زوجي العزيز عفواً لست قاتلة

الحلقه الثانية عشر من مسلسل زوجي العزيز عفواً لست قاتلة بقلم منال جميعى

الحلقه الثانية عشر من مسلسل زوجي العزيز عفواً لست قاتلة بقلم منال جميعى

الفصل الثاني عشر

شهر كامل مر على وفاة والديها…تجرعت فيه يمنى مرارة اليتم…ولوعة فراق الأحبة…شعرت أن الكون من حولها قد تلفح بالسواد ليشاركها احزانها…أو ربما هي التي لم تعد ترى من الألوان سوى الأسود…شهر كامل مر على فراقهما وما تلاه بعد ايام من فقدها لجنينها الذي كانت تمني النفس بقدومه…شعرت أن الحياة القتها فجأة في بحر الإبتلاء دون أن تمتلك زورق الصبر ليصل بها إلى شاطئ الرضا بقضاء الله تعالى…لكم شعرت انها بحاجة إلى أمها لتواسيها وتخفف عنها مرارة فقد جنينها…وكم احتاجت هذا الجنين لتتصبر به على مأساة فقد والديها دفعة واحدة…ولكن إرادة الله تعالى دائما فوق كل شئ..تحملت كلامات فريدة اللاذعة وهي تلومها وتتهمها بأنها السبب في فقده…وكأن حزنها على والديها الراحلين جرما تستحق العقاب من اجله
أما عمرو فلم يكن بأفضل حال منها…فقد انعكست حالة زوجته النفسية عليه بالسلب…كما تأثر كثيرا بإجهاض زوجته…فاهمل عمله بعض الشئ وصار يجلس وحيدا معظم وقته
ولم يكن فؤاد بأفضل حال من شقيقته هو الآخر…فقد كان شعوره بالذنب يلاحقه أينما ذهب…يتمنى لو عاد والده الراحل إلى الحياة ولو لدقائق معدودة ليرتمي في احضانه ويطلب منه الصفح والغفران…وبالرغم من محاولات صفاء المستمرة للتخفيف عنه وإنتشاله من احزانه إلا ان محاولاتها باءت بالفشل حتى الآن…فقد كان يجلس في غرفته ويبكي والده الراحل كعادته طيلة هذا الشهر…عندما دخلت صفاء لتجده على هذه الحالة …جلست بجواره وضمته إليها ليدفن رأسه في صدرها ويبكي بكاءا تقطعت له نياط قلبها

صفاء:عشان خاطري يا فؤاد ماتعملش فنفسك كده…بقالك شهر على الحالة دي…بلاش يا سيدي عشان خاطري…عشان خاطر ولادك طيب…ماينفعش يشوفوك كده

علت شهقاته وهو يقول:مش قادر يا صفاء…حاسس ان انا السبب ف موته…لو كنت اخدت الولاد ورحتله ماكانش كل ده حصل

صفاء:استغفر ربنا يا فؤاد…ده عمره واجله…مكتوبله يموت ف المكان ده وف الوقت ده…ماتحملش نفسك اكتر من طاقتها

مسح دموعه بكفبه واردف قائلا:عارفة يا صفاء…رغم اني كنت بعيد عنه لكن عمري ما كرهته…ايوه كنت زعلان منه عشان سابني وراح عاش ف اسكندرية لوحده …بس والله كنت مسامحه من كل قلبي…ولو واقف ادامي دلوقتي كنت اترميت ف حضنه وقلتله انا مسامحك وعايزك انت كمان تسامحني…تفتكري انه مات وهو غضبان عليا يا صفاء?

عند هذا الحد لم يستطع فؤاد ان يكمل كلامه ليعلو صوت نحيبه مرة اخرى لتقول صفاء :وحد الله يا فؤاد…وبلاش الكلام اللي مش جايب همه ده…وسيبك بقى من اللي انت فيه ده والتفت لشغلك وبيتك…انت بقالك شهر لا بتروح المزرعة ولا بتطل على الأرض ويا عالم الشغل ماشي ازاي من غيرك

فؤاد:معاكي حق يا صفاء…ربنا يخليكي ليا انتي اللي بتهوني عليا حاجات كتير…مش عارف كنت حاعمل ايه من غيرك

ربتت صفاء على ظهره بحنان قائلة:ويخليك ليا يا فؤاد…قوم يلا اغسل وشك وصلي على ما احضرلك لقمة تاكلها

فؤاد:حاضر انا قايم آهوه

****************************************

تحدث عمرو إلي والدته قائلا بإنفعال:يا ماما هو حضرتك كل ماتشوفي وشي تسمعيني نفس الكلمتين…ابوس إيدك كفاية بقى كلام ف الموضوع ده.

علت نبرة صوتها وهي تجيبه قائلة بحدة:كفاية لحد امتى يا عمرو?انا عايزة افهم انتو قاعدين مستنيين إيه?قلتلك اتجوز قلتلي حنعيد العملية من تاني…قلتلك ومستني ايه?قلتلي لما يمر فترة على وفاة حماك وحماتك عشان نفسية الست يمنى تكون اتحسنت…وآهو بقالنا تلت شهور من يوم ما ماتوا …وبرضه مش راضي تقولها…لو انت مكسوف تقولها اقولها انا.

اسرع عمرو قائلا برجاء:لا يا ماما الله يخليكي…خلاص انا حاعرض عليها الموضوع واشوف رأيها إيه

مطت فريدة شفتيها وقالت في إستياء واضح:انت لسه حتعرض عليها وتشوف رأيها…يا ابني انت عايز تموتني بحسرتي

عمرو:بعد الشر عليكي يا أمي…اوعدك اني اقدر اقنعها بالموضوع ده…بس اديني فرصة اختار الوقت المناسب

فريدة بنفاذ صبر:براحتك يا ابني……اديني وراكو لما اشوف اخرتها إيه

تنهد قائلا :كل خير ان شاء الله

************************************

كانت تجلس بغرفتها تطالع احد الكتب…كانت عيناها مثبتة بالفعل على الصفحة التي تقرأها…لكن عقلها كان شاردا في مكان آخر…عندها سمعت صوت المفتاح يدور في الباب معلنا رجوع عمرو…فهيئت نفسها لمفاتحته في الأمر الذي عزمت عليه…دخل إلى الغرفة والقي السلام لتجيبه قائلة:وعليكم السلام ورحمة الله…حمدالله على السلامة

عمرو:الله يسلمك…عاملة ايه النهاردة?

يمنى:الحمد لله…اقوم احضرلك الاكل?

عمرو:لا ماتتعبيش نفسك…انا اصلي اتغديت مع ماما…لو انتي جعانة كلي براحتك

يمنى:لا ماليش نفس…بس كنت عايزه اتكلم معاك ف موضوع مهم

عمرو وهو يلقي بجسده على الفراش:ماينفعش يتأجل لوقت تاني…انا جاي مرهق وعايز انام

يمنى بإصرار:معلش مش هاخد من وقتك كتير

اعتدل عمرو في فراشه وبدا عليه الإهتمام وهو يقول بجدية:خير يا يمنى…موضوع ايه المستعجل اوي ده?

ظلت تفرك كفيها في توتر قبل ان تقول:عمرو…انا قررت اعيد العملية مرة تانية

ظل محدقا فيها بدهشة للحظات…شعر بأنها قد ازاحت ثقلا كبيرا كان جاثما فوق صدره…لم يلبث ان أجابها قائلا:انتي بتتكلمي بجد?!

اكدت كلامها قائلة:ايوه طبعا…انا فكرت كويس ولقيت اني محتاجة اوي وجود طفل ف حياتي…واعتقد ان انت كمان محتاج ده…وعارفة كمان ان طنط فريدة مستعجلة اكتر مننا كمان…ويمكن الطفل ده هو اللي يخرجني من حالة الحزن اللي انا فيها دي…انت عارف ان العمليات دي غالبا مش بتنجح من اول مرة ورغم كده نجحت معانا..يبقى ليه مانكررش التجربة مرة تانية…وايا كانت النتيجة ف الحالتين انا راضية بيها

عمرو:ولو انه مش شرط يعني…بس انا ماعنديش مانع طبعا…لو تحبي من بكرة نبتدي نروح المركز ونحضر للعملية انا مافيش مشكلة

يمنى:الأول انا عايزة اسافر دمنهور لفؤاد اخويا

قطب عمرو جبينه في دهشة قائلا:تعملي ايه عند فؤاد?

يمنى:مش هو من فترة كده كلمني عشان الميراث…حاروح عشان نخلص الموضوع ده لإني انا كمان محتاجة فلوس للعملية

ازدادت دهشته وهو يقول:ايه اللي بتقوليه ده يا يمنى!هو انا قصرت معاكي ف حاجة قبل كده?

يمنى:لا ابدا يا حبيبي انا ماقلتش كده…انا بس باقول كفاية الفلوس اللي صرفتها المرة اللي فاتت وانا كنت السبب انها راحت ع الفاضي…عشان كده المرةدي انا ناوية اعمل العملية على حسابي

اجابها بحزم محاولا إنهاء هذه المناقشة السخيفة:يمنى…انا مش عايز اسمعك بتتكلمي ف الكلام ده مرة تانية…ياريت كان الهم هم فلوس وبس…عايزة تسافري لأخوكي ماعنديش مانع انا حاوديكي…لكن فلوسك دي حاجة تخصك لوحدك وبس…والعملية انا اللي حادفع كل تكاليفها… فاهمة ولا لأ…وده موضوع منتهي…جهزي نفسك عشان تسافري بكرة ان شاءالله
رضخت يمنى للأمر مؤقتا…ففي الغد ستسافر لشقيقها وبعدها ليكن مايكون

*******************************

تمددت على الفراش وهي تمسك بهاتفها وتحادث عصام كعادتها كل مساء…حين اخبرها انه انتهى بالفعل من تجهيز الشقة ..وبات كل شئ جاهزا ومعدا لإستقبالها…ولم يتبق سواها لتكتمل فرحته

شيرين:بس يا عصام…ده مافاتش غير تلت شهور على وفاة عمو رفعت وطنط نادية الله يرحمهم…معقول حنتجوز ويمنى ف الظروف دي

عصام بضيق:طيب والحل يا شيرين?انتي يا بنتي ماشبعتيش خطوبة ولا ايه?لقد هرمنا يا حبيبتي …ابوس ايدك اتجوزيني بقى والحقيني قبل ما انحرف وساعتها حيبقى ذنبي ف رقبتك…مش كفاية اني متشحطط وراكي من القاهرة لإسكندرية والعكس

ابتسمت شيرين لدعابته قائلة:معلش يا عصام عشان خاطري استحمل شوية واديني فرصة بس اني استأذن يمنى الأول قبل مانحدد معاد الفرح

عصام:ماشي يا حبيبتي …اصبر وامري لله…بس الله يخليكي ماتتأخريش عليا…يعني يستحسن تقفلي معايا دلوقتي وتتصلي بيها علطول

شيرين:لا انا حاروح ازورها احسن واطمن عليها بنفسي…بس حاكلمها دلوقتي ابلغها اني رايحلها بكرة ان شاءالله…يلا اقفل بقى عشان اكلمها

عصام مازحا:لا يا اختى اقفلي انتي الأول

شيرين:بطل هزار بقى يا عصام

عصام:خلاص ماتزقيش حاقفل آهوه…يلا سلام وتصبحي على خير

شيرين:وانت من اهله

وبالفعل اغلقت شيرين الهاتف مع عصام لتتصل بيمنى ولكنها علمت انها مسافرة في الغد فقررت تأجيل الزيارة لحين عودتها

******************************

في اليوم التالي توجهت يمنى مع عمرو لزيارة شقيقها الذي رحب بها وبزوجها الذي يزور البلدة لأول مرة…قامت صفاء بإعداد وليمة فاخرة إحتفالا بيمنى وزوجها…وبعد إنتهاء الطعام دخل ثلاثتهم إلى غرفة المكتب ليتحدثوا فيما يخص موضوع الميراث

فؤاد:بصي يا يمنى…انا بصراحة كده الأرض لزماني وناوي اشتري نصيبك انتي ويحيى ومتهيألي انكم مافيش عندكم مانع لأن مافيش حد فيكم بيفهم ف موضوع الزراعة ده…وكمان انتو مش عايشين ف البلد عشان تقدروا تراعوا الأرض…مش كده برضه ولا ايه?

يمني:فعلا عندك حق…وانا ماعنديش مشكلة ف موضوع البيع ده

فؤاد بإرتياح:يبقى اتفقنا…وبالنسبة ليحيى فانا حابعتله كل الفلوس اللي حيحتاجها وهو مسافر ولما يرجع ابقى اخصمهم من تمن نصيبه اللي حشتريه

قاطعه عمرو قائلا:اذا سمحتلي يا أستاذ فؤاد…طالما ان عملية البيع ماتمتش فعلا يبقى نصيب يحيى لسه ملكه …وده معناه ان الإيراد الناتج من نصيبه ده يبقى حقه وده مالوش علاقة بعملية البيع لأن تمن البيع بيتحدد وقت عملية البيع نفسها

ظهرت علامات الضيق على وجه فؤاد وهو يجيبه قائلا:الحاجات دي حابقى اتفاهم مع اخويا عليها لما يرجع ان شاءالله

شعر عمرو بالحرج فاردف قائلا:انا اسف لو كلامي ضايقك

استكمل فؤاد كلامه ليعرض على يمنى السعر الذي ارتضاه ثمنا لنصيبها في كل من الأرض والمزرعة…لتعترض يمنى قائلة:بس يا فؤاد المبلغ ده مايجيش ربع تمنهم الحقيقي

اجابها قائلا في ضجر:وهو انتي عايشة معانا هنا ف البلد عشان تعرف الأرض تسوى كام?

يمنى:افهم من كده ايه يا فؤاد?

فؤاد:تفهمي ان انا ادرى منك بتمن الأرض…واني مش حادفع مليم زيادة عن السعر ده وده آخر كلام عندي

عمرو:بس دي مش طريقة مناقشة يا أستاذ فؤاد

فؤاد بحدة:والله يا دكتور ياريت يعني ماتتدخلش بيني وبين اختي…ولا انت عايزها تاخد الفلوس عشان تحطها ف حجرك

لم يتحمل عمرو المزيد من الإهانات فقام من مكانه قائلا بحدة:اظن لحد كده وكفاية اوي…وكنت اتمنى انك تراعي اننا أهل واني ف بيتك…ولازم تعرف اني مش محتاج فلوس اختك دي عشان تحطها ف حجري وعموما انا خارج وسايبكوا تتكلموا براحتكوا

خرج عمرو لتنفعل يمنى على فؤاد قائلة:ممكن اعرف ايه اللي انت قلته لعمرو ده

فؤاد ساخرا:زعلانه عليه اوي…وبعدين مش عيب تعلي صوتك على اخوكي الكبير كده?

يمني:بصراحة يا فؤاد دي آخر حاجة كنت اتوقعها منك بس لازم تعرف اني كده حاشوف حد غيرك ابيعله نصيبي

اجابها قائلا بإنفعال:انتي باين عليكي اتجننتي…عايزانا نبيع ارضنا للغريب…انتي عايزة الفلاحين ياكلوا وشنا…

يمنى:انت اللي بتضطرني لكده يا فؤاد…مافيش ادامي غير اني ارفع قضية واخد حقي بالقانون وساعتها حابيع الأرض لأول مشتري

فؤاد متوعدا يمنى:وماله ارفعيها براحتك…وموت يا حمار بقى لما يتحكم فيها…ولو اتحكم فيها لصالحك …قبل ماتستلمي الأرض حاكون بورتها وخليتها خرابة لا تنفع زرع ولا قلع…وابقي دوري ساعتهاعلى اللي يشتريها منك…ده لو لقيتي من اصله حد ف البلد كلها يستجري يقرب من أرض عارفين انها تخص فؤاد الصاوي…يعني ف الحالتين حتكوني خسرانة

اندفعت يمنى تغادر الغرفة لتصطدم بصفاء في طريقها للخارج لتستوقفها صفاء قائلة:مالك يا يمنى?جوزك من شوية خرج وهو مضايق اوي…وراح قعد ف عربيته…وانتي دلوقتي خارجة من الأوضة شكلك مش طبيعي…هو فؤاد قال حاجة زعلتكوا?

يمني:حاجات يا صفاء مش حاجةواحدة

:طيب إهدي بس وكل مشكلة وليها حل بإذن الله…تعالي بس نقعد ف اوضتي ونتكلم براحتنا

وبالفعل ذهبت يمنى مع صفاء إلى غرفتها لتقص عليها كل مادار بينها وبين فؤاد من حديث…كانت صفاء تستمع إليها فاغرة فاها من الدهشة والصدمة…ظلت صامته لفترة بعد ان انهت يمنى حديثها قبل ان تجيبها قائلة:استنيني هنا يا يمنى وانا راجعالك علطول

اتجهت صفاء إلى الغرفة الموجود بها فؤاد…فتحت الباب وظلت تحدق فيه لفترة تحاول ان تستشف ما بداخله…بعد لحظات صمت قالت اخيرا معاتبة:انت ايه اللي جرالك يا فؤاد…عايز تاكل حق اختك…عايز تأكلني انا وولادك فلوس حرام يا فؤاد?

فؤاد بحدة:اخرجي انتي بره الموضوع ده يا صفاء…ماتتدخليش بيني وبين اختي

صفاء:بس الموضوع كده بقى يخصني انا وولادي كمان…ولا انت شايف ايه?

فؤاد:انا شايف انك تروحي تعقليها وتقوليلها تسمع كلام اخوها الكبير…ولا عايزاها تاخد تعبي وشقايا تديه للبيه جوزها

صفاء:وهو جوزها محتاج?ثم انت مالك دي حاجة تخصهم لوحدهم…وعموما براحتك يا فؤاد…بس ماتبقاش تزعل من اللي ناوية اعمله

عادت صفاء إلى يمنى وقد تعالى صوت دقات قلبها من فرط الإنفعال…اجلستها يمنى إلي جوارها وقالت بحنو:اهدي يا صفاء…ماتزعليش نفسك…انا عارفة ان مالكيش ذنب

صفاء:اسمعي يا يمنى…أنا ما اعرفش غير واحد بس ف البلد كلها هو اللي يقدر يأثر على فؤاد…وفؤاد بيسمع كلامه…اسمه الشيخ عبدالواحد…ده كان صاحب جدك الله يرحمه…وهو الوحيد اللي قدر يأثر عليه لما عمي رفعت الله يرحمه استنجد بيه عشان يكمل تعليمه…روحيله واحكيله على اللي حصل وهو ان شاءالله اللي حيجيبلك حقك من فؤاد…هو بيته قريب من هنا…لو خرجتي وسألتي أي واحد من أهل البلد الف مين يدلك…ولو عايزاني آجي معاكي ماعنديش مانع

يمنى بإمتنان:لا يا صفاء خليكي انتي عشان ماتحصلش مشكلة بينك وبين فؤاد…ومتشكرة اوي يا صفاء

صفاء:بتشكريني على إيه يا يمنى…ده أنا اللي حقي اتأسفلك

يمنى:لا يا حبيبتي ماتقوليش كده…انا حاروحله يمكن يأثر على فؤاد…أنا اصلا مش حابه اني اقف ادام أخويا ف المحاكم

خرجت يمنى لتسأل عن منزل الشيخ عبدالواحد الذي لم يكن من الصعب العثور عليه لتقص عليه كل ماكان من فؤاد…الأمر الذي اغضبه كثيرا لذلك فقد قرر الذهاب معها إلى منزل فؤاد

**********************************

فؤاد:يا ألف اهلا وسهلا…معقول حضرتك جايلي بنفسك!كان كفاية تبعتلي وأنا اجيلك من غير ما تتعب نفسك

رمقه بنظرة غاضبة قبل أن يقول:صحيح الكلام اللي أنا سمعته ده يا فؤاد?معقول انت تعمل كده!

عندما رأه فؤاد قادما بصحبة يمنى فهم عما يتحدث فقال متوسلا:الله يخليك يا شيخ عبدالواحد…تخرج نفسك بره الموضوع ده…انت عارف إني ماقدرش اكسرلك كلمة…لكن أنا بصراحة مش ناوي اغير رأيي

عبد الواحد بإنفعال:بقى كده يا فؤاد?عايز تاكل مال أختك اليتيمة…نسيت كلام ربنا سبحانه وتعالى”إن اللذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا”

حاول فؤاد إسكات صوت ضميره الذي يأبى إلا أن يطل عليه على فترات ليجيبه قائلا:يا شيخ عبدالواحد أنا ما اكلتش حق حد…أنا قلتلها حاشتريهم منها بالسعر اللي يناسبني…وبعدين انت عارف النظام اللي ماشي هنا ف الأرياف …عارفة الفلاحين بيعملوا إيه يا مدام يمنى ولا تحبي اقولك?أنا حاقولك…أي ست ليها ميراث بيطلعولها مبلغ بسيط ويدفعوه من إيراد الأرض اللي هيا اصلا لسه بتاعتها عشان مااخدتش حقها فيها…وفيه ناس تانية مابتورثش الحريم من أصله…يعني انتي المفروض تحمدي ربنا على اللي عملته معاكي

أجابه عبدالواحد قائلا:وانت بدال ماتعلمهم الصح…عملت زيهم…عايز تشتري الأرض بتراب الفلوس…يا آخي ده حتى ربنا سبحانه وتعالى بيقول”ولا تبخسوا الناس أشياءهم”

ظلت المناورات قائمة لفترة بين فؤاد والشيخ عبدالواحد الذي اعلن إستسلامه في النهاية لينصرف حانقا على فؤاد…كما غادرت يمنى هي الأخرى مع عمرو لتعلن له عن رغبتها في ان يقوم برفع قضية يعيد بها حقوقها المسلوبة…وبعد إنصرافهم دخل فؤاد إلى غرفة نومه ليفاجئ بصفاء وقد وضعت حقيبة ملابس كبيرة الحجم على الفراش وهي تجمع ملابسها وتضعها بداخلها…اقترب منها متسائلا:بتعملي إيه يا صفاء

أجابته دون أن تلتفت إليه:زي ما انت شايف…ماليش عيش ف البيت ده لا أنا ولا ولادي بعد كده

رفع حاجبيه في ضيق قائلا:ومين اصلا اللي حيسمحلك تاخدي ولادي وتخرجي بيهم…ثم ممكن تقوليلي حتروحي على فين وانتي مالكيش حد ف البلد كلها غيري?

صفاء بلا مبالاة من حديثه:حافتح بيت أبويا الله يرحمه واقعد فيه

فؤاد:وحتعيشي منين بقى إن شاءالله?

صفاء:حاشتغل…انت ناسي ان معايا ليسانس أداب…حاشوف شغل في أي مدرسة هنا ف البلد

فؤاد:من غير إذني…ثم انتي فاكرة إن الشغل بالساهل كده اليومين دول?ده محتاج دبلومة وكورسات وحاجات زي كده…ثم ان شهادتك دي من سنة كام…وبعدين انتي عارفة كويس إن مافيش مدرسة واحدة ف البلد حترضى تشغلك لو أنا وقفتلك فيها…إخزي الشيطان يا صفاء ورجعي هدومك مكانها…ولازم تفهمي كويس إني ماعملتش حاجة غلط…الفلوس دي حقي عبي وشقايا طول السنين اللي فاتت دي ف الأرض والمزرعة…وكمان دي الفلوس اللي كنت المفروض اتعلم بيهم زي ماهما اتصرف عليهم وهما بيتعلموا

صفاء:اللي يشوفك وانت زعلان اوي على أبوك مايشوفكش وانت بتاكل حق اختك

فؤاد:وهو زعلي على أبويا يخليني اسيب حقي

صفاء بتهكم:والله ماحدش منعك انك تكمل تعليمك…انت اللي عملت ف نفسك كده…وكمان ماكنتش اعرف انك كنت بتشتغل أجري عند أبوك ودلوقتي أن الأوان انك تاخد فلوس أجرتك

لم يكن الرد سوى صفعة مدوية تلقتها صفاء لتترك اثرا ليس على خدها فقط ولكن على قلبها أيضا…لم تعلق بكلمة واحدة…فقط تركت الغرفة واتجهت إلى غرفة ابنتها لتشاركها إياها…سبقه قلبه قبل قدميه إلى الغرفة…دخلها مطاطئ الرأس لا يقوى على النظر في عينيها…حاول أن ينتقي كلمات مناسبة تلائم الموقف…اخيرا تحدث قائلا:سمر…اطلعي بره يا حبيبتي عشان عايز ماما ف كلمتين

خرجت سمر ليقترب فؤاد من حيث تقف صفاء قائلا والندم يتساقط من بين كلماته:حقك عليا يا صفاء…أنا مش عارف عملت كده ازاي…بس انتي اللي استفزيتيني…أنا اسف يا صفاء عشان خاطري سامحيني وأنا اوعدك انها تكون أول وأخر مرة …اقترب أكثر محاولا أن يضمها إليه لكنها دفعته قائلة:طول ما إيدك دي متلوثة بمال حرام يبقى ماتحطهاش عليا…انت فاهم ولا لأ…مش مسموحلك حتى انك تلمسني

اصطبغت عيناه باللون الأحمر وهو يجيبها قائلا:ماشي يا صفاء …بس خليكي فاكرة انك انتي اللي اخترتي…وابقي خلي يمنى تنفعك……………..

زر الذهاب إلى الأعلى