مسلسل مطلقة تحت التهديد

الحلقه الخامسة عشر من مسلسل مطلقة تحت التهديد بقلم حبيبه

الحلقه الخامسة عشر من مسلسل مطلقة تحت التهديد بقلم حبيبه

الحلقة(15)

“الخيانة”..هي ‘كلمة’ مجرد كلمة واحدة ،لكن ما أقساها “موجعة”تحطم من تعرض لها،قد تكون مشاعر الحب غير متبادلة بين الطرفين ولكنها تظل مؤلمة تفتك بالقلب مهما كانت عاطفة الآخر يكفي أنها “خيانة”…
“مشهد الخيانة”…يالله…يدمي القلب،يصلب الشرايين،يميت بالبطئ ،يسبب ألماً نفسياً يتفاقم مع الأيام وتـُفقد الثقة بين الطرفين ،اللهم لا تكتبها علي أحد من خلقك…
دلفت إلي غرفتها لا تعلم ما ينتظرها،احترقت و تجمدت في لحظة واحدة لما رأته،شعرت بجميع حواسها كأنها تتوقف تدريجياً،حتي دموعها لم تسل وأصبحت عيناها خاوية علي عروشها…
ولكنه انتفض هو ومن معه علي تلك الفراش علي صراخها الذي فزع ابنتها لتصرخ مع والدتها وكأنها رأت ما رأته، انتفض ابراهيم ليحاول كتم أنفاسها،لكنها بعدت وصرخت بوجهه…
_عملت كدة ليه حرام عليك؟لما انت قذر كدة اتجوزتني ليه ؟عيشتني في القرف تاني ليه؟
صرخ هو الآخر بوجهها كي تصمت،ولكنها بركان من الحمم كان خامداً وانفجر لتوه…
صرخ قائلاً :اخرسي وطي صوتك هتفضحينا…
_مش هسكت وهفضحك أنا خلاص ماعدش هيهمني حاجة ،انت فوقتني بقرفك ده، انت أقذر انسان شفته في حياتي…
ما ان قالت هذه الجملة حتي صفعها علي وجهها البرئ وما يستحق الصفعة إلا هو،سقطت ملك من بين يديها وهي تصرخ وتبكي…
هتف بوجهها قائلاً: انتي فاكرة نفسك بني آدمة،انتي واحدة باردة و نكدية،انتي ماتتحسبيش من صنف الستات أصلاً…
انهارت عبراتها بفيض كما انهار لسانها وهي تصرخ فيه قائلة: ولما أنا كدة بترجعني تاني ليه، اتجوزتني تاني ليه؟ عشان بنتك؟ أهي بنتك أهي بتعيط بسببك انت،كنت بقولها دايماً باباكي حلو عشانها هي لكن لأ خلاص هي شافت بعينها كل حاجة مابقتش هكدب عليها تاني…
دفعها هي الأخري لتتساوي مع ابنتها علي الأرض هاتفاً: غوروا انتوا الإتنين في ستين داهية مش عايز أشوفكم تاني،انتي طـــالق…!
انتابها كثير من المشاعر في تلك اللحظة فرحة،حزن،خوف،صدمة،ظلم وقالت من بين شهقاتها المتتالية:دي تالت طالقة ليا،يعني خلاص كدة،ماتجيش تقولي بنتي تعيش معايا،بنتك هتفضل معايا لحد ماأموت…
أشاح بيده وصاح قائلاً: بقولك غوري انتي وهي مابتفهميش أنا لاعايزك ولا عايزها ،اشبعوا ببعض…!
اعتدلت وحملت ملك وهي لم تقوي علي حمل قدميها،خرجت من بيته وكأنها هربت من بين أسوار سجنها،ولكن كالضائعة لا تجد مأوي…ظلت تجول وتجول كالتائهة هي و طفلتها،أتذهب إلي والد جاف المشاعر تلخصت حياته في تلك الأنثي حتي أنه استغني عن أقرب من له، أم تذهب إلي منزل من منازل أحد أقاربها وهي تشعر بثقلها وثقل مسئوليتها،إلي أين ؟وإلي من؟
______________________________________________
أخذتها قدميها إليها دون شعور أو تفكير ً،تفاجئت فرحة بمن تقف علي باب شقتها هازية ضعيفة يمحو ملامحها الصفع والبكاء والمطر الأسود المتساقط من عينيها،تَلطخ وجهها بحمرة شفاها وسواد كحلها،ما إن فتحت فرحة بابها،صرخت من هيئتها حتي ارتمت رهف بين أحضانها ولا تنطق بغير…
_أنا آسفة،أنا آسفة…
كانت فرحة لاتفهم شيئاً،ظلت تهتف في قلق :في إيه يا رهف؟آسفة علي إيه؟
أسندت جسدها النحيل إلي أقرب مقعد وابنتها تتشبس بأطراف ملابس والدتها وكأنها خائفة من تلك العالم اللاإنساني، جلست رهف وهي تقول ببكاء:آسفة مالقتش غيرك أروحله، بيخوني يا فرحة،بيخوني بعد كل ده،بيخوني علي سريري…
شحب وجه فرحة من الصدمة لم تستطع قول شئ فماذا تقول وبماذا تهون من تلك الفاجعة،هناك مصائب لا تهونها حروف الأبجدية كلها،قد يكون الصمت في تلك اللحظات هو المهون الوحيد…
ظلت رهف هي من تتكلم،هي المطعونة في تلك اللحظة،قالت بحرقة: عارفة يا فرحة ،رغم اني بكرهه وعمري ماحبيته في يوم من الأيام أو حسيت بحاجة حلوة معاه،لكن إحساس صعب أوي مايتوصفش،ياريتني ماكنت روحت ولا شفت بعيني…
نطقت فرحة بثقة وهي تربت علي يديها :بالعكس ده ربنا كبير أوي،عمل كدة عشان تشوفي خيانته بعينك ويتكسر قدامك وممكن يبعد عنك انتي وبنتك من نفسه
،مايعارضكيش تاني…
نظرت لها رهف وقالت بإبتسامة باهتة :طلقني يا فرحة خلاص…
صرخت فرحة قائلة:بجد؟شفتي بقا مش قلتلك ربنا كبير…
شردت رهف في مأزقها الجديد،حتي أفاقتها فرحة قائلة: ماتقوليليش انك زعلانة انك اتطلقتي؟
أومأت رأسها بالرفض وقالت في إنكسار:بفكر هروح فين،مابقاش ليا حد…
عقدت فرحة حاجبيها قائلة:ليه يا رهف وباباكي يا حبيبتي ربنا يخليهولك…
ابتسمت بتهكم وقالت:ربنا يخليه لمراته، مابقاش ليا مكان هناك غير الأرض…
عقدت حاجبيها بعدم فهم فقالت رهف:بابا باع الأوضة اللي كنت بنام فيها أنا وملك، جاب مكانها سفرة، ثم ابتسمت بسخرية قائلة:عشان طنطي بتحب التغيير…
زمت فرحة شفتيها في صمت…
اعتدلت رهف فجأة وقالت:فرحة أنا آسفة بجد اني جتلك فجأة كدة وخضيتك بس والله رجلي خدتني علي هنا،أنا همشي بقا…
_استني بس مش تقوليلي رايحة فين؟
_هكلمك وأقولك أكيد…
_ياسلام وأنا بقا هسيبك تمشي كدة،لا طبعاً اقعدي معايا هنا في أوضة النونو اللي لسة مجاش…
ابتسمت رهف…
_ربنا يرزقك ان شاء الله،بس معلش والله ماهينفع،أنا هشوف وأكلمك والله أطمنك…
حاولت فرحة بمحايلات عديدة ولكن باءت بالفشل فرحلت رهف،لا تدري إلي أين،ظل يعصف فكرها حتي وقفت أسفل منزلها وأجرت اتصالها بسارة…
_إيه يا روفا؟روحتي؟
_سارة قابلي ملك عالسلم وخليها معاكي
،هروح مشوار كده وأجي أخدها تاني…
لاحظت نبرتها المكسورة فقالت:مالك يا رهف؟انتي كويسة؟
_ماتقلقيش،الحمدلله…
_طيب راحة فين،استني آجي معاكي؟
_هو مروان مشي؟
_لا جمبي بس عادي يعني…
_لأ طبعاً يا عروسة بطلي هبل،خلاص خلي ملك مع عبير لحد ما آجي…
_ماشي ياحبيبتي…
سمع مروان مادار بينهما فسألها…
_في حاجة؟
_معرفش بس رهف صوتها مش طبيعي…
واستئذنته لتأخذ ملك من علي الدرج،ظل مروان يفكر فيما قد حدث لها حتي أتت سارة إليه مرة أخري،سألها ثانيةً:هي راحت فين يعني؟
نظرت له سارة بضيق قائلة:مقالتليش يا مروان…
غير مروان مجري الحوار كي لا تشك سارة في أسئلته فقال بمزح:بس ايه القمر ده؟
ابتسمت سارة في خجل…
_______________________________________________
وكالعادة أجرت فرحة اتصالها بمراد لتبلغه بماحدث،قفز في مكانه لتختلط مشاعره من الفرحة والحزن والقلق علي رهف،هتف بفرحة لأنها تركتها تذهب إلي حيث لا تدري وكان من المهم أن تخبره بوجودها معها قبل رحيلها بأي طريقة ما…
هبط الدرج واستقل سيارته ليبحث عنها ولكن أين ،ظل يجول بالسيارة عشوائياً دون هدف محدد،أجري اتصاله بها ولكن كان هاتفها مغلقاً…
لم يشعر بنفسه إلي وهو أسفل منزل والدها بسيارته فقد حفظ العنوان مؤخراً عن ظهر قلب،ترجل وخطا خطواته ببطء نحو الدرج وهو يحدث نفسه ماذا سأقول،لماذا أتيت ولكنه الآن أمام بابها قد تكون بالداخل ،من لها غير والدها تلجأ إليه في محنتها،طرق الباب بخفوت،حتي فتحت له جميلة مستفهمة…
_السلام عليكم،منزل الأستاذة رهف؟
_أيوة،لكن هي في منزلها…
_لأ حضرتك هي سابت بيتها من شوية،طيب أستاذ عبد المنعم موجود؟
_إيه تفضل…
دلف وجلس وقد انتابه القلق عليها فياتُري إلي أين ذهبت…
حتي قدم إليه عبدالمنعم عاقداً حاجبيه مستفهماً فهو لم يره من قبل،قال مراد مقدماً نفسه:أنا مراد مدير الأستاذة رهف في المكتب…
رحب به عبد المنعم،حتي تبادلوا أطراف الحوار وعلم عبد المنعم منه أن إبراهيم طلق رهف للتو ،صعق من الخبر و زاد همه فهي الآن ستعود له حتماً وتعيد الأيام نفسها…
استمر لقاءهم لقرابة الساعة حتي تفاجأوا برهف تدلف من باب الشقة…
انتفض مراد في قلق وقال رغماً عنه:رهف كنتي فين؟
بلعت ريقها وهي تتعجب من وجوده هنا حتي قالت:كنت في مشوار كدة…
قال عبد المنعم بعتاب قاسي: ماجيتيش تقوليلي ليه ان ابراهيم طلقك…
عقدت حاجبيها وهي تنظر لمراد،فقال: فرحة كلمتني وقالتلي…
أومأت برأسها ونظرت لوالدها قائلة:مارضتش أشغل بالك يا بابا…
قال مراد :أمال فين ملك؟
_فوق عند عبير…
قال عبدالمنعم:يعني جيتي وجبتي ملك وماعدتيش عليا؟!
_لأ يا بابا،انا اتصلت بسارة من تحت تنزل تاخدها ماطلعتش…ثم أطرقت قائلة: بعد اذنكوا هطلع أجيب ملك عشان أمشي…
قال مراد متلهفاً:هتروحي فين؟
أجابته بضعف:أجرت شقة صغيرة كدة…
اقتضب جبين مراد ولم يتحدث بينما قال عبد المنعم: ليه يا بنتي ماهي الشقة أهي؟
قالت رهف بتهكم:هنام فين يابابا عالسفرة،أعتقد كدة أحسن ،بعد اذنكوا هجيب ملك…
أحضرت صغيرتها وهبطت مرة أخري لتبحث عن أي أغراض لها ولإبنتها قد تبقت لها في هذا المنزل فهي لم تسنح لها الفرصة كي تجمع أغراضهم من منزل إبراهيم ،ألقت عليهم السلام لترحل،ولم يتمادي عبدالمنعم أو جميلة في الحاحهم عليها بالبقاء،انتظرها مراد وقال بحسم:هوصلك…
صمتت ولم تعارضه،استقلا السيارة معاً ،جلست بالمقعد المجاور له وظلت تعبث بحقيبة يدها،ظل مراد يبحث عن طرف الحوار ليبدأ بالحديث فقال أخيراً: بصراحة فكرة انك تعيشي لوحدك دي فكرة مش صح خالص…
ردت بخفوت قائلة:ماقداميش حل تاني غير كده…
زفر مراد وهو يضرب علي مقود سيارته:طيب ماينفعش تعدي عند أي حد من قرايبك؟
أومأت رأسها بالرفض،صمت قليلاً ثم قال بحنان:رهف طمنيني.عليكي انتي كويسة؟
قالت بصوت مختنق:الحمدلله…
طلب منها وصف عنوان الشقة الجديدة التي استأجرتها،ثم صف سيارته بجانب إحدي المحال واستئذن منها،ترجل من السيارة ودلف إلي المحل واشتري بعض من المعلبات والأطعمة والمياة والخبز والحلوي،فتح باب السيارة الخلفي ووضع الأكياس إلي جانب ملك…
استقل سيارته مرة أخري حتي وصل إلي العنوان،ترجلوا جميعاً من السيارة وحمل ملك والأكياس إلي الأعلي بإصرار منه،حتي وصلا إلي باب الشقة،أعطاها ملك والأكياس ،فعقدت حاجبيها وهي تنظر لهم،قال :دول شوية حاجات لملك عشان الفطار…
قالت بخجل:لأ يا أستاذ مراد،متشكرة…
قال بحسم:بقولك إيه،ماتقنعنيش انك هتنزلي الصبح تشتري أكل،دي حاجات في التلاجة لملك كمان مش ليكي…
_بس دي حاجات كتيرة أوي…
قال بمرح:انتي ناسية انك ماقبضتيش آخر شهر ليكي ولا إيه أكيد هخصمهم من مرتبك طبعاً…
ابتسمت قليلاً فقال بإبتسامة:علي فكرة المكتب فاضي من ساعة ما مشيتي
،وماجبتش حد بدالك،وبصراحة ماليش نفس للشغل والقضايا متعطلة بسببك…
قالت بخجل:أنا آسفة والله يا أستاذ مراد ،بس لو قلتلك هرجع دلوقتي أبقي بكدب عليك لأني مش هركز خالص،وكمان لازم أودي ملك حضانة الأول…
ابتسم قائلاً:براحتك خالص،يولع المكتب ياستي ولايهمك…
ابتسمت رغماً عنها فقال بمرح:أيوة كده،يلا بقا عشان ترتاحي وحاولي ماتفكريش في أي حاجة دلوقتي ونامي علي طول…
تسللت الدموع إلي مقلتيها ولكن منعتها من الظهور وقالت:ان شاء الله…
ودعها مراد ودلفت إلي شقتها الجديدة،ارتمت بجسدها المرهق علي الأريكة،وما أن جلست حتي دق هاتفها فأجابت…
_أيوة يا بابا؟ايه ابراهيم عندك؟؟ليه عايز مني ايه تاني؟
صمتت قليلاً حتي ظهر علي ملامحها الصدمة وانهارت وهي تقول:ايه؟انت بتقول ايه؟!

زر الذهاب إلى الأعلى