************

 

جلست مديحة وهى تسأل سمير

“خير يا اخويا”

سمير”لما بلال ينزل”

نادية”يا بابا فى ايه؟؟ انت اتصلت بيا وبنوال وقلت نيجى النهاردة ضرورى ومقلتش فى ايه؟”

سمير”معلش…انا عايز اتكلم معاكم كلكم …مرة واحدة”

رن جرس الباب…قامت نسمة لتفتح

نوال”اهو بلال جه اهو”

جلس بلال وهو مندهش للجدية المرسومة على الوجوه…فسأل

“مالكم؟؟”

جلس بلال… كانوا جميعا يجلسون فى الانتريه بشكل دائرى

بدأ سمير كلامه

“ان شاءالله نسمة هتقدم تكمل دراسة فى فرنسا…هو لسه مجتش الموافقة من عدمها بس حبيت مأخرش الكلام اللى عايز اقوله”

بلال”ازاى يا خالى … ازاى تسمح انها تعيش بره لوحدها”

نسمة “هو انا رايحة اتفسح…انا رايحة ادرس”

بلال”ولو…مينفعش برضه”

سمير”بلال… انا بس اللى اوافق او ارفض وانا وافقت خلاص.. ومش بقول علشان اخد رأى حد…انا عايز اعرفكم الدين اللى عليا علشان محدش ضامن عمره… انا استلفت من سعاد 120 ألف جنيه حطتهم باسم نسمة فى البنك… اذا ربنا مد فى عمرى هسددهم من مكافأة نهاية الخدمة… لو حصل لى حاجة قبلها انتوا التلاتة هتاخدوا مكافأتى…سددوا لامكم الدين لان دى مش فلوسها دى فلوس اخوكم اليتيم وأمانة عندها… انا جبتك يا مديحة انتى وبلال علشان تكونوا كلكم عارفين…نادية ونوال”

رهبة كلامه جعلت الجميع يصغى دون رد…حتى خصّ نادية ونوال بالكلام فانتبهتا

نادية ونوال” نعم يابابا”

سمير”عايزكم تسامحونى انى صرفت على اختكم زيادة… بس انتم اتجوزتوا واطمنت عليكم انما هى لو حصل لى حاجة هتبقى وحدانية ومالهاش سلاح غير شهادتها”

نهضت نسمة من مكانها وجلست امامه على ركبتيها وهى تبكى وتقبل يده

“ربنا يخليك لينا يا بابا… كفاية كلام صعب الله يخليك… انا مبستحملش الكلام ده”

سمير ربت عليها وهو ينظر لنادية ونوال منتظر رد

نوال”يابابا والله انا مفكرتش قبل كده فى جبت ايه لمين ولا مين اكتر ولا اقل…مفيش فرق بيننا نسمة اختنا ونحب لها الخير”

نادية”معقول يابابا احنا هنبص لفلوس ومصاريفك على نسمة”

سمير”باقى حاجة اخيرة بقى… الشقة هنا متفرطوش فيها ابدا… حتى ان شاءالله نسمة لما ربنا يكرمها وتتجوز الشقة تفضل موجودة… ده بيتكم انتم التلاتة وامانكم… ربنا يهدى سركم ومتحتاجولهاش … بس مش عايز واحدة فيكم تحس انها مالهاش مكان لو حصل اى حاجة بينها وبين جوزها ولا ان واحدة فيكم تعيش غصب عنها لمجرد انها محتاجة جوزها”

جملته الاخيرة جعلت نوال تجهش بالبكاء… مما اثار دموع نادية بالتبعية… والتففن البنات حوله يبكين ويقبلون يديه ورأسه وهن يتمتون بالدعاء له بالصحة وطول العمر

تأثرت مديحة هى الاخرى ونزلت دموعها…اما بلال فقد مسح دموعه بسرعة قبل ان يلحظها احد… ونهض قائلا

“فى ايه يا جماعة… ايه حصل لكل ده”

سمير”بس بقى يا بت انتى وهيا… انتوا بتفولوا عليا ولا ايه؟”

رددن جميعا”بعد الشر”

سمير”وبعدين ده شكل ناس عندهم فرح بكرة… الراجل يقول علينا ايه بننكد عليه…قوموا زغرطوا له ولا اعملوا له اى جو كده يحس انه عريس”

رد بلال”عريس ايه بعد جو الدراما ده”

مديحة”صحيح يا نسمة هتسافرى بلاد بره؟”

نسمة بعد ان تبدلت ملامحها واشرق وجهها بالتفاؤل

“يارب يا عمتو… دعواتك اتقبل”

مديحة”ان شاءالله يا نسمة..ربنا يوفقك يا بنتى”

———–———-———————-————

ونكمل في الحلقات القادمة ماتنسوش تعلقوا علي الحلقة في صفحة مدام طاسة والست حلة

 الى اللقاء في الحلقات القادمة

بقلم الكاتبة: دينا عماد

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى